الجميل الفاضل سكتب :عين علي الحرب وما أخذ بقدرة الله، لن يسترد بقوة بشر؟!
في حواره مع الجزيرة مباشر السبت الماضي، وضع الدكتور علي الحاج محمد، أحد أبرز وجوه الحرس القديم، من جماعة “الإخوان المسلمين” بالسودان، النقاط علي حروف الحرب الدائرة في البلاد، بقوله: “أن من أشعلا الحرب هما رئيس حزب المؤتمر الوطني ونائبه اللذان كانا معي في السجن”.
مردفا بالقول: أن بعض قادة حزب المؤتمر الوطني ممن كانوا معي في السجن، كانوا يقولون: “إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”.
وبالطبع ليس حدثا طارئا، رهان الإسلاميين عموما علي القوة، هذا الرهان الذي لم يبدأ فقط، بلجوئهم الي خيار الإنقلاب في العام (89)، ذلك الخيار الذي ربما وجدوا أنه أقصر طريق وأقرب مورد، لإرواء ظمأ قديم يتملكهم، لمظاهر الجاه، ولمراتع السلطة.
لكن قراءة الإسلاميين السطحية والرغائبية ربما، لحدث ثوري، عظيم ومعقد، تقاطع مع مصالحهم المتوارثة جيلا بعد جيل، وصادم من ثم مشاعرهم التي الفوها، فإستقروا علي حالها، لأكثر من ثلاثة عقود، تظل هي القراءة الخاطئة، التي ترتبت عليها بالضرورة نتائج خاطئة بل وكارثية، ليس أقلها هذه الحرب.
ولعل ما يفسر كل ما جري منذ الإطاحة بحكم البشير، هو أن الإسلاميون قد باتوا يصدرون والي يومنا هذا، تجاه ثورة ديسمبر المباركة، من منطقة رد فعل عاطفي، أناني الطابع، ينطلق ويدور حول ذواتهم الفانية ولا يتعداها قيد أنملة، مصالحاً ومشاعرا.
المهم ورغم حرص هؤلاء الإسلاميين علي التدثر بالدين، إلا أن سلوكهم العملي يعكس عدم إيمان بأن الملك لله، يؤتيه وينزعه متي شاء، ممن يشاء؟، علي قاعدة تقول: أن الحكم عموما “ضل ضحي” والي زوال لامحالة طال أمده أو قصر، ولأجل كل حكم كتاب، أذا جاء هو لا يؤخر.
إذ إن شأن الحكم شأن الهي محض، لا يخضع لقوانين القوة، أو لكافة أسبابها وعناصرها.
فملك الملوك اذا وهب يضحي عبطا السؤال عن السبب، وكذا الحال فأنه اذا نزع، ليس بحاجة الي قوة أو لضعف سبب، فالتعويل علي مجرد الأسباب ضرب من الحمق والخطل.
والأسباب في أفضل الأحوال تظل مدخلا لإنفاذ مشيئة الله لا أكثر ولا أقل٠
فإن مسبب الأسباب لو أراد أن يجعل أتفه الأسباب سببا لزوال ونزع الحكم لجعلها، فإتباع الأسباب وإتخاذها ليس هو العامل الحاسم في ذهاب الحكم أو بقائه بأي حال من الأحوال، وهذا ما ينبغي أن يدركه المراهنون علي قوتهم لإسترداد ما أخذ بقدرة وارادة الله٠
علي أية حال لله سننا في الأرض تعد نبراسا يهدي الي مآلات ما يحتمه من أمور٠
فالأقدار الكبري عندما تحلق فوق الرؤوس مقدماتها وتنزلاتها، تضئ كما يضئ البرق لمحا وخطفا.
يدرك من أدركها بأن من ورائها شأن٠
وأنها ليست سوي علامة أو إشارة لها مابعدها٠
لكن المقدورون بأقدار ربهم لأيأبهون لها في غالب الأحوال والأحيان.
بيد أن سنن الله في خلقه تظل ماضية هكذا، والي أن يقضي هو أمرا كان مفعولا لا محالة، في النهاية.
إذ ليس لله قربي مع أحد، ولا شريك له في ملكه، له وحده الملك وله الأمر. وسوف لن يجد أحد كائن من كان، لسنته سبحانه وتعالي، تحويرا ولا تبديلا.