مرحلة جديدة من الحرب السودانية بالإصرار على الخيار العسكري ..حميدتي يتهم مصر وإيران بالمشاركة في القتال لصالح الجيش
مرحلة جديدة
ذو النون سليمان، وحدة الشؤون الافريقية، مركز تقدم للسياسات
تقدير موقف:
تقديم: اتهم قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، جمهورية مصر بالمشاركة في الحرب السودانية منذ اليوم الأول إلي جانب الجيش، وأنها تمادت ودخلت المعركة بشكل فاضح من خلال قصف طيرانها الحربي مؤخرا مناطق عديدة بالسودان، وكشف في خطابه للشعب، عن إخطاره رسميا الولايات المتحدة الامريكية بالمشاركة المصرية في الحرب.
– ذكر أن الطيران المصري قام بقصف قوات الدعم السريع المتواجدة في معسكر كرري بأمدرمان في أول يوم للحرب, وهي قوات غير مسلحة كانت في طريقها إلى السعودية للمشاركة في عاصفة الحزم، إلى جانب قصف جبل موية, في ولاية سنار بالطيران الحربي المصري في الايام الاخيرة.
– اتهم مصر بإمداد الجيش بقنابل أمريكية زنة 250 كغم, وأنها قامت بتزويده بعدد 8 طائرات حربية فئة (K8) وذلك أثناء المفاوضات الدائرة بمنبر جنيف.
– كشف قائد الدعم السريع أن إيران تدعم الجيش وكتائب الحركة الإسلامية, وان هناك مقاتلون من أذربيجان وأوكرانيا والتغراي والجبهة القومية لتحرير اريتريا يقاتلون في صفوف الجيش.
– اتهم حميدتي قيادة الجيش برفض السلام ، بسبب محددات العملية السياسية التي تقطع الطريق أمام عودة الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني للسلطة.
– قال حميدتي, أن قيادة الجيش تخطط لاستبدال القوات المسلحة بهيئة العمليات ليكون تحت السيطرة الكاملة للحركة الإسلامية.
-كشف حميدتي عن تجهيزه مليون جندي من أجل القتال ضد الجيش وكتائب الإسلاميين، وأنه سينقل المعركة إلى الخطة (ب), داعيا جميع القوات للاستعداد والأفراد للتبليغ الفوري لوحداتهم العسكرية.
تحليل
خطاب قائد قوات الدعم السريع يأتي في ظل انفتاح الجيش في معظم محاور القتال، وانتقاله من مرحلة الدفاع الي مرحلة الهجوم, وتحقيقه لتقدم محدود في محوري الخرطوم بحري وجبل موية بولاية سنار, ويتزامن مع الضغط الدولي على قوات لدعم السريع من أجل الانسحاب من مدينة الفاشر التي تمثل عماد استراتيجيته القتالية, وتصدر قيادته للائحة العقوبات الأمريكية الأخيرة بمعزل عن الجيش, إلى جانب فشل جميع المجهودات الإقليمية والدولية لإجبار قيادة الجيش على التفاوض بوصفه طرفا رئيسيا في الحرب, وتزايد الضربات الجوية على قواته وحواضنه الاجتماعية المدنية في استهداف متعمد خلف الالاف من الجرحى والقتلى .
اتهام حميدتي المباشر للدولة المصرية بمشاركة طيرانها العسكري في الحرب هو الأول من نوعه, ويأتي بعد تحسن في العلاقات بعد جفاء طويل, حيث كان الموقف الدبلوماسي المصري منذ بداية الحرب متحفظا على أي دور مستقبلي لقوات الدعم السريع في السودان, وظلت داعمة للجيش بصفته ممثلا لشرعية الدولة قبل الحرب وبعدها من خلال حشدها للقوي السياسية والمدنية المساندة له وتنظيم المؤتمرات واللقاءات الداعمة لخطه والمناوئة للدعم السريع وقوي الاتفاق الإطاري, بسبب التقارب التاريخي الكبير بين الجيش المصري والسوداني, وتخوفاتها على أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية في حال قضاء الدعم السريع على الدولة المركزية والاستعاضة عنها بنظام سياسي جديد يتعارض مع مصالحها الحيوية الوطنية..
أشار قائد الدعم السريع في خطابه إلى رغبة المجتمع الدولي لتواجد الإسلاميين في العملية السياسية، الأمر الذي عده تراجعا يناقض رؤية الاتفاق الإطاري، وينسف خطابه السياسي الموجه لجماهيره والتزاماته مع شركائه في قوي الحرية والتغيير وتنسيقية القوي الديمقراطية، والأهم، أن عودة الإسلاميين للسلطة يمثل تهديدا أمنيا وعسكريا مباشرا لقوات الدعم السريع، لأنه يعني استمرار سيطرتهم على جهاز الدولة العسكري والأمني والمدني، الامر الذي يضع الدعم السريع في مناخ الحرب الدائمة.
يهدف قائد الدعم السريع من خطابه المفتوح إلى فضح الدور المصري العسكري في السودان، والكشف رسميا عن القوي الإقليمية الضالعة في الحرب، إيران وأوكرانيا وأذريبجان، والمعارضات المسلحة، التغراي والجبهة القومية لتحرير اريتريا، بهدف دفع المجتمع الدولي لإعادة تعريف الحرب في السودان من خلال تعدد أطرافها والعمل لإنهائها بتصورات جديدة..
خلاصة:
– خطاب قائد الدعم السريع ينهي عمليا أي دور مصري للوساطة بين طرفي الحرب، ويضع الدعم السريع في مواجهة مباشرة مع القاهرة التي صارت حسب رايه حليفا معلنا للجيش, لا سيما بعد وصفها لقوات الدعم السريع بالمليشيا وفق بيان النفي الرسمي الصادر من وزارة الخارجية المصرية, خلافا لتوصيفاتها السابقة لطرفي الصراع مما يشكل تغير جدي في الموقف المصري, وله ما بعده.
– في ذات الوقت يضع الموقف العلني من القاهرة الدعم السريع وقائده حميدتي في حالة تحالف ضمني مع إثيوبيا، ويدرج الحرب السودانية في الصراع الإقليمي المحتدم بين اديس ابابا والقاهرة على خلفيات الازمة في سد النهضة وأرض الصومال.
– هذا التطور الخطر، يزيد من تعقيدات الأزمة السودانية ويقلل من فرص الوصول لحلول سلمية، كما أنه يؤشر لدورة دموية أخري من الحرب مسرحها حواضر الولايات الوسطية والشرقية في السودان-سنار وربك والدمازين والقضارف- مع مواصلة العمليات العسكرية في شمال دارفور، مما سيزيد من التكلفة الإنسانية للحرب، ويباعد الشقة بين الدعم السريع والمجتمع الدولي.