الأربعاء, سبتمبر 17, 2025
الرئيسية بلوق الصفحة 59

دعوة من “صمود” لتصنيف المؤتمر الوطني “الحركة الإسلامية” السودانية كمنظومة ارهابية

دعوة من “صمود” لتصنيف المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية السودانية كمنظومة ارهابية

متابعات:السودانية نيوز

نطلق في التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” هذا النداء للعمل الجماهيري والسياسي والإعلامي والقانوني والدبلوماسي لتصنيف المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية وواجهاتهما كمنظومة ارهابية دولياً ومحلياً وتحظر بالدستور والقانون ويجرم الانتماء لها وذلك للأسباب التالية:
1- المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية منظومة انقلابية:
انقلبت الحركة الاسلامية على النظام الديمقراطي التعددي في الثلاثين من يونيو 1989. وصرح قائدهم علي عثمان محمد طه أمام مجلس شوراهم في حديث موثق ووسط التهليل والتكبير أنهم إذا عادت الاوضاع إلى سابقها فسيكررون ذات فعلتهم. وهذا ما حققوه بالفعل حين انقلبوا مرة أخرى على الانتقال الديمقراطي في 25 اكتوبر 2021م مستغلين مطامع قيادتي القوات المسلحة والدعم السريع.

2- المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية منظومة معادية للديمقراطية:
يقوم المشروع الأصلي الابتدائي للمؤتمر الوطني وحركته الإسلامية على ادعاء تمثيل كلمة الله في الارض واحتكار الحقيقة المطلقة وبالتالي فان مشروعه وبالضرورة مشروع احادي مغلق يرفض التعدد والاختلاف ويري في معارضته كفراً وزندقة. وعلى أساس هذا المشروع الأصلي، وإثر انقلابها، حظرت الحركة الاسلامية السودانية الأحزاب السياسية وحلت النقابات وألغت الصحف المغايرة. واستلفت نظام القذافي عن المؤتمرات الذي يري في التعددية خيانة.
واذ قاوم السودانيون مشروع الحركة الإسلامية الاحادي المغلق مقاومة باسلة مدنية وعسكرية تراجعت الحركة الاسلامية عن مشروعها الاصلي تراجعات تكتيكية، فقبلت ببعض التعددية الشكلية، لكنها لم تتراجع مطلقاً عن استراتيجيتها ولا عن رؤيتها باستحقاق احتكار المجال العام، فواصلت توظيف موارد البلاد في تخريب الحياة السياسية والمدنية بالرشاوي وزرع الوشاة وصناعة الفتن والانقسامات وتحطيم أو احتواء المنابر والمنصات المستقلة.
وطوال ثلاثين عاما من سلطتها ظل السودانيون/ات يعانون من الاعتقالات التعسفية والتعذيب في أقبية بيوت الاشباح ومن فصل النقابيين بدعوي الصالح العام ومن مصادرة حرية التعبير والتجمع السلمي وحرية التنظيم.
وعانت النساء السودانيات بصورة مضاعفة حيث فرضت عليهن منظومة النظام العام التي نصبت ضيقي الافق والمهووسين رقباء على النساء فكان المعدل السنوي حوالي 43 ألف امرأة وفتاة يتعرضن لقهر واذلال النظام العام. كما عانى المسيحيون بصورة خاصة حيث عوملوا كمواطنين من درجة ادني فهدمت كنائسهم واعتقل مبشروهم وصودرت ممتلكاتهم واغلقت مؤسساتهم التعليمية وتعرضوا لمختلف أشكال التمييز والملاحقات، وامتد هذا النهج ليشمل حتى المجموعات المسلمة المعتدلة التي تمت ملاحقتها ومصادرة ممتلكاتها واعتقل قادتها وائمتها، كما قسمت القبائل وتدخلت في تركيبتها الداخلية الأمر الذي عمق من الانقسام المجتمعي وزاد من حدة خطابات الكراهية والعنصرية.

3- المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية منظومة إبادة جماعية:
شنت الحركة الإسلامية السودانية حملة إرهاب دولة لتحطيم كل شكل من أشكال المقاومة لنظامها الانقلابي، خصوصاً في الاقاليم المهمشة (جنوب السودان قبل الانفصال وجبال النوبة والنيل الازرق ودارفور وشرق السودان)، فقتلت على الشبهة وعلى أساس الهوية وألقت البراميل المتفجرة على رؤوس المدنيين وأحرقت القري بمن فيها واعتمدت التجويع والعنف الجنسي والاغتصاب كأسلحة في الحرب. ووثقت هذه الجرائم التقارير الدولية والمنظمات الحقوقية ذات المصداقية. كما اصدرت اعلي هيئة قضائية دولية (المحكمة الجنائية الدولية) مذكرات بالقبض على رئيس النظام الانقلابي ورئيس المؤتمر الوطني عمر البشير وعلى وزير داخليته عبد الرحيم محمد حسين ووزير الدولة بالداخلية أحمد هارون الذي يشغل موقع رئيس المؤتمر الوطني الحالي، بتهم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ومنذ اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 2023م وثقت المنظمات ومقاطع الفيديو المنشورة لكتائب الحركة الاسلامية تقتل خارج نطاق القانون ولمجرد الشبهة وعلى أساس السحنة أو الانتماء السياسي والقبلي والجغرافي، بل وتتلذذ ببقر البطون وأكل الأكباد وذبح البشر الطقسي، وهي ذات الممارسات الداعشية التي يجمعها معها نسب المشروع الاصلي الابتدائي. ولم تصدر الحركة الإسلامية مجرد بيان يدين هذه الفظاعات دع عنك التحقيق فيها او محاسبة مرتكبيها.

4- المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية منظومة تفرخ وترعى الإرهاب:
بحكم تصوراتها الأيديولوجية المغلقة ترى الحركة الإسلامية استحقاقاً مقدساً لها بفرض رؤاها عبر العنف، كما تسعى لفرض هذه الرؤي خارج نطاق الدولة الوطنية التي لا تؤمن بها إلا كقاعدة انطلاق لإمبراطوريتها المزمعة، ولهذا إضافة إلى إرهاب الدولة الذي شنته على السودانيين/ات، جعلت من الخرطوم مركزاً رئيسياً للحركات المتطرفة والإرهابية، فقدمت التسهيلات والأموال والأسلحة والجواز السوداني لشذاذ الآفاق من كل حدب وصوب. فاحتضنت أسامة بن لادن وتنظيمات التطرف الحربية المصرية والليبية والتونسية والجزائرية والإريترية والإثيوبية وغيرها، ووظفت ما يسمى بجامعة افريقيا العالمية لتجنيد ونشر التطرف الإسلاموي في كل أنحاء القارة الافريقية.
وحكم القضاء الامريكي بان نظام الحركة الإسلامية السوداني الانقلابي قد قدم كافة التسهيلات اللوجستية للعمليات الإرهابية بتفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام في العام 1998م، وتفجير المدمرة كول في ميناء عدن عام 2000م. وصنفت الولايات المتحدة نظام الحركة الاسلامية السودانية في العام 1993 كدولة راعية للإرهاب وفرضت عليه عديد من العقوبات.
كما أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً يحمل نظام الحركة الإسلامية السودانية المسؤولية عن محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995م.
وارتبطت الحركة الإسلامية السودانية مع نظام الملالي الايراني بعلاقة تحالفية وثيقة للتدخل في شؤون الدول الأخرى وزعزعة الاستقرار ونشر الارهاب. وإثر إفلاس النظام الاقتصادي وحاجته لدول الخليج العربي أوقف علناً تحالفه الايراني ولكنه استمر في التنسيق سراً خصوصاً وأن اللوبي الإيراني داخل الحركة هو الأقوى والمسيطر علي مختلف مراكزها فعادت العلاقة إلى سابق عهدها المعلن بعد حرب الخامس عشر من ابريل.
وإذ صنفت جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية في السعودية والإمارات ومصر والأردن واتخذت عدد من الدول الغربية كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا إجراءات ضدها، فلا يستقيم أن تفلت من هذا التصنيف ذروة سنام إرهاب جماعات الإخوان المسلمين وهي الحركة الإسلامية السودانية التي فعلت ما لم تفعله نظيراتها في المنطقة، حيث حكمت لثلاثين عاماً وتورطت بالفعل في مشروعات تصدير الإرهاب العابر للحدود.
وإذ واجه المجتمع الإقليمي والدولي الممارسات الإرهابية لنظام الحركة الإسلامية بالعقوبات والعزل والضغوط فاضطره إلى التراجع وتسليم بعض (الإخوان) ومعلوماتهم فإن الحركة لم تراجع مطلقاً منطلقاتها الفكرية الفقهية مما يؤكد ان تراجعاتها تلك لا تتعدي (تقية) المسكنة حتى تتقوى فتتفرعن من جديد.

5- المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية منظومة تدخلية توسعية:
كما سبقت الإشارة فإن الحركة الإسلامية لا تعترف بالدولة الوطنية الحديثة إلا كقاعدة إنطلاق لأحلامها الإمبراطورية، ولكن هذه التصورات لم تكن مجرد أفكار وانما ممارسات عملية تدخلية توسعية، كلفت السودان ودول المنطقة أثماناً باهظة. حيث تدخل نظام الحركة الإسلامية السودانية في الشؤون الداخلية لدول تشاد واريتريا وإثيوبيا ويوغندا وأفريقيا الوسطى وليبيا ومصر ودول الخليج العربي. وفي تصريحات منشورة وموثقة كان قادة نظام الحركة الإسلامية يتبجحون بأنهم يريدون تغيير الانظمة السياسية من الإسكندرية وحتى كيب تاون، وانهم أسقطوا النظام في تشاد، وغيروا النظام في اثيوبيا، ودعموا جبهة الإنقاذ في الجزائر، ووظفوا موارد طريق الانقاذ الغربي لتغيير النظام في إحدى الدول الأفريقية.
وإذ انكفأوا إلى الداخل تحت ضغط المقاومة الاقليمية فما من ضامن بأنهم لن يعيدوا ذات ممارستهم إذا تمكنوا من جديد.

6- المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية منظومة فساد افتراسية:
لا ترى الحركة الإسلامية في الشعب رقيباً عليها، فقد ألغت جميع اليات المراقبة والمساءلة مما حول الفساد إلى وباء شامل والدولة إلى دولة نهب افتراسية. فمولت الحركة أنشطتها الايدولوجية ومغامراتها ورشاويها من موارد الدولة. وأغنت كوادرها ومكنتهم اقتصادياً بافتراس موارد البلاد. ومما لا يقل عن ثمانين بليون دولار من موارد النفط وحوالي ثلاثين بليون دولار من عوائد الذهب ومثلها من الديون الخارجية لم يجدها السودانيون في البنيات التحتية أو الرعاية الاجتماعية أو موائد الفقراء، إلا لماماً. وإذ يواجه السودانيون مهام إعادة الإعمار ما بعد النزاع فإن أي موارد تتوفر ستتبدد مالم تصفى منظومة الفساد الوبائي التي شيدتها الحركة الإسلامية.

7- المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية منظومة مختطفة للدولة:
اخترقت الحركة الإسلامية القطاع الأمني والعسكري وسيطرت على مراكزه الرئيسية ثم وظفت سيطرتها على القطاع الأمني العسكري لاختطاف جهاز الدولة وتمكين عناصرها وإقصاء غير الموالين لها ولنهب الموارد وتخريب وإفساد الحياة السياسية والمدنية وعرقلة التحول الديمقراطي وتدبير الانقلابات ولتمزيق النسيج الاجتماعي وصناعة الفتن القبلية والاثنية ونشر خطابات الكراهية. ولا يمكن معافاة الحياة العامة – سياسياً واقتصادياً واجتماعيا وأمنياً إلا بتفكيك تمكين المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية.

8- المؤتمر الوطني/ الحركة الاسلامية منظومة فاشية تمييزية:
لا تؤمن الحركة الإسلامية بالمساواة في الكرامة الإنسانية غض النظر عن الدين أو الجنس أو النوع. وتقوم ايديولوجيتها على تراتبية هرمية يقف على رأسها المتأسلم الجدير بالتمتع بالمزايا المختلفة ثم يليه المسلم المتوائم ثم المرأة المسلمة الخانعة ثم غير المسلم في قاعدة الهرم والذي إما أن يخضع أو يحطم.
ولأن المشروع أصلاً مشروع سيطرة وتحكم فقد بحث عن قاعدة عصبية قبلية إثنية فصار مشروعاً للتمييز رباعي الإبادة- على اساس المعتقد والنوع والقبيلة والاثنية. وإذ وقعت الحركة الاسلامية على اتفاقات ومواثيق تعترف بالمواطنة كأساس للحقوق فان اعترافها لم يتعدى مطلقاً الاعتراف اللفظي الشكلي، حيث ترفض مواجهة الأسس البنيوية التمييزية، كما تقاوم أي فيدرالية حقيقية تتعدي رشوة نخب الهامش بالوظائف والامتيازات.
وإذ يقوم سودان المستقبل الموحد على أساس المساواة في الكرامة الانسانية غض النظر عن الدين أو الاثنية أو القبيلة أو النوع أو غيرها من أشكال التمييز، فانه لا يمكن أن يقوم إلا على أساس تصفية إرث الفاشية الفكري والدستوري والمؤسساتي والقانوني وفي التعليم والثقافة والإعلام والخطاب الديني.

9- المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية منظومة حربية متوحشة رافضة للسلم والحوار:
ظلت الحركة الاسلامية منذ نشأتها قاسماً مشتركاً في كل أحداث العنف في البلاد. ثم استولت على السلطة وحافظت عليها بالعنف الباهظ والواسع والفظيع. ولم يتحقق سلام شامل ومستدام في السودان أبداً تحت سلطة الحركة الإسلامية، بل واستخدمت كافة دعوات الحوار لتقسيم الخصوم وترسيخ هيمنتها، منذ اتفاق الخرطوم للسلام مروراً باتفاقات جيبوتي ونيفاشا وأبوجا والقاهرة وانتهاءً بخديعة دعاوي الحوار الوطني في الداخل.
وإذ حققت حكومة ثورة ديسمبر المجيدة ايقافاً لإطلاق النار في كامل البلاد لأول مرة منذ 30 عاماً، ووضعتها على سكة السلام المستدام دبرت الحركة الاسلامية انقلاب 25 اكتوبر 2021 ثم اشعلت حرب الخامس عشر من ابريل 2023م. وظلت الحركة الاسلامية ترفض مبادرات السلام المتعددة، واعترف قادتها بأنهم من وراء افشال منبر جدة واتفاق المنامة ومبادرة الألب في سويسرا، لذا فإن السلام لن يتحقق الا بإضعافها وعزلها ومعاقبتها.
ومنذ اندلاع الحرب وحتى الآن ظلت الحركة الإسلامية تكرر الدعوات بتصفية قوي ثورة ديسمبر بالعنف وتتوعدها بالاغتيالات في حين أوضحت إحدى قياداتهم أنهم قد يتفقون مع قوات الدعم السريع إن جنحت للسلم، اي إذا قبلت الشراكة الصغرى معها في تقاسم السلطة والموارد، مما يؤكد حقيقة أن الحركة الإسلامية لا ترى صيغة لوقف القتال سوى خضوع كامل أهل السودان لمنظومتها الإرهابية، وهي وصفة لم تحقق السلام في أي وقت من الأوقات.

10- المؤتمر الوطني/ الحركة الاسلامية منظومة إجرامية:
ارتكبت الحركة الإسلامية العديد من الجرائم الكبري في حق الشعب السوداني، فإضافة إلى الانتهاكات الواسعة والجسيمة ونهب الموارد وتخريب المرافق، ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية وقسمت البلاد وكونت الأجهزة العسكرية الموازية والمليشيات القبلية، ثم أشعلت حرب الخامس عشر من ابريل التي أحرقت البلاد وأحدثت تداعيات كارثية على حياة ملايين السودانيين/ت. هذه الحركة الإسلامية الاجرامية يجب محاسبتها على جرائمها وليس مكافأتها عليها.

11- المؤتمر الوطني/ الحركة الإسلامية منظومة مسقطة بثورة شعب:
بعد كثير من التضحيات العظيمة والعذابات والآلام والدموع والدماء أسقط الشعب السوداني نظام الحركة الاسلامية بثورة ديسمبر المجيدة، ولهذا فإن اية محاولة لإعادة تمكين الحركة الاسلامية كلياً او جزئياً إنما تعني خيانة لتضحيات الشعب السوداني ولمصالحه وآماله في الحرية والسلام والعدالة، وتحدياً لإرادته التي عبر عنها بوضوح ودون لبس.

خاتمة:
إن اﻟدعوة لتصنيف اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟوطﻧﻲ وحركته الإﺳﻼﻣﯾﺔ كمنظومة إرهابية هو ﺑﺎﻷﺳﺎس، ﻣوﻗف ﺗﺟﺎه ﻣﻣﺎرﺳﺎت إﺟراﻣﯾﺔ ﻣﻣﺗدة ﻟﻌﻘود وﻻ ﺗزال ﻣﺳﺗﻣرة وتمثل اﻟﻌﺎﺋق اﻷﻛﺑر أﻣﺎم اﻟﺳـﻼم واﻷﻣن واﻻﺳﺗﻘرار واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻻزدھﺎر، كما أن هذه المنظومة تقف ضد خيار الحل السياسي السلمي للأزمة في السودان وتصر على مواصلة الحرب لفرض أجندتها الإقصائية. وبسبب ذلك كله، نرفض رفضاً قاطعاً مشاركة هذه المنظومة في أية ﻋﻣﻠﯾﺔ سياسية لإحلال السلام واسترداد مسار التحول المدني الديمقراطي.
وفي ذات الوقت، نؤكد استعداد القوى المدنية الديمقراطية ﻟﻠﺣوار ﻣﻊ أية جماعات إسلامية تعلن رفضها لاستمرار الحرب لصالح خيار الحل السياسي السلمي، وقبول اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺗﻌددﯾﺔ وﻓق اﻟﻣواﺛﯾق اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻻﻧﺳـﺎن واﻟﺗداول اﻟﺳـﻠﻣﻲ ﻟﻠﺳـﻠطﺔ ودوﻟﺔ اﻟﻣواطﻧﺔ المتساوية – خصوصاً مساواة وكرامة النساء وغير المسلمين – وﺗﻘﺑل اﻟدوﻟﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ واﻟﺷـرﻋﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وعدم اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ ﺷؤون اﻟﺑﻼد اﻻﺧرى، وﺗرﻓض اﻹﻛراه، ﻛﻣﺎ ﺗرﻓض اﻹرھﺎب ﻓﻛراً وﻣﻣﺎرﺳﺔ.

محمد الأمين عبد النبي يكتب: مصير السـودان بين كَهف الإسلاموية وجُب العلمانية

0

محمد الأمين عبد النبي يكتب: مصير السـودان بين كَهف الإسلاموية وجُب العلمانية

أدخلت حرب الخامس عشر من أبريل 2023 السودان في نفق مظلم، فقد أخذت أبعاد خطيرة، وأدت تداعياتها الكارثية الي تعقيدات في كل الاصعدة؛ نتيجة خطاب الكراهية والتمييز العنصري والتطرف والشطط والقبح والتوحش والانتهاكات الواسعة والماسأة الانسانية والتدمير الممنهج لمؤسسات الدولة، وتنذر مآلاتها بتفكك المجتمع وتقسيم الدولة، فالسودان اليوم أقرب الي أن يكون دولتين، بما وفرته سرديات التعنت والإقصاء من مسوغات التقسيم والتشظي، الأمر الذي تَعُده بعض الدوائر الاجنبية فرصة لإسكات البنادق ووصفة للحل بتقنين الواقع وهندسته.

من الذي وصلنا الي هذا المنعطف؟ ومن يتحمل المسئولية؟ وأي مصير ينتظر السودان جراء السجال العلماني الاسلاموي؟ وماهي البوصلة الناظمة التي تضبط الصراع؟ وما هي الوصفة الممكنة التي تخاطب اللحظة التاريخية وترسم ملامح مشروع وطني يفتح الباب لبناء عقد إجتماعي جديد؟ هذه الأسئلة المشتبكة تستدعي حوار هادئ بعيداً عن اعتساف الرأي وقمعه وقريباً من تحرير الخلاف وتحوله الي صراع حول مصير الوطن وليس من أجل مستقبله ونهضته.

خطورة الحكومتين:
كل معطيات ومحددات الصراع الداخلية والخارجية تؤكد بأن تشكيل حكومتين في بورتسودان ونيالا ليس بمجرد أوراق ضغط تفاوضية وإنما تهديد فعلي ومباشر بتقسيم جديد لخريطة السودان الجغرافية والإجتماعية والدينية والسياسية؛ والتي تعد مسألة وقت؛ إذا لم تتغير ديناميات الصراع الذي يتغذى على التراكم الخبيث للمظالم التاريخية لصالح مصالحة وطنية شاملة تجيب على أسئلة الماضي والحاضر والمستقبل وتؤسس لعقد اجتماعي جديد ومشروع وطني.

حكومتان فاقدتان للشرعية لكل منهما دستور وجيش وتحالف سياسي ومناطق سيطرة ونفوذ وولاء مجتمعي وداعم خارجي كل منهما يمتلك أدوات تأسيس دولة على إنقاض تلاشي كيان الدولة الواحدة، لا سيما وان إنفصال جنوب السودان 2011 ليس حالة إستثنائية بل حالة ذهنية قابلة للتكرار، من ناحية اخرى ثمة عوامل كثيرة تشير الي أن الحرب خلقت إنقساماً خطيراً وجرحاً عميقاً في السودان الموحد وكرست لخطاب إنفصالي متخفي وراء سؤال اليوم التالي للحرب، في الوقت ذاته ترسخت قناعة خارجية بأن طبيعة الحرب لا تخرج عن نطاق الثروة والسلطة؛ وبالتالي فإن مدخل وقف الحرب هو إنتاج صفقة تقاسم السلطة والثروة بين المتحاربين، هذا التفكير القائم على سطحية ونمطية حتماً سيقود الي تقسيم السودان في نهاية المطاف ليس بسبب تعقيدات ديناميات الصراع وتناسل المطالب والمليشيات فحسب وإنما بتجاهل جذور الازمة المركبة وأبعادها المتشابكة.

التناقض الأساسي وجوهر الصراع:
القضية ليس بهذه البساطة بل أكثر تعقيداً، ففي جوهرها قضية فكرية وسياسية واجتماعية وإستراتيجية، حيث من الخطأ تجاهل رواسب مشروع مثلث حمدي كإستراتيجية للإسلامويين ودعوات تقرير مصير الشعوب السودانية وفصل الدين عن الدولة ووحدة بندقية الهامش كإستراتيجية للعلمانيين. ولا يمكن إغماض العين عن تداعيات الحرب والتغييرات الناتجة عنها لا سيما على المشهد الاجتماعي والإقتصادي والتراجع المريع في الذاكرة الجماعية للتراث والثقافة السودانية المشتركة بما توفره من قابلية للتقسيم. ومن الخطأ غض الطرف عن إستراتيجية أمن إسرائيل العدائية ضد السودان وتقسيمه الي خمس دول ضمن المخططات الصهيونية في الشرق الأوسط كما رسمها برنارد لويس في كتابه “الإيمان والقوة .. الدين والسياسة في الشرق الأوسط”. وكذلك موقع السودان الجيوسياسي ومكانته الاستراتيجية ووضعه في قلب خريطة صراعات النفوذ الدولية والمحاور الاقليمية والتي دفعت الأطراف الطامعة إلي التكالب علي تجزئة السودان ونهب ثرواته، هذه هي خطورة وابعاد وجود أكثر من حكومة في السودان. فالبعدين الثاني والثالث مرتبطان بالخارج ولكن؛ لا يمكن التعامل معهما الإ بحسم البعدين الأول والثاني المتعلقين بطبيعة الصراع الداخلية حول شكل الدولة ونظام الحكم.

تتفق كل التيارات الفكرية والسياسية على أن مسببات الحروب في السودان تتمثل في قضايا علاقة الدين بالدولة والهوية وإدارة التنوع والتهميش والخلل التنموي وغياب الفدرالية الحقيقية وغياب العدالة في مؤسسات الدولة لمدنية والقضائية والعسكرية والاقتصادية والاستبداد والفساد وتدخل المؤسسة العسكرية في السياسة والحكم، مما يجعل كل الحروب في السودان ذات طبيعة متشابهة واسباب شبه موحدة، وبالتالي فإن حرب الخامس عشر من أبريل لم تأتي من فراغ، وإنما تعتبر ذروة الحروب في سياق الصراع الفكري والسياسي الممتد، فجوهر الصراع والتناقض الأساسي يتمحور حول طبيعة الدولة ونظام الحكم وعلاقة الدين بالدولة، والتي تعد من أكثر القضايا الخلافية والعالقة منذ الاستقلال والي يومنا هذا، بالطبع دون التقليل من مسببات الصراع الأخرى أنفة الذكر والتي تعتبر إحدى تجليات قضية “طبيعة الدولة ونظام الحكم” وتمظهراتها ومنعطفاتها سوى صراع المركز والهامش أوالثروة والسلطة وغيرها. والتي فشلت النخب السودانية في معالجتها بشكل جذري؛ بل إنجرفت إلي مستنقع الحكم الديكتاتوري “العسكري” سوى كان إسلامي أو علماني بما وفراه من غطاء فكري وحاضنة سياسية، وقد برع الحكم العسكري في توظيف الهوس الديني وشطط الحداثة الغربية لإحكام هيمنته وبسط سلطته وتغييب إرادة السودانيين الحرة.

لعب التياران الاسلاموي والعلماني على السواء دوراً كبيراً في تأجيج الصراع ليس بما يحملان من اختلافات مفاهيمية وتطبيقية حول طبيعة الدولة في سياقها التاريخي والمعاصر فحسب وإنما بالتعصب والوصايا على الشعب، وبلا أدنى شك فإن سبب الحرب التي تدور رحالها في السودان منذ 15 ابريل 2023 تتحمل مسئوليتها النزعات الاسلاموية والعلمانية، هذه النزعات المتشددة هنا وهناك عمقت الإنقسام الهوياتي والشرخ المجتمعي والإستقطاب الفكري والسياسي وانتجت حكومتين متناقضين – حكومة في بورتسودان يسيطر عليها إسلامويين وحكومة في نيالا يسيطر عليها علمانيين – دون وعي إستراتيجي بمآلات الصراع وتحويله الي تناقض حكم ديني أم علماني بدلاً عن حكم عسكري إستبدادي أم مدني ديمقراطي، فكأن قدر السودانيين ومصيرهم بين خيارين إما حكم الإسلامويين أو العلمانيين، مع الأخذ في الإعتبار أن لإي خيار رهانات متضاربة ومبالغات وفزاعات تبدد التراكم الحميد لإجتماع السودانيين على قواسم مشتركة وتعظم الإختلافات سوى كانت دينية او مذهبية أو إثنية أو ثقافية وتجرم وتشيطن الآخر في الوطن من منطق “من ليس معنا فهو ضدنا”.

السياق التاريخي:
الصراع حول طبيعة الدولة ونظام الحكم بدأ منذ فجر إستقلال السودان في العام 1956، وأدى إلي حروب داخلية وعدم استقرار سياسي لفترات طويلة، فقد فرض إنقلاب عبود 1958 الأسلمة والتعريب بصورة قسرية مما فاقم المشكلة السودانية وأجج الحرب الأهلية وحولها لحرب دينية، وعقب ثورة إكتوبر 1964 طرحت الدولة الاسلامية والدستور الاسلامي بصورة اكثر وضوحاً، كما ان نظام مايو (1969 – 1984) بدأ علماني ديكتاتوري وإنتهى إسلامي ديكتاتوري يحكم بقوانين سبتمبر الإسلامية 1983، وبعد ثورة ابريل 1985 ظهر من جديد جدل الدولة الاسلامية مقابل الدولة الوطنية بوصف الاخيرة وريثة الإستعمار، والتباين كان في أشده بين تنفيذ قوانين سبتمبر او إلغاءها وفي الأخر تم تجميدها وتقديم بديل يجعل التأصيل الاسلامي مقتصراً على المسلمين وملتزماً بحقوق المواطنة على ان تحسم القضية في المؤتمر القومي الدستوري، ولكن الجبهة الاسلامية استخدمت تطبيق الشريعة مطية للوصول الي السلطة عبر انقلاب 1989، والذي فرض حكم إسلامي ديكتاوري عمد على إستغلال الدين للتكسب السياسي وتحويل الحرب في الجنوب الي حرب دينية جهادية ليوقع لاحقاً اتفاقية السلام الشامل لإقتسام السلطة ثنائياً مع الحركة الشعبية لتحرير السودان التي مهددت لإنفصال جنوب السودان في عام 2011، وإندلعت حرب دارفور في العام 2003 ضد التمييز وعدم المساواة وسياسات النظام الاسلامي والتي لها جذور منذ العام 1957 والاحتجاج المسلح في العام 1992، وطرحت قضية طبيعة الدولة الي جانب الخلل التنموي في كل الاتفاقيات، وكانت هناك عدة محاولات للوصول لصيغة مناسبة لفك الاشتباك العلماني الإسلامي اهمها في مقررات اسمرا للقضايا المصيرية في يونيو 1995 وإتفاق باريس في اغسطس 2014 بين حزب الأمة القومي والجبهة الثورية. وبرزت القضية من جديد عقب ثورة ديسمبر من العام 2019، خاصة في الوثيقة الدستورية للعام 2019 وإتفاق جوبا لسلام السودان في عام 2020 والتي رفضتها حركتي تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور والحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وتمسكت بالعلمانية.

طلت القضية بصورة اكبر في سرديات حرب الخامس عشر من ابريل 2023، حيث ظهر منسوبي الحركة الاسلامية الذين يقاتلون بجانب الجيش رافعين ذات شعارات التنظيم والتوجهات الايديولوجية “إسلامية بس” ويؤكدون نفوذهم السياسي على الجيش السوداني، في المقابل تبنت قوات الدعم السريع الدولة العلمانية بعد إتفاقها مع الحركة الشعبية شمال وعدد من المكونات المدنية، ونص عليها صراحة في ميثاق تحالف السودان التأسيسي والدستور الانتقالي كتوجه إيديولوجي للحكومة الموازية.

تؤكد الخلفية التاريخية للصراع حقيقة أن السودان رغم مروره بعدة تجارب دستورية سوى كانت اسلاموية أو علمانية أو مدنية؛ إلا أن الصراع مازال محتدماً يضع مصير السودان في المحك.

كهف الاسلاموية ومأزقها التاريخي:
الإسلاموية وصف لتيار الاسلام السياسي الذي يعتمد الأصولية الاسلامية واعادة صياغة المجتمع والدولة وفق تصور معين تراه للإسلام، تقوم عليه مؤسسة دينية، تتخذ الجهاد والتمكين والعنف وسائل لإقامة الدولة الاسلامية والنظام الاسلامي، تستغل الإلتزام العقدي لدى عامة الناس للوصول الي السلطة، وتستند على شرعية دينية مناطها تطبيق الشريعة واعادة دولة الخلافة والحاكمية ومناهضة التيارات الغربية .

وهنا يجب عدم الخلط بين الحركة الاسلامية كتنظيم ايديولوجي يتستر بالاسلام وبين التدين لدى عامة المسلمين الذي يرتبط بالعقائد والعبادات والمعاملات التي تعبر عن خصوصيات المجتمع الثقافية والحضارية والاجتماعية. والتفريق بين “إسلامي” كتعبير يشير الي الالتزام بالنص الديني قطعي وروداً ودلالة والمعلوم بالدين بالضرورة وبين “إسلاموي” كتعبير ايديولوجي يشير الي فهم جماعة معينة للنهج الاسلامي. وبالضرورة أيضاً التأكيد على أن داخل المجتمع المسلم هناك تيارات عدة أكبر من الحركة الاسلامية “الاسلاموية” كالتيار الوسطي الذي يتبنى التوفيق بين الاصل والعصر وبين الدعوى والسياسي ويستند على تفسير وفهم مقاصدي للدين ويطرح نموذج الدولة المدنية لفك الإشتباك الإسلامي العلماني، والتيار الصوفي الذي يتمسك بالشعائر والاخلاق والمعاملات الاسلامية وليس له علاقة بالسياسة، والتيار السلفي الذي يدعو للتوحيد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واستقامة المسلم وتزكية المجتمع.

تعد الحركة الإسلامية السودانية النموذج الأبرز لحركات الإسلام السياسي في المنطقة بكل ما تحمل من أفكار راديكالية وتنظيم أيديولوجي تتداخل فيه الأبعاد السياسية والعسكرية والدينية والقبلية والاقتصادية، والتي إستلهمت تجربة الثورة الاسلامية الإيرانية بحزافيرها، وتعتبر قدوة للحركات الإسلامية في المنطقة، ويكاد السودان البلد الوحيد التي طبق فيه النموذج الأصولي لمشروع الإسلام السياسي في الحكم.

مأزق الإسلامويين السودانيين الفكري يتمثل في تبني رؤى ماضوية لتطبيق الشريعة “الإسلام هو الحل” دون إجتهاد ومراعاة للواقع ومعطياته، وإطلاق شعارات بلا تصورات معرفية، مما يشير الي خلل الأصول النظرية والمفاهيمية وغياب أفق التعامل مع المتغيرات المعاصرة وعدم إستيعاب التعدد والتنوع الثقافي في المجتمع السوداني والتناقض بين النظرية والتطبيق؛ ولذلك فشلت التجربة وجاءت بنتائج عكسية لإصطدامها بتعقيدات الواقع الذي يتطلب رؤى متجددة. عطفاً على موقف الإسلامويين الملتبس من قضايا الديمقراطية والتعددية والوطن والمواطنة والدولة القطرية الحديثة وعلاقة الدين بالدولة والحريات العامة وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وقضايا التربية والتعليم والقيم الاجتماعية وحكم القانون والعلاقات الخارجية وطبيعة النظام الاقتصادي، المواقف المتزمتة من هذه القضايا تؤكد على أن الإسلامويين مازالوا يعمهون في كهفهم وينم على ازمة بنيوية في العقل الإسلاموي الرافض للتجديد، فلم تخضع هذه المواقف الي مراجعات مؤسسية عميقة كما حدث في عدد من البلدان، سوى بعض المحاولات الفردية الجادة التي قمعت بقوة لصالح المواقف البراغماتية والإجابات السطحية التي تشير الي إفلاس معرفي وتكريس خطاب أسير للماضي ومشكلاته وبعيد عن إحتياجات الناس وتطلعاتهم وأسئلة الواقع المتغير ومفارق لجوهر الدين ومقاصده.

أما الورطة السياسية للاسلامويين تتمثل في الإستيلاء على السلطة بالإنقلاب العسكري، قال الدكتور خالد التجاني النور”لا يعفي الاسلاميين من المسئولية أنهم إستغفلوا من قبل قيادتهم أو غاب عن وعيهم خطورة عواقب عسكرة المشروع الاسلامي والاشتراك في تنفيذ الانقلاب عن سلطة شرعية منتخبة ثم قبول أكثرهم بالتحول الي مجرد موظفين في وزارات ودواوين الحكم يتسابقون على مكاسب السلطة ومغانمها، أو قبول البعض بأن يصبح بيارق تستخدم لقمع الاخرين من أجل البقاء في السلطة بأي ثمن حتى ولو كان ذلك خصماً على القيم الاخلاقية للإسلام”، ومن أكبر جرائم الإسلامويين السياسية إختراق المؤسسة العسكرية والأمنية وتكوين مليشيات موازية للجيش، وممارسة أسوأ أنواع الإستبداد والفساد والقهر والإفقار بإسم الدين، وإرتكاب مجاذر القتل والتشريد وجرائم التعذيب والإغتصاب وإنتهاكات حقوق الانسان والحريات العامة، وإتباع سياسة التمكين والمحسوبية وتقديم الولاء على الكفاءة مما شوهت كافة مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية والقضائية، وتسييس الادارات الاهلية وتجييش القبائل وتاجيج النعرات الإثنية والجهوية مما أدى الي ضرب النسيج الاجتماعي السوداني، وتدمير مقدرات وثروات البلاد وتحويلها الي جحيم، وأشعال الحروب في كل بقاع السودان بإسم الدين مما أدى لإنفصال جنوب السودان وبروز نزعات إنفصالية جديدة، فلم يجد الاسلامويين أي فاصل بين غايتهم وطريقة الوصول لها – الغاية عندهم تبرر الوسيلة – وبهذا الشعار أذاقوا السودانيين الامرين.

يتحمل الإسلامويون المسئولية الكاملة في تقويض الفترة الانتقالية عقب ثورة ديسمبر 2019 وهندسة إنقلاب اكتوبر 2021، وإشعال حرب الخامس عشر من ابريل 2023، وكل تداعياتها الماسأوية، وجرم الإصرار على إستمرارها ، والوقوف حجر عثرة أمام اي فرصة سلام تلوح في الأفق، والتخفي وراء الجيش لإستعادة سلطة مفقودة على انقاض وطن مدمر بذات الوسائل غير المشروعة؛ وهذا هو المأزق الكبير والخسران المبين، هذه التركة الثقيلة من الجرائم والإنتهاكات والممارسات التي اوصلت البلاد الي هذا المنعطف؛ زادت من الرفض الشعبي للإسلامويين خاصة وأنهم مازالوا يتبنؤن ذات التوجهات الراديكالية والتصورات الضيقة والشعارات الاقصائية، وقد بأت من العسير عودتهم الي السلطة من جديد، والتي مرهونة بتغيير المنهج والتخلي عن نمطية الخطاب السياسي والإعتراف بالإخطاء والإستعداد للمحاسبة ضمن مصالحة وطنية شاملة.

لعل المشكلات التنظيمية التي تعاني منها التنظيمات الإسلاموية لها أثراً جدياً على حاضرها ومستقبلها خاصة بعد ما طالتها الانشقاقات العميقة والإنقسامات العديدة والصراعات المتناسلة والجمود القيادي وضياع المشروع السياسي بفشل الاسلام السياسي في المنطقة، وأصبحت فقط تعتمد على مشروعية المؤسسة العسكرية وقيادتها ورمزيتها. صحيح؛ سعت الحركة الاسلامية لتجميع شعث الجماعات الاسلامية المنشقة عنها في التيار الاسلامي العريض على شاكلة الجبهة الاسلامية للدستور 1955 وجبهة الميثاق الاسلامي1965 والجبهة الاسلامية القومية 1985 ووفق اطروحة المنظومة الخالفة للدكتور حسن الترابي 2015، ولكن تجربة التيار الاسلامي العريض منذ تكوينه في 2022 كإطار تنسيقي لترتيب الأوراق وعودة دولة الشريعة ولكنه؛ ظل حبيس التصورات الماضوية وفشل في تحقيق وحدة إندماجية وفي تصحيح الأخطاء الكارثية التي إرتكبت في حق الوطن، فأصبح إسماً بلا معنى وشكلاً بلا مضمون وسرعان ما عادت كياناته تعبر عن ذاتها بعيداً عنه.

الحقيقة التي لا جدال حولها ان التطلع الإسلامي يحظى بتأييد كبير وقاعدة إجتماعية واسعة وسط السودانيين رغم التباين في المرجعية الاسلامية حول الفهم الصحيح للإسلام والقضايا الفقهية والسياسية، فالتوجه العام يتبنى إيجاد مقاربة بين تحقيق التطلع الاسلامي وإحترام حقوق المواطنة المتساوية. ولكن طرائق تفكير الحركة الاسلامية واستغلالها للدين وتحويله الي انتماء ايديولوجي يوظف هذا التطلع لتحقيق مصالح سلطوية وإقتصادية بصورة غير شرعية على حساب المجتمع المسلم قد أضر كثيراً بالإسلام والسودان، وبالتالي تعد الحركة الاسلامية معول هدم ومخلب قط ليس بسبب إرتباطاتها الخارجية في سياق وحدة الامة على حساب وحدة الوطن فحسب وإنما تعمدها تقطيع أواصل المجتمع وتقسيم السودان على مقاس مشروعها الأصولي، وهذا هو الوزر التاريخي الذي تتحمله الحركة الإسلامية “وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى”.

جُب العلمانية وأزمتها الوجودية:
العلمانية على حد تعريف هارفي كوكس أنها ” إدارة قَفَا الانسان من عوالم غيبية، ولفت نظره الي هذا العالم وهذا الزمان، إنها طرد الغيبات من الطبيعة، وطرد القداسة من السياسة، وتحرير القيم من الجمود، وهي حركة تاريخية مستمرة بموجيبها يرتقي الانسان من الطفولة الفكرية الي النضج، ويتحرر من الوصايا ليصبح مسئولاً عن مصيره”، ومنذ أواخر القرن التاسع عشر تم تعريفها بإعتبارها “فصل الدين عن الدولة” كتصور سياسي وإخفاء البعد الفلسفي حول الأسئلة الكونية، وقد أشار المفكر عبد الوهاب المسيري الي أن العلمانية التي تحققت في الواقع تعني أن ثمة إنتقالاً من الإنساني الي الطبيعي المادي وأعدها سقوطاً في الفسلفة المادية، وميز المسيري ما بين “العلمانية الجزئية” التي تعني الفصل بين الدين والدولة من ناحية، ومن ناحية أخرى ما أسماه “العلمانية الشاملة” وهي رؤية شاملة للكون بكل مجالاته، والتي تفصل كل القيم الانسانية والاخلاقية والدينية عن كل جوانب الحياة الي ان يتم نزع القداسة تماماً عن العالم. على ضوء ذلك ظهرت عدة علمانيات تتراوح ما بين علمانية إلحادية متشددة كعقيدة مقابلة للدين الي علمانية معتدلة تنادي بفصل الدين من الدولة.

العلمانية المطروحة في السياق العربي والإسلامي بما في ذلك السياق السوداني لحد كبير تندرج تحت النوع الثاني القائم على فصل الدين من الدولة، فالمبادئ فوق الدستورية التي طرحتها الحركة الشعبية شمال قيادة عبد العزيز الحلو تؤكد على فصل الدين عن الدولة دون الاعتداء على مظاهر الدين وممارساته، وبذلك فإن الحركة الشعبية شمال ترفض النموذج المتوحش والأشمل للعلمانية.

التطلع العلماني في السودان مستمد من التجارب المعيبة للتطبيق الاسلامي ومن النقل الأعمى للتجربة الغربية، وبالتالي غرق في جُب تناقضات الحداثة وتفكيك منطلقاتها النظرية وتعقيدات الواقع وإشكالات التطبيق، وعجز عن الإجابة على سؤال الفصل التام، ومعلوم بالضرورة ان الدولة هي شعب وأرض وسلطات تنفيذية وقضائية وتشريعية؟، فكيف يفصل الدين عن الشعب؟، وكيف يفصل الدين عن السلطات الثلاث؟، كما ان عملية الفصل تفرض رفض تدخل الدين في السياسة بما يتعارض مع مبدأ الحرية وحق المجتمعات التي تقوم على الالتزام بالتصور الديني في تنظيم نفسها والمشاركة في إدارة الدولة، فكيف إذاً يتم الفصل دون انتهاك حرية هذه المجتمعات؟، صحيح؛ ان السودان بلد متعدد الثقافات والاثنيات والاديان وهذا ليس مسوغ لفرض مشاريع آحادية كالعلمانية والإسلاموية بقدر ما يستدعي الادارة الحكمية للتنوع وبناء هوية سودانوية جامعة.

أزمة العلمانيين ليس في إغفالهم للسياق التاريخي الذي أنتج العلمانية في الثقافة الغربية نتيجة الصراع الطويل في مواجهة ثيوقراطية الكنيسة ومحاولة استجلابها كحلول جاهزة فحسب وإنما إغفال الغايات والمقاصد ومعاني الحياة والإنسان، وإغفال الواقع السوداني الذي يعاني من إشكالات مختلفة عن الغرب المسيحي، فمن ناحية تبنى علمانيو السودان ذات التبريرات والدوافع التي يسوقها الغرب لمقاربة معالجة اشكالاته، ومن ناحية آخرى تبرير دعوة علمانية الدولة كردة فعل ممارسات الإسلامويين بإسم الدين – التي لا تعبر بالكاد عن مجتمع المسلمين – الأمر الذي أدخل العلمانية في عداء صريح مع منظومة القيم الدينية والأخلاقية في المجتمع السوداني، فقد أدى شطط طرح المطلب العلماني الي تغذية مضادة تتمسك بالدولة الاسلامية وتكفر دعاة العلمانية، وذلك بطرحها كمصطلح إشكالي وكمفهوم هوياتي يؤجج الصراع أكثر من يقدم حلول له، مع الأخذ في الإعتبار المؤثرات الخارجية وتداعيات إستمرار الصراع الاسلامي العلماني لأكثر من قرن من الزمان في عدد من دول المنطقة.

مازق العلمانيين في السودان أعمق من مأزق الإسلامويين حول قضايا الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة؛ لأنهم ينادون بها في المعارضة ويتنكرون لها في السلطة، بالإضافة الي مشاركة العلمانيين في الأنظمة الإستبدادية والإنقلابية ومساندة حكم العسكر وتبرير بطش وقمع نظام مايو 1969 للشعب السوداني، وهذا ليس إستثناء فتجارب العلمانية في العالم من لدن هتلر وستالين كلها تكشف زيف إدعائها الديمقراطية وإحترام إرادة الشعوب، وبالتالي باتت العلمانية من قضايا التكسب السياسي والتي تثيرها بعض القوى لإستقطاب شرائح معينة في المجتمع وفرضها على ارادة الشعب دون تفويض إنتخابي، فقد نادت الحركة الشعبية لتحرير السودان بالعلمانية ولكنها تخلت عنها في إتفاقية نيفاشا وإقتسمت السلطة ثنائياً من النظام الإسلاموي الشمولي وقبلت بتقسيم البلاد على اساس ديني، كما تناست القوى الموقعة على إتفاق جوبا لسلام السودان عن مطلب العلمانية لصالح مشاركتها في السلطة.

مجمل القول ان ليس هناك إتساق فكري وسياسي لدى القوى العلمانية التي لا تؤمن بالديمقراطية رغم النص عليها في مرجعياتها، وتتعامل معها ككرت للإبتزاز والمزايدة والمساومة. وقد لا تجد حرجاً في الإصطفاف مع أحد طرفي الحرب وتنخرط مع قوات الدعم السريع في تحالف تأسيس الذي نص على علمانية الدولة في دستور الحكومة الموازية في مناطق سيطرة الدعم السريع وتحت حماية بندقيته، مما يفتح الباب على مصرعيه لتقسيم السودان ما بين دولة علمانية في الغرب ودولة إسلاموية في الشرق.

فك الإشتباك ومدنية الدولة:
ان أساس الصراع في السودان الإستبداد وهو ملة واحدة سوى كان علماني بإسم الحداثة أو إسلاموي بإسم الإسلام بإستخدام وسائل قهرية لفرض مشروع آحادي، وان المطلب الرئيسي للسودانيين إدارة التنوع والإستجابة للتعددية كأساس للديمقراطية، وضبط الهوية السودانية بكل ما فيها من رصيد إيجابي يعزز الوحدة الوطنية والإندماج القومي في إطار التاريخ الحضاري والمنتوج الثقافي المشترك مع كفالة حق إنتماء أي فرد لهويته الثقافية والتعبير عنها بالوسائل الديمقراطية.

الصيغة الموضوعية لطبيعة الدولة ونظام الحكم تلك التي توفق بين الأصالة والحداثة وتفك الإشتباك بين الدولة الدينية القائمة على الحاكمية والإستخلاف والدولة العلمانية القائمة على فصل الدين من الدولة، هي الدولة المدنية التي تستمد مشروعيتها من مواطنيها ما يجعل المسلمين منفتحين لتطوير نظم الحكم الذي يندرج ضمن الخطاب القيمي والمقاصدي؛ كما أشار الامام الصادق المهدي عليه الرضوان ” ليس في الاسلام نظام حكم معين لان نظام الحكم ليس من الثوابت كالتوحيد والنبوة والمعاد والاركان الخمسة بل قابل للحركة الإجتهادية ضمن مبادئ ومقاصد سياسية”. مؤكداً على ” أن فصل الدين عن الدولة غير ممكن وأن أنواع الفصل المطلوبة هي الفصل بين المواطنة والانتماء الديني، والفصل بين السلطة السياسية والعسكرية، والفصل بين المؤسسات الدعوية والمنظمات السياسية، والفصل بين ممارسة الحكم وممارسة التجارة.” وقد قدم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” صيغة لمسالة الدين والدولة في رؤيته السياسية لإنهاء الحروب وإستعادة الثورة وتأسيس الدولة يونيو 2025 ” بناء وتأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية تقوم على الفصل التام بين الانتماء الديني للمواطنين والدولة، على أن تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان والمعتقدات، وان تكون المواطنة المتساوية هي أساس الحقوق والواجبات الدستورية دون أدنى تمييز على أساس ديني أو ثقافي أو اثني أو لغوي أو جهوي أو بسبب الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو الإعاقة أو أي شكل من أشكال التمييز”.

على الرغم من أن النسخة الإسلاموية المطروحة الآن إنتهازية، والنسخة العلمانية المطروحة مخففة، إلا أن حدية الصراع العلماني الإسلاموي بكل حمولاته التاريخية والأيديولوجية تلقي بظلالها على مصير السودان سيما وأن الصراع إتخذ وسائل عنيفة، هذا الإنقسام الإجتماعي والسياسي الذي ينذر بتقسيم جغرافي في ظل حرب ضروس يستوجب بناء رؤية توافقية قادرة على فك الإشتباك حول طبيعة الدولة ونظام الحكم وضبط العلاقة بين الدين والدولة كأهم القضايا التي ينبغي استيعابها بجدية في مشروع وطني ينتج عقداً اجتماعياً جديداً يتعايش بموجبه السودانيين بسلام وديمقراطية، وهذا ممكناً، فقد تمت عدة صيغ توافقية من قبل في فترة الديمقراطية الثالثة 1985 بأن يكون التشريع بوسائل ديمقراطية، وفي مقررات أسمرا للقضايا المصيرية 1995 والتي حددت أسس الحكم بعيداً من العلمانية، وفي الوثيقة الدستورية الإنتقالية 2019 التي نصت على دولة المواطنة بلا تمييز، وطرح الامام الصادق المهدي 2020 صيغة توافقية في مقال “يسالونك عن الدين والدولة” مستنداً على رؤية تأصيلية لفك الاشتباك، وأدارت مجموعة من مدارس إسلامية وعلمانية حواراً في فبراير 2017 بنيروبي حول علاقة الدين بالدولة، واتفقوا على أن للدين دوره في الحياة، ولا يمكن إبعاده، مع التأكيد على أن الدولة يجب أن تقف موقفاً واحداً تجاه كل الأديان، مع التزامهم بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لا سيما حرية التعبير والتفكير، وكافة الحريات الأخرى.

إذن إمكانية التوافق موجودة ومتوفرة إذا حسنت النوايا وتوفرت الإرادة، فهل نشهد تحول يخرج السودان من كهف الاسلاموية وجب العلمانية؟. فقضية الدين والدولة بكل ما تحمل من خطورة وتعقيدات لا يمكن فرضها على الشعب السوداني بأي شكل من الأشكال، وبلا شك ستكون محل جدل مستمر فلا يمكن حسمها الا عبر مؤتمر قومي دستوري جامع وبرلمان منتخب، والي حين ذلك من المهم التعاطي الهادئ حول قضايا المصير الوطني والانخراط في حوار مائدة مستديرة سوداني يتواضع فيه السودانيين على رؤية توافقية لإنهاء الحرب وفتح الطريق أمام التحول المدني الديمقراطي وإعادة اللحمة الوطنية.

 محمد بدوي يكتب:ثلاثية وفى إنتظار الرباعية !

0

 محمد بدوي يكتب:ثلاثية وفى إنتظار الرباعية !

غيبت حرب أبريل٢٠٢٣ العاصمة السودانية الخرطوم، أو بصيغة آخري الإصرار على بقاء القواعد العسكرية في وسط المساكن بالمدن، وبقاء الحشود العسكرية فى الساحات المخصصة لأغراض مدنية، حول القتال إلى الضواحي السكنية، ليمتد العنف والدمار نحو المدنيين وممتلكاتهم بسبب ذلك، ورغم ذلك ظل الدوران حول السؤال المفخخ من أطلق الرصاصة الأولي، رافعة لإستمرار الحرب وإخراج المدنيين من معادلة الحق في الحياة، بالإصرار على إنتقال البارود من مكان إلى حيز آمن آخر.

إستمرار الحرب وغياب الخرطوم التى تقف الآن كشبح خرج كن كهوف سحيقة، دفع بمدينتي بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة، التى أثقل كاهلها الزحام والمسيرات، ومدينة نيالا التي تراجعت سنينا ضوئية بعد أن إجتهدت على مدي (٩٣)عاما منذ تاسيسها في ١٩٣٠ لتحتل المرتب الثالث فى المدن الإقتصادية بالسودان، ومؤكد لا يفوت على فطنة القارئ بأن ذلك قبل نوفمبر أبريل ٢٠٢٣، ما يفصل بين بورتسودان ونيالا مسافة تقدر ب(٢٠١٤)كيلو مترا، وهاهي المسافة تطول سياسيا حينما تقف كل منهما عاصمة للسودان، مع ضرورة الإشارة بإن كلتاهما لا تعبران عن فصيلة دم الثورة السودانية وأحلام التغيير الذي ينشده السودانين/ات.

فى ظل هذه التعقيدات المتسارعة تطل المفارقة بأن يجلس مدنيان على كرسيي رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس وبالمقابل الأستاذ محمد حسن التعايشي، بينما أحتفظ الجنرالان بموقعهما الذي لا يابه بإطلاع رئيس الوزراء بالحالة الامنية بالبلاد كل صباح، في مشهد يعزز ما يدركه الوجدان السليم بان الطريق نحو الإستقرار لا يتحقق بالإ بالإرادة المنحازة للفصل بين السلطات وهو الأمر الذي لا يمكن تصوره فى ظل سيادة البارود.

خلال هذا الأسبوع إنشغل العديد من السودنيين/ات في إنتظار ال٢٩ من يونيو ٢٠٢٥، كموعد لإجتماع حول السودان للرباعية ” ممثلي الادارة الامريكية، مصر العربية، الامارات المتحدة والمملكة العربية السعودية”، السؤال هل هنالك مؤعد معلن للإجتماع ؟ لما لم يتوفر ذلك البديهي الأ يكون هنالك إعلان بالإالغاء او التأجيل، بل ولا حتي تحديد موعد قادم للإنعقاد.

هذا الإنشغال والبحث عن الإجابات، والغبطة المقابلة بعدم قيام الإجتماع من فئات مناهضة للاولي، يثير السؤال الجوهري المتكرر حول غياب الإرادة والدور الوطني لوقف الحرب في السودان، ولا سيما أن واقع المدنيين المتراجع في مناطق كثيرة بالسودان، والتي تقف مدينة الفاشر على راسها، هل كانت الرباعية مفتاح الفرج! أم أن العشم في الإنعقاد القادم دون مواعيد محددة مدعاة للصبر!

الفاشر تمثل حالة يمكن تضيف للقانون الدولى الإنساني في كليات الحقوق والبحوث الأكاديمية، فلك أن تتخيل أيها القاري/ة الموقر/ة بأن تصل قافلة مساعدات إنسانية تقدر ب ١٥ شاحنة إلى مدينة الكومة التي تبعد ٦٧ كيلو مترا عن الفاشر المحاصرة، كان هذا حدثا اسطوريا بعد ان توقفت القوفل قبل فترة طويلة مرتبطة بتوقف القوة المشتركة التى كانت تحمي القوافل من بورتسودان الى الفاشر، لكن الفرحة لم تكتمل فيصر الدعم السريع على عدم وصولها للفاشر لأنه يطيل من امد صمود المدينة المحاصرة، فياخذ الجيش الامر ذريعة لقصفها لاعتبار ان الراجح هو إستيلاء الدعم السريع عليها! ولا عزاء للاطفال الجوعي من الطرفين .

البحث عن الحلول عبر الرباعية،كأنه بحث عن الامان في المسافة التي تفصل بين بورتسودان ونيالا بالكيلومترات، لانها في تقديري مؤشر لإطالة امد الحرب، تباعد المواقف بين دول الرباعية لا يحتاج إلى كثير جهد لإلتقاطه، فمثل هذه الإجتماعات تاتي لاحقة او برتكولية تسبقها نقاشات وإتفاقات ومسودة البيان الختامي، فلا يستغرق الأجتماع الإ زمن محدود للتهئة للاعلان او مؤتمر صحفي لإطلاق البيان الذي وقع بالاحرف الاولى قبل وقت من ذلك .

ولعل مواقف الاطراف ليست خافية او جديدة فالإدارة الامريكية والمملكة السعودية مسهلي منبر جدة موفقهما واضح ومرتبط ب بتفويض المنبر وهو وقف الحرب وليس بحث العملية السياسية بما يلزم إشراك الجيش والدعم السريع في هذه المرحلة، وهو موقف تتفق فيه الامارات ومصر بحكم المرحلة، المرحلة الثانية اي العملية السياسية هى محل خلاف المواقف، فالامارات المتحدة اعلنت موقفها من المرحلة منذ مؤتمر لندن وهو إخراج الجيش والدعم السريع من العملية السياسية، بينما تعزز التسريبات من موقف مصر الداعم للجيش منذ ابريل ٢٠١٩ بإشراك الجيش في المرحلة السياسية.

فإذا كانت تلك هى السيناريوهات للرباعية، ماهو سيناريو القوي السياسية السودانية والقوي الداعمة لوقف الحرف من مختلف الأجسام الوطنية! لعل الإجابة على السؤال يجعل من القوي الداعمة للتغيير السياسي الجوهري فاعلة وليست في خانة إنتظار لإجتماعات الرباعية، لأن ذلك يعني إنتظار ما سيقرر للتنفيذ !

أخيرا: لا زال في الوقت متسع لتنسيق بين رؤساء الاحزاب السودانية “عدا المؤتمر الوطني”، رؤساء وقادة النقابات ورجال الإدارة الأهلية الذين يدعمون وقف الحرب وكافة الأجسام الوطنية التي تنشد السلام والإستقرار، فالحوجة لمركز وطني يعني قطع نصف المسافة نحو وقف الحرب، لأن الحوجة للرباعية جاءت لأسباب كثيرة منها الغياب الوطني، فحالنا في حضور طرفي القتال وغياب المدنيين كحال مثل شملة كنيزة ثلاثية وقدها رباعي/ة .

 بلغ إجمالي الحالات اليومية للكوليرا 312 حالة منها 32 حالة وفاة في مخيم كلمة ولاية جنوب دارفور 

 بلغ إجمالي الحالات اليومية للكوليرا 312 حالة منها 32 حالة وفاة في مخيم كلمة ولاية جنوب دارفور 

متابعات:السودانية نيوز

كشف الناطق باسم النازحين واللاجئين ، ادم رجال عن ارتفاع حالات مرض الكوليرا ، خاصة في مخيمات طويلة، جبل مرة، ونيالا، ارتفاعًا مقلقًا في عدد حالات الكوليرا اليومية في مراكز النزوح.

 وبلغ إجمالي الحالات اليومية في مخيم كلمة 312 حالة، بما في ذلك 32 حالة وفاة. كما توجد حالات في مخيمات عطاش، دريج، والسلام.

وسجلت منطقة نيو مارتل، 30 حالة اليوم. بجانب مناطق جبل مرة: شمل الانتشار مناطق قولو وجلدو، حيث بلغ إجمالي الحالات اليومية 139 حالة.

واضاف ادم رجال في التقرير اليومي لحالات الاصابات ،(يشهد تفشي الكوليرا في دارفور، وخاصةً في مخيمات طويلة وجبل مرة ونيالا، ارتفاعًا مُقلقًا في عدد الحالات اليومية في مراكز النزوح. في منطقة طويلة، تتركز معظم الحالات في مخيم دبة نيرة. وبلغ العدد التراكمي اليومي للحالات منذ تفشي المرض ٢٧١٩ حالة، منها ٤٩ حالة وفاة. ويوجد حاليًا ٣٠٧ حالات في مراكز العزل. ومن بين الحالات الجديدة، تم إدخال ٩٣ حالة اليوم، من بينها ١١ طفلًا دون سن الخامسة، وخرج ٤٧ حالة.

امتدّ الوباء أيضًا إلى منطقة نيو مارتل، ليصل إجمالي الحالات اليومية إلى 30 حالة.

كما امتدّ الوباء إلى مناطق أخرى، بما في ذلك قولو وجلدو في جبل مرة، حيث بلغ إجمالي الحالات اليومية 139 حالة.

بلغ إجمالي الحالات اليومية في مخيم كلمة 312 حالة، بما في ذلك 32 حالة وفاة، وحالات في مخيمات عطاش ودريج والسلام.

مؤتمر الاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس مشروع الجزيرة يوصي بوقف الحرب باعتبار أي إصلاح اواي تعمير هو رهين بوقفها.

مؤتمر الاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس مشروع الجزيرة يوصي بوقف الحرب باعتبار أي إصلاح اواي تعمير هو رهين بوقفها.

متابعات:السودانية نيوز

اوصي مؤتمر الاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس مشروع الجزيرة ،بضرورة وقف الحرب وان يساهم الجميع في العمل لأجل ذلك، لان احداث أي إصلاح اواي تعمير هو رهين بوقفها.

ودعا في ختام جلساته بكشف الحقائق حول الإمكانات المالية المتحققة الان، وبرغم استمرار الحرب، على صعيد الموارد الوطنية مثل الذهب والثروة الحيوانية، وكشف حقيقة كفايتها لإجراءات الإصلاح في القطاع الزراعي.

وانعقد مؤتمر الاحتفال بمئوية مشروع الجزيرة في الفترة ما بين 18 و26 يوليو 2025، بمشاركة ليف من العلماء والخبراء والباحثين السودانيين من الداخل والخارج. تميز المؤتمر بتقديم أوراق بحثية عالية القيمة تناولت قضايا مشروع الجزيرة، القطاع الزراعي، و الاقتصاد السوداني.

البيان الختامي والتوصيات

انعقد في الفترة ما بين 18 و26 يوليو 2025 مؤتمر الاحتفال بمئوية مشروع الجزيرة، حيث تنادى لفيف من العلماء والخبراء والباحثين السودانيين من الداخل والخارج في تجمع غير مسبوق للاحتفاء بمئوية تأسيس مشروع الجزيرة، وعلى طريقةٍ مختلفةٍ من كل أشكال الاحتفاء المألوفة والمتعارف عليها، حيث عبروا عن احتفائهم بتقديم وبعرض لأوراق بحثية عالية القيمة ومهمة، لامست كل القضايا، ليست الخاصة بمشروع الجزيرة وحسب وإنما كذلك تلك المتعلقة بالقطاع الزراعي بل والاقتصاد السوداني في عمومه. إذ شملت قضايا مثل التمويل، رقمنة الإنتاج، استخدام التكنولوجية في الري، قضايا ملكية الأرض، والتبني لمحاصيل نقدية جديدة، وكذلك المسئولية المجتمعية وغيرها من قضايا التحول الاجتماعي والتنوع الاثني والثقافي.

شارك في افتتاحية المؤتمر كل من الدكتور عبد الله حمدوك والأستاذ التجاني حسن إدريس المستشار القانوني لملاك أراضي الملك الحر بمشروع الجزيرة الزراعي والذي تمت تلاوة رسالته على المؤتمرين.

أمن الخبراء على خصوصية الظرف الذي انعقد فيه المؤتمر، حيث ان الحرب المستعرة ولأكثر من عامين مازلت تحاصر البلاد. وذلك مما جعل للتداول في هذا المؤتمر ولمخرجاته وزناً خاصاً، وإذ لم يغفل المؤتمرون موضوع الإصلاح وإعادة اعمار القطاعات الاقتصادية، والزراعية بوضع أخص.

من واقع البحوث المقدمة والتداول والمناقشات التي تمت في جلسات المؤتمر المختلفة تم استخلاص التوصيات التالية/

اولاً/ الابد من وقف الحرب وان يساهم الجميع في العمل لأجل ذلك، لان احداث أي إصلاح اواي تعمير هو رهين بوقفها.

ثانياً/ لابد من كشف الحقائق حول الإمكانات المالية المتحققة الان، وبرغم استمرار الحرب، على صعيد الموارد الوطنية مثل الذهب والثروة الحيوانية، وكشف حقيقة كفايتها لإجراءات الإصلاح في القطاع الزراعي.

ثالثاً/ لابد من البدء في تطبيق التقانة المتدرج والتدريب عليه إذ انه ليس من الضروري ان يكون برنامج التطبيق برنامجاً شاملاً من الوهلة الأولى، وخاصة ان البلاد ستكون خارجةً للتو من الحرب.

رابعاً/ أن تحل قضية ملاك الأرض والملك الحر في مشروع الجزيرة حلاً عادلاً على ضوء توصيات آخر لجنة كونتها وزارة الزراعة قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021م.

خامساً/ إن تطوير وتبني برنامج شامل للإرشاد الزراعي ليس بضرورة وحسب وإنما يجب ان يُفهم بانه هو المحور والقاعدة الأساس لنهضة المزارع والنشاط الزراعي معاً.  

سادساً/ العمل على بناء حركة تعاونية متطورة ومعافاة في مشروع الجزيرة وفقاً وأسوة بما يحدث من تجارب في العالم، وعلى أن يُفهم بان التعاون هو مستقبل المشروع، وذلك لأن الممارسة الفاعلة للتعاون ستؤدي الى تقليل وتقليص الظل الإداري وتخفيف القبضة المركزية.

سابعاً/ أخذ المخاطر الصحية المترتبة على استخدام الأسمدة والمواد الكيماوية مأخذ الجد، وان تتم معالجة هذه القضية باعتبار انها مهدد لحياة الإنسان والحيوان والنبات في القطاع الزراعي بشكل خاص.

ثامناً/ تأكيد النظر في أهمية صياغة متطورة للمسئولية المجتمعية في مشروع الجزيرة، أي صياغة مستوعبة لما طرأ من تغيراتٍ على حياة المواطنين في منطقة الجزيرة.

تاسعاً/ معالجة قضايا التنوع الإثني والثقافي وقضايا العمال الزراعيين بالحكمة والتعقل وذلك استناداً على إرث التعايش السلمي الراسخ والتاريخي الذي خبرته منطقة الجزيرة عبر القرون.

عاشراً/ توحيد جهود كل المهتمين في المجالات المختلفة والعمل سوياً من أجل صياغة برنامج موحد ومتطور يعيد لمشروع الجزيرة دوره الريادي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

إحدى عشر/ استعادة دور الاعلام  وتوظيفه في خدمة برامج التغيير وترسيخ الوعي.

وأخيراً/ العمل على تنفيذ مقترح الورش المكملة للتداول وللحوارات التي صحبت أعمال المؤتمر، وعلى ان يتم ذلك في أقرب وقت ممكن.

تنويه:

انعقد مؤتمر الاحتفال بمئوية مشروع الجزيرة تحت الرعاية المشتركة لـ “موقع الاقتصادي السوداني” و”المركز السوداني الأمريكي للبحوث والدراسات الاقتصادية”.

الطفولة تحت النار: وجع الصغار في ظل الصراع المنسي

الطفولة تحت النار: وجع الصغار في ظل الصراع المنسي

تقرير:حسين سعد
لم تعد الطفولة مرادفًا للبراءة واللعب، في السودان بل صارت عنوانًا للحزن والخذلان، أطفال بوجوه شاحبة وعيون تسبق أعمارهم، يكبرون في الظل وتحت أصوات القصف، يلهون بين الأنقاض، ويبحثون عن الماء والدواء بدلًا من الحلوى والدفاتر، في ظل حرب لا ترحم، تدفع أجساد الصغار الثمن الأكبر، تتفشى الأمراض وسط غياب اللقاحات والرعاية، وتنهار المنظومة الصحية كما تنهار منازلهم على رؤوسهم. الحمى، وسوء التغذية، والإسهالات الحادة، والملاريا، والكوليرا، تحاصرهم من كل جانب، بينما المستشفيات مغلقة أو مدمرة، والأدوية نادرة، والمساعدات تُعاق أمام البنادق، هذا التقرير ينقل صورًا موجعة من عمق المأساة، حيث يصارع الأطفال المرض وحدهم، وتكتفي الأمهات بالدعاء وقطع القماش المبللة لتخفيض الحرارة، واللجوء للاعشاب والقرض للعلاج ، نرصد الحكايات الصغيرة المؤلمة، ووجع العائلات التي تخسر أبناءها بصمت، وواقعًا إنسانيًا متصدعًا يحتاج إلى ضمير العالم قبل أي دعم، في قلب السودان المنكوب، لا تكبر الأحلام، بل يتسابق المرض والموت على الأجساد النحيلة… فهل من يسمع أنين الطفولة المذبوحة؟
أجساد صغيرة في مهبّ الحرب
في القرى النائية وأحياء الخرطوم التي نزح منها الآلاف، تغيب الرعاية الصحية وتغيب الدولة، ويبقى الطفل السوداني وحيدًا في معركة غير متكافئة مع المرض والجوع والخوف، بعضهم لم يتجاوز عامه الأول، ووجنتاه الغائرتان تقولان كل شيء: لا حليب، لا دواء، لا أمل، أطباء قليلون يعملون في ظروف قاسية، ومراكز صحية متهالكة تحولت إلى ملاذ للأنين. لا مولدات كهرباء، لا ثلاجات لحفظ اللقاحات، والمحاليل الوريدية نادرة، بينما يستشري الجفاف في أجساد الرضع مثل لهيب الصحراء، الكوليرا تنهش القرى بلا تدخل، والملاريا تحصد الأرواح في الخيام، وسوء التغذية يُحوِّل الأطفال إلى أشباحٍ تتنفس بالكاد، الحرب لم تقتلهم بالقذائف فقط، بل قتلت كل ما يُبقيهم أحياء، فصلت الأمهات عن مستشفيات الولادة، قطعت سبل الوصول إلى الطعام، أغلقت المدارس، وحولت اللعب إلى لهاثٍ تحت وطأة النزوح والخوف، بعض الأطفال فقدوا ذويهم، وبعضهم فقدوا أسماءهم، وتحولوا إلى أرقام في دفاتر المنظمات. ليسوا مجرد ضحايا، بل شهود صامتون على جريمة جماعية في حق الطفولة، فهل سيبقى العالم يتفرج؟ متى تتحول دموع الأمهات إلى صرخة ضمير؟ ومتى يُسمح لأطفال السودان أن يمرضوا دون أن يُتركوا للموت وحدهم؟
أطفال بين المرض والجوع
في معسكرات النزوح المكتظة، حيث تُقاس الحياة بالقليل من التنفس والماء، يتكدس الأطفال على الأرض بلا أغطية، يحاصرهم الذباب وتنهشهم الحمى، بينما الأمهات يراقبنهم بقلوب منكسرة، عاجزات عن تقديم شيء سوى الحنان، هناك، لا توجد ألعاب، بل حُقن فارغة، لا توجد قصص قبل النوم، بل نوبات بكاء من الألم والجوع، المنظمات الإنسانية، رغم محاولاتها، لا تستطيع سد فجوة الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب. فالمعابر مغلقة، والمساعدات تُنهب أو تُمنع من الدخول، والمرافق الطبية القليلة التي ما زالت تعمل تُغلق أبوابها في وجوه المرضى بسبب انعدام الوقود أو انقطاع الإمدادات، الأطباء، أولئك الجنود المجهولون، يواجهون خيارًا مريرًا كل يوم: أي طفل سينقذونه، وأيهم سيُترك للموت؟! هذا العبء الأخلاقي الثقيل يحمله طاقم طبي شجاع، يعمل أحيانًا دون رواتب، ويفترش الأرض بجانب مرضاه، يُجري العمليات في العتمة، ويخيط الجروح بخيوط مهترئة.

مرضى صغار يبحثون عن دواء في وطن محترق.

وتجسد حكاية المواطنة ميساء علي أم لاربعة أطفال التي تحدثت لمدنية نيوز من الخرطوم إنها أسرعت بطفلتها ذات السبعة أعوام لتلقي العلاج في مستشفي بشائر لاصابتها بالحمي والصداع الحاد لكنها، وأنفساها مكتومة ونَفَس متقطع، بينما تحاول هي أن تبدو قوية، تكتم ذعرها وتهمس له بكلمات طمأنينة لا تسمعها سوى القلوب وتقول أنها وصلت للمستشفي وبعد طول إنتظار تمت الفحوصات لكنها لم تجد العلاج. في قلب الوجع السوداني الممتد، كانت هناك أمٌ أخرى وهي المواطنة فاطمة جابر من ولاية الجزيرة في حديثها مع مدنية نيوز أنها ظلت تطوف بطفلها لتلقي العلاج في مستشفيات الكاملين والحصاحيصا ومدني ، وعقب الفحوصات وجدت العلاج من بورتسودان وعطبرة حيث تم إرساله لها بعد أكثر من إسبوع
الطفولة تحترق ببطء:
ومن جهتها أكدت الدكتورة أديبة إبراهيم السيد أخصائية الباطنيه والأوبئيه، وعضو اللجنه التمهيديه لنقابة أطباء السودان تعرض (150) طفل بالبلاد لحالة إغتصاب وتحرش جنسي لاطفال أعمارهم مابين (5 إلي 16) سنة ، غالبيتهم فتيات في أعمار مختلفة ولفتت الي وجود حالات ولادة لطفلات مغتسبات بمستشفيات النو وشندي والقضارف تم التخلي عنهم وأصبحوا مجهولي الهوية، ونبهت السيد الي إنتشار حالات واسعة للنزيف الحاد ادي لوفاة غالبية الاطفال وتمزق أغشية المهبل وجروح غايرة في عنق الرحم والتبول غير الارادي بسبب الإغتصاب ، ووجود حالات إغماء بسبب الجروح المصاحبة لعملية الاغتصاب وتورم الخصي والنزيف للذكور، وقالت إن علاج حالات الاغتصاب يحتاج الي لبرتكول علاجي للحماية من الامراض المنقولة جنسياً وكذلك الحمل، وناشدت المنظمات الانسانية العالمية بتقديم المساعدات لهذه الوضع الذي وصفته بالكارثي ، مؤكدة إنتشار لامراض الملاريا والسل والكوليرا التي حصدت أكثر من (250) ألف وحمي الضنك الي راح ضحيتها أكثر من (166) ألف.


أطفال بلا دواء
وقالت أديبة في حديثها مع مدنية نيوز يعاني أكثر من (523) ألف طفل من سوء التغذية منهم (117) ألف طفل رضيع حديثي الولادة مات بسبب سوء التغذية والأمراض المعدية جراء التكدس وقلة الغذاء، وعدم وجود الرعاية الصحية الجيدة وقلة الأدوية وعدم وجود ممرات أمنة وقلة الكوادر الصحية ، وأوضحت السيد أنه لعدم وجود تطعيم للأطفال إنتشرت كل الأمراض التي تصيب الاطفال مثل الحصبة التي أصابت (457) الف طفل والبرجم (262) ألف طفل وشلل الأطفال (64) ألف طفل مات وكذلك مرض السعال الديكي (89) ألف طفل وأشارت الي موت طفل او أثنين كل ساعة في معسكرات النزوح وبعض مراكز الايواء البعيدة عن المشافي ، وقالت أديبة هنالك أكثر من (680) الف إمراة حامل بينما تسبب الحصار علي جنوب كردفان في معاناة (15) ألف طفل أعمارهم ما بين (10الي 16) سنة يعانون من مرض السل بسبب ضعف المناعة وسوء التغذية وعدم وجود رعاية صحية أولية وعدم وجود تحصين .
أطفال السودان يُتركون فريسة للمرض والنسيان
وكان شيلدون ييت، ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، قد قال إن الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023 في السودان، أجبرت أطفالا على النزوح مع أسرهم 3 مرات بسبب التوسع المستمر في رقعة القتال، وحرمت أكثر من 17 مليون طفل من الالتحاق بالمدارس ، بينما حذرت اليونيسف من أن أكثر من 3.7 ملايين طفل يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية الحاد، قالت منظمة (أطباء بلا حدود) إن واحدا من كل 6 أشخاص تلقوا علاجا في إحدى مستشفياتها بالعاصمة الخرطوم من إصابات بنيران القتال، كانوا من الأطفال، وبحسب فرجينيا جامبا، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة، فإن العنف الممارس ضد الأطفال في السودان وصل إلى مستويات مرعبة، وأوضحت: أنا مرعوبة من مستوى العنف الذي يؤثر على الأطفال، والتدمير الواسع النطاق للبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المدارس والمرافق الطبية، والافتقار إلى الجهود الفعالة من جانب أطراف الصراع لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المعانين، بما في ذلك الأطفال.
الخاتمة:
في السودان اليوم، لم تعد الأمومة حكاية حنان، بل درب شاق من الصبر والمقاومة في وجه الغياب الكامل للدولة، والطب، والرحمة، وفي ظل هذا الألم العظيم، لا نملك ترف الصمت ولا عذر التخاذل، فهؤلاء الأطفال ليسوا مجرد أرقام في تقارير إغاثية، بل وجوه حقيقية، وأسماء تنتظر أن تُنادى، وقلوب صغيرة تستحق أن تنبض في أمان، إن إنقاذ الطفولة في السودان لا يبدأ فقط بإرسال الغذاء والدواء، بل بالاعتراف العميق بأن الحرب تقتل ما هو أعمق من الجسد: تقتل البراءة، وتغتال الأحلام، وتسرق من الأمهات فلذات أكبادهن، فلنرفع الصوت عاليًا من أجل من لا يملكون صوتًا، ولنحمل معًا هذا الوجع الإنساني في ضمائرنا، لا كخبر عابر، بل كقضية حياة أو موت، لعلّ ضوءًا صغيرًا يخرج من هذا الظلام، ولعلّ طفلًا واحدًا يُشفى، يبتسم، ويخبرنا ذات يوم أن العالم لم ينسه.

مناوي :الحكومة التي شكلت في دارفور ستتحول  إلى حكومة أمر واقع والحرب القادمة ستكون أسوأ.

مناوي :الحكومة التي شكلت في دارفور ستتحول  إلى حكومة أمر واقع والحرب القادمة ستكون أسوأ.

متابعات:السودانية نيوز

قال مني اركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان ،ان الحكومة التي شكلت في دارفور ستتحول مع الزمن إلى حكومة أمر واقع، ومع القليل من الإرتكاز والتمكين في مواقعها التي تسيطر عليها ستتجه إلى الخرطوم والحرب القادمة ستكون أسوأ.

وكشف مناوي في حديثه  لرجالات الادارة الاهلية وأصحاب العملية السلمية والروابط بالاقليم لتنويرهم حول تحديات الراهن السياسي وما يحدث في إقليم دارفور

واتهم حكومة بورتسودان بالتخلي عن دارفور بعد ابعاد الدعم السريع من أواسط السودان.قائلا ( إن بعض المسؤولين السودانيين يعتقدون أن تحرير ولاية الجزيرة وولاية الخرطوم يكفي بحجة أن المناطق الطرفية تشهد صراعا منذ ما قبل استقلال السودان
وتابع أيضا بالقول “إن هناك مسؤول سوداني كبير يعتقد أن الحرب خارج الخرطوم غير مهمة”.

وانتقد مناوي ما وصفه بتضييق الرؤية لدى بعض المسؤولين السودانيين، الذين يعتقدون أن السيطرة على الخرطوم والجزيرة تكفي لإدارة البلاد، متجاهلين الأزمات المتفاقمة في الأطراف، خاصة في دارفور، التي تعاني من أوضاع إنسانية متدهورة. وأشار إلى أن هذا النوع من التفكير يؤثر سلبًا على صُنّاع القرار، ويعكس تجاهلًا ممنهجًا لمعاناة ملايين السودانيين في مناطق النزاع، مؤكدًا أن الحرب خارج الخرطوم لا تقل أهمية عن أي منطقة أخرى، وأن السودان لن يستقر إلا إذا تم التعامل مع جميع أقاليمه على قدم المساواة.

وفيما يتعلق بالوضع الإنساني في مدينة الفاشر، قال مناوي إن أكثر من 518 ألف شخص يعيشون ظروفًا إنسانية بالغة الصعوبة، نتيجة إغلاق قوات الدعم السريع للمعابر ومنع وصول المساعدات. وأوضح أن الحكومة السودانية وافقت على هدنة إنسانية دعت إليها الأمم المتحدة لمدة أسبوع، بهدف تسهيل إيصال المساعدات للمدنيين، إلا أن قوات الدعم السريع رفضت الالتزام بالهدنة، متحدية بذلك الأمم المتحدة، ومستمرة في فرض حصارها على المدينة.

وأشار مناوي إلى أن هناك دولة تدعم قوات الدعم السريع بالأموال والبترول، وتحظى هذه القوات بتأييد من دول كبرى، ما يعقّد المشهد السياسي والإنساني في السودان، ويطرح تساؤلات حول طبيعة الدعم الدولي الذي تتلقاه هذه القوة، في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى وقف الحرب وإعادة بناء الدولة على أسس وطنية جامعة.

موافق ومشاهد.عبد الله اسحق يكتب:تحالف السودان التاسيسي الجديد يدشن نشاطة بولاية جنوب دارفور.

0

موافق ومشاهد.عبد الله اسحق يكتب:تحالف السودان التاسيسي الجديد يدشن نشاطة بولاية جنوب دارفور.

في بادرة جميلة ولقت بارعة دشن تحالف السودان التاسيسي الجديد نشاطة الجماهيري بمؤتمر صحفي حاشد بوسط مدينة نيالا تحدث فيه تحدث عدد من قادة التحالف هم الاستاذ مربي للأجيال ومدير عام وزارة التربية والتعليم ورئيس حظي الامة القومي بالولاية حافظ أحمد عمر الأستاذ المفوه وزميل الدراستي في مرحلتي المتوسطة والثانوية بمدرسة الاميريةالمتوسطة والمصطفي النموزجية أحمد جيرمي والاستاذ الفضلي والشجاعة المتخصصة في منظمات المجتمع و المدني معا رمضان ممثلة المجتمع المدني والاستاذ المقاتل الشرس أحمد تفاصيل من حظي التحالف السوداني الفدرالي فاربعتهم وخامسهم مقدم المؤتمر الصحفي كأنوا موفقين واشادوا في حديثهم بتكوين الجزء السيادي و الدستوري لحكومة السلام والوحدة الانتقالية الفدرالية بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلوا موسي المعروف” بحميدتي” ونائبه الجنرال عبد العزيز آدم الحلو والسيد رئيس الوزراء الأستاذ محمد حسن عثمان التعايشي والسيد رئيس المجلس التشريعي فضل الله برمة ناصر وحكام الاقاليم واعضاء المجلس الرئاسي ووصفوا إعلان تعين الحكومة بإنه انتصار لكل الشعب السودان وبداية حقيقية لانصاف كل المظاليم واعطاء كل اقاليم السودان والمهمشين حقوقهم التاريخية المهضومة واكدو دعمهم الكامل لبرامج حكومة السلام والوحدة الانتقالية الفدرالية حتي تطلع بدورها وتحقق اهدافها المنشودة واعتبروا اختيار مدينة نيالا مهمة ادارية ومقرا لحكومة السلام والوحدة الانتقالية الفدرالية هو تتويج لنضالات كل الثورات والثوار الذين عطروابنضالهم ودمائهم الطاهرة الثورات السودانية المتراكمة واكدوااستعداد اهل مدينة نيالا علي ايواء كل ابناء السودان المشاركون في حكومة السلام والوحدة الانتقالية الفدرالية وضيوفهم وكل ابناء الشعب والمنظمات البعثات الدبلوماسية الدولية والاقليمية والعالمية والأمن المتحدة ودعوا ممثل مجلس حقوق الانسان التايه للامم المتحدة بزيارة عاصمة السودان الادارية للوقوف علي اثار جرائمجيش البرهان في حق الشعب السوداني بدارفور واوضحوا إن تحالف السودان التاسيسي الجديد بولاية جنوب دارفور يمثل عدد من مكونات تحالف السودان التاسيسي الجديد وبداءنا تدشين نشاطنا الاعلاميبعد سلسلة من الاجماعات التشاورية وبعدهذا الاعلان خطتنا سنخرج الي العالم في كل الفضاءات وفي كل محليات وفي كل مدينة بولاية جنوب دارفور وفي كل حي وفي كل قرية وكل فريق وبادية من اجل دعم وتاييد حكومة تحالف السودان التاسيسي الجديد وحكومة السلام والوحدة الانتقالية الفدرالية وسنشارك في كل عمل جماهيري يعبر عن تضامننا وتعاوننا من اجل توعية الجماهير ودعم المجتمع السوداني واسناد قوات تاسيس في الميدان بكل شي وبالكوادر الطبية والتبصيرية وبكل شي من شانة يرفع من همة المقاتلين وينصح الضالين والمخمومين الذين مازالوا يقفون في صفوف أهل الباطل ويصدروا لنا أليات الموت الجماعي.

ان تدشين نشاط تاسيس بالمؤتمرالصحفي كان لفتة بارعة ويضيف للمشهد السياسي والمجتمعي بالعاصمة الادارية إلية جديدة من أليات الدفع والتغيير في الساحة العامة وهنا مطلوب بضرورة من كل مكونات تحالف السودان التاسيسي الجديد ان تنفض الغبار من نفسها والنزول الي ساحات العمل العامربكل امكانياتها البشرية والمادية لتفجير كل الطاقات الكاملة والمتعددة في شيبها وشبابها للمساهمة في العمل العام لتعمير المعاني والمباني بشكل جديد يتجاوز مرارات الماضي واحن الحرب واستشراف المستقبل بشكل أكثر تعاضد وتماسك وتعاون لاكمال مشروع التغيير والتحرير وازالت الفئة الباغية والباقية والمدمرة للشعب السوداني من التسلط .

وهنا يجب توجيه الاشارة الي تحالف القوي المدنية المتحدة “قمم”بان تكون حاضرة وفعالة ومتواصلةمع جميع المكونات السياسية والمدنية والسياسية والمجتمعية والاقتصادية والسياسية في كل السودان وتبادل الادوار معهم بعدالة مع جميع المكونات السياسية لتحالف السودان التاسيسي الجديد وتشكيل فرق عمل مشتركة للتواصل والحوار والتفاوض مع كل القوي السياسية ومع من هم جالوسون خارخ الرصيف لتامين وتحصين مشروع التغيير والتحرير من الانجراف والانحراف والاختراق في المستقبل.

تسجيل ٨ حالات إصابة جديدة بالكوليرا بمعسكر مسل للنازحين في ولاية شمال دارفور

تسجيل ٨ حالات إصابة جديدة بالكوليرا بمعسكر مسل للنازحين في ولاية شمال دارفور

طويلة:السودانية نيوز
كشفت منظمة مناصرة ضحايا دارفور ،عن ٨ حالات إصابة جديدة بالكوليرا تم تسجيلها ب معسكر مسل للنازحين، الواقع جنوب محلية طويلة بولاية شمال دارفور، الفاشر.

وقالت في بيان ،ان المعسكر يعاني من نقص حاد في الخدمات الطبية الأساسية.
و يقوم المتطوعون والمبادِرون بمجهودات ذاتية لجمع التبرعات لتشغيل المركز الصحي و غرفة العزل.

حيث أجرت منظمة مناصرة ضحايا دارفور مقابلة مع أحد الكوادر الطبية العامة بمعسكر مسل للنازحين الذي يقع جنوب محلية طويلة بولاية شمال دارفور الفاشر حوالي ٩ ك حيث افاد للمنظمة إنه تم تسجيل ١٤ حالة إصابة منذو ٢٧ يوليو ٢٠٢٥م تم تحويلهم حالة واحدة إلي مستشفى طويلة التعليمي، و٢ حالة وفاة ،علما بأن معسكر مسل يضم حوالي ٤،٧٠٠ شخص الفارين من الفاشر ومعسكراتها ابوشوك وأبوجا وزمزم يعاني المعسكر من نقص حاد في الخدمات الطبية الأساسية حيث يقوم المتطوعين والمباردين بمجهودات ذاتية جمع تبرعات لتشغيل المركز الصحي وغرفة العزل بمعسكر مسل
الحوجة العاجلة، هي مواد تعقيم، مبيدات حشرية، طلمبات رش ،تناشد المنظمة جميع المنظمات المحلية والإقليمية والدولية لتقديم العون لهذا المعسكر.

ياسر عرمان يكتب :اجتماع الرباعية في واشنطن .. وقضايا غائبة

0

اجتماع الرباعية في واشنطن .. وقضايا غائبة

ياسر عرمان 

في البدء لابد من الترحيب بكل اهتمام اقليمي ودولي يرمي لوقف وانهاء الحرب في السودان وخصوصاً عندما يأتي من بلدان ذات تأثير كبير مثل الولايات المتحدة الامريكية والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر والإمارات العربية المتحدة، الذين في توافقهم تقصر المسافة نحو السلام.
لكن من تجاربنا وقد اتيح لي العمل على نحو وثيق في منابر فاعلة للسلام ووقف وانهاء الحرب والعملية السياسية على مدى اكثر من ثلاث عقود يمكننا القول انه المفيد النظر لمنبر الرباعية اخذين في الاعتبار التجارب الماضية.
منبر الرباعية يثير اسئلة هامة لابد من الاجابة عليها وقضايا غائبة لابد من دعوتها للحضور، فقد درجت الوساطات الخارجية سيما الادارة الاميركية للعمل مع الأطراف السودانية وأخذ وجهة نظرها في الحسبان، في مشاورات تجري في الفضاء العام وبمشاركة القوى الحية والرأي العام بالقدر الكافي، ومنبر واشنطن لم يخاطب القوى السودانية او الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي حول ما يجري، وحتى تأجيل انعقاد المنبر ترك نهباً للتخمينات في قضية تهم مستقبل السودانيات والسودانيين أولاً، ولأن علينا اخذ هذا المنبر بالجدية اللازمة كما يأخذ كل شعب حاضره ومستقبله، ورغم ظروف الحرب والمعاناة والاحباط لابد من الحوار حول هذا المنبر والإجابة على بعض الأسئلة الهامة:

🔺لمن تعود ملكية السلام والعملية السياسية؟
مع ايماننا بأهمية الدور الاقليمي والدولي الفائق لكن الأهم منه هو شعب السودان وان يكون هو المالك لعملية السلام، وان تكون هنالك آليات للتشاور مع السودانيين بشفافية وفي وضح النهار سيما ضحايا الحرب والقوى المدنية الديمقراطية، فكتابة روشتة العلاج تستدعي مقابلة المريض والاستماع له واجراء الكشوفات اللازمة له، ولآخذ العلاج لابد من علاقة صحية بين المريض والمعالج، والمريض اهم من اختلاف الأطباء.
الرباعية تحتاج لإجراء مشاورات مع ضحايا الحرب والمالكين لمستقبل السودان وحاضره من الملايين وآخذ قضاياهم وتطلعاتهم في الحسبان خصوصاً المحاسبة والعدالة ومشروع جديد لبناء الدولة واكمال الثورة.
على قوى المجتمع المدني والسياسي ان تهتم بمنبر الرباعية والمطالبة باجراء التشاور اللازم معها، وان تقود في ذلك حملة شعبية عبر كافة المنابر والوسائط وأساليب العمل المجربة، يجب ان لا نقف متفرجين على مستقبل بلادنا وأمنها ووحدتها وسيادتها.

🔺شمولية الحل والوساطة:
الرباعية تضم قوى مهمة ولكنها تحتاج لآخرين مثل الايقاد والاتحاد الأفريقي وجوار السودان الأقربين والبلدان ذات الصلة بعملية السلام في السودان، والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي واعضاء مجلس الامن الدائمين في شراكة تدعم جهود الرباعية وعبر آلية تضيف لشمولية الوساطة مع وضع الرباعية المميز.
الأطراف السودانية الضرورية في الحل تحتاج لآلية للمشاركة والشمول، والرباعية تدرك ان المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية السودانية هم المعرقل الاول للحلول والاستقرار الداخلي والخارجي وذوي صلة ونسب بقضايا الارهاب ويجب تصنيفهم كمجموعة ارهابية.
أخيراً ان الرباعية تحتاج لمنظور متكامل وحزمة شاملة مدخلها مخاطبة الكارثة الانسانية وحماية المدنيين بوقف فوري لإطلاق نار انساني وبعثة للمراقبة كمدخل للحزمة المتكاملة وتوسيع الفضاء المدني، وعودة النازحين والراغبين من اللاجئين لمنازلهم التي اخرجوا منها بغير وجه حق، مع ربط وقف الحرب بعملية سياسية شاملة تخاطب جذور الأزمة وعلى رأسها الجيش المهني الواحد والحكم المدني الديمقراطي وقضايا الريف والمواطنة بلا تمييز وغيرها من قضايا المشروع الجديد.
ان في تأجيل اجتماع الرباعية فائدة وفرصة للوصول لعملية سلام وعملية سياسية محكمة وناجحة وفاعلة وغير هشة توجه ضغطها لقوى الحرب وغل يدهم وذلك يحتاج لجبهة داخلية تثق في خارطة طريق الرباعية وتعمل معها لفتح الطريق لسلام مستدام وعادل.
من المفيد للرباعية وشركائها ان يثق شعبنا في عمليتي السلام والسياسة وان يقف معها في انسجام في وجه قوى الحرب، ان السلام والديمقراطية ملك لشعب السودان.

١ أغسطس ٢٠٢٥