محمد صالح عبد الله يس يكتبـ:المهندس محمد موسي ادم وعبير الامكنة 13—15
كانت بوستة امكدادة واتصالاتها عنوانا مميزا من صفحاتها المجيدة فلم تكن التلفونات متوفرة ومتاحة كيوم الناس هذا فقد كانت هناك أربعة تلفونات فقط في كل المدينة أولاها كبانية حاج السيد وهي بمثابة الكابينة الرئيسية للاتصالات وهي مسئولة عن توفير خدمات الاتصالات للزبائن وكثيرا مايقصدها ذو الحاجات من التجار ورجال الأعمال وأولياء الأمور الذي يتواصلون مع أبنائهم المنتشرون في أنحاء الدنيا وقد ذكر لي احد الإخوة أنا عمنا الحاج السيد ابوشوك كان يتصل مباشرة بابنه اللواء امين ابوشوك الذي كان ضمن قوات الردع العربية في الشرق الأوسط في دولة الاردن
وقلت لمحدثي إذا كانت الاتصالا ت العالمية متاحة في تلك الأيام فما الذي أضافته شركات الاتصالات الحديثة وهل يعتبر ماحدث فعلا هو تطور ام هو استعادة لذلك الزمن الجميل فكانت اجابته لي ان ماحدث اليوم من تطور وقفزة كبيرة في عالم الاتصالات بالسودان لم يكن لتحدث لولا وجود هذه البنيات التحتية التي ارتكزت عليها هذه النهضة والتي مهدت الطريق لقيامها
اما التلفون الثاني هو تلفون المدرسة الوسطي وهو مربوط بكبانية البوسته وكبانة ابوشوك ومرتبط باشرة بتلفون الشرطة والمجلس وتتواصل ادارة المدرسة ببقية انحاء السودان المختلفة ومن النكات التي اذكرها ان بعض اصدقائنا درجوا علي اللعب داخل سور المدرسة واحيانا يداهمون جنينة المدرسة في غفلة رقيبها ويقطفون من ثمارها وفاكهتها فقد كانت مسورة بسلك شائك مهترىء ومحاط ببعض فروع الشوك التي يتسللون منها بعد ان داهمو الجنينة اغرتهم غياب الرقيب الي كسر باب المدير فداهموه ولم يجدو شيئا ذي بال يصلح لهم فما كان الا وان امسك احدهم قرص التلفون وادار بكرته فرن الجرس ورفع شخص ما السماعة وقال { الو الو} انت منو ؟ فاجابه الشخص قائلا انا { علي} وكان صادقا فهو حقا علي فكان من سوء حظه ان الاتصال كان بمكتب بلاغات الشرطة ولم تكن إلا برهة وقد حضر كومر البوليس وبه مجموعة من رجال الشرطة فالقي القبض عليهم واقتادوهم الي مخفر الشرطة ثم اوسعوهم ضربا ثم أطلق سراحهم وحمدت الله أنني تأخرت عن هذه الشلة واكرمني الله لم اكن معهم فقد تحول اسم { علي }ترند ردده الناس كثير واصبحت مجرد كلمة {علي} مثيرة للضحك والمتعة
كان هناك ارتباط بين هذه التلفونات وتنضم الي بعضها البعض ويمكن ان تسمع الشرطة مكالمة المجلس ويستمع ضابط المجلس اليهم
صالح الوكيل ومصطفي محي الدين ابوشوك وموسي ادم امام باب البوستة
من الشخصيات الهامة العصية علي النسيان والذي أحبته جماهير امكدادة صالح الخزرجي {الوكيل }الدنقلاوي المشلخ الممتلىء لحما وحيوية فكأني أراه وبشلوخه المطارق يتحدث الي مصطفي محي الدين الفراش المعروف او او يحضر الي قهوة ابراهيم الحلبي وبيده بسكلة يأتي بها خصيصا للفول الذي كان الحلبي ماهرا في سبكه وطهيه وامضي صالح الوكيل فترة طويلة بامكدادة حتي اصبح جزءً منهم كان يجامل الناس في أفراحهم وأتراحهم وحكي لي الأخ صالح ابوبكر احمد جمعة ان احدي المراجعين حضر فجاءة الي امكدادة لمراجعة البوستة وعندما انتهت المراجعة وجد ان هناك مبلغا كبيرا لم يكن موجودا بخزنة البوستة وأمر المراجع بفتح بلاغ ضد الوكيل وايداعه في الحبس وفتح ضده بلاغا بالشرطة وكان صالح يقوم بتسليف الموظفين والعمال لحين وصول مرتباتهم ثم يستردونها اليه واحيانا تتاخر مرتباتهم ويحل اجل السداد او ربما لظرف ما يتاخرون عن السداد وهم علي هذه الحالة حتي باغت المراجع العام البوستة واكتشف هذا الخلل فما كان من أهل امكدادة التجار إلا ان تداعوا واتصل بعض اهل الخير بالمراجع واكدوا له ان صالح الوكيل رجل يده عفيفة ولم يحول هذا المبلغ لمنفعته الشخصية وطلبوا اعطائهم مهلة لجمع المبلغ وتوريده وبالفعل سددوا المبلغ وتم توريده الي خزنة البوستة فكان هذا الصنيع الجميل هو اعتراف بفضل الرجل وأياديه البيضاء علي الجميع الان وبعد مرور هذه السنون الطويلة لست ادري اين هو الان فان كان حيا متعه الله بالصحة والعافية وإلا فله الرحمة والمغفرة ويرجع الفضل اليه في ادخال ميزان او تيرمومتر الحرارة الذي كان مثبتا عند مدخل البوسته وقد تعرفنا عليه من خلال الزيارات المدرسية التي كانت تنتظم المدارس الأولية والابتدائية في تلك الفترة الباكرة
