الإثنين, يونيو 9, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةنقابة الصحفيين : (15) حالة فصل تعسفي تعرض لها الصحفيون خلال فترة...

نقابة الصحفيين : (15) حالة فصل تعسفي تعرض لها الصحفيون خلال فترة الحرب وأكثر من 400 صحفي إلى الفرار

نقابة الصحفيين : (15) حالة فصل تعسفي تعرض لها الصحفيون خلال فترة الحرب وأكثر من 400 صحفي إلى الفرار

المقدمة

عامان على الحرب في السودان عكسا تأثيرًا عميقًا على الصحفيين والحريات الصحفية في البلاد. هذه الحرب التي بدأت في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، كانت لها تداعيات مؤلمة على كافة جوانب الحياة في السودان، وكانت الحقيقة المستهدف الاول والاكبر فيها.

أربعة وعشرون شهرا، فرضت واقعاً كارثياً على الصحفيين والصحفيات والحريات الصحفية، لما حمله المشهد من خسائر بشرية ومادية فادحة، وتقييد للحريات، وتدهور حاد في بيئة العمل الإعلامي، وحرمان الجمهور من الحصول على المعلومات الصحيحة والموثوقة.

خلفت الحرب عددًا كبيرًا من الضحايا بين الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، قُتل ما لا يقل عن 30 صحفيًا منذ بداية النزاع في أبريل 2023 وفي أقل من شهرين مابين شهري (مارس وأبريل 2025)، قُتل خمسة من الصحفيين. وتعرض عشرات الصحفيين للاحتجاز والتعذيب كما أُصيب العديد من الصحفيين أثناء تغطيتهم للأحداث أو بسببها وتم تسجيل حالات اختطاف وضرب واعتداء جسدي على الصحفيين إلى جانب تلقى العديد من الصحفيين تهديدات بالقتل وحملات تشويه ممنهجة يتعرض لها الصحفيون بشكل مستمر.

خلال هاذين العامين برزت بشكل جلي المخاطر التي يواجهها الصحفيون في ظل بيئة معادية لحرية الصحافة. هذه الأوضاع أثرت وتؤثر سلبًا على التغطية الصحفية المستقلة والشفافية الإعلامية، مما يشكل تهديدًا خطيرًا على الحريات الصحفية في السودان.

أما المؤسسات الاعلامية السودانية فقد تضرر 90% منها أو دُمر بشكل كامل بما في ذلك توقف عشرات الصحف الورقية عن العمل، تم حرق وتحطيم مقار وسائل الإعلام في الخرطوم وعدد من الولايات الاخرى وسرقة المعدات وتوقفت العديد من المحطات الإذاعية وقنوات التلفذة عن البث.

اضطر أكثر من 400 صحفي إلى الفرار من البلاد بحثًا عن الأمان. ونزح آلاف آخرون داخليًا ويعيشون في ظروف لا يمكن وصفها من فرط القسوة. ويعمل الصحفيون المتبقون في ظروف أمنية مضطربة ويواجهون مخاطر يومية، الكثير منهم يعملون سرًا وبدون أي موارد. كما يواجهون صعوبات بالغة في حرية الحركة للتنقل وجمع المعلومات وهناك قيود مفروضة على الوصول إلى مناطق النزاع وتغطية الأحداث لما يفرض أطراف النزاع من رقابة وتدخلًا في عمل الصحفيين. فغابت حُرية الصحافة ووسائل الإعلام بشكل كامل من فرط  التدخل والمنع من قبل طرفي الحرب، مع الغياب التام لمواد القانون الدولي الإنساني التي تضمن حرية التنقل، وممارسة مهنة الصحافة في حالات الحرب كخط دفاع اول ضد الانتهاكات الجسيمة في حق المدنيين.

أدت الانقطاعات المتكررة في شبكات الإنترنت والهاتف إلى صعوبة كبيرة في عمل الصحفيين ونقل الأخبار. وفي بعض المناطق، يحتاج الصحفيون إلى تصاريح خاصة من الجيش للتنقل ما يزيد مهامهم تعقيداً.

تدهورت الظروف المهنية للصحفيين بشكل كبير، منذ اندلاع الصراع، عملوا دون عقود عمل ودون أي ضمانات لحمايتهم وتحولوا إلى مخبرين ميدانيين، يواجهون خطر الموت أو الاعتقال دون الحصول على تعويض حقيقي.

منذ انقلاب 21 اكتوبر 2021 حدث تراجع كبير في الحريات وأخذ السودان مكانه كبيئة معادية للصحافة، لكن الوضع تدهور بشكل كبير مع اندلاع الصراع إذ تزايد القمع ضد الإعلاميين في ظل الأوضاع غير المستقرة. وغرق الصحفيون السودانيون في بحر من التحديات ومع توسع رقتها، عجزت وسائل الإعلام المحلية عن أداء دورها في تقديم معلومات دقيقة ومحايدة، فخفت صوت الحقيقة وعلت مقابل ذلك أصوات التضليل والكذب.

حرب المعلومات اشتعلت بضراوة موازية للحرب على الأرض، وفي غياب المعلومات الموثوقة، انتشرت الشائعات والأخبار الزائفة، مما زاد من تعقيد الوضع وزاد من خطر التضليل وما ينطوي على ذلك من تهديد ليس فقط على حرية الصحافة في السودان، بل يمتد إلى حق الشعب في الحصول على معلومات موثوقة لاتخاذ قرارات سليمة.

وبلغت مجمل الاتهاكات التي تعرض لها الصحفيون ووسائل الاعلام منذ اندلاع الصراع “556” حالة انتهاك موثقة، مذكور منها في هذا التقرير (317) حالة انتهاك مباشرة وموثقة، بينما بقية الانتهاكات وعددها (239) حالة هي للاحتجازات التي تمت للصحفيين في اماكان عملهم لفترات متفاوتة عند بداية تفجر الصراع وأخرى ماتم رصده من نهب لمنازل الصحفيين بولاية الخرطوم في الشهور الاولى للحرب.

القتل

ارتفع عدد الصحفيين الذين تم اغتيالهم منذ بداية الحرب إلى (30) من بينهم (5) صحفيات . لقي 26 صحفياً حتفهم، خلال العام الثاني للحرب. 4 صحفيين منهم لقوا حتفهم داخل معتقلات الدعم السريع وهم:

  1. عثمان الطاهر الذي يعمل بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، لقي حتفه داخل معتقلات الدعم السريع بعد اعتقال دام 6 أشهر وتم إخبار أسرته في 24 سبتمبر 2024، بعد مرور عشرة أيام على وفاته.
  2. هشام الخاتمي الذي يعمل في قناة الخرطوم، كان مغادرا هو وأسرته من منطقة الحاج يوسف متوجها إلى ولاية نهر النيل وسمحوا لأسرته بمواصلة سفرهم بينما تم القبض عليه بسبب بطاقة العمل التي أبرزها لهم ليثبت انه مدني ولكن بسبب اسم الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وتحتها قناة الخرطوم الدولية قالوا إنه فلول بحسب رواية عائلته، احتجزوه حتى فارق الحياة داخل المعتقل. لا يوجد تاريخ دقيق للوفاة ولا يعلم حتى أهله المكان الذي دفن فيه.
  3. مكي عبد الوهاب الذي يعمل في قناة الخرطوم الدولية تم اعتقاله من منزله بحي نبتة ببحري هو وأصغر أبناءه طالباً بالجامعة وتم إطلاق سراح الابن بعد٧ أيام من الاحتجاز وبقي الصحفي معتقلا لمدة 7 أشهر على الأقل قبل أن يفارق الحياة داخل المعتقل بسبب مضاعفات مرض السكري وعدم توفر العلاج. لا يوجد تاريخ دقيق للوفاة ولا يعلم حتى أهله المكان الذي دفن فيه.
  4. منتصر علي يعمل في قناة الخرطوم الدولية الصحفي تم اعتقاله في المرة الأولى من أم درمان وأطلق سراحه بعد شهور بسبب حالته النفسية نتيجة التعذيب وحاولت اسرته علاجه وقبل ان يتم ذلك تم اعتقاله مرة ثانية ومات داخل المعتقل بسبب مضاعفات المرض وعدم إخضاعه للعلاج. لا يوجد تاريخ دقيق للوفاة ولا يعلم حتى أهله المكان الذي دفن فيه.

هذه الجرائم الاربعة تشير إلى حجم الانتهاك الذي يتعد جريمة القتل نتيجة للاحتجاز والتعذيب إلى جريمة التعتيم والتشويه واخفاء الحقائق. فقد صاحبت العديد من عمليات الاغتيال حملات تشويه ممنهجة، وحجب للمعلومات حول ملابسات الجريمة.

كما لقي 10 صحفيين أخرين حتفهم منذ بداية العام 2025 وهم

  1. يحيى حماد فضل الله: الكاتب والروائي والإعلامي السوداني المعروف قتل بعد اعتقاله على يد قوات الجيش السوداني، بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، قبل أن يخضع للتعذيب، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية ووفاته.

 ووفقا لرواية عائلته تم اعتقاله يوم 11 ديسمبر 2024م من قبل استخبارات الجيش السوداني برفقة ابنه وتم اطلاق سراحه في العاشر من يناير 2025م لتدهور حالته الصحية. توفي في 13يناير بمركز صحي علي عبد الفتاح بحي الدروشاب بالخرطوم بحري. ووفقًا للمصادر، كان (يحي حماد) يعاني من داء السكري، ورغم حالته الصحية الحرجة، حُرم من العلاج وتعرّض للضرب والتعذيب ظل الصحفي متواجدًا في منزله بالدروشاب بسبب ظروفه المادية والصحية التي منعته من مغادرة المنطقة، ولكنه اتهم بالتعاون والتخابر مع الدعم السريع.

  1. عبد الهادي عيسى: رئيس قسم الأخبار بقناة أمدرمان الفضائية، وصحفي في عدد من الصحف الورقية منها الانتباهة والصيحة قتل بتاريخ 18 فبراير 2025 من قبل قوات الدعم السريع بمنطقة الحاج يوسف بشرق النيل، وتعود ملابسات اغتياله الى عدة روايات أما تفاصيل الجريمة نفسها فتعود إلى أقتياده من منزله، بعد تقييده بواسطة قوة من الدعم السريع، ذهبت به إلى ساحة قريبة من المنزل وتمت تصفيته هناك. عمل الصحفي في اعلام الدعم السريع قبل الحرب واثناءها.
  2. سليمان ابكر: يعمل التلفزيون القومي جرى قتله أثناء تدوين لقوات الدم السريع في منطقة الموردة بوسط أمدرمان بتاريخ 20 فبراير 2025
  3. الطيب محمد الطيب: كاتب راتب في الملفات الثقافية للصحف تعددت الروايات حول مقتله، لكن المؤكد هي رصاصة طائشة في الرأس اختارته من بين الحاضرين في منطقة سكنه بالحاج يوسف محلية شرق النيل.

 *فريق من الصحفيين مكون من ثلاثة ومعهم عامل يعملون بهيئة تلفزيون السودان لقوا حتفهم بمسيرة انتحارية أثناء تغطيتم لحظة سيطرة قوات الجيش على القصر الجمهوري بتاريخ 21 مارس 2023 وهم:

  1. 5. فاروق الزاهر: مخرج ومدير البرامج
  2. 6. مجدي عبد الرحمن: مصور تلفزيوني
  3. 7. إبراهيم مضوي: مونتير ومخرج
  4. 8. وجه جعفر: سائق عربة التغطية

أما الصحفيين الآخرين فجرى اغتيالهما في الفاشر ولاية شمال دارفور وهما:

  1. أحمد محمد صالح سيدنا: مدير قطاع الإذاعة بالهيئة الولائية في ولاية شمال دارفور، الذي قتل إثر القصف العشوائي على مدينة الفاشر اليوم الإثنين 15 أبريل 2025، بعد مسيرة حافلة من العمل الإذاعي بإذاعة الفاشر في الإعداد والإخراج والإدارة.
  2. محمد الفاتح عباس: ، معدّ البرامج الشاب بإذاعة الفاشر الذي قتل اثر القصف العشوائي على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور “الأربعاء” 17أبريل 2025.

الاعتداء الجسدي والإصابة:

بلغت مجمل الاعتداءات الجسدية والإصابات بين الصحفيين منذ اندلاع الصراع (12) من بينهم (4) صحفيات

نذكر منها على سبيل المثال ما تعرض له الصحفي والمحلل السياسي استيفن شانج من اعتداء بتاريخ 30 مارس 2025 من قبل قوة تتبع للدعم السريع بعد اقتحام منزله بغرب امدرمان، واصابته برصاصة في رجله وكسر في ساعده الأيمن وتعرض منزله ومتعلقاته الشخصية للنهب.

إطلاق النار

تعرض صحفيون وصحفيات إلى اطلاق نار في الطرقات أو في أماكن عملهم أو إلى القصف في مساكنهم ما عرض حياتهم إلى الخطر وأودى بحياة أفراد من عائلاتهم وتدمير واتلاف منازلهم.

وبلغ العدد الكلي لضحايا اطلاق النار (34) من بينهم (11) صحفية

ونورد هنا تفاصيل ما تعرض له الصحفي محمد عبد الباقي فضل السيد في أغسطس 2023 والتي كانت محجوبة في التقارير السابقة. بينما كان يقف الصحفي أمام منزله بأمدرمان محلية كرري بين مجموعة من افراد الأسرة توقف قائد دراجة نارية أمام منزله وأطلق عليهم رصاصة من سلاح ناري وصاح باسم الصحفي قائلاً “تقول في ناس ميتين في الشارع؟ وأضاف “أخبر صحيفتك بأنك تعرضت إلى عملية اغتيال” وفر من أمامهم. وكان يقصد تحقيق صحفي كتبه الصحفي عن جثث ملغاة في الطرقات نشر في صحيفة عربية.

ونذكر اغتيال نجل الصحفي المصور أحمد الامين الذي عمل في عدد من الصحف المحلية والاقليمية واسمه غسان أحمد الأمين. حدثت جريمة قتله بواسطة قوة من كتائب المستنفرين (البراء) بحي الشعبية بحري بتاريخ 29 يناير 2025 على أساس عنصري مع أن المقتول كان يحمل هويته الشخصية متوجها الى منزله في ديم بحري ولكن وفقا لرواية شهود فإن الذين نفذوا الاغتيال كانوا ينفذون ما عرف بقانون الوجوه الغريبة الذي يجيز لهم اغتيال كل من يشتبه فيه بأنه من ولاية دارفور.

الاعتقال التعسفي والإخفاء ألقسري والاحتجاز:

يتعرض الصحفيون للاعتقال دون أوامر قانونية واضحة، وغالباً ما يكون ذلك بسبب عملهم الصحفي، أو كتاباتهم المنتقدة للسلطة أو الجيش أو قوات الدعم السريع. يُحتجزون في أماكن غير معلومة ولا يُسمح لهم بالوصول إلى محامين ويتم التحقيق مهم بشكل تعسفي ويتعرضون إلى التعنيف والضرب والتعذيب، العدد الكلي لحالات الاخفاء والاعتقال والاحتجاز (73) من بينهم (12) صحفية

هنالك صحفيون لايزالون قيد الاعتقال من بينهم: الصحفية الدكتورة إخلاص خليفة التي تعمل بالإذاعة السودانية والتي تم اختطافها في مطلع أغسطس 2024 من قبل قوات الدعم السريع في إحدى نقاط التفتيش وهي في طريقها من ولاية النيل الأبيض إلى بورتسودان بولاية البحر الأحمر، بعد التعرف على هويتها الصحفية من البطاقة التي قدمتها. علمت أسرتها انها محتجزة في سجن للنساء بتاريخ 2/11 بعد أكثر من شهرين من اختفاءها ولم تعترف الجهة التي احتجزتها باحتجازها ولم تفصح عن المكان الذي احتجزت فيه وهي لاتزال قيد الاحتجاز منذ 8 شهور في مكان غير معلوم وظروف غير معلومة.

أما الصحفي محمد كمال فقد تعرض إلى تجربة اعتقال قاسية في بيوت الأشباح بعد أن أوقفته عربة دفع رباعي أثناء خروجه من منزله بحي الحتانة بأمدرمان لشراء بعض الأغراض يتاريخ   5 مارس 2024 كان بداخل العربة حوالي سبعة أفراد من النظاميين. اقتادوه بالقوة إلى مكتب قائد المنطقة، وجرى تفتيش هاتفه واستجوابه حول عمله الصحفي، وزملائه من الصحفيين، والمصادر التي تزوده بالمعلومات.

كان التحقيق مصحوبًا بترهيب جسدي، إذ تعرض للضرب بغرض الضغط عليه للإدلاء بمعلومات. استمر الاستجواب حتى قرب مغيب الشمس، ثم تم نقله بسيارة “14 راكب” وفي منتصف الطريق، قاموا بعصب عينيه بالقميص الذي كان يرتديه، وبعد مرور عشر دقائق، فُكّ العصب عن عينيه، وأعيد إليه قميصه، ومن ثم تم انزاله أمام مبنى مكوّن من طابقين. عند دخوله استقبله أحد الحراس بصفعة قوية على وجهه قبل أن يفتح باب الزنزانة ويدفعه بقوة إلى الداخل. مكث الصحفي أكثر من شهر داخل المعتقل مع التعذيب والضرب أثناء التحقيق إذ يقول الصحفي في جانب من شهادته “في الصباح، نادى الحراس على المعتقلين الجدد، وكنت من بينهم. نزلنا إلى الطابق السفلي، حيث اضطررنا للوقوف في صف، وكلما مررنا بجندي، تلقينا ضربات على الوجه مع شتائم واتهامات بالخيانة. لاحظت أن اثنين من المعتقلين الذين كانوا معي كانت أجسادهم مغطاة بالدماء. طُلب مني الدخول إلى غرفة تحقيق حيث كان هناك شخصان. بمجرد إغلاق الباب، انهالوا عليّ ضربًا بماسورة خضراء ثقيلة، وكأنها محشوة بحديد من الداخل. تلقيت ضربات على قدمي وبعض الضربات كانت تسقط علي راسي ، “خرجت مني الصرخات تتوالى”. بعد الاكتفاء من الضرب والإهانات، توقفوا عن تعذيبي وطلب مني بالوقوف، لكني لم أستطع من شدة الألم. دفعوني بقوة حتى وقفت، ثم امرني بالذهاب إلى مكتب تحقيق آخر.في المكتب، كان هناك شخص بملابس مدنية طلب مني الجلوس على الأرض، ثم بدأ بطرح الأسئلة: لأي جماعة أو حزب أنتمي؟منذ متى أعمل في الصحافة؟من هم مصادري؟هل أشارك في المظاهرات؟ ومتى كانت آخر مرة؟ والكثير من الاسئلة كانت التحقيق لساعات طويلة وبعض الاسئلة تكرر، بعد انتهاء الاستجواب، أُخذت بصماتي كاملة، ثم أُعيدت إلى الزنزانة..خلال اليوم الثالث، توفي أحد المعتقلين معنا. قام أحد المعتقلين بإبلاغ الحراس، فجاءوا لاستدعاء بعض الطلبة لحمل الجثة ودفنها. كان المشهد مرعبًا، فتساءلت: هل سأموت هنا أيضًا؟ كان عددنا بين 110 إلى 119 شخصًا في الزنزانة. كل الوجبات التي تلقيناها كانت عبارة عن عدس مع قطعة خبز واحدة، حتى لحظة خروجي من بيوت الأشباح “.

الصحفي نيازي محمد علي، يعمل لصالح عدد من المواقع الالكترونية المحلية، يقيم حاليا في مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان التي تواجه انقطاع في خدمات الانترنت والاتصالات، قال انه تعرض الى الاحتجاز والاستجواب من قبل عدد من أفراد الأجهزة النظامية والأمنية أثناء تغطيته عصر  الخميس 9 يناير 2025، ختام امتحانات الشهادة الثانوية بمدينة الأبيض،. تم ذلك داخل غرفة بأحد مراكز الامتحانات، حيث جرى حذف كافة المواد المتعلقة بالتغطية. مع ابلاغه بان التغطية ممنوعة.

امتثال سليمان الصحفية بجريدة الجريدة، تم اعتقالها بواسطة السلطات العسكرية بمدينة كسلا شرقي البلاد، ، يوم السبت 19 أبريل 2025، عند الساعة الخامسة صباحاً وهي في طريقها للسفر إلى مدينة بورتسودان وتم عصب عينيها قلها الى مباني الأمن وتفتيش هاتفها وحساباتها الشخصية بشكل تعسفي واحتجازها لمدة ثلاثة أيام، وإطلاق سراحها بتعهد جائر يقيد حركتها ويمنعها من مغادرة المدينة.

نهب مسلح واستيلاء على المنازل:

حدثت حالات نهب مسلح لمنازل الصحفيين بخلاف النهب الذي تم للمنازل في غياب أصحابها والذي تجاوز المئات، تم اعتداء مسلح على منازل صحفيين في وجودهم مع ترويع أسرهم ونهب متعلقاتهم الشخصية، وبلغ العدد الكلي لحالات النهب المسلح (35) من بينهم (4) صحفيات

  • ونذكر على سبيل المثال الاعتداء المسلح الذي تعرض له منزل الصحفي عبد الرحمن حنين بالوادي الاخضر محلية شرق النيل للمرة الثانية وما صاحبه من ترويع لأفراد الاسرة.
  • كما تجدر الإشارة إلى تعرض منزل الصحفية رشا حسين بمنطقة القطينة ولاية النيل الأبيض إلى الاستيلاء من قبل أفراد ينتمون لقوات الجيش مطلع ابريل 2025 إذ رفضت القوة اخلاء منزل أسرة الصحفية ومنعوا اسرتها من الانتقال اليه دون ابداء أي مبررات  لهذا التصرف مع عدم توفر اجراء قانوني يوضح الاسباب.

بلاغات النشر والحملات القضائية

تُستخدم القوانين الفضفاضة مثل قانون “الجرائم المعلوماتية” و”أمن الدولة” لتجريم العمل الصحفي. وفتح قضايا تشهير واتهامات بإثارة الفتنة أو تهديد الأمن القومي ضد الصحفيين. وتم رصد (6) بلاغات، تم تدوينها في مواجهة صحفيين كوسيلة لترهيبهم وإسكات أصواتهم، وحذرت النقابة في بياناتها من استخدام القانون مطية لإسكات الأصوات المناوئة للحرب.

  • ومن بين هذه البلاغات نذكر البلاغ الذي تم تدوينه في مواجهة الصحفي صديق دلاي من قبل فرد يتبع لاستخبارت الجيش. وجرى فتح البلاغ في يونيو 2024 بالدمازين ولاية النيل الازرق بعد اعتقالا تعسفيا للصحفي لمدة شهرين ودون وجود مسوغات واضحة له مع تغيب الشاكي في كل الجلسات التي استمرت لشهور ما فرض عليه اقامة جبرية بالدمازين انتظارا لجلسات المحاكمة التي يتم تأجيلها شهرا بعد شهر.

الفصل التعسفي

(15) حالة فصل تعسفي تعرض لها الصحفيون خلال فترة الحرب نذكر منها  فصل 10 صحفيين من راديو دبنقا في 1 أكتوبر 2023 فصلا تعسفيا وكان بعضهم يعمل في الراديو من الخرطوم والبعض من ولاية الجزيرة والبعض من دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وكمبالا ولم تقدم لهم أية حيثيات للفصل وهم حسين سعد ومعتز الطيب والرشيد بريمة ومشاعر رمضان وسمية المطبعجي وخالد شرف الدين من نيالا وسهام احمد سليمان من الفاشر وهويدا من الله من الدماذين ورقية عيسى وهدى عجبنا من كادوقلي.

التهديدات الشخصية

واجه الصحفيون طيفا واسعا من التهديدات وحملات التشهير الإكترونية الممنهجة عبر الإنترنت، خصوصاً الصحفيات من اختراق حسابات ومراقبة الاتصالات وتشويه السمعة. وتتكرر حالات التهديد المباشر التي تجبر الصحفي على التوقف عن العمل أو مغادرة البلاد. العدد الكلي (83) من بينها (33) حالة موجهة لصحفيات.

الصحفية زمزم خاطر تعرضت لحملات تشويه وشتم واساء وتهديد عبر صفحتها بفيس بوك وتمت حملة ممنهجة ضد الصحفي مرتضى أحمد، في فبراير 2025 وسط بيئة مشحونة بالاستقطاب الحاد وتصاعد خطاب الكراهية، مما شكل تهديدًا مباشرًا لسلامته، وتوعده صاحب الحساب أنه سيواجهه متى ما عاد للسودان، وإذا لم يعود سيلاحقه في الخارج. هذه الحملة ليست استثناءً، بل سبقتها موجات تحريض ممنهجة طالت عددًا من الصحفيين والصحفيات، منهم “مها التلب، ولينا يعقوب، ومزدلفة يوسف، وسارة تاج السر، التي تم تهديدها بصورة ابنتها ومعمر إبراهيم، وأحمد خليل، وحسام الدين حيدر، وضفاف عبد الرحمن، وعبد الباقي جبارة” في مسعى واضح لإسكات الأصوات الحرة وترهيب العاملين في الحقل الإعلامي.

التهديدات العامة:

هنالك تهديدات اخذت طابعا عاما وهي التهديات التي تستهدف المهنة نفسها ومؤسساتها من قوانين مقيدة وقرارت تسعى لتقويض الصحافة الحرة وحملات تضليل ممنهجة وفرض رقابة على الصحف والمواقع الإلكترونية. وإغلاق وسائل إعلام مستقلة، أو حجب مواقع إلكترونية. وأحياناً تدخل مباشر من الأجهزة الأمنية في الخط التحريري.

بلغ العدد الكلي للتهديدات العامة (19) تهديداً عاماً للحريات الصحفية كان آخرها قرار الحظر الذي اصدرته وزارة الاعلام على نشاط قناة الشرق في السودان بتاريخ 20 فبراير 2025 وجاء القرار الذي أبلغ به مدير إدارة الإعلام الخارجي بوزارة الإعلام، فريق “الشرق للأخبار” دون تفسير رسمي لأسباب القرار.

الخاتمة

  • التأثير الناجم عن غياب الصحافة الحرة في هذا التوقيت يتمثل في حجب الحقائق وتداول الشائعات والمعلومات المضللة واستغلال أطراف النزاع غياب الإعلام المهني لنشر دعاياتهم.
  • بينما التحديات حقيقية التي برزت خلال فترة النزاع تمثلت في تحدي الصول إلى المعلومات سواء على الأرض أو من خلال مصادر رسمية. كثير من الصحفيين يواجهون صعوبة في التنقل بسبب الاستهداف أولا ومن ثم بسبب القتال أو القصف، ما يحد من قدرتهم على تغطية الأحداث بشكل دقيق ومستمر. إضافة إلى ذلك، تم فرض قيود على الإنترنت وخدمات الاتصال في بعض الفترات وكذلك ينشط الاعلام الحربي لاطراف الصراع الذي يعمل على اخفاء الحقائق والتضليل الاعلامي.
  • فرضت الحرب واقع تقليص التعددية الإعلامية وتراجع قدرة وسائل الإعلام على تقديم تغطية محايدة أو شاملة للأحداث وهذا ما دفعته الصحافة في السودان من أثمان إذ دفعت الحرب معظم وسائل الإعلام السودانية إلى التوقف أو التخفيف من نشاطها، خوفًا من الاستهداف أو بسبب نقص الموارد.
  • أدت الحرب إلى عودة كافة أشكال الرقابة والتضييق على الإعلام. ما جعل الصحفيين مجبرين على التكيف مع ضغوط السلطات أو الأطراف المتحاربة التي قد تؤثر على طريقة تغطيتهم.
  • تواجه الصحافة الاستقصائية التي تسعى لكشف الحقيقة حول انتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد، خطرًا أكبر في ظل هذه الحرب إذ يقف الصحفيين الذين يعملون على كشف الحقائق في مرمى النيران، سواء من الجماعات المسلحة أو من السلطات.
  • ختاماً نحذر من خطورة استمرار هذه الانتهاكات، ونؤكد أننا لن ندّخر جهدًا في استخدام كل الوسائل المشروعة للدفاع عن الصحفيين السودانيين.

التوصيات

1/ بلورة استراتيجية لدعم ومناصرة، الصحفيين السودانيين على ضوء المعلومات الواردة في هذا التقرير والتقارير ذات الصلة بحقوق الإنسان، والعمل على تأسيس آليات محاسبة فعالة، لمرتكبي الانتهاكات وتعويض الضحايا.

2/ توفير الحماية للصحفيين وفقا للقوانين الدولية وتضافر الجهود لوضع أسس لإجراءات قانونية وإطار تشريعي وقانوني يسهم في حماية الحقوق وتقليل حجم الانتهاكات التي تقع على الحريات.

3/ اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل المؤسسات الدولية لضمان أمن وسلامة الصحفيين السودانيين، ووقف حملات التحريض الممنهجة التي تشكل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية التي تكفل حماية الصحفيين في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة.

4/ تحميل الأطراف المتصارعة المسؤولية الكاملة عن الجرائم التي يتم ارتكابها ضد الصحفيين وكافة الاتنهاكات بما في ذلك التهديدات التي يتعرض لها الصحفيون والصحفيات نتيجة للحملات التحريضية التي يتم تنظيمها ضدهم ونشدد على ضرورة وضع حد لهذه الحملات التحريضية التي لا تهدد سلامة الصحفيين فحسب، بل تقوض الحق في الحصول على المعلومات، وتعزز مناخ الإفلات من العقاب.

تقرير/  إيمان فضل السيد

 سكرتيرة الحريات

 رصد وتحقق/ فريق سكرتارية الحريات

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات