مع حلول هذا العام الجديد، أشعر بفراغٍ عميق في قلبي، فراغ لا يستطيع الزمن ولا المناسبات أن يملأه، فراغ تركته أمي خيرمنو ، تلك المرأة العظيمة التي كانت نبع الحنان والأمان، وصرح الحكمة والصبر في حياتي، في هذه اللحظات، ونحن نودع العام الحالي ، ويزف العام الجديد تهانيه وأفراحه، أجد نفسي أفتقد دعواتها وإبتسامتها، تلك التي كانت كفيلة بأن تحوّل أبسط الأيام إلى ذكرى دافئة، وأبسط النجاحات إلى فرحة لا توصف، يطرق الحنين قلبي، ويشعرني بفراغ كبير تركته أمي الغالية، فراغ لا يعوضه أحد، فقد كانت مصدر الحب والدفء والأمان، وكانت دعواتها وابتسامتها قادرة على تحويل أبسط الأيام إلى ذكريات لا تُنسى.
أمي وإنت هنالك بجوارك (حبوبة) وأبوي (سعد) وخيلاني، وعمي ، وعماتي وخالاتي ، أخواني وتومي (حسن) وبقية أهلي الذين سبقوك إلي الدار الأخرة ، يقف قلبي عند مفترق الحنين والفقد، حيث يطرق العام الجديد أبوابه، وأصوات الاحتفالات تملأ المكان، وأنا أشعر بفراغ لم يملأه أحد من قبل، فراغ تركته أمي الغالية، تلك المرأة التي كانت نبع الحنان وأيقونة الصبر والحكمة في حياتي اليوم، وأنا أستقبل بداية جديدة، أجد نفسي أفتقد دعواتها، وابتسامتها الدافئة، وكلماتها التي كانت تجعل كل يوم عادي يبدو مميزًا، أمي لم تكن مجرد أم، بل كانت مدرسة حياة، صبرت على صعاب الحياة بصمت، وعلمتني أن أواجه التحديات بإبتسامة، وأن أحب بلا شروط، وأن أعطي بلا إنتظار مقابل، وحكمة تتجاوز حدود المعرفة، وحنانًا يملأ البيت دفئًا وأمانًا،كنت أراها تحمل أعباء الحياة بصمت، وتضحي بلا تردد، فقط لتضمن لنا حياة كريمة، مليئة بالطمأنينة والراحة، مهما كانت الظروف قاسية كانت حكمتها ملهمة، وحنانها غمر قلبي دائمًا بالطمأنينة، وكانت نصائحها تجعل لكل قرار معنى وقوة، وأنا أستقبل عامًا جديدًا، أفتقد صوتها الذي يهون عليّ صعاب الحياة، وأفتقد دعاءها الذي يبارك خطواتي، وابتسامتها التي تزرع الفرح في قلبي. ومع ذلك، أشعر بوجودها معي في كل لحظة، في كل قرار أصنعه، وفي كل فعل من القلب، فهي لم ترحل عن حياتي، بل صارت جزءًا مني ومن روحي.
أمي، كانت جسدًا من عطايا لا تنضب، قلبًا من محبة لا يعرف الحدود، وروحًا تفيض بالعطاء بلا حدود كانت مرشدة حياتي، وبوصلة أيامي، وكانت تعلمني أكثر مما تعلمت من الكتب أو من التجارب، علمتني كيف أصبر على الألم، وكيف أحتمل خيبات الأمل، وكيف أستقبل الفرح بتواضع وامتنان. رحم الله قلبها الذي حمل أعباء الحياة بصبر لم يعرف الحدود، واحتمل التعب والمشقة من أجل أن نعيش نحن حياة كريمة، مليئة بالأمان والطمأنينة، مهما كانت الظروف صعبة، رحيل الأم ليس مجرد فقدان شخص، بل هو فقدان العالم كله كما عرفناه. هو فقدان الأمان الذي لم يعوضه أحد، هو فقدان الصوت الذي كان يهون علينا صعاب الحياة، واليد التي تمسح دموعنا قبل أن نحتج. أفتقد نصائحها التي كانت تصل في الوقت المناسب، وابتسامتها التي كانت تجعل كل يوم مظلم مضيئًا، ودفء كلماتها الذي يزرع الطمأنينة في أعماق القلب، كل ذكرى معها اليوم تصبح أكثر حضورًا. أسترجع لحظات صغيرة لكنها كانت مليئة بالحب: طريقة جلوسها عند الموائد، صوتها حين تدعونا للصلاة، ضحكتها التي كانت تملأ أركان البيت، وحتى صمتها حين كان يختلط بالحكمة ويعلّمنا الصبر. كانت أمي، ببساطة، تملك القدرة على تحويل كل لحظة إلى درس حياة، وكل تجربة إلى فرصة للنمو، وكل ألم إلى خطوة نحو القوة والصبر.
أمي خيرمنو : علمتني الإنسانية بمعناها الحقيقي. لم تكن عظمتها في مكانتها أو في إنجازاتها، بل في صبرها على الحياة، في قدرتها على العطاء بلا حدود، وفي حبها الذي لم يطلب أي مقابل. كنت أراها دائمًا تهتم بالآخرين قبل نفسها، تسهر على راحتنا، تبذل كل جهدها لتمنحنا حياة أفضل، وتعلّمنا أن العطاء الحقيقي لا يُقاس بما نملك، بل بما نمنحه من حب واهتمام، أعاهدك يا أمي :ان أحمل رسالتك في حياتي ،أن أعيش بقيمها، أن أتعامل مع الناس بحبها، أن أصبر كما صبرت، وأن أحب كما أحبّت، وأعلم أن دعواتها التي كانت تخرج من قلب صادق ستظل تحميني من بعيد، وستظل نورًا يضيء دربي، حتى وإن لم تكن بجانبي جسديًا، لن أنسى أبدًا ابتساماتها التي كانت تملأ البيت دفئًا، ولن أنسى ضحكاتها التي كانت تهز قلبي بالطمأنينة، ولن أنسى نصائحها التي كانت تزرع الحكمة في كل قرار. أمي لم تكن مجرد أم، بل كانت مدرسة حياة، وملجأ أمان، وكنزًا من الحنان الذي لا ينضب. رحيلها علمني معنى الفقد الحقيقي، وعلمني أن أحب الناس أكثر، وأن أقدر اللحظات معهم، لأن الحياة قصيرة والزمن يمضي سريعًا، لكن أثر الحب الصادق يبقى خالدًا في القلوب، سأحاول أن أعيش بروحك، وأن أزرع الخير والمحبة حيثما كنتُ، كي أكرم ذكراك وأحمل إرثك في حياتي.
أمي مع العام الجديد أفتقد التهاني والتبريكات التي كنت تقوليها لي ونحن نشرب شاي الصباح الذي كنت تقدميه لي به (كباية الشب الكبيرة) كانت التهاني تأتي من القلب مباشرة، دون أي تكلف، أفتقد كلماتك التي كانت تقويني حين أشعر بالضعف، وتشد من عزيمتي حين أتيه في صعوبات الحياة، لكن رغم الحزن، أجد نفسي أستمد قوتي من كل ما علمتني إياه، فكل دعاء كانت تصنعه لي، وكل ابتسامة كانت تزرعها في قلبي، وكل نصيحة كانت تمنحني إياها، أصبحت معي الآن أكثر من أي وقت مضى. أمي لم ترحل عن حياتي، بل صارت جزءًا من روحي، من ذكرياتي، ومن كل فعل أقدمه. أستطيع أن أسمع صوتها في قلبي، أستطيع أن أشعر بحنانها، أستطيع أن أرى حكمتها في كل قرار أتخذه، أمي كانت تجسد الإنسانية بمعناها الأرقى. لم تكن عظمتها في مكانتها أو في ما تملكه، بل في قدرتها على العطاء، في صبرها على الحياة، وفي حبها الذي لم يعرف حدودًا. كانت تهتم بالآخرين قبل نفسها، تسهر على راحتنا، تبذل كل جهدها لضمان سعادتنا، وتعلمنا أن العطاء الحقيقي هو الذي ينبع من القلب، وليس الذي ينتظر المقابل.
أمي، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته، وملأ قلبي بصبر جميل على فراقك. كل عام وأنا أفتقدك، وكل عام وأنا أحاول أن أعيش جزءًا من حياتك في حياتي، وأن أستمر في السير على خطاك، حاملًا حنانك وحكمتك وإنسانيتك في كل خطوة. رحيلك لم يُطفئ نورك، بل جعلني أرى قوتك في داخلي، وصبرك في قلبي، وحبك في كل قرار أصنعه، كل عام وأنا أفتقدك، وكل عام وأنا أحاول أن أعيش بمبادئك، وكل عام وأنا أحمل ذكراك كنور يضيء أيامي، ويجعلني أستقبل الحياة بقوة، بحب، وبحنان، كما علمتني. وكل عام جديد أتعلم من رحيلك أن الحب لا يموت، وأن الذكرى تبقى حيّة في القلوب، وأن كل دعاء كنت تصنعينه لنا سيظل يحمي دروبنا، حتى وإن لم نعد نستطيع سماع صوتك الحنون، رحمك الله، يا نبض قلبي، ويا دفء أيامي، ويا مصدر الأمان في حياتي. كل عام وأنت معي في روحي وذكرياتي، رحيلك لم يُطفئ نورك، بل جعلني أرى قوتك في داخلي، وصبرك في قلبي، بحبك، وبحنانك الذي لا يُنسى؟
حسين سعد يكتب :مع كل عام جديد ..أمي أنت البداية والذكرى!!
مقالات ذات صلة

