هل تتوسع رقعة حرب لبنان باتجاه سوريا؟
تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
تقديم:
وسط أنباء عن تحركات عسكرية إسرائيلية على خطوط التماس مع سوريا، تنشط تقارير تتحدث عن ضغوط تمارسها إسرائيل عسكريا وروسيا سياسيا تهدف إلى إبعاد النظام السوري عن أي تماهي مع قوات حزب الله والبنى العسكرية الإيرانية في سوريا، وعدم التورّط في أي انخراط عسكري ضد إسرائيل من الأراضي السورية. موسكو ضغطت على طهران بهذا الاتجاه، كما سحبت قوات لها من نقاط تمركّز بالقرب من الجولان، فيما قصفت إسرائيل طرق ومعابر التواصل الحدودي بين سوريا ولبنان. فماذا يجري في هذا الصدد؟
نقرأ الحدث من خلال رصد المعطيات التالية:
– تحدثت أنباء نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية عن تحركات عسكرية إسرائيلية في بعض مناطق خطوط التماس السورية الإسرائيلية في الجولان. شملت هذه التحركات إزالة ألغام أرضية وإقامة حواجز جديدة على الحدود بين البلدين.
– ذكرت القناة 14 الإسرائيلية أن الجيش يعمل على إنشاء طريق ترابي يمتد من شمال القنيطرة حتى جنوبها، ويجهز سياجا أمنيا على الحدود السورية لمنع تسلل “مسلحين” باتجاه هضبة الجولان.
– كان زعيم حزب إسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان، قد دعا إلى احتلال القسم الواقع ضمن سوريا من جبل الشيخ، مؤكدا أن الجيش سيحتل جبل الشيخ ولن ينسحب منه حتى إشعار آخر.
– أشارت صحافة إسرائيل إلى تقارير تمهيدية للحراك العسكري الإسرائيلي بالحديث عن أخطار عاجلة ومباشرة من هذه المناطق السورية تقتضي إجراءات عاجلة.
– في 24 سبتمبر الماضي قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن الجيش يتابع بقلق قدوم نحو 40 ألف مقاتل من سوريا والعراق واليمن إلى الجولان، وينتظرون دعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله للقتال.
– نقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إنه رغم أن الـ 40 ألف مقاتل ليسوا من النخبة، فإن الوضع لا يزال مقلقا. وأضافت، نقلا عن “مصدر أمني رفيع”، قوله إن وجود المقاتلين أمر خطير، وأنهم سيتدخلون في سوريا كي يوضحوا للرئيس بشار الأسد أنهم لن يقبلوا بوجود المقاتلين في هذا المكان.
– يُعتقد أن إسرائيل تحضّر لعمليات عسكرية فد تشمل توغلا داخل الأراضي السورية باتجاه الحدود الشرقية مع لبنان. وتهدف هذه العملية إلى التأكد من قطع طريق الأمداد الوارد من إيران مرورا بالعراق وسوريا لتزويد حزب الله بالسلاح في لبنان.
– كانت المقاتلات الإسرائيلية قد قصفت، في 4 اكتوبر 2024، من الجهة اللبنانية طريق معبر المصنع على الحدود اللبنانية السورية بذريعة وجود نفق تحت هذا الطريق تستخدمه الامدادات الإيرانية لحزب الله. كما تمّ قبل ذلك قصف كافة المعابر غير الشرعية التي كانت تستخدم لنفس الهدف أو لأغراض التهريب ونقل قوات حزب الله بين البلدين.
– تزامنت التطوّرات العسكرية هذه مع شيوع أنباء في 9 اكتوبر 2024 عن إخلاء القوات الروسية مواقعها في تل الشحار وريف مشحره بريف القنيطرة قرب خطوط التماس مع الجولان السوري. وأشار مراقبون إلى أن هذا الانسحاب أعطى مؤشرات عن وجود معطيات لدى روسيا بشأن تحركات إسرائيلية محتملة أو مقبلة في تلك المناطق.
– كانت طائرة مسيّرة إسرائيلية قد استهدفت، في 30 سبتمبر 2024، بصواريخ شديدة الانفجار فيلا قرب بلدة يعفور في ريف دمشق، تابعة لماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري وقائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري. ولم يكن الأسد موجودا حينها في ذلك المنزل ما رجّح أن القصف كان هدفه توجيه إنذار وليس قتل الأسد.
– يُعرف عن ماهر الأسد قربه من إيران وعلاقاته الجيدة مع الحرس الثوري. كما أن الفرقة الرابعة عملت دائما بالتنسيق الكامل مع حزب الله و “مستشاري” الحرس الثوري في سوريا. •اعتبر مراقبون أن القصف “الإنذاري” لفيلا ماهر الأسد هو جزء من سياق قطع أمدادات السلاح الإيراني صوب حزب الله ومنع استفادة البنى العسكرية الإيرانية من تسهيلات الجيش السوري.
– في 13 اكتوبر 2024 أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الفرقة الرابعة اتخذت مجموعة إجراءات لتجنب الاستهدافات الإسرائيلية. وبحسب مصادر المرصد، فإن قيادة الفرقة أمرت بعدم نقل السلاح أو استضافة عناصر من حزب الله والميليشيات الإيرانية داخل مقرات وقواعد الفرقة الرابعة.
– يُعتقد أن الإجراءات العسكرية الإسرائيلية هدفها دفع الرئيس السوري للتخفيف من علاقات نظامه مع إيران وصولا إلى نبذها تماما.
– يرجّح أن هذه الإجراءات تأخذ جيدا بعين الاعتبار مصالح روسيا في سوريا وقد تكون جزءا من تفاهمات تديرها آليات التنسيق بين إسرائيل وروسيا منذ ما قبل التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015.
– أبدت موسكو دائما حرصا على حماية النظام السوري من أي تورّط في صدام مباشر مع إسرائيل. وتشير المعلومات أن سيرغي شويغو، الأمين العام لمجلس الأمن القومي في روسيا، قد تدخّل لدى القيادة الإيرانية أثناء زيارة قام بها في 5 أغسطس 2024 إلى طهران لعدم استخدام إيران للأراضي السورية في أي هجمات تعدها إيران ضد إسرائيل.
– يعتقد مراقبون أن طهران قد استجابت لضغوط موسكو في هذا الصدد وأوعزت لأمين عام حزب الله الراحل، السيّد حسن نصر الله، بالإعلان في كلمة له في 6 أغسطس 2024 عن إعفاء سوريا من أي تدخّل لدعم “المقاومة” في لبنان بسبب “الظروف الخاصة” التي تمرّ بها سوريا.
•لاحظ مراقبون مواصلة الرئيس السوري بشار الأسد “النأي بالنفس” عن تحرّكات “محوّر المقاومة”. وكان لافتا أنه لم يصدر عنه أي تعليق يذكر بشأن التطورات في لبنان عقب رسالة التعزية التي أرسلها لحزب الله بعد مقتل أمينه العام حسن نصرالله في 27 سبتمبر 2024.
خلاصة:
**تتجمع معطيات ميدانية عسكرية توحي باحتمال توسيع رقعة العمليات العسكرية الإسرائيلية لتشمل مساحات من مناطق التماس السورية الإسرائيلية قد تتطوّر إلى توغّل داخل الأراضي السورية للالتفاف على قوات حزب الله من الحدود السورية اللبنانية شرق لبنان.
**العمليات المحتملة قد تكون مكمّلة لسلسلة غارات استهدفت طرق امدادات السلاح عبر الحدود السورية لقطع ممر طهران بيروت.
**مهّدت إسرائيل لخططها باستهداف “إنذاري” لفيلا ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري وقائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري. تبع ذلك إجراءات اتّخذتها الفرقة لعزل نفسها عن أي تواصل أو انخراط مع قوات حزب الله والبنى العسكرية الإيرانية في سوريا.
**يأخذ التحرّك العسكري الإسرائيلي في سوريا المصالح الروسية بعين الاعتبار، كما تعمل موسكو على دفع دمشق للنأي بنفسها عن أي انخراط يضعها في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
**استجابت طهران لضغوط موسكو لعدم توريط سوريا في صدام مع إسرائيل إلى درجة أن الزعيم الراحل لحزب الله أعلن في أغسطس الماضي “إعفاء” سوريا من أي انخراط لدعم “المقاومة”.