الخميس, أكتوبر 16, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةمحاكم الإرهاب  والجرائم ضد الدولة السودانية ومعايير المحاكمات العادلة 

محاكم الإرهاب  والجرائم ضد الدولة السودانية ومعايير المحاكمات العادلة 

محاكم الإرهاب  والجرائم ضد الدولة السودانية ومعايير المحاكمات العادلة 

تقرير الاستاذ محمد المصطفي حامد المحامي

مقدمة: 

يأتي هذا التقرير في توقيت معقد  من تاريخ الدولة السودانية لما بعد الاستقلال، حيث مثل فشل ادارة الدولة الحديثة نسقا لذلك التاريخ، لعل أهم المرتكزات لذلك التراجع وسوء الادارة برز بشكل مباشر في مسألة غياب العدالة وأصبح ذلك الغياب عاملا أساسيا ارتبط بتعدد الصراعات المسلحة ونهج المصالحات العرفية غير الناجعة اضافة الى السجل الطويل لغياب الديمقراطية الذي غيب معه مبدأ الفصل بين السلطات كركيزة لدولة القانون، يتناول هذا التقرير تطبيق معايير المحاكمة العادلة في الفترة من الخامس عشر من أبريل 2023 حتى الراهن، لذا لا يتسع الحيز لتناول كل الأسباب المتعددة والمتداخلة.

يهدف التقرير الى اختبار مدى التزام الاجهزة العدلية  في السودان بإيلاء الاحترام للنزاهة المهنية، التي تتمظهر في تطبيق القانون بشكل سليم وصحيح ومراع لمعايير المحاكمة العادلة وبشكل أكثر دقة -وحتى نكن منصفين- يأتي التركيز على المحاكم الخاصة والمحاكم العامة الاستئنافية التي كونت للنظر في الجرائم المرتبطة بالباب السادس من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 ( الجرائم الموجهة ضد الدولة والجرائم الأخرى  تحت قانون مكافحة الإرهاب السوداني 2001) والتي يتم النظر فيها تحت اختصاص المحاكم الجنائية العامة لارتباطها بالاختصاص النوعي لعقوبة الاعدام او السجن المؤبد وهي بالتالي تمثل اقصى العقوبات من حيث التفريد العقابي ،والتي كثر تطبيقها بشكل غير مسبوق في تاريخ السودان منذ بداية الحرب حتى الراهن، والذي يذكر بما تم في 2008 في محاكم الإرهاب لمتهمي عملية الذراع الطويل( حركة العدل والمساواة)، وهي محاكمات جانبت التطبيق السليم لمعايير المحاكمة  العادلة.

إن غياب المحكمة الدستورية منذ 2019 حتى أغسطس 2025  يكشف الفراغ والهشاشة لضمانات تطبيق العدالة والهدر الدستوري للحقوق خلال ستة أعوام ،  ويظهر ذلك في  الاعلانات الولائية لحالات الطوارئ وتشكيل المحاكم الخاصة والتي كان يمكن مجابهتها برفع طعون دستورية.

أفردت المحاكم اولوية  لمحاكمة الخصوم السياسيين والتي اقترنت بنسق جديد من التمييز الذي أثر في أداء بعض المحاكم الجنائية الابتدائية وهو ( الاعتقال المستند على السحنة والانتماء السياسي) وهو ما أعاد سؤال النزاهة والتجرد والحياد والعمومية في تطبيق القانون، دون الاكتراث إلى المتهمين الذين هربوا من السجون ودون التركيز على طرق اعادتهم الى السجون وهو ما تمخض عنه مشاركة عدد منهم الى جانب طرفي الحرب وارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الانسان، اضافة الى التعديلات القانونية في الوثيقة الدستورية لسنة 2019 القانون الجنائي لسنة 1991 وقانون الإجراءات الجنائية لسنة  1991 وقانون جرائم المعلوماتية لسنة 2018م وقانون جهاز الأمن والمخابرات 2010 تعديل 2019، تمت هذه الإجراءات  في غياب المحكمة الدستورية وغياب برلمان منتخب وفي ظروف استثنائية أبرزها الحرب الراهنة.

طالت تلك المحاكمات العشرات من السودانيين والسودانيات وبرزت  بعض الحالات التي  تمت فيها  إعادة  القبض على الذين افرجت عنهم المحاكم أو برأتهم  بواسطة الاستخبارات العسكرية  وهو مؤشر برز لأول مرة في عدم احترام قرارات القضاء، مما يبين إهدار مبدأ سامي وهو (حجية الأمر المقضي فيه ) وكذلك مبدأ الفصل بين السلطات الذي صار أمرا صعبا يحتاج الى النظر اليه في سياق تأثير حالة الطوارئ على مسألة العدالة.

الإطار القانوني  للحق في المحاكمة العادلة في القانون الدولي لحقوق الإنسان:

يعتبر الحق في المحاكمة العادلة هو أحد أهم الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان، وقد نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المود (10)، (11)

المادة 10:

” لكل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أي تهمة جزائية توجه إليه”

المادة 11:

” كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابها قانونا في محاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه”

الأساس الدستوري للمحاكمة العادلة

تُعتبر وثيقة الحقوق الواردة في الوثيقة الدستورية لسنة 2019 حجر الأساس للنظام القانوني السوداني، إذ أرست جملة من الضمانات التي تكفل للمتهم الحق في محاكمة عادلة، انسجامًا مع الالتزامات الدولية والإقليمية للسودان، لاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

تنص المادة (27/2) من الوثيقة الدستورية على أن جميع الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية المصادق عليها من السودان تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من وثيقة الحقوق. وبذلك، فإن السودان مُلزم ليس فقط بما ورد في نصوصه الدستورية، بل أيضًا بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

وتمثلت هذه الضمانات في الآتي:

افتراض البراءة

نصت المادة (52/1) من الوثيقة الدستورية أيضاً صراحةً على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وفق القانون. هذا المبدأ يمثل الركيزة الأولى لأي محاكمة عادلة، حيث يحظر التعامل مع المتهم مذنب قبل صدور حكم قضائي بات.

الإخطار بأسباب القبض والتهمة

وفق المادة (52/2)، يجب إخطار أي شخص يتم القبض عليه بأسباب القبض والتهمة الموجهة إليه دون تأخير. هذه الضمانة تمكّن المتهم من معرفة طبيعة التهمة الموجهة إليه وإعداد دفاعه بشكل فعال.

الحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة ومستقلة

المادة (52/3)” أوجبت أن يُحاكم أي شخص تُتخذ ضده إجراءات جنائية أمام محكمة مختصة، مستقلة، ومحايدة”. هذا النص يكرّس مبدأ استقلال القضاء ويمنع إنشاء محاكم استثنائية أو خاصة تنتهك حق الدفاع أو تتعارض مع معايير العدالة.

الحق في الدفاع

منحت المادة (52/4) المتهم الحق في الدفاع عن نفسه، إما مباشرة أو عبر محامٍ يختاره، وإذا لم يكن قادرًا على الاستعانة بمحامٍ بسبب عجزه المادي، تلتزم الدولة بتمكينه من الحصول على المساعدة القانونية اللازمة.

علنية الجلسات

أقرت المادة (52/5) بأن الأصل هو علنية المحاكمة، مما يعزز مبدأ الشفافية ويتيح للرقابة المجتمعية والإعلامية متابعة سير العدالة.

معايير المحاكمة العادلة وفقا لقانون الإجراءات الجنائية السوداني لسنة 1991:

كفل قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 هذه الضمانات من خلال مجموعة من النصوص، أبرزها المادة 4، التي أرست المبادئ العامة للعدالة الإجرائية، إلى جانب المواد من 131 إلى 136 التي تشكل التطبيق العملي لتلك المبادئ.

أولاً: المبادئ العامة للمحاكمة العادلة – المادة 4

تنص المادة (4) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 على المبادئ التالية:

  • لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص تشريعي سابق.
  • المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
  • يجب أن يتم التحري معه ومحاكمته بوجه عادل وفقًا لأحكام القانون.

تمثل هذه المادة المرجعية الأساسية التي يستند عليها القانون، حيث تؤسس لمبدأ الشرعية الجنائية، وتقر بقرينة البراءة، وتشترط تحقيق العدالة الإجرائية في كافة مراحل الدعوى.

تنظم المواد من 131 إلى 136 من قانون الإجراءات الجنائية السوداني جملة من الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة، حيث تؤكد على حياد القاضي واستقلاله، وتحظر مشاركته في نظر الدعوى إذا كانت له صلة سابقة بها أو مصلحة فيها. كما تمنع إعادة محاكمة أي شخص صدر في حقه حكم نهائي عن نفس الواقعة، بما يعزز مبدأ حماية المتهم من الاضطهاد القضائي. وتشدد هذه المواد على علنية الجلسات، مع السماح بقيود محددة مراعاةً للنظام العام، وتقر بضرورة حضور المتهم أمام المحكمة لضمان حقه في الدفاع، مع جواز المحاكمة الغيابية في ظروف استثنائية. وتكفل كذلك حق المتهم في الاستعانة بمحامٍ، وتلتزم الدولة بتوفير المساعدة القانونية للمتهمين في القضايا الكبرى. وأخيرًا، تحدد هذه المواد الجهات المختصة بتولي الاتهام، وتجيز للمضرور من الجريمة المشاركة في الدعوى بشروط معينة، بما يحقق التوازن بين الحق العام والخاص.

التعديلات القانونية في السودان: 

بتاريخ 19 فبراير 2025 عقد مجلسا السيادة والوزراء -المجلس التشريعي المؤقت- اجتماعا برئاسة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، وقد أجاز الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019- تعديل 2025، كما أجاز قوانين أخرى مهمة من بينها قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991- تعديل 2025، تمت هذه التعديلات مع عدم وجود مجلس تشريعي منتخب حيث ذكر في هذا السياق المحامي ساطع أحمد الحاج للجزيرة نت عقب إقرار التعديلات إن “الوثيقة الدستورية، وفقا لنصوصها، لا يمكن تعديلها إلا بواسطة المجلس التشريعي” أيضا شملت هذه التعديلات قانون جهاز المخابرات العامة لسنة 2010 ، وأبرز التعديلات  تتمثل في المادة 25 الخاصة بالاعتقال التحفظي، و المادتين 29 ، 37 الخاصتين بسلطات الأعضاء ومدير جهاز المخابرات والمادة 33 الخاصة بحصانة عضو الجهاز، كما منح القانون عضو الجهاز حصانة بحيث لا يجوز اتخاذ أي إجراءات مدنية أو جنائية ضد العضو أو المتعاون إلا بموافقة مدير جهاز المخابرات، وكذلك المادة 46 المتعلقة بحصانة الأعضاء والمتعاونين، ويعلق المحامي م د أن المواد الخاصة بالاعتقال التحفظي قد تفتح الباب أمام اعتقالات كيدية لا يستند على أي أسس قانونية خاصة أن الاعتقالات تتم بصورة بعيدة عن رقابة القضاء والنيابة العامة، أيضا منحت هذه التعديلات حصانة اجرائية لأعضاء جهاز المخابرات والمتعاونين كمصادر، علما بأن هذه الحصانة  تعيق عملية فتح دعاوى جنائية ضد أفراد جهاز المخابرات العامة وأضاف ذات المصدر أن حتى في حالة فتح دعوى جنائية ضد أفراد جهاز المخابرات العامة تحال الدعوى للنظر أمام محكمة خاصة بجهاز المخابرات العامة  والتي تخالف سلامة الإجراءات من حيث سماع الشهود واستدعائهم مما يجعل المحاكمات تفتقر إلى الحق في تقديم البينات ، وبعد النظر في الدعوى تحال الى مدير جهاز المخابرات وهو سلطة غير قضائية للبت في القرار

غياب المحكمة الدستورية:

استند تشكيل المحكمة الدستورية في السودان على دستور السودان لسنة 1998 ، ودستور السودان الانتقالي لسنة 2005 حيث انشئت المحكمة الدستورية بشكل منفصل عن السلطة القضائية باعتبارها ليست درجة من درجات التقاضي، وذلك بهدف تعزيز استقلالية الفصل في القضايا الدستورية، لكن تعطلت هذه المحكمة عن العمل خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام المؤتمر الوطني في ابريل 2019 مما ادى الى حدوث فراغ دستوري مرتبط بآليات الرقابة الدستورية خاصة فيما يتعلق بالحقوق والحريات والطعن في دستورية القوانين وتأييد القرارات الصادرة بالإعدام ضد المنتظرين بالسجون عبر مخاطبة دائرة التأييد بالمحكمة الدستورية، ولذلك القى هذا الغياب بتأثيراته على الالتزام بمعايير المحاكمة العادلة.

افادات

أفاد المحامي ع ص “ان انه ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 تأثرت ولاية شمال كردفان بالحرب خاصة الاجهزة العدلية والقضائية والتي توقفت عن العمل منذ اليوم الأول للحرب ثم استأنفت العمل في منتصف العام 2024 لتكتمل الأجهزة من قضاء ونيابة عامة وشرطة، وبعد استئنافها تم تقديم أعداد كبيرة من المدنيين بعد اتهامهم بالتعاون مع الدعم السريع بمواد تصل عقوبتها الى الاعدام او السجن المؤبد

واضاف: أن المحاكم ظلت تنظر هذه الدعاوى الجنائية بشكل إيجازي مما يعني مصادرة حق المتهم في ان يترافع عنه محام حيث أن هذه المحاكمات تتم من غير السماح للمتهمين بالاستعانة بمحامين، و هنالك قضايا بمحكمة الأبيض وضح فيها متهمين أنهم لا يملكون محاميين إلا أن المحكمة تجاهلت طلباتهم واستمرت في المحاكمة من دون مخاطبة وزارة العدل لتكليف محام يتولى الدفاع عن المتهمين”

هنالك جهود تمت بواسطة محامين مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان متعلقة بتقديم العون القانوني مما ساعد في تحسين أوضاع المتهمين وتمتعهم بحق الدفاع.

توفي أحد المنتظرين بالحراسة بالابيض (ب ب ) والذي تم القبض عليه في يناير 2025 حتى توفي في 8 يونيو 2025 حيث ظل موجودا بالحراسة ولم يتم تقديمه للمحاكمة، مع الوضع في الاعتبار ان الخلية الامنية هي من تقوم بفتح البلاغات بعد القبض حيث يتعمد أفرادها عدم جلب الشهود لإطالة أمد الحجز

نماذج:

في أبريل 2024 دونت النيابة العامة بلاغات جنائية في مواجهة رئيس الوزراء السابق د/ عبد الله حمدوك، تم تقييد هذه البلاغات بواسطة اللجنة الوطنية لجرائم الحرب وانتهاكات الدعم السريع ببورتسودان، تعلقت هذه الدعاوى لاتهامهم بجرائم تمثلت في، إثارة الحرب ضد الدولة وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وفقا للقانون الجنائي السوداني في المواد 51 ، والمادة 186 شملت هذه البلاغات أعضاء تنسيقة القوى الديمقراطية والمدنية والتي تحولت لاحقا الى تحالف صمود

اعتقال المحامي منتصر عبد الله:

تم اعتقاله بتاريخ 7 سبتمبر 2024  وأثناء تقديمه طلب للنيابة ببورتسودان للإطلاع على يومية التحري في البلاغ رقم 1613/2024 والمقيد ضد أعضاء تنسيقية القوى المدنية والديمقراطية(تقدم) برئاسة د/ عبد الله حمدوك وأعضاء التنسيقية الأمر الذي اهدر حق المحامي وفقا للمادة 48 من قانون المحاماة لسنة 1983 والمرتبطة بحريته لممارسة مهنة المحاماة  وعدم اتخاذ أي إجراء بشأنه إلا بعد الرجوع لنقابة المحامين في إطار الحصانة الإجرائية التي يتمتع بها المحامين فضلا عن إهدار حق المتهمين في الدفاع والمثول أمام محكمة طبيعية ومنصفة بما يشمل حق الاستعانة بمحام خاصة وأن الجرائم موضوع الاتهام هي جرائم خطيرة تصل عقوبتها الى الاعدام او السجن المؤبد

 بتاريخ 29 مارس 2024 تم نشر فيديو على منصة اكس تحدث  فيه الفريق ياسر العطا ووجه النائب العام بفتح بلاغات جنائية ضد ما أسماهم بـ العملاء والخونة مما يمكن النظر إليه في سياق التدخل في أعمال الأجهزة العدلية و سلطاتها واختصاصاتها الأمر الذي يهدم مبدأ الفصل بين السلطات.

محاكمة المتهم ا ا ع م:

افاد  ممثل اسرة المتهم ، أن المتهم تم القبض عليه في يونيو 2025 من منزله بمنطقة الصالحة  بأم درمان وتم اقتياده إلى جهة غير معلومة لأسرته مما أثار قلقهم ، وبعد القبض عليه بحوالي ساعتين عاد مجموعة من الأفراد الذين اقتادوه يستخدمون دراجتين ناريتين  قاموا بنهب كل المقتنيات الموجودة في الخزينة الخاصة بالمتهم بعد تهديد أسرته وقد طالبوهم بعدم الإفصاح لأي جهة بما حدث.

بدأت الاسرة بالبحث عن مكان احتجاز المتهم وفي ذات الوقت لم تسمح الجهة التي قامت باعتقاله السماح له بالتواصل مع أي شخص بما في ذلك افراد اسرته او الاستعانة بمحام ، لاحقا بعد مرور شهرين علمت الأسرة أن المتهم موجود بالقسم الاوسط بأم درمان ، واضاف ان الاسرة قامت فورا بتكليف محام لتولي الدفاع عنه، وذكر ذات الشخص انه نما الى علمهم من خلال أقوال المتهم أنه خلال تلك الشهرين كان قد تم احتجازه لدى الاستخبارات العسكرية بمنطقة المهندسين العسكرية وأنه تعرض للتعذيب بتهمة أنه متعاون مع قوات الدعم السريع”

هذا الأمر يخالف حقوق المتهمين أثناء التحري خاصة حقوق التواصل مع الاسرة والمحامين بالإضافة إلى الحماية من التعذيب.

وذكر محامي المتهم أ م س: انه تم تكليفه من اسرة المتهم لتولي الدفاع عنه حيث أنه متهم   بجرائم خطيرة تصل عقوبتها الى الاعدام وهي المواد 50-51/26 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م  وذكر أنه واجهته عدة عقبات تمثلت في السماح له بمقابلة المتهم قبل احالته الى المحاكمة بحجة عدم اكتمال إجراءات التحري واضاف انه استنتج من ذلك أن الشرطة لا ترغب في السماح له بالمقابلة قبل احالة المتهم لتقديم اعتراف قضائي ، لاحقا تمت احالة المتهم الى المحاكمة ، حيث ذكر أن المحاكمة تمت على عجل اي بشكل ايجازي حيث تمت جدولة الجلسات على أن تكون يوم الاحد من كل أسبوع دون مراعاة لحق المتهم في تقديم دفاعه، خاصة فيما يتعلق بظروف الشهود، واضاف ايضا ان المحكمة تعمدت عرقلة المحامي في ان يقوم بتقديم بينات الدفاع.

تمكن محامي الدفاع من استدعاء شهود الدفاع ولكن ذكر أن المحكمة تعاملت بحدة مع الشهود حيث ان المحكمة حاولت ان تتعامل مع الشهود بإعتبارهم أصحاب أغراض وتجاهلت وزن وتقدير الشهادة الوارد في المادة 34 من قانون الإثبات لسنة 1994، لاحقا تم اصدار حكم بالاعدام شنقا حتى الموت، وقال محامي الدفاع من خلال حيثيات الحكم  نلاحظ أن المحكمة  اجتهدت  في الإتيان بيانات تدين المتهم الأمر الذي يخالف مبدأ افتراض البراءة وخلص إلى أن هذه المحاكمة جانبت الصواب وقد افتقرت إلى مبدأ المحاكمة العادلة بعدم توفير حق المتهم في محاكمة عادلة تبدأ من مرحلة القبض والحبس وانتهاء بالمحاكمة

ايضا نشرت قناة الجزيرة في تقرير مصور عن أن محاكم سودانية اصدرت احكاما بالاعدام في مواجهة 52 شخصا ادينوا بالتعاون مع قوات الدعم السريع ،شملت أيضا احكاما بالسجن المؤبد في مواجهة 19 شخصا بالاضافة الى الحكم بالسجن لفترات أقل في مواجهة 10 اشخاص اخرين ، واشار التقرير الى ان جميع هذه الأحكام صدرت خلال 35 يوما في الفترة من 1 مايو 2025 حتى 4 يونيو 2025 وذلك في تسع ولايات سودانية شملت الولاية الشمالية، كسلا، نهر النيل، الجزيرة، سنار، الخرطوم، النيل الأبيض، القضارف وشمال كردفان، مما يشير إلى أن هذه المحاكمات تمت بشكل ايجازي بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية السوداني لسنة 1991 الذي يتيح للمتهمين فرص تقديم البيانات وجلب الشهود.

ذكر التقرير أن النيابة العامة أصدرت بيانا  ذكرت فيه أن ولاية الجزيرة شهدت أعلى نسبة أحكام بالإعدام خلال تلك الفترة بلغت 27 حكما بالإعدام ، 10 احكاما بالسجن المؤبد تلتها وسنار ب 10 أحكام أيضا ، ونهر النيل 5 حالات والشمالية 4 حالات.

في ذات السياق ذكرت المحامي رحاب المبارك عضو محامو الطوارئ لسودان تربيون ان من ضمن 250  حكما بالإعدام شملت 16 امرأة، الى جانب صدور أحكام بشكل مستمر في الدمازين بالنيل الأزرق منها أحكام قضائية بالإعدام والسجن المؤبد ، فضلا عن استمرار حبس لفترات داخل سجون الدمازين في انتظار الحكم في مواجهتهم وذكرت أن هذه المحاكمات طالت فئات واسعة من المدنيين من لجان مقاومة وغرف طوارئ وسياسيون ونقابيون لا انتماء لهم سوى المنطقة أو القبيلة

لاحقا أصدرت محكمة جنايات الدامر بولاية نهر النيل حكما بالسجن لمدة عشر سنوات في مواجهة المتهمة أ أ بعد إدانتها بالتعاون مع قوات الدعم السريع علما بأنها تعمل بمستشفى التميز بمدينة الدامر وحسب افادات المراقبين ان هناك احكام مماثلة قد صدرت خلال عامي 2024، 2025 بحق مدنيين بذات التهم حيث ذكر مراقب محلي أن هذه المحاكمات انتقائية من ناحية المتهمين و انتماءاتهم الاثنية والجغرافية وأنها مخالفة لمعايير المحاكمة العادلة ويؤكد استخدام القضاء في خضم الصراعات السياسية.

ايضا بتاريخ 26 نوفمبر 2024 أصدرت محكمة جنايات المناقل حكما بالإعدام شنقا حتى الموت في مواجهة ثلاث متهمين بانتمائهم لقوات الدعم السريع تم نشره على حساب البلد نيوز على منصة اكس ، ووفقا لإفادات قانونيين أن النيابة العامة قامت بتوقيف عدد كبير من المدنيين المنحدرين من مناطق بكردفان ودارفور وتقديمهم الى المحاكم بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع على الرغم من عدم انطباق تلك التهمة قانونا عليهم ، واضافوا ان هذه التهم استغلالا لأجهزة إنفاذ القانون للتضييق على المدنيين الذين ينحدرون من تلك المناطق لأغراض انتقامية.

أيضا نشرت قناة البلد نيوز بتاريخ 20 مارس 2025  انه قد انطلقت إجراءات محاكمة عدد 950 متهما بالتعاون مع قوات الدعم السريع بمدينة ود مدني بولاية الجزيرة. وعلق مراقب محلي أن هذه المحاكمات استندت لم تستند على أي أدلة تستوجب القبض ابتداء وأنها اعتمدت فقط في كثير من الأحيان على ان هؤلاء المتهمين فضلوا البقاء في مناطقهم واضطروا الى التعايش مع قوات الدعم السريع في فترة سيطرتها على ولاية الجزيرة مما وضعهم في خانة المتعاونين.

خلاصة 

من خلال البحث والمقابلات والاطلاع على القرارات الصادرة من المحاكم خلال فترة الحرب المستمرة نخلص إلى أن البيئة العدلية والقضائية في السودان تفتقر الى ادنى درجات الالتزام بمعايير المحاكمة العادلة مما يفتح الأبواب حول النقاش في استقلالية هذه الأجهزة في تطبيقها للقانون والنأي بها عن التأثيرات السياسية ،وهذا ماظل يردده المراقبون حول تلك المحاكمات انها اضحت مطية للسلطة الفعلية في البلاد لتصفية خصومها السياسين ، وكذلك استخدمت كأداة لاسكاتهم ، حيث انحصر الماثلين أمامها من السياسيين وأفراد منظمات المجتمع المدني

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات