الأربعاء, ديسمبر 18, 2024
الرئيسيةكاريكاتيرخروج فرنسا من دول حزام الغرب الإفريقي عبر بوابة السودان.

خروج فرنسا من دول حزام الغرب الإفريقي عبر بوابة السودان.

خروج فرنسا من دول حزام الغرب الإفريقي عبر بوابة السودان.
إمرأة إفريقية لماكرون في مؤتمر الشباب لدول الغرب الإفريقي(لو لم تنظف الطعام الفاسد إفريقيا لن تأكل منه) . (٤) .

الصادق علي حسن

التمييز ما بين العثمانية والتركية،
وفي التاريخ مصر لم تستعمر السودان .

في كتب التاريخ والمناهج الدراسية بالسودان ،كما في القصص وحكاوي السرد التاريخي الوقائعي للأجيال المتعاقبة عن تاريخ السودان ونشأته ، هنالك عدم التمييز ما بين العثمانية والتركية، فالإمبراطورية العثمانية (الخلافة العثمانية) ليست هي التركية ، فالإمبراطورية العثمانية هي التي استولت على الأراضي جنوب مصر بداية من عام ١٨٢٠م وقامت بضمها لمصر التي كانت ولاية تابعة للإمبراطورية العثمانية ، وكان واليها محمد علي باشا طامحا في التوسع جنوبا للحصول على الذهب وموارد السودان الطبيعية والرجال لجيشه، والتوسع في الشام ولبنان وبلاد الرافدين لتأسيس إمبراطورية خاصة به ولأبنائه من بعده ، أما الأتراك فهم مجموعة الشعوب التي تنتمي إلى عائلة الشعوب التركية وتشترك في أصول لغوية وثقافية وتاريخية وتنتشر في مناطق وأسعة تمتد من شرق آسيا إلى أوربا الشرقية والشرق الأوسط وتعود أصولها إلى آسيا الوسطى والى المنطقة التي تعرف اليوم بمنغوليا وشمال الصين وتركستان وكانوا يعرفون بإسم (توغروك أو تو-كيه) وظهر إسم الأتراك بشكل بارز في التاريخ مع تأسيس خان عوك تورك في القرن السادس الميلادي (٥٥٢- ٧٤٤) أول دولة تركية معروفة ومن شعوب الاتراك السلاجقة والعثمانيين كما يشمل شعوب الأتراك الأوزبك -الكازاخ – القرغيز- الأيغور وغيرهم (المرجع عدة مصادر بالقوقل) . لقد تأسست دولة تركيا الحديثة في عام ١٩٢٣ وأسسها مصطفي كمال أتاتورك قائد الحركة الوطنية والقائد العام للجيش العثماني الذي خاض حرب الاستقلال بعد خسارة دول المحور المتمثلة في المانيا والإمبراطورية العثمانية الحرب العالمية الأولى في مواجهة دول الحلفاء المتمثلة في بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية وتوقيع معاهدة (موندروس) التي وضعت معالم احتلال الحلفاء للأراضي العثمانية ، وبعد حروب الاستقلال ومعاهدة لوزان ١٩٢٣م تم انتخاب مصطفي كمال اتاتورك رئيسا لمجلس النواب ورئيسا للحكومة وأرتبط إسمه بالدولة التركية الحديثة . بريطانيا ودول الحلفاء وعدت شعوب الإمبراطورية العثمانية بالحق في تقرير مصائرها إذا وقفت مع الحلفاء في الحرب العالمية الأولى وبعد انتصار الحلفاء بدأت الشعوب في الأراضي الخاضعة للنفوذ البريطاني والفرنسي المطالبة بالإستقلال .
إن التمييز ما بين العثمانية والتركية ليس فقط في الإسمين بل في الحقبتين التاريخيتين .ذلك أن الدولة القطرية في العالم الحديث نشأت بموجب اتفاقية وستفاليا ١٦٤٨ ويطلق صلح أو اتفاقية وستفاليا على معاهدتي السلام اللتين دارت المفاوضات بشأنهما في مدينتي (أستابروك ومونستر) وأنهت المعاهدتان حرب الثلاثين عاما (١٦١٨- ١٦٨٤) التي أندلعت بسبب الصراع الديني بين الكاثوليك والبروتستانت ومن مدخل الصراع الديني برز الصراع على النفوذ السياسي في أوربا بين دولها. إن ترتيبات صلح أو معاهدة وستفاليا أرست مبادئ ونظام الدولة القطرية وترسيخ مفهوم الدولة القومية وسيادتها على أراضيها ، مع حق كل طرف موقع على المعاهدتين تبني قوانينه ونظامه الضريبي وسلطاته على شعبه وتوجهه الديني في العالم المعاصر ، وقد كان العالم المعاصر قبل معاهدة وستفاليا بلا تقسيم إدارى، وكان الأمير أو الملك الذي يتولى السلطة هو الدولة وتنتهي حقبة الدولة بنهاية فترة الأمير أو الملك والأسرة المالكة . معاهدة توردسيلاس في عام ١٤٩٤ (مملكة قشتالة في ذلك الوقت) أبرمت بين ملكي أسبانيا والبرتقال برعاية البابا وقسمت أراضي العالم المكتشفة خارج أوروبا بين المملكتين (شرقا وغربا) وكان ذلك عقب عودة كولمبس من الأراضي الجديدة المكتشفة والتنازع بين الملكين على الأحقية في ملكية الأراضي الجديدة المكتشفة، أبدت بريطانيا وفرنسا وهولندا عدم رضائها بتوزيع الأراضي الجديدة المكتشفة خارج أوربا على مملكتي (اسبانيا والبرتقال) بموجب معاهدة توردسيلاس ، ولم تكن توردسيلاس بالنسبة لها مرجعية معتدة بها، وبتوقيع معاهدة وستفاليا صارت هنالك مرجعية لدول المعاهدة الأوربية، كما وقد صارت الأراضي خارج دول المعاهدة تطلق عليها الأراضي بلا أحد (خالية من الحقوق) ويجوز الاستيلاء عليها بواسطة أي دولة من دول المعاهدة. الإمبراطورية العثمانية أنضمت إلى دول المعاهدة وقد صار من حقها الإستيلاء والتوسع على الأراضي الموصوفة بلا أحد، أي التي لم تنشأ فيها أي حق من الحقوق لدولة من دول المعاهدة الأوربية . لقد استولت الإمبراطورية العثمانية على الأراضي جنوب مصر والتي تأسست عليها الدولة السودانية (دولة ١٩٥٦م) باعتبارها بلا أحد (خالية من الحقوق ) إثر حملات والي الولاية العثمانية على مصر محمد علي باشا التوسعية جنوبا وتم ضم أراضي السودان إلى أراضي الولاية المصرية التابعة للإمبراطورية العثمانية، وحينما اندلعت الثورة المهدية في ١٨٨١م ونجت الثورة المهدية في القضاء على الحكم العثماني في عام ١٨٨٥م ، لم يتم الاعتراف بالثورة المهدية ودولتها يواسطة دول المعاهدة الأوربية واحتفظ العثمانيون بحق إسترداد الأراضي السودانية التابعة للولاية العثمانية في مصر . بعد دخول الجيش البريطاني لمصر في ١٨٨٢م وضعت بريطانيا ولاية مصر التابعة للسلطان العثماني تحت الانتداب البريطاني بحجة تحصيل ديون عليها وصارت بريطانيا تدير مصر في ظل استمرارية السلطة المنقوصة للخديوي توفيق على مصر وتبعيته الرمزية للباب العالي في الأستانة . وفي ظل الانتداب البريطاني على مصر تم الاستيلاء على الأراضي جنوب مصر والتي كانت قائمة عليها الممالك والنظم المحلية ،ووقعت بريطانيا اتفاقية الحكم الثنائي لإدارة الأراضي جنوب مصر مع مصر الخاضعة للإنتداب البريطاني.
في يوليو ١٨٩٨م تحرك الكابتن الفرنسي ج.ب مارشان من الكنغو ووصل إلى منطقة فشودة وهو يقود جنود سنغاليبن ورفع العلم الفرنسي على فشودة، بعد ذلك وصلها الضابط الإنجليزي كتشنر باشا الذي كان يقود جيش الخديوية المصرية إلى فشودة، وكادت أن تقع الحرب بين الدولتين الإستعمارتين وتم تسوية النزاع دبلوماسيا لصالح بريطانيا وأكدت التسوية أن الأراضي مشغولة بالحق الذي كان يمثله خديوية مصر العثمانية التي كانت تحت الإنتداب البريطاني وخسرت فرنسا معركتها الدبلوماسية الأولى في إفريقيا لصالح بريطانيا (متلازمة فشودة)، وتحت غطاء اتفاق الحكم الثنائي مع خديوي مصر خضعت الممالك والسلطانات القائمة على الأراضي جنوب مصر للإستعمار البريطاني.
كما وفي التاريخ لم تستعمر مصر السودان ولكن بعانخي ملك كوش في شمال السودان سبق له احتلال مصر بالكامل وأسس عليها الأسرة الملكية المصرية (٢٥) والتي استمرت لعقود .إن الفرق ما بين مصر والسودان إن مصر استفادت من التجارب الإنسانية التي ساهمت في تشكيل الشخصية المصرية بخلاف السودان، ففي مصر كل المكونات الإجتماعية بمصر من فراعنة وشراكسة وأرمن والبان ومماليك وعرب ونوبة وأفارقة تم استجلابهم من السودان وغيرهم شكلوا الشخصية المصرية . ولكن في السودان لا تزال الدولة السودانية متأثرة بالتكوينات القبلية والعشائرية وقد هيمنت النخب على السلطة وبدأت الهيمنة على السلطة بنخب الشمال ،ثم انضمت إليها نخب من دارفور ومناطق أخرى في شغل المناصب العامة، وانتهى الحال بالبلاد لإستخدام غطاء رمزية القبيلة والجهة ووصل التنافس على السلطة إلى ظاهرة تقنين معايير استخدام رمزية القبيلة في تولي السلطة والمناصب العامة . لقد تم في ظل نظام حزب المؤتمر الوطني إستخدام حميدتي وعشيرته كبندقية مستجلبة من البادية إلى مركز القرار في العاصمة الخرطوم واستغلاله في الصراع الدائر بين الحركات المسلحة والنظام الحاكم، وتوظيف الصراعات المحلية الناتجة عن الاحتكاكات المحلية ما بين المجموعات المتحدرة منها عشيرة حميدتي التي تنتمي إلى قبيلة الرزيقات والحركات المسلحة التي غالبية منسوبيها تتحدر من قبائل الفور والمساليت والزغاوة وقبائل أخرى ،والآن تبدلت المراكز وأصبحت غالبية الحركات التي انضمت إلى السلطة بموجب اتفاق سلام جوبا والتي كانت تقاتل نظام المركز ، مع سلطة المركز التي آلت للبرهان وأعوانه في قيادة الجيش ، ولا توجد في الحرب الدائرة حاليا قضايا تقوم على مبادئ سامية من أجل الدولة ومواطنها، بل صراعات دامية من أجل السلطة وقد توسعت دائر الحرب المدمرة والتنافس المحموم على السلطة بظهور التحالفات القبلية والعشائرية المرعية بواسطة طرفي الحرب .

الدولة السودانية:
أكتسبت الأراضي السودانية الحالية الشخصية القانونية الدولية المحمية بالقانون الدولي باعتبارها ولاية تابعة للعثمانيين ضمن الولاية المصرية العثمانية ، وتأطرت شخصية الدولة المستقلة بموجب قواعد تأسيس الدولة السودانية في ١٩٥٥م . كل الولايات العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى تم توزيعها واكتسبت الولايات العثمانية شخصياتها المستقلة وقامت عليها دول جديدة معترفة بها ،وفي ولاية مصر نشأت مصر والأراضي التابعة لها جنوبا، ولم تحمل حتى وقتذاك إسم السودان بل كان إسم السودان يطلق على كل الحزام الإفريقي الممتد جنوب الصحراء الكبري، وللتفريق بين هذه الأراضي كان الرحالة يطلقون على تلك الأراضي (أرض السود)، والتابعة منها للإستعمار الفرنسي بالسودان الفرنسي، كما وللتابعة منها للإستعمار البريطاني بالسودان الإنجليزي ونشأت في ولاية مصر العثمانية مملكة مصر والسودان وصار الملك فاروق ملكا عليهما ،وفي الشام والحجاز وأراضي الرافدين واليمن وغيره نشأت دول مستقلة ، وبأكتساب مصر للشخصية القانونية المستقلة صارت أسرة محمد علي باشا مؤسسة للدولة المصرية الحديثة المستقلة وقد صار الملك فاروق ملكا لمصر والسودان . لقد نشأت في أراضي الأمازيق والمجموعات السكانية المحلية الأخري بشمال إفريقيا دول عربية مستقلة (ليبيا وتونس والمغرب والجزائر ) وأكتسبت شخصياتها القانونية الدولية . ومن الشعوب التي خضعت للتقسيم الأكراد وتوزع الأكراد ما بين تركيا والعراق وسوريا . وللتطور الدولي المتسارع استقرت تقسيمات الإستعمار والأنظمة السياسية الحاكمة فيها . حتى أوائل الثلاثينات من القرن الماضي كان من يتحدث عن العرب وينافح عنهم في المفاوضات مع دول المعاهدة الشريف الحسين بن على شريف مكة وسليل الأسرة الهاشمية وابناءه وقد تم خداع الشريف حسين بتنصيبه ملكا على كل العرب وانتهى الحال بأبنائه الأربعة ملوكا أما الخامس فقد ابتعد عن السياسية، وصار علي بن الحسين ملكا للحجاز حتى عام ١٩٣١م لفترة وجيزة ، وفيصل بن الحسين تولى عرش سوريا وأحتلت فرنسا سوريا عام ١٩٣٣م ،وقام البريطانيين بتعويض فيصل بن الحسين بعرش العراق وتولى عبد الله بن الحسين عرش الأردن .في عام ١٩٣٢م تم توحيد أراضي الحجاز ونجد وما حولهما والتي أخذت إسم المملكة العربية السعودية وصار الملك عبد العزيز اول ملكا عليها من آل سعود وتوارث أحفاده من بعده الملك حتى اليوم .
إن أسرة محمد علي باشا أسرة أسست دولة مصر الحديثة التي أكتسبت شخصيتها القانونية الحالية علي يديها ،وهذه الأسرة نفسها أكسبت الأراضي الواقعة جنوب مصر الشخصية القانونية وقد ضمتها إلى أراضي وولاية مصر، وأستقلت الأراضي السودانية عن مصر في عام ١٩٥٦م ، هذه هي الوقائع التاريخية ،ومن يملك أي معلومات بخلاف ذلك ما عليه سوى تصحيحي، وانا مجرد ناقل للوقائع التاريخية .

المهدية الدولة الوطنية الأولى :

المهدية هي الدولة الوطنية التي قامت في الأراضي السودانية الحالية ولكنها لم تجد الإعتراف الدولي بموجب مرجعية دول المعاهدة الأوربية كسائر الممالك والسلطانات التي كانت قائمة في السودان وفي إفريقيا ،كما والمهدية هي التي أطرت للشخصية السودانية الوطنية الأولى ،وتمثل المهدية الدولة الوطنية الأولى بالسودان بمرجعية الإرادة السودانية الحرة .

إنهاء دولة ١٩٥٦م :

المطالبة بإنهاء دولة ١٩٥٦م المؤسسة على قواعد التأسيس المجازة في عام ١٩٥٥م تقود إلى العودة مباشرة إلى حالة اللادولة، وإفقاد السودان الشخصية القانونية الدولية التي تمثل مرجعيتها ميثاق الأمم المتحدة التي تمثل تطورا لمعاهدة وستفاليا ١٦٤٨م وتقنين لحالة الفوضى الحالية التي تشهدها البلاد .

رايمويندي ايلدا كواما :

في الوسائط إمرأة إفريقيا من بوركينا فاسو خاطبت مؤتمر للشباب بالغرب الإفريقي بمشاركة الرئيس الفرنسي ماكرون وقد استهلت خطابها بسيدي الرئيس، اتحدث إليك صادقة ، وحديثها الذي أحيله لقراء المقال لسماعه مباشرة صورة وصوت من القوقل يكشف الوعي المتنامي في إفريقيا وذلك بخلاف الحال والوضع في السودان ، حيث لا تزال النخب السودانية قابعة وتنتظر من منظمة مثل بروميديشن الفرنسية لتقوم بدعوتها إلى مؤتمر جنيف، لتقوم الأطراف السودانية المدعوة بمناقشة قضايا الحرب الدائرة، وهي لم تستفد من تجارب الغرب الإفريقي الذي أكتشف بأن أمره بيده وليس بيد فرنسا أو سيأتي من الخارج .
منظمة بروميديشن الفرنسية بررت تنظيمها لمؤتمر تم تنظيمه بنيامي في ١٠ يونيو ٢٠٢٢م ، بتفاهمات جرت عام ٢٠٠٠م في طرابلس برعاية الأمم المتحدة، وقامت منظمة بروميديشن برعاية تكوين قوى مسلحة جديدة من حركات دارفورية مسلحة بإسم قوى المسار الوطني لتطالب هذه القوى بالمشاركة في السلطة التي تمثل ثورة ديسمبر المجيدة برئاسة د عبد الله حمدوك .
إن على قيادات القوى والتنظيمات السياسية والمدنية السودانية المشاركة في ملتقى جنيف برعاية بروميديشن الاستماع لرايموندي ايلدا كواما وهي تخاطب بتهذيب شديد الرئيس ماكرون من أجل إنشاء شراكة متكافئة مع دول إفريقيا ،لتتلمس الخطى بصورة صحيحة .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات