الصادق علي حسن يكتب :ثلاث فرضيات :للقصف الجوي لمنزلي الشيخ مصطفى حسن وابنه آدم مصطفى بنيالا.
أولاً : فرضية استهداف كونتينر في الشارع أمام منزل إداري أهلي .
ثانياً : ، قصف منزلي علي الحاج وأسرته بحي الوادي غرب .
ثالثاً : التهجير القسري لسكان حي الوادي ومدينة نيالا . (١) .
بقلم : الصادق علي حسن.
ظاهرة الموت الجزافي اليومي بفعل الحرب ، موت القتل المباشر بالقصف الجوي لطيران الجيش أو بدانات ومقذوفات الدعم السريع ، أوالتدوين المتبادل المشترك بينهما وقد صار القتل راتبا ومألوفا ، وكل الضحايا مجرد أرقام في الوسائط بالنسبة لطرفي الحرب الدائرة ، أما القادة ففي ظل الحرب ينعمون بكل أسباب الحياة، ويتبارون في التصريحات الإعلامية وكأن لم يحدث ما يسترعي الإنتباه ،نسأل الله تعالى أن يتقبل كل الشهداء في زمرة الشهداء ، ويمن على المصابين والجرحى بالشفاء التام ،وعودة المفقودين لأهاليهم وأسرهم آمنين. لقد بات السوداني العادي ينظر للموت بلا وجل ،كما كان الحال في السابق ،عندما كان مسكونا برهبة الموت، حتى أن بعض من المعزيين كانوا من رهبة الموت يتناسون حقائق الحياة وأن الموت من نواميس الحياة ،ودورة البشرية في الحياة تستمر بها، وهنالك من لا يزال يشاطر أهالي المتوفى، بدعاء أن يكون فقيدهم آخر أحزانهم ، ومن رهبة الموت ينسى الإنسان حقيقة الموت المكمل للحياة ولطالما هنالك حياة ،لا بد الموت الذي يأتي يوما ،ويتذوقه كل إنسان .
في الأيام الماضية إنتقل إلى الدار الآخرة العديد من منسوبي الأسرة جراء القصف الجوي لمنزلي الشيخ مصطفى حسن وابنه آدم مصطفي بحي الوادي غرب بنيالا ، وفي نفس هذه الأيام كانت هنالك أكثر من حالة وفاة في الأسرة بقضاء الله وقدره ، وقد صار موت الفجاءة والقتل الجزافي ،ظاهرة شائعة ليس كموت الظروف العادية الذي كان يتهيبه عموم الناس . رفقة بالجيران والمعارف والأهل الذين لجؤوا إلى مصر وللتخفيف عليهم من تكبد المشاق والناس في مدن مصر صاروا يذهبون ويأتون من سراديق العزاءات إلى آخريات بصورة صارت يومية ورتبة وقد شاع الموت بالمرض أوالقتل الجزافي بلا سبب، والموت هو الموت . القصف الجوي لمنزل الشيخ مصطفى حسن وابنه آدم مصطفى أدى إلى سقوط عددا من ذوي الأسرة، وقد خرجت جموع بمدينة نيالا منددة بالقصف المتكرر وقامت بمواراة جثامين الشهداء وهي تهتف رافضة ومستنكرة بشدة القتل الجزافي المستمر للأبرياء بواسطة طيران الجيش . في الأسرة، كان الإتجاه الاكتفاء بتلقي العزاء بالهاتف، ولكن الاتصالات بدواعي الحرص على التخفيف على الأسرة في نكبتها من الأهل والأصهار والجيران والمعارف وعموم أهالي نيالا البحير قد تواصلت، وكثرت ولم تنقطع ، هنالك من اتصل بمجرد شيوع الخبر في الوسائط ومن ضمنهم الحبيب الأكرم د . محمد عيسى عليو وكان يسأل عن مكان تواجد الأسرة وهو مصٌرا على الحضور الفوري لتخفيف عليها من نكبتها ومواساتها، كما وهنالك من تحرك من خارج مدن القاهرة ، الأخ كمال عبد الرحمن حسن كان حريصا ليؤكد لمن يتصل بأن الأسرة تتلقى العزاء بالهاتف ، والظروف مقدرة ، ثم تشاورنا بعد ذلك ليكون العزاء بالفيصل لمن هو قريبا من مسجد حمد بأول فيصل، مع ذلك أصٌر كُثر من المعارف منهم الأخ الأكرم اللواء محمد فضل الله حامد فضل والذي لأسرته بالأسرة الوشائج وأتى في معية أسرته وهو يعاني من آثار عملية جراحية لا يزال يتعافى منها ، فالشكر كل الشكر وبالغ التقدير لكل من شارك الأسرة فيما أصابها من فقد جلل،كما ونسأل الله تعالى أن يتقبلهم ويتقبل جميع الشهداء في عليين وهو ولي ذلك والقادر عليه . في ظروف الحرب الدائرة كل أنواع الموت من أسباب الشهادة ، إن مقولة أن تكون حالة أي وفاة هي آخر الأحزان حتى صارت كالدعاء تخالف سنن الحياة ، فالموت سيستمر كالحياة تماما ، وعلينا جميعا الاستعداد للموت والرحيل بالعمل الصالح .
الشكر أجزله لكل من خفف عن الأسرة المكلومة خاصة لابنتي نجلاء يعقوب مصطفى وقد بكت بلوعة شديدة شقيقها مصطفى وهو في مقتبل العمر والذي تزوج وأنجب طفلة أستشهدت معه ومعهما أمها وشقيقتها الطالبة سماهر والصغيرة عدن الفاتح محمدأحمد حسن التي تواصلت قبل القصف بعمتها الأخت عازة محمد أحمد تطلب منها ان تتحدث مع والدها ليوافق على مغادرة الحي إلى منازل الأهل بجنوب وادي نيالا وقد تعددت عمليات القصف الجوي على مدينة نيالا ولكن شاءت الأقدر أن تقضي نحبها بمنزل الأسرة . من أشهر مضت ، شاهدت فيديو لمنظمة اليونيسف للطفلة (مغفرة) وانا جدها (ابن عم جدتها الشهيدة حبيبة التاج)وهي تروي كيف تعرضت للإصابة هي وجدتها وأمها وابنه خالتها الطفلة ردينة أثناء محاولات الخروج من المنزل وتصاعد إطلاق الدانات بين طرفي الحرب ، وكان ذلك قبل سقوط مدينة نيالا في أيادي قوات الدعم السريع، وقالت أنها لم تشعر إلا وقد سقطت مغشية عليها، ثم وجدت نفسها طريحة الفراش بالمستشفى، وخرجت منه مقعدة على كرسي متحرك، وقد صارت أمانيها أن تتعافي وتمشي برجليها ، وقد كانت تطمح في الدخول إلى الجامعة والتخرج ومساعدة المرضى ،وفي فيديو اليونيسف دعت إلى وقف الحرب وتجنيب الأطفال أسباب الأعاقة وفقدان عائل الأسرة ،وقد فقدت جدتها الشهيدة (حبيبة تاج الأصفياء) وأمها (الشهيدة حوه) و ابنة خالتها (الشهيدة الطفلة ردينة)، وفي نفس تلك الأيام استشهد يإحدى منازل الأسرة بحي الوادي شرق ابن خالتي الرشيد الحاج وابنه داخل منزلهما وقد تحولا إلى أشلاء متناثرة بسقوط دانة في منزله، كما وأصرت الأسرة على تلقي العزاء فيهما في اليوم التالى، وفي سرداق العزاء سقطت دانة أخرى على سرداق العزاء فسقط تسع من أفراد الأسرة وأصهارها ليبلغ عدد شهداء الأسرة في الثلاث حوادث عشرين شهيدا ، نسأل الله تعالى لهم المغفرة والرحمة ، إن أسرة الشيخ مصطفي حسن أسرة انصارية ، وددت لو تأخر مولانا آدم أحمد يوسف نائب أمين هيئة شؤون الأنصار لختام الدعاء على أرواح الشهداء ويسأل الله تعالى وقف هذه الحرب ،فكثرة الدعاء ينعم به الله تعالى على عبادة بالاستجابة ،وقد كثرت الأحداث والقتل الجزافي، لقد دعا ممثل الأسرة الخال الفاضل شريف في ختام العزاء في كلمة قصيرة، بضرورة العمل على وقف الحرب وايقاف اهدار الأرواح البريئة واللطف بالأهالي المساكين الذين أجبروا على البقاء في مساكنهم ، وليس لهم علاقة بالحرب، ومن أشعلها أو ماذا يريد منها .
الشكر الجزيل يمتد لكل من تكبد المشاق وحضر الينا معزيا بصالة حمد بالفيصل، خاصة الذين لديهم ظروف صحية، كذلك الشكر لحركة جيش تحرير السودان بقيادة الأستاذ عبد الواحد محمد النور التي بعثت بخالص العزاء للأسرة والشكر لملتقى نساء دارفور للسلام و لهيئة شؤون الأنصار، كما والشكر أجزله من قبل ومن بعد لله سبحانه وتعالى وهو القائل في محكم تنزيله ( { وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ كِتَـٰبࣰا مُّؤَجَّلࣰاۗ وَمَن یُرِدۡ ثَوَابَ ٱلدُّنۡیَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَن یُرِدۡ ثَوَابَ ٱلۡـَٔاخِرَةِ نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَاۚ وَسَنَجۡزِی ٱلشَّـٰكِرِینَ } سورة آل عمران.
في المقال القادم سأتناول ثلاث فرضيات شاعت، حول دوافع واقعة القصف الجوي لمنزل الشيخ مصطفي حسن وابنه آدم مصطفي عنوان هذا المقال . ثم سأتناول لاحقا كيف وقد صار أطراف الصراع وأسرهم في مأمن من القتل وهم يصرون على استمرار الحرب وروح الإنسان بلا قيمة .