وزير العدل السابق “نصر الدين عبد البارئ”: حكم المحكمة الجنائية الدولية بحق علي كوشيب خطوة نحو العدالة
لاهاي:السودانية نيوز
رحب وزير العدل السوداني السابق، نصر الدين عبد البارئ، بحكم المحكمة الجنائية الدولية الصادر بحق علي كوشيب، معتبراً إياه لحظة تاريخية في مسيرة السعي لتحقيق العدالة لضحايا نزاع دارفور.
وقال عبد البارئ (تمثل إدانة المحكمة الجنائية الدولية لعلي كوشيب لحظة تاريخية في مسيرة السعي لتحقيق العدالة لضحايا نزاع دارفور. فبعد أكثر من عشرين عاماً من الانتظار، يرى الناجون وأسر الذين عانوا من فظائع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بصيصاً من العدالة يتحقق. فبالنسبة لهم، لا يُعد هذا الحكم مجرد معلم قانوني مهم، بل هو إنصافٌ أخلاقي وتأكيدٌ على أن العالم لم يُدر ظهره بالكامل لدارفور. ومع أن هذا القرار يُمثل انتصاراً للعدالة، فإنه في الوقت نفسه يُذكّرنا بطول الطريق الذي ما يزال أمام السودان لبلوغ المساءلة الكاملة. فعلي كوشيب لم يكن مهندس الفظائع التي وقعت في دارفور، بل كان أداةً – وسيلة استخدمتها النخبة العسكرية في القوات المسلحة السودانية وحزب المؤتمر الوطني (أو الحركة الإسلامية) لتنفيذ سياسةٍ قديمةٍ وممنهجة للإبادة. كانت تلك السياسة تهدف إلى تدمير مجتمعات بأكملها لمجرد أنها تجرأت على مقاومة أو تحدي الاضطهاد التاريخي والتهميش الذي عانت منه أطراف السودان لعقود طويلة. إن مأساة دارفور لم تنشأ بمعزل عن سياقها الوطني؛ فقد كانت جزءاً من سلسلةٍ متصلةٍ من العنف بدأت قبل عقود في جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق، حيث أُطلِقَت الأيدي لنفس الأيديولوجيا القائمة على الهيمنة والإقصاء والتدمير ضد مجتمعاتٍ اعتُبِرت تهديداً لاحتكار النخب الحاكمة للسلطة. وقد جرى تجنيد علي كوشيب وآخرين كُثر مثله كأدواتٍ لهذا العنف المنهجي، لا كمصدرٍ له أو صانعيه. لن تتحقق العدالة في السودان تحققاً كاملاً ما لم يُقدَّم مهندسو هذه الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية. فلا يمكن ولا ينبغي أن تتوقف المساءلة عند حدود الجنود أو القادة الميدانيين المحليين، بل يجب أن تمتد لتشمل الذين خططوا ومولوا وأداروا حملات الإبادة والتدمير والتهجير القسري. ومن ثم، من الضروري أن تضمن المحكمة الجنائية الدولية، وبدعمٍ كاملٍ من المجتمع الدولي، مثول عمر حسن أحمد البشير، الرئيس السوداني الأسبق والقائد العام للقوات المسلحة السودانية، إلى جانب عبد الرحيم محمد حسين، وزير الدفاع الأسبق، وأحمد هارون، وزير الدولة الأسبق بوزارة الداخلية، وغيرهم من القيادات العليا في الجيش والحركة الإسلامية، أمام العدالة على أدوارهم القيادية أو المحورية في التخطيط والإشراف على جرائم الإبادة الجماعية في دارفور وما ارتبط بها من فظائع. فقط عندما يُحاسَب المخططون الرئيسيون لهذه الجرائم يمكن للسودان أن يتحرر من الإرث الراسخ للعنف والإفلات من العقاب، وأن يبني مستقبلاً قائماً على الحقيقة والعدالة وكرامة جميع أبنائه. لقد أُنشئت المحكمة الجنائية الدولية ونظام العدالة الجنائية الدولية الأوسع أساساً لا لضمان محاسبة الأيدي التي تنفذ الجرائم وحسب، وإنما كذلك العقول التي تصممها وتخطط لها. إن شعب دارفور – وجميع السودانيين الذين ما زالوا يعانون من دوامة الإفلات من العقاب والعنف – يستحقون عدالةً كاملة لا نقصان فيها.