حرب السودان وروسيا(1-2)
كتب:حسين سعد
بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا،في ديسمبر 2024م خسرت روسيا الحليف الأقوي للأسد قاعدتي طرطوس البحرية وحميميم الجوية بالبحر الابيض المتوسط، في وقت تشير فيه تقارير إعلامية وتصريحات الي إنشاء قاعدة عسكرية روسية بالسودان، ويعتبر البحر الأحمر ممر مائي إستراتيجي مهم تتنافس عليه قوي عالمية لاهميته الاقتصادية والعسكرية والأمنية ، وهو أكثر طرق الملاحة البحرية الدولية في العالم ،ونري أن ترك روسيا لحليفها الاسد يسقط دون تدخل منها سوف يؤثر علي تدخلات لها تقوم بها مثل دورها في محاربة الارهاب في غرب افريقيا وتنافسها مع امريكا وفرنسا في القارة السمراء وحمايتها للانظمة العسكرية في افريقيا ،ونتوقع ان يكون مجلس الامن هو ميدان المعركة القادمة لروسيا مع خصومها ومنافسيها أكثر فاعلية من انشاء قواعد عسكرية بالبحر الاحمر، وهنا ممكن ان نشير الي إحباط روسيا في نوفمبر 2024م قراراً لمجلس الامن الدولي يدعو الي وقف فوري لاطلاق النار في حرب 15 ابريل ،وتسليم المساعدات الانسانية الي الملايين ممن هم في أمس الحاجة اليها ويطالب المشروع قوات الدعم السريع بوقف فوري لجميع هجماتها ضد المدنيين في دارفور وولايتي الجزيرة وسنار واماكن أخري.
القاعدة العسكرية:
وفي يونيو 2024م قال سفير السودان لدى روسيا محمد سراج لوكالة الأخبار الروسية سبوتنيك أن المشروع الخاص بإنشاء قاعدة عسكرية روسية على سواحل السودان على البحر الأحمر لا زال قائم،وقال سراج أن السودان لن يتخلى عن إلتزاماته التي تم الاتفاق عليها مع روسيا حول بناء قاعدة بحرية روسية في البحر الأحمر،مؤكدا أنه بمجرد أن يتم الانتهاء من بعض الإجراءات سيتم تشييد القاعدة،وفي ابريل 2024م زار نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف بورتسودان، ولقاءه ووفد كبير مصاحب له مع عدد من المسؤولين السودانيين، وتحدث وقتها عن رغبة موسكو في إظهار دعم روسيا لسيادة ووحدة السودان، ورفضها التدخلات الأجنبية،ويشجع الموقع الاستراتيجي لثغر السودان بالبحر الاحمر يشجع روسيا نحو إنشاء ميناء وقاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر لحماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة، وتحسين وضعها العسكري في مواجهة الغرب في بعض المناطق الاستراتيجية مثل البحر المتوسط والمحيط الهندي والشرق الأوسط. فقد أفادت وسائل إعلام روسية أن القاعدة الروسية المحتملة في السودان ستعمل في المقام الأول كمركز للإمداد والتوقف لتمكين طرطوس من الانتقال من قاعدة إمداد إلى قاعدة بحرية متعددة الأغراض في حالة الحفاظ عليها، وهو الهدف الذي حددته موسكو سابقًا كعنصر أساسي في جهودها لتعزيز قوتها البحرية في البحر الأحمر، على نحو يبرر قيام الكرملين بتعزيز الدعم اللوجستي للجيش السوداني منذ أبريل 2024 في مقابل وعود بإحياء صفقة معطلة منذ عام 2017 تتعلق بتأسيس قاعدة بحرية روسية في البحر الأحمر، من شأنها أن تستضيف ما يصل إلى 300 جندي روسي وأربع سفن روسية.
عقبات عديدة:
لكن هنالك عقباب تعرقل مساعي روسيا لإيجاد موطئ قدم استراتيجي لها في السودان، بسبب إستمرار حرب 15 ابريل 2023م، وعدم حكومة سودانية قوية ومتماسكة بالسودان وهذه معضلة في الإنخراط في مفاوضات أو تقديم ضمانات ، في وقت مازالت فيه الضغوط مستمرة من قبل الولايات المتحدة على السودان من أجل رفض أي اتفاق بشأن تأسيس قاعدة بحرية روسية الشاهد الأخر هو فوز ترامب في الإنتخابات الأمريكية الأخيرة وإستراتيجيته التي تقوم على مواجهة النفوذين الروسي والصيني على الساحة الأفريقية خلال المرحلة المقبلة. فضلا عن تعقيد التفاعلات الجيوسياسية على الصعيدين المحلي والإقليمي والتي نشير لبعضها .
حماية الملاحة البحرية:
وفي فبراير 2024م أطلق الاتحاد الأوروبي، قوة بحرية جديدة بأسم (خطة أسبيدس)، بهدف حماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر. وكان لافتاً في هذه الخطوة الأوروبية أنها تأتي في سياق يغلب عليه توتر البيئة الأمنية في منطقة البحر الأحمر، على إثر انخراط مليشيا الحوثيين في عمليات هجومية في هذا الممر البحري الاستراتيجي كأحد أنماط التداعيات التي خلّفتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فضلاً عن كون هذا التحرك الأوروبي يأتي في أعقاب تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية لتحالف (حارس الازدهار) في البحر الأحمر، في 19 ديسمبر 2023، وهي المتغيرات التي عبرت عن حالة من “العسكرة” التي تتطغى على التفاعلات التي تشهدها هذه المنطقة (يتبع)