الأحد, نوفمبر 16, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةملف سري في لاهاي يفجر القنبلة: الجيش السوداني أمام محكمة الجنايات الدولية...

ملف سري في لاهاي يفجر القنبلة: الجيش السوداني أمام محكمة الجنايات الدولية بتهم جرائم حرب ودعم إرهابي خارجي.

خاص .وكالات.سودانية نيوز

في خطوة قد تعيد رسم خريطة المساءلة عن الدمار الذي يلتهم السودان منذ أكثر من عامين، كشفت مصادر دبلوماسية في هولندا عن وصول ملف سري إلى مكتب الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية (ICC) في لاهاي. الوثيقة، التي وُصفت بأنها “حاسمة ومفصلة”، تركز على دور الجيش السوداني في انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، مما يهدد بفتح تحقيق رسمي يستهدف قيادات عسكرية رفيعة المستوى، بما في ذلك الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري في بورتسودان.
وفي تطور لافت، نشرت وكالة “ريا نوفوستي” الروسية الرسمية تفاصيل عن هذا الخبر السري، مستندة إلى مصادرها الخاصة، مما يعكس اهتماماً دولياً متزايداً بالملف ويضيف طبقة إضافية من الضغط على الأطراف المعنية.

وفقاً لتقارير من المركز الأوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسات في بلجيكا (ECSAI)، الذي نقل عن مصادر مطلعة على الملف، فإن التقرير – الذي أعده تحالف من خبراء قانونيين ومنظمات حقوقية دولية – يربط بين عمليات الجيش وجرائم حرب محتملة، تشمل قصفاً جوياً عشوائياً، استهدافاً ممنهجاً للمدنيين، وعرقلة متعمدة للمساعدات الإنسانية في مناطق النزاع مثل دارفور وكردفان. “هذا الملف ليس مجرد وثائق؛ إنه دليل يفتح الباب للمادة 15 من نظام روما، مما يسمح للمدعي العام ببدء تحقيق فوري”، أكدت إحدى المصادر الدبلوماسية “، مشيرة إلى أن الأدلة مستمدة من تقارير أممية، شهادات ميدانية، ومصادر استخباراتية مفتوحة.

منذ اندلاع الاشتباكات في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع أودت الحرب بحياة عشرات الآلاف، ودفعت نحو 13 مليون شخص إلى النزوح داخلياً وخارجياً، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة. اليوم، مع تصاعد الضغوط الدولية، يأتي هذا الملف كضربة موجعة للسلطات في بورتسودان، التي تواجه عقوبات أمريكية وأوروبية متزايدة على شخصياتها العسكرية، بما في ذلك تجميد أصول البرهان في يناير 2024 بسبب عرقلة المساعدات الإنسانية, وعقوبات اخرى في يونيو الماضي بسبب استخدام أسلحة كيميائية
وفي سياق متصل، أفاد تقرير للأمم المتحدة في يوليو 2025 بأن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مستمرة في دارفور، مع تركيز على انتهاكات الجيش في استخدام الأسلحة الكيميائية والقصف غير التمييزي.

شبكة دعم خارجي: من طائرات مسيرة تركية إلى تدريبات إيرانية وإرهاب إقليمي
يبرز الملف السري جانباً مثيراً للجدل: الدعم الخارجي الذي حصل عليه الجيش، والذي يُعتبر “محركاً للانتهاكات”.
وفقاً للوثيقة، تلقت قوات بورتسودان مساعدات عسكرية ولجستية من دول إقليمية تشمل جيبوتي، إريتريا، إيران، وتركيا، بالإضافة إلى جهات غير حكومية مثل حركة الشباب الصومالية، حماس، الحوثيين، والحرس الثوري الإيراني. هذا الدعم شمل معدات عسكرية، ممرات لوجستية، وتدريبات ميدانية، مما ساهم في “حملة عسكرية تشبه الإرهاب المنهجي ضد المدنيين، خاصة مما في دارفور”، كما ورد في التقرير.

من أبرز الأمثلة: الطائرات المسيرة التركية من طراز “بيرقدار أكانجي” و”تي بي 2″، التي وصلت إلى بورتسودان في شحنات سرية منذ أواخر 2023، بقيمة تزيد عن 120 مليون دولار، وفقاً لكشف “واشنطن بوست” في مارس 2025. خبراء أتراك أشرفوا على عمليات تجريبية لهذه المسيرات في ساحات القتال، مما مكن الجيش من قصف أهداف في شمال دارفور، أسفر عن عشرات القتلى المدنيين في أكتوبر الماضي. أما إيران، فقد قدمت طائرات مسيرة “مهاجر-6” ودعماً لوجستياً، بينما استخدمت إريتريا معسكرات تدريبية على حدودها الشرقية لقوات الجيش، مما أثار مخاوف من إعادة إشعال النزاعات العرقية في الشرق السوداني.

أما الجهات غير الحكومية، فتشمل حركة الشباب الصومالية التي قدمت تدريبات ووقوداً، وحماس والحوثيين اللذين ساهما في دعم ميداني عبر شبكات تهريب أسلحة عبر البحر الأحمر.
“هذه المساهمات الخارجية ليست محايدة؛ إنها تطيل أمد الحرب وتعمق معاناة المدنيين”، قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة للأمم المتحدة في تقريرها لسبتمبر 2025، محذرة من أن “القصف غير التمييزي على الأسواق والمستشفيات يشكل جرائم حرب من الجانبين، لكن الغارات الجوية للجيش تشكل النمط الأبرز في المناطق المدنية”.

في أكتوبر الماضي، وثق “المرصد السوداني الوطني لحقوق الإنسان” قصفاً جوياً بمسيرات تركية على سوق في شمال دارفور، أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، ووصفه بـ”انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني”. كما أفادت تحالفات المعارضة مثل “تأسيس” بإسقاط مسيرات تركية، مطالبة المجتمع الدولي بوقف توريد هذه الأسلحة.

تداعيات داخلية ودولية: من العقوبات إلى الضغط على الحلفاء

يرى مراقبون سودانيون أن هذا الملف قد يمثل “منعطفاً قضائياً”، خاصة مع استمرار التحقيقات الدولية في دارفور منذ 2005،
“الفشل في محاسبة الجرائم السابقة أدى إلى تكرار العنف الحالي”، حذر المدعي العام للمحكمة في تقريره ليناير 2025، مشدداً على ضرورة تعاون السلطات السودانية.

داخلياً، قد يزيد الملف من التوترات في بورتسودان، حيث يُتهم الجيش بعرقلة السلام واستخدام الجوع كسلاح، وسط أزمة إنسانية تجاوزت 25 مليون شخص في خطر الجوع الشديد.
دولياً، يُتوقع فرض عقوبات إضافية على الحلفاء الإقليميين، مع دعوات لفرض حظر أسلحة وفتح ممرات إنسانية آمنة.

مع تصاعد الدعوات لوقف إطلاق نار شامل، يبقى السؤال: هل يؤدي هذا الملف إلى نهاية الإفلات من العقاب، أم يغرق السودان أعمق في الدمار؟ الإجابة تكمن في ردود الفعل الدولية والمحلية خلال الأسابيع المقبلة.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات