الأحد, يوليو 27, 2025
الرئيسيةمقالاتتحديات تواجه التطبيق قراءة وتعليق في قانون اللجوء المصري (١٠) .

تحديات تواجه التطبيق قراءة وتعليق في قانون اللجوء المصري (١٠) .

تحديات تواجه التطبيق قراءة وتعليق في قانون اللجوء المصري (١٠) .

بقلم الصادق علي حسن.

الموقف السياسي من القانون :

انقسم المجتمع السوداني إلى شقين هما شق بورتسودان وعلى رأسه قائد الجيش وحلفائه من حركات مسلحة ومدنيين، وشق نيروبي وعلى رأسه قائد الدعم السريع وحلفائه من حركات مسلحة ومدنيين ، وهنالك صمود من القوى المدنية والسياسية قابعة في إنتظار نتائج الحرب ،وحركات مسلحة آخرى متفرقة بين هنا وهناك، وركائز الدولة السودانية تنهار بخطى متسارعة ،والأغلبية الصامتة من الشعب السوداني تتبدد أمام ناظريها الآمال في العودة الآمنة لديارها جراء استمرار الحرب العبثية واستفحالها وخروجها عن دائرة السيطرة .آلاف الأسر الفارة من جحيم الحرب تفرقت في دروب الأرض بلا هدى ، وصارت دولة مصر قبلة للسواد الأعظم من اللاجئين السودانيين القادمين إليها بالأفواج المتزايدة ، لقد صدر قانون اللجوء المصري ١٦٤ لسنة ٢٠٢٤م وصار نافذا بنشره في الجريدة الرسمية، لذلك بالضرورة النظر إليه ومناقشته بموضوعية لإطلاع اللاجئ خاصة السوداني بالقانون وهو الذي سيطبق عليه أحكامه ولن يفيده الدفع بالجهل بالقانون أمام أجهزة الدولة في مصر أو أمام القضاء المصري .
لقد وردت لي عدة تعليقات على المقالات المنشورة، منها التعليقات المستحسنة للكتابة عن القانون، ونشر ما بالقانون من حقوق ومزايا والتزامات ، كما وهنالك التعليقات الناقدة للقانون، وهنالك الحذرة المتوجسة من القانون. كل التعليقات التي صدرت من الذين قرأوا المقالات بنظرات موضوعية وغير سياسية ومن ضمنهم محامين ومدافعين حقوقيين من الذين ظلوا يهتمون بقضايا حقوق الإنسان وأوضاع اللاجئين كتبوا بأن الكتابة عن قانون اللجوء المصري المذكور قد ساعدتهم في التعرف على الحقوق المكفولة بموجب أحكامه ، وهنالك من طالبوا بضرورة نشره بصورة وأسعة النطاق حتى يتحقق الإلمام الكافي بالقانون لعموم اللاجئين خاصة اللاجئين السودانيين بمصر . كما هنالك من قام بقراءة المقالات من خلال نظرة عدم رضائه عن الموقف الرسمي للحكومة المصرية من الحرب الدائرة في السودان ومساندة الجيش السوداني ، وقد صدرت التعليقات لهؤلاء منها الناقدة بصورة وأضحة وصريحة أو ضمنية بايماءات مبطنة بان الكاتب يقوم بالترويج لقانون اللجوء المصري ٢٠٢٤م الذي سيهدد أمان اللاجئ وسلامته بمصر ويجعله عرضة للترحيل القسري وتسليمه في أي وقت إلى النظام الحاكم بالسودان لأسباب سياسية ، كما وهنالك منهم من غاص في إرادة المُشرع المصري لاستخراج افتراضات لنقد القانون وذلك من دون الرجوع لنصوص وأحكام القانون المذكور، وفي ثنايا بعض هذه التعليقات المنتقدة هنالك استفسارات استقصائية أقرب ما تكون للتحقيق مع كاتب المقالات عن لماذا ولماذا .
ما أود أن أؤكده للقراء جميعهم عن مدى احترامي التام لكل وجهات النظر ،فالحوار وإدارة النقاش حول القانون وغيره بوسيلة الحوار يحقق الهدف المنشود بنشر المعرفة بالقانون ، كما وبالضرورة على كل ناشط يرفع شعار الدفاع عن حقوق الإنسان ويعمل من أجله بتجرد البحث في القانون ومدى سلامة تطبيقه، وليس عن الموقف السياسي لمن أصدره تجاه الأزمة السودانية والحرب الدائرة ، وهذا ما قصدته من خلال قراءتي لهذا القانون والتعليق عليه ، فالقانون هو قانون اللجوء المصري الذي سيطبق على أي لاجئ بمصر وليس على اللاجئ السوداني بمصر وحده .

مقارنات خاطئة :

المناقشات الصحيحة والمفيدة لأي موضوع هي التي تنبني على الدراسة ، وإجراء البحوث والمقارنات الموضوعية لتأتي بالنتائج الصحيحة من خلال الوقوف على مكامن الخلل والقصور لمعالجتها ، فماذا يفيد في بحث وقراءة ونقاش قانون اللجوء المصري أن السودان كان سابقا لمصر بإصدار قانون اللجوء السوداني سنة ١٩٧٤م الملغي بقانون اللجوء السوداني سنة ٢٠١٤م الساري المفعول، إذا لم يأت التناول في سياق الإستفادة من التجربة ،وهل سيفيد هكذا معلومات اللاجئ خاصة اللاجئ السوداني في مصر والذي سيطبق عليه أحكام قانون اللجوء المصري في شيئ أمام أجهزة إنفاذ القانون المصرية وأمام القضاء المصري ،وبمثل ما يُقال عن دور السودان الرائد في مجال كرة القدم الأفريقية ، هل يمكن في كل الظروف والأحوال الدفع بهذه الريادة مثلا لمناقشة تطور كرة القدم في بلدان الغرب الأفريقي وتراجعه في السودان ، وماذا سيفيد ذلك في البحث والتقييم الموضوعي في هكذا نقاش .

التدابير الأمنية في قانون اللجوء المصري ١٦٤ لسنة ٢٠٢٤م:

بعض الآراء تحدثت بأن قانون اللجوء المصري الأول هدفه الأساسي تدابير أمنية ضمن توجهات مصر الرسمية ، ومن المعلوم بالضرورة أن الدول تضع قوانينها ونظمها وهدفها الرئيس الأمن وسلامتها وسلامة شعوبها ، لذلك تصدر القوانين التي تنظم الحقوق والحريات والعلاقات مع الدول الآخرى والتعامل مع الظواهر الخارجية مثل ظاهرة اللجوء .
الغموض في صياغة نصوص ولودة بالمعاني والتفاسير :

قد تكون هنالك مواد في قانون اللجوء المصري لسنة ٢٠٢٤م بها غموض وولودة بالمعاني والتفاسير مثل نص المادة (١٠) منه والتي تنص على الآتي (يكون للجنة المختصة ، في زمن الحرب او في إطار اتخاذ التدابير المقررة قانونا لمكافحة الإرهاب ، او في حال ظروف خطيرة استثنائية ، طلب اتخاذ ما تراه من تدابير مؤقتة وإجراءات لازمة تجاه طالب اللجوء لإعتبارات حماية الأمن القومي والنظام العام ، وذلك على النحو الذي تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون) ، ولطالما هنالك تدابير استثنائية في زمن الحرب والظروف الآخرى المذكورة فإن تخويل اللجنة المختصة حق اتخاذ تدابير مؤقتة بحق طالب اللجوء قد يفتح المجال للانتقاص من الحقوق المكفولة له بموجب احكام القانون ، كما ورد بالمادة(٨) من ذات القانون والتي نصت على الآتي (لا يكتسب طالب اللجوء وصف اللاجئ في أي من الأحوال الآتية) :
١/ إذا توافرت بحقه أسباب جدية للاعتقاد بأنه ارتكب جريمة ضد السلام أو الإنسانية او جريمة حرب .
٣/ إذا ارتكب أي أعمال مخالفة لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة.
إن فقهاء التشريع يقولون بأن من عيوب الصياغة الخطأ والنقص والتعارض والغموض، وأن ضبط الصياغة تتطلب مراعاة الصلة بين تشريع المصالح والقوانين السارية، وسهولة فهم القانون والتطبيق على أرض الواقع وتجنب القضاء عناء التفسير والتأويل لقصد المُشرع من النص القانوني المُطبق على الوقائع المعروضة أمامه . في المادة (٨ /١) حرم المُشرع المصري طالب اللجوء اكتساب صفة اللاجئ إذا ( توافرت بحقه أسباب جدية للاعتقاد) ، إن عبارة توافرت أسباب جدية للاعتقاد بأنه ارتكب جريمة من الجرائم المذكور هكذا يعني ترك أمر حرمان طالب اللجوء من اكتساب صفة اللاجئ للأجهزة الإدارية والأمنية لمجرد الاعتقاد، كما ولا يستطيع القضاء أن يمارس الرقابة على الأجهزة الإدارية والأمنية التي خولت بموجب أحكام القانون ممارسة سلطة تقديرية ،وكان الصحيح النص في القانون على حرمان طالب اللجوء من اكتساب صفة اللاجئ حيثما ثبت بحقه أمام القضاء المختص إرتكابه لجريمة من الجريمة المنصوص عليها في القانون . كذلك في البند (٨/ ٣) حرمان طالب اللجوء إذا ارتكب أي أعمال مخالفة لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة من دون تحديد لماهية هذه الأهداف والمبادئ . إن مصادقة مصر على الاتفاقيات الدولية التي تتضمن أهداف ومبادئ الأمم المتحدة تلقائيا بذلك ينعقد الاختصاص للقضاء المصري في نظر الجرائم التي تمثل مخالفة لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة المذكورة ، وبالتالي كان على المُشرع المصري أن ينص على حرمان طالب اللجوء الذي ثبت بحقه أمام محكمة مختصة إرتكابه لجريمة من الجرائم الموصوفة بأنها تخالف أهداف ومبادئ الأمم المتحدة . إن النص المذكور هكذا على إطلاقه به غموض ،ومن خلاله يمكن للسلطات الإدارية والأمنية ممارسة التقرير بحرمان طالب اللجوء من اكتساب صفة اللاجئ بناءًا على التقديرات الإدارية والأمنية، وقد لا يتيسر للقضاء في هكذا حالات ممارسة الرقابة القضائية على القرار الإداري والأمني لضمان احترام مبدأ المشروعية ،وحماية حقوق طالب اللجوء من التعسف في إهداره .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات