توصيات لجنة تقصي الحقائق التابعة للامم المتحدة …. خيارات التنفيذ..ّّ!
تقرير: خالد أحمد
توصيات لجنة تقصي
وسط الصراع الدموي والانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون في السودان، صدر تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، الذي يوثق جرائم وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ارتكبتها أطراف النزاع. يعكس التقرير حجم المأساة الإنسانية في البلاد، حيث يرتقي العديد من هذه الانتهاكات إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهو ما يتطلب تدخلاً دوليًا عاجلاً لحماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين. التقرير يضع مسؤولية هذه الانتهاكات الجسيمة على عاتق الجيش وقوات الدعم السريع، حيث وثق هجمات عشوائية على المدنيين، استهدفت المدارس والمستشفيات والبنية التحتية الحيوية، مثل شبكات المياه والكهرباء.
إلى جانب الجرائم الموثقة، يدعو التقرير إلى نشر قوات دولية لحماية المدنيين، وتوسيع نطاق حظر الأسلحة القائم في دارفور ليشمل جميع أنحاء السودان، بالإضافة إلى المطالبة بمحاسبة المسؤولين عبر المحكمة الجنائية الدولية بعد توسيع ولايتها لتشمل كافة الأراضي السودانية. لكن وسط هذه الانتهاكات المروعة، تبقى أصوات الضحايا هي الأهم، حيث يسعى الناجون إلى إيصال رسائلهم إلى المجتمع الدولي، مطالبين بوقف الحرب ومحاسبة الجناة.
صوت الضحايا
تقول سلوى مختار، الناجية من اعتقال استمر لأشهر في سجون الاستخبارات العسكرية بمدينة عطبرة، لـ”السودانية”: “أتمنى أن تصل أصوات الضحايا إلى العالم من أجل العمل على إيقاف الانتهاكات”. وأكدت أن الآلاف من المتضررين من الحرب، وخاصة النساء، يريدون محاسبة طرفي الصراع ويدعون إلى الإسراع في إرسال قوات لحماية المدنيين المحاصرين. وأضافت: “خرجت من السودان، لكن تركت خلفي الملايين الذين يريدون إيقاف الحرب اليوم قبل الغد”.
فيما صرح الباحث السر السيد بأن المجتمع المدني يدعم تحقيقات اللجنة، بجانب تحقيقات المحكمة الجنائية في دارفور، لأن الإفلات من العقاب شجع أطراف الحرب على ارتكاب المزيد من الانتهاكات. وأكد أن تقرير لجنة تقصي الحقائق كشف حجم الانتهاكات من قبل طرفي النزاع، وعلى المجتمع الدولي التحرك لحماية الشعب السوداني. وأضاف أن هناك انقسامًا حادًا في المجتمع السوداني نتيجة الحرب، مما يستدعي ضرورة إيقاف الحرب والشروع في آليات العدالة الانتقالية مثل لجان الحقيقة والمصالحة لرتق النسيج الاجتماعي وتحقيق العدالة للضحايا.
واضاف لـ(السودانية) ان هنالك خيارات لتنفيذ توصيات عبر البند السابع عبر مجلس الامن ولكن في ظل الانقسام العالمي الحالي من الصعوبة حدوث ذلك و لكن ان القيمة الاساسية للتقرير ادبية و سياسية لانه يضع المجتمع الدولي امام حقائق الحرب في السودان وحجم الانتهاكات التي وقعت و ان عليهم التحرك لحماية المواطنين واضاف “التقرير لاول مرة يظهر اصوات الضحايا التي كانت دائما غائبة عن المشهد “
ومن جانبها أكدت المحامية نون كشكوش، عضو لجان محامي الطوارئ، على أهمية توصيات التقرير، مشيرة إلى أن بعض التوصيات سيتم رفعها لمجلس الأمن الدولي. كما شددت على ضرورة دعم المجتمع المدني لتنفيذ توصيات التقرير، والعمل مع مجلس حقوق الإنسان لتوضيح طبيعة الانتهاكات.
وأشارت كشكوش لـ(السودانية نيوز) أن الحديث عن الإصلاحات القانونية في الوقت الحالي صعب بسبب الانهيار الكامل للدولة وعودة النظام القديم، بالإضافة إلى تراجع الإصلاحات القانونية التي نُفذت بعد الثورة.
تقرير خطير
قال أحمد الزبير، المدير التنفيذي للمرصد السوداني لحقوق الإنسان، إن لجنة تقصي الحقائق لم تتمكن من رصد جميع الانتهاكات بسبب الفترة الزمنية القصيرة التي تشكلت فيها، لكنها غطت جزءًا كبيرًا منها. وأكد أن اللجنة قد تصدر تقارير أكثر شمولية في الفترة القادمة.
وأضاف أن التوصية بإرسال قوات حفظ سلام من مجلس الأمن الدولي أمر معقد، لأن المجلس يعبر عن مصالح الدول الأعضاء. وأشار إلى أن منظمات المجتمع المدني ساهمت بشكل كبير في دعم اللجنة، حيث قدمت لها 700 تقرير عن انتهاكات حقوق الإنسان، ويجب استمرار هذا التعاون.
إحياء العدالة الانتقالية
وحول إمكانية إحياء ملف العدالة الانتقالية في ظل الانقسام الحالي، قال الزبير إن الأولوية الآن هي إيقاف الحرب. وأكد أن العدالة الانتقالية ستكون ضرورية في مرحلة ما بعد السلام، مشيرًا إلى أن الدول التي تمكنت من حل هذه المشكلة تعيش الآن في سلام واستقرار، لذا يجب إحياء عملية العدالة الانتقالية بعد وقف الحرب في السودان.
أدى النزاع إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين، ونزوح حوالي 8 ملايين سوداني داخليًا، فيما لجأ أكثر من مليوني شخص إلى البلدان المجاورة. وزادت الأزمة سوءًا نتيجة القيود التي فرضها طرفا النزاع على المساعدات الإنسانية.
ووجد التقرير أن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت أفعال جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مثل الاغتصاب، الاستعباد الجنسي، والتهجير القسري. كما شملت الاعتداءات ضد المجتمعات غير العربية، وخاصة المساليت في الجنينة، القتل والتعذيب والاغتصاب وتدمير الممتلكات.