الإثنين, سبتمبر 15, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةانتشار الإرهاب في إفريقيا: التحديات والخيارات

انتشار الإرهاب في إفريقيا: التحديات والخيارات

انتشار الإرهاب في إفريقيا: التحديات والخيارات

ملخص ورقة سياسات: اعداد، وحدة الشؤون الافريقية، مركز تقدم للسياسات
يشكل الإرهاب في غرب ووسط إفريقيا والقرن الإفريقي مصدرًا رئيسيًا لعدم الاستقرار، مع تصاعد غير مسبوق لهجمات القاعدة وداعش. خلال أغسطس 2025، نفذ تنظيم الدولة الإسلامية 62 -هجومًا في 7 دول إفريقية.
تتركز التهديدات في:
-غرب إفريقيا (نيجيريا والساحل: مالي، بوركينا فاسو، النيجر) من طرف بوكو حرام وتنظيم الدولة الاسلامية.
-وسط وشرق إفريقيا (الكونغو, موزمبيق) من طرف داعش ولاية وسط إفريقيا.
-القرن الإفريقي (سيطرة حركة الشباب بالصومال وامتدادها في كينيا
مقدمة: أصبحت إفريقيا إحدى الساحات الرئيسية للإرهاب العالمي، حيث وفرت أزمات الحكم الضعيف، الفقر، النزاعات العرقية، والهشاشة الأمنية بيئة خصبة لنمو الجماعات المتطرفة.
اختيار مناطق غرب إفريقيا، وسط إفريقيا، والقرن الإفريقي يعود إلى كونها تمثل “المثلث الأخطر” الذي تتقاطع فيه مصالح الجماعات الإرهابية العابرة للحدود مع صراعات محلية عميقة. معالجة هذا الملف تتطلب حلولاً متكاملة تتجاوز البعد العسكري التقليدي.
المشهد الإقليمي للإرهاب
1-غرب إفريقيا
تعتبر أكثر منطقة إفريقية متأثرة بهجمات الجماعات الجهادية خلال الفترة الأخير، شهدت توسع جغرافي في عملياتها الارهابية، حيث تم تسجيل هجمات في ميتوجي (موزمبيق) وثلاث مقاطعات جديدة في بوركينا فاسو، لا توجد مؤشرات على ضعف التنظيم في المستقبل، تغيرت طبيعة نشاطه الى هجمات أقل عددا وأكثر تأثيرا. تستهدف الجماعات الجهادية الجيش وقوات الأمن المحلية والمليشيات الموالية للحكومة، وتعتمد على حملات دعائية واسعة عبر وكالة أعماق وصحيفة النبأ لرفع المعنويات والتجنيد واستعراض القوة.
أبرز الجماعات:
**بوكو حرام (نيجيريا): تأسست 2002، اشتهرت بخطف الفتيات وبالهجمات الانتحارية، وانقسمت إلى جناحين:
بوكو حرام التقليدية بقيادة أبي بكر شيكاو (قُتل 2021).
**ولاية غرب إفريقيا – داعش، جري تحول تكتيكي في عملياتها، انخفضت الهجمات على القواعد وفق استراتيجية الأرض المحروقة، مقابل زيادة استخدام المسيرات والعمليات الليلية. أكثر تنظيماً وتوسعاً في نيجيريا، النيجر، وتشاد.
**جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM): فرع القاعدة في الساحل، تنشط في مالي، بوركينا فاسو، النيجر.
**تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى (ISGS): مبايع لداعش، يتحرك بين مالي والنيجر وبوركينا.
أهم مناطق النشاط: شمال شرق نيجيريا (بحيرة تشاد)، شمال مالي، وسط وشمال بوركينا فاسو، وغرب النيجر.
2-وسط إفريقيا:
يرتبط الإرهاب في هذه المنطقة بداعش، وتستهدف في هجماتها المدنيين المسيحيين.
أبرز الجماعات:
** قوات الحلفاء الديمقراطية وهي جماعة أوغندية الأصل تنشط شرق الكونغو الديمقراطية، بايعت داعش وتسمى اليوم ولاية وسط إفريقيا – داعش
** بعض الميليشيات المحلية في الكونغو تتحول تدريجياً لارتباطات جهادية لكنها تبقى محدودة مقارنة بـداعش
أهم مناطق النشاط: شمال كيفو وإيتوري (شرق الكونغو الديمقراطية).
3-القرن الإفريقي:
أقدم منطقة إفريقية في الصراع مع الإرهاب العابر للحدود.
أبرز الجماعات:
** حركة الشباب المجاهدين (الصومال): الفرع الأقوى للقاعدة في إفريقيا، تسيطر على مساحات ريفية واسعة بالصومال، وتشن هجمات في كينيا وإثيوبيا.
* تنظيم داعش – الصومال: جماعة أصغر حجماً، متركزة في شمال شرق الصومال (بونتلاند).
أهم مناطق النشاط:
• جنوب ووسط الصومال، كما قامت بهجمات في نيروبي (كينيا) وشرق إثيوبيا، وينحصر نشاطها في تفجيرات انتحارية، فرض ضرائب غير مشروعة، وإدارة محاكم شرعية بديلة عن الدولة
• نشاط المجموعات الجهادية في المنطقة:
تشير التقارير إلى تباين مستويات نشاط تنظيم الدولة الإسلامية في سبع دول إفريقية، مع بروز الكونغو الديمقراطية وموزمبيق كمراكز نشاط مرتفع، وبقاء مالي والصومال في مستويات أدنى
• جمهورية الكونغو الديمقراطية – مرتفع
استمرار وتيرة مرتفعة حول إيتوري وشمال كيفو؛ تهديد مباشر للمدنيين المسيحيين وخطوط الإمداد.
• موزمبيق – مرتفع
تمدد في كابو ديلغادو (ميتوجي، مويدومبي، موسيمبوا، أنكوابي، بالما، متوجي، تشيوري)؛ مخاطر نزوح وتعطيل طرق رئيسية.
• نيجيريا – متوسط/مرتفع
نوعية أعلى للهجمات (مسيّرات/عمليات ليلية) رغم تراجع نسبي في العدد مقارنة ببداية 2025.
• بوركينا فاسو – متوسط
نشاط موزع في سِينو، ليبتاكو، أودالان وياغا؛ استمرار استهداف ميليشيات VDP.
• النيجر – متوسط
ضغط متواصل في تيلابيري مع احتمالية تصعيد تكتيكات ISWAP.
• الصومال – منخفض/متوسط
تراجع بفعل الضغط الحكومي؛ الهجمات محدودة.
• مالي – منخفض/متوسط
نشاط ضعيف في أغسطس، لكن احتمالية عودة النشاط قائمة
التشابه والاختلاف بين الجماعات الجهادية:
• تشترك الجماعات الجهادية في عدد من السمات، أبرزها الارتباط المباشر أو غير المباشر بتنظيمي “داعش” و”القاعدة”، إضافة إلى استغلال هشاشة الدول والحدود المفتوحة في تنقلها وتوسيع نفوذها. واعتمادها على مصادر تمويل غير مشروعة مثل تجارة الذهب، التهريب، والفدية. ورغم هذه القواسم المشتركة، تختلف الجماعات الجهادية باختلاف الأقاليم:
* غرب إفريقيا: تتعدد الفصائل الجهادية هناك، حيث يسود التنافس بينها، مع امتداد لنشاطها عبر الحدود.
* وسط إفريقيا: يتركز التهديد في جماعة واحدة، لكنها معروفة بوحشيتها المفرطة.
* القرن الإفريقي: تبرز حركة الشباب كأكثر التنظيمات انضباطاً، حيث أنشأت هياكل حكم موازية تمكّنها من فرض سيطرة واسعة
أسباب تمدد الإرهاب في إفريقيا:
تواجه دول غرب ووسط إفريقيا والقرن الافريقي تحديات رئيسية ساهمت في تمدد الإرهاب بالقارة، أهمها ضعف مؤسسات الدولة وقواتها الأمنية، في ظل وجود التوترات العرقية والقبلية التي تُستغل للتجنيد، واستشراء الفساد وغياب العدالة الاجتماعية. أيضا مثل هشاشة الحدود وصعوبة المراقبة إلى جانب تباين استراتيجيات القوى الدولية وتضارب أولوياتها أحد الأسباب لتغلغل الإرهاب في المنطقة.
توصيات:
أولاً: المحور الأمني:
• تفعيل أنظمة الإنذار المبكر وتوسيع إجراءات الحماية المجتمعية في الكونغو الديمقراطية وموزمبيق لحماية المدنيين.
• تعزيز التنسيق الإقليمي، خصوصًا مع أوغندا وتنزانيا، لتأمين الحدود وممرات التهريب.
• وقف هجمات المسيّرات في نيجيريا والنيجر وتأمين الطرق الريفية وقطع خطوط إمداد الجماعات.
• تطوير قدرات الجيوش الوطنية وتعزيز التنسيق الاستخباراتي عبر الحدود.
• وضع خطط لحماية دور العبادة والتجمعات المدنية.
ثانياً: المحور السياسي:
• إصلاح قطاع الحكم وتوسيع المشاركة السياسية.
• معالجة قضايا التهميش والإقصاء.
• دعم المصالحات المحلية وتعزيز العدالة الاجتماعية.
• تفعيل دور الاتحاد الإفريقي والإيكواس والإيغاد، مع التعاون مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
ثالثاً: المحور التنموي:
• إطلاق برامج تشغيل للشباب للحد من البطالة والتجنيد في الجماعات المسلحة.
• الاستثمار في التعليم، الصحة، والبنية التحتية.
• تطوير بدائل اقتصادية مشروعة للحد من تمويل الإرهاب (مثل الذهب، التهريب، الفدية).
رابعاً: المحور المجتمعي والإعلامي:
• إطلاق حملات إعلامية مضادة لتفنيد دعايات الجماعات الجهادية.
• تعزيز وعي المجتمعات المحلية بمخاطر الانخراط في التنظيمات المتطرفة.
• دعم برامج إعادة دمج المقاتلين السابقين عبر المصالحة والتأهيل النفسي والاجتماعي.
الخلاصة:
– يمثل الإرهاب في مناطق غرب إفريقيا، وسط إفريقيا، والقرن الإفريقي تحديا مركبا يتجاوز البعد الأمني البحت، إذ يعكس أزمات الحكم والاقتصاد والهوية في هذه الدول.
– مواجهة الظاهرة تتطلب رؤية شاملة تجمع بين الأمن والتنمية والسياسة، وتستند إلى شراكات إقليمية ودولية أكثر تنسيقاً.
– نجاح هذه الجهود لن يسهم فقط في تقليص خطر الإرهاب، بل سيضع أساساً لبناء دول أكثر استقراراً في إفريقيا، ويحد من تهديداته الاقليمية والدولية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات