منظمة مناصرة ضحايا دارفور توثق اعتقال وتعذيب مواطن في ولاية كسلا
متابعات:السودانية نيوز
وثقت منظمة مناصرة ضحايا دارفور واقعة اعتقال وتعذيب مواطن في ولاية كسلا، شرق السودان، على أيدي عناصر من جهاز الأمن والمخابرات العامة.
وجه المحققون اتهامات فضفاضة للمواطن، منها “التعاون مع جهات أجنبية” و”التواصل مع الإعلام المعادي للدولة”.وتُعد هذه الواقعة انتهاكًا صارخًا للدستور السوداني والقوانين الوطنية والمعاهدات الدولية التي التزم بها السودان.
وتشهد ولاية كسلا شرق السودان تدهورًا أمنيًا متسارعًا في ظل الحرب الدائرة، حيث تراجعت سلطة القانون أمام نفوذ الأجهزة الأمنية والعسكرية، مما أدى إلى سلسلة من الانتهاكات ضد المدنيين شملت الاعتقالات التعسفية والتعذيب واستهداف النشطاء والصحفيين والمواطنين المنحدرين من إقليمي دارفور وكردفان. وتُعد الحادثة التي يوثقها هذا التقرير مثالًا صارخًا على تغوّل الأجهزة الأمنية واستغلالها للسلطة دون رقيب أو مساءلة.
في مساء الأربعاء 27 أغسطس 2025م، حوالي الساعة الحادية عشرة ليلًا، داهمت قوة من جهاز الأمن والمخابرات العامة منزل أحد المواطنين بمدينة كسلا، مكوّنة من خمسة أفراد بقيادة ضابط يُدعى عبد القادر، يستقلون عربة لاندكروزر مسلحة. طرقوا الباب بعنف، وحين خرج المواطن لمعرفة السبب، جرى اعتقاله تحت تهديد السلاح دون إبراز أي أمر قبض رسمي. تم اقتياده بعنف أمام أسرته إلى جهة مجهولة، حيث تعرّض للضرب والإهانة، ثم نُقل إلى مقر أمني بالمدينة. هناك خضع لتحقيق مطوّل استُخدمت فيه أساليب تعذيب جسدي ونفسي، شملت الضرب بأسلاك معدنية وعصيّ، والإهانات اللفظية، والتهديد بالقتل إن تحدّث عمّا جرى. شارك في التحقيق شخص آخر من جهاز المخابرات يُدعى حسن. ووفقًا لشهادة الضحية، فقد استمر الاستجواب حتى ساعات الصباح الأولى، ووجه له المحققون اتهامات فضفاضة، منها “التعاون مع جهات أجنبية” و”التواصل مع الإعلام المعادي للدولة”. في نهاية التحقيق أُجبر على توقيع تعهد بعدم التحدث عن ما جرى أو مغادرة الولاية دون إذن مسبق، ثم أُطلق سراحه وهو في حالة صحية متدهورة ويعاني من آلام حادة في الرأس والظهر، وما زال تحت تهديد مباشر من عناصر الأمن.
تُعد هذه الواقعة انتهاكًا صارخًا للدستور السوداني والقوانين الوطنية والمعاهدات الدولية التي التزم بها السودان. فالمواد (83) و(115) و(142) من القانون الجنائي لسنة 1991م تجرّم القبض دون أمر قانوني، وإساءة استعمال السلطة، وإحداث الأذى الجسيم الناتج عن التعذيب. كما تمثل هذه الممارسات مخالفة واضحة للمادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحظر الاعتقال التعسفي وتكفل الحق في الحرية والأمان الشخصي، وللمادة (5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تحظر التعذيب أو المعاملة القاسية أو المهينة. وبناءً على ذلك، فإن احتجاز المواطن دون إذن قضائي، وتعذيبه، وإكراهه على التوقيع تحت التهديد، كلها أفعال تُشكل جرائم قانونية تستوجب الملاحقة والمحاسبة وفق أحكام القانونين الوطني والدولي، وتُظهر بوضوح نهجًا منظمًا للترهيب وإسكات الأصوات المعارضة في شرق السودان.
تشير الأدلة والشهادات إلى أن العملية لم تكن تصرفًا فرديًا بل جزءًا من سياسة ممنهجة تستهدف إخضاع المدنيين وبث الخوف في المجتمع. إن تهديد الضحية بعد إطلاق سراحه يمثل استمرارًا للانتهاك، ويعكس مدى تغوّل الأجهزة الأمنية وانعدام المساءلة في الولاية.
التوصيات
1. فتح تحقيق عاجل ومستقل بإشراف النيابة العامة لتحديد هوية المسؤولين عن الحادثة ومحاسبتهم.
2. ملاحقة الضابط عبد القادر والعناصر المشاركة في الاعتقال والتعذيب قضائيًا.
3. توفير الحماية القانونية والدعم النفسي والصحي للضحية وأسرته.
4. مطالبة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان (UNITAMS) بإدراج الواقعة ضمن تقاريرها الدورية حول أوضاع حقوق الإنسان.
5. وقف جميع أشكال الاعتقال التعسفي وضمان احترام الإجراءات القانونية في كل عمليات التوقيف والاستجواب.
6. الشروع في إصلاح الأجهزة الأمنية وإعادة هيكلتها بما يضمن خضوعها للسلطة المدنية والرقابة القضائية الفعّالة.