سودان جديد يُبنى… ما الذي يخشاه جيش البرهان من نيالا
تقرير خاص ،السودانية نيوز
حذرت قوات الدعم السريع من حملة تضليل ممنهجة قادتها بعض القنوات الفضائية المغرضة ومنصات التواصل الاجتماعي المرتبطة بفلول النظام السابق، والتي زعمت أن الجيش السوداني وحلفاءه من الحركة الإسلامية الإخوانية نفذت قصفًا على مطار نيالا ومواقع أخرى في أو حول مدينة الفاشر، نافية محاولات الترويج لمقتل عدد من المقاتلين الأجانب من دولة كولومبيا خلال هذا القصف المزعوم.
ووجهت قوات الدعم السريع رسالة للمواطنين السودانيين في كل الولايات وجميع أنحاء العالم، أكدت فيها أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة مطلقًا، معتبرة أنها جزء من الحرب الإعلامية القذرة، التي درج عليها فلول النظام السابق للتغطية على هزائمهم العسكرية المتتالية، لا سيما في جبهات كردفان، ولصرف الأنظار عن حالة الانهيار التي يعيشونها عقب الخسائر الكبيرة في العتاد والأرواح، التي لحقت بهم في معارك كردفان .
وقالت إن مدينة نيالا– بمطارها ومرافقها الحيوية ومناطقها الاستراتيجية– تتمتع بحماية كاملة وتأمين شامل من جميع الاتجاهات الجغرافية الأربعة، بقوات يقظة وعبر منظومات دفاع جوي متطورة جرى تعزيزها وتحديثها مؤخرًا، ما مكنها من صد وإفشال كل محاولات ميليشيات الحركة الإسلامية السابقة لاختراق أجوائها.
ونبهت إلى أنه تم تدمير أي طائرة حربية أو مسيرة حاولت الاعتداء على مدينة نيالا، وسيكون مصير أي جسم معادٍ يقترب من أجوائها أو يهدد أمنها التدمير الفوري والحاسم على ذلك حيث أسقط أشاوس الدفاع الجوي مؤخرًا مسيرات إيرانية وأخرى من طراز بيرقدار وأكانجي تركية الصنع.
سواعد سودانية
أما الحديث عن الاستعانة بمقاتلين أجانب، فأوضحت قوات الدعم السريع أنه محض كذب وادعاء بائس يفتقر إلى المنطق، إذ إنها تستمد قوتها من أبناء السودان الأحرار، شبابًا وشيبًا، وهم يمتلكون من العزيمة والإرادة والدوافع المتجذرة في عقود من الظلم والتهميش والنابعة من التطلع لمستقبل تسوده الحرية والعدالة الاجتماعية ما يكفي لخوض معركة التحرير حتى إسقاط آخر معاقل الفلول والمرتزقة في الفاشر وكردفان وبقية أرجاء السودان.
ومضت في بيانها: «المفارقة المثيرة للسخرية هي أن مطلقي هذه الأكاذيب هم أنفسهم من يستعينون علنًا بميليشيات وقوات أجنبية جاءت من أكثر من دولة، ويثنون عليها ويشكرونها على قتالها إلى جانبهم، وهي اليوم تتمركز في بورتسودان ووادي سيدنا وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة جيش عبدالفتاح البرهان».
وتابعت: «إننا نطمئن أهلنا في نيالا بأن حياتهم التي استعادت استقرارها، وأسواقهم النابضة بالحركة، وحدائقهم التي تعج بالأطفال والشباب والنساء في أمسيات هادئة وآمنة، ستظل محمية بحزم، وأننا مستمرون في تطوير وتحديث منظوماتنا الدفاعية التي ستكون بالمرصاد لكل من تسوّل له نفسه الاعتداء على المدينة أو على أي منطقة محررة تحت سيطرتنا».
اتهامات باطلة
من جانبها، أعربت دولة الإمارات عن رفضها القاطع للمزاعم والاتهامات الباطلة التي وردت في البيان الصادر عن سلطة بورتسودان، والتي ادعت زورا تورط دولة الإمارات في النزاع الدائر في السودان، عبر دعم مزعوم لجهات أو عناصر مسلحة.
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، تأكيد دولة الإمارات أن «هذه الادعاءات، التي تفتقر إلى أي دليل، لا تعدو كونها مناورات إعلامية هزيلة تهدف إلى تشتيت الانتباه عن مسؤولية هذه السلطة المباشرة في إطالة أمد هذه الحرب الأهلية التي امتدت إلى أكثر من عامين وإفشال كافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام في السودان».
سودان جديد
في مقال له نشرته صحيفة «إدراك» ينفي الكاتب السوداني الجميل الفاضل بشكل قاطع وجود أي قوات أجنبية في المدينة، قائلا: «هنا، في نيالا، لا ترى وجوه المرتزقة، ولا يسمع أزيز الطائرات المسيرة، لا تطالع سماءً تعج بالموت، الناس يعبرون شوارعهم بأقدام واثقة مطمئنة. لكن في نشرات بورتسودان.. كل شيء يبدو مقلوبًا رأسًا على عقب، مشوهًا لأبعد حد».
ويضيف: «في نشرة التاسعة قبل يومين، كانت مسيرات لا وجود لها تجوب فضاء هذه المدينة. يقولون إن طائرة غامضة هبطت ليلاً، نزل منها كولومبيون، أو ربما خبراء أجانب، أو ظلال لا ترى. علي أية حال، لا أدري من أي مخيلة خرج الكولومبيون الأربعون؟. في أي استوديو هوليودي صيغت قصة هذه الطائرة القادمة من واق الواق يتتبعها رجال الاستخبارات بالعدسات المكبرة وبالبوصلة والمليمتر. بيد أن في نيالا، لا أحد يسأل عن كولومبيين أو عن سواهم».
ويوضح أنه ربما كان الخوف الأكبر لبورتسودان ليس من الطائرات المحملة بالمرتزقة الأجانب كما تزعم، بل من فكرة، أن سودانًا جديدًا يمكن أن يُبنى دون إذن المركز. ومن أن الشرعية قد تنتقل من البزة العسكرية إلى أقدام الفقراء في المزارع والمراعي والأسواق.
ويوضح أن الهوس الإعلامي القادم من بورتسودان لا يعكس القلق المشروع، بل يعكس رعبًا دفينًا. رعب من فكرة أن مركزًا جديدًا قد يولد، من رحم مدينة يبدو أنها لا تخشى التحديات الكبري، ولا تنتظر تمائمًا خارجية كي تنهض، ومن يتابع إعلام بورتسودان، يظن أن التاريخ يُكتب من استوديوهات التلفزة، لا من تراب المدن الحية.

يظن أن بورتسودان وريثة الخرطوم لا تزال هي المصدر الذي يحتكر الحقيقة المطلقة، وأن أي صوت لمركز بديل يمثل جريمة لا تغتفر بحق هذا المركز الأبدي الخالد دومًا، لكن الحقيقة تقول إن من يعيش على فزاعة الطائرات الكاذبة، لا يستطيع إيقاف وقع أقدام الجماهير.