تقدير موقف: مركز تقدم للسياسات
تقديم: يعتبر قيام سلاح الجو للتحالف العربي بقصف ميناء المكلا تصعيدا يرفع من مستوى التوتر في جنوب اليمن ويكشف عن تفاقم خلاف إقليمي بين السعودية والإمارات بشأن الأزمة الأخيرة بعد قيام قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالسيطرة على مناطق في حضرموت والمهرة.
في المعطيات:
-في 30 ديسمبر 2025، أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.
-قال المتحدث الرسمي باسم التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه تم رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة في الإمارات إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف.
-أضاف أن طاقم السفينتين قام بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) “بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216”.
-في 30 ديسمبر 2025، عبرت وزارة الخارجية السعودية في بيان عن أسفها لما قامت به الإمارات الشقيقة من ضغط على “الانتقالي” لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة، والتي “تعد تهديدًا للأمن الوطني للمملكة، والأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية والمنطقة”.
-أضاف البيان أن خطوات الإمارات الشقيقة بالغة الخطورة، ولا تنسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية في اليمن، ولا تخدم جهوده في تحقيق أمن اليمن واستقراره”.
-حذرت المملكة، وفق البيان، بأي مساس أو تهديد لأمنها الوطني وتعتبره خطا أحمر لن تتردد المملكة حياله في اتخاذ كافة الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهته وتحييده.
-شددت المملكة، وفق البيان، على أهمية استجابة الإمارات الشقيقة لطلب الجمهورية اليمنية بخروج قواتها العسكرية من الجمهورية اليمنية خلال 24 ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف كان داخل اليمن.
-تأمل المملكة، وفق البيان، أن تتخذ الإمارات الشقيقة الخطوات المأمولة للمحافظة على العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، والتي تحرص المملكة على تعزيزها، والعمل المشترك نحو كل ما من شأنه تعزيز رخاء وازدهار دول المنطقة واستقرارها.
-في 30 ديسمبر 2025، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي قراراً بإعلان حالة الطوارئ في كافة الأراضي اليمنية لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد. -أكد أن القرار يأتي تأكيداً على الالتزام بوحدة اليمن، وسيادته، واستقلاله، وسلامة أراضيه، ولضرورة “مواجهة الانقلاب على الشرعية المستمر من العام 2014م، والفتنة الداخلية التي قادتها عناصر التمرد العسكرية التي تحركت عسكرياً ضد المحافظات الشرقية بهدف تقسيم الجمهورية اليمنية”. شمل القرار فرض حظر جوي وبحري وبري على كافة المواني والمنافذ لمدة 72 ساعة.
-وجه العليمي قوات “درع الوطن” بتسلم كافة المعسكرات في محافظتي حضرموت والمهرة.
-في 30 ديسمبر 2025، قال نائب رئيس هيئة المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، إن ما جرى يمثل اعتداء رسميا من قبل السعودية على حضرموت ومينائها المدني.
-أضاف أن قصف ميناء مدني جنوبي يعد “انتهاكا فاضحا للقانون الدولي الإنساني”، مشيرا إلى أن المنشآت المدنية تتمتع بحماية قانونية، وأن الميناء يمثل شريانا اقتصاديا حيويا للتجار والمواطنين في حضرموت.
-اتهم بن بريك التحالف العربي بممارسة ما وصفه “بالتضليل الإعلامي والسياسي”، عبر نشر صور ومقاطع مصورة لتبرير العملية العسكرية، معتبرا ذلك “سقوطا أخلاقيا”، على حد تعبيره.
-أعرب بن بريك عن مخاوفه من أن تؤدي هذه التطورات إلى خسارة السعودية لحلفائها، داعيا إلى “إنقاذ الملف من أيدي العابثين”، الذين قال إنهم لا يريدون خيرا للسعودية ولا للإمارات ولا للجنوب ولا للشمال.
-في 29 ديسمبر 2025، قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن إسرائيل تدرس الاعتراف “بالكيان المدعوم إماراتياً في جنوب اليمن لتعزيز التعاون الاستراتيجي ضد الحوثيين على ساحل البحر الأحمر”.
-في 28 ديسمبر 2025، ناقش وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية لا سيما التطورات في جنوب اليمن، وضرورة الحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها وضرورة تنفيذ خارطة الطريق.
-في 29 ديسمبر 2025، في خطوة وُصفت بغير المعتادة، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية رسميا عن اتصال هاتفي جرى بين عراقجي ومسؤول في مليشيا الحوثي، هو عبد الواحد أبو راس القائم بأعمال وزارة الخارجية لحكومة الحوثيين بصنعاء.
-هذه المرة الأولى التي تنشر فيها الخارجية الإيرانية بشكل علني تفاصيل تواصل مباشر من هذا النوع مع مسؤول في مليشيا الحوثي، بعد سنوات كان فيها هذا النوع من الاتصالات يُدار بعيدًا عن الإعلانات الرسمية. -بحسب ما ورد في بيان الخارجية الإيرانية، ركّز الاتصال بصورة أساسية على مناقشة التطورات الجارية في جنوب اليمن.
-في 27 ديسمبر 2025، قال وزير الدفاع السعودي (نجل الملك وشقيق ولي العهد) الأمير خالد بن سلمان أن القضية الجنوبية ستظل حاضرةً في أي حل سياسي شامل ولن تُنسى أو تُهمش، وينبغي أن يتم حلها من خلال التوافق.
-أضاف أنه حان الوقت للمجلس الانتقالي الجنوبي تغليب صوت العقل والحكمة والمصلحة العامة ووحدة الصف بالاستجابة لجهود الوساطة السعودية الإماراتية لإنهاء التصعيد وخروج قواتهم من المعسكرات في المحافظتين وتسليمها سلمياً لقوات درع الوطن والسلطة المحلية.
-حتى كتابة هذا التقدير لم تصدر الإمارات أي بيان رسمي بشأن التطوّرات.
خلاصة وتحليل:
**يمثّل قصف ميناء المكلا أعلى مستوى من التصعيد الذي تستخدم فيه السعودية القوة العسكرية ضد المجلس الانتقالي الجنوبي.
**يأتي الحدث بعد تدحرج الوضع العسكري وفشل الجهود الدبلوماسية السعودية والإماراتية لإيجاد تسوية تنهي أزمة سيطرة قوات “الانتقالي” على مناطق ومواقع في محافظتي حضرموت والمهرة.
**يأتي الحدث بعد أيام من إشارات سعودية عالية المستوى، صدرت عن نجل الملك السعودي وشقيق وليّ العهد، وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، تعبر فيها عن أن الأمر بات يشغل الرياض بالمستوى الملكي.
**يمثل الحدث وبيان وزارة الخارجية السعودية احتكاكا سعوديا علنيا بموقف الإمارات من الأزمة الأخيرة بعد أن سعى البلدان اخفاء خلافاتهما في ملف جنوب اليمن.
**ما صدر عن رئيس المجلس الرئاسي اليمني ونائب رئيس المجلس الانتقالي يمثل تخاطبا سعوديا إماراتيا من خلال فرقاء الصراع في اليمن.
**ما زال الإعلام السعودي والإماراتي يتجنّب الحملات المباشرة ويتمسك بوصف “الأشقاء” في سعيّ لضبط الخطاب الرسمي للبلدين.
**تم رصد إشارات إسرائيلية غير رسمية للتدخل في شأن السجال اليمني في الجنوب والتلويح باعتراف بكيان جنوبي يكون مكمّلا لاعترف إسرائيل بإقليم أرض الصومال.
**تم رصد تحرّك دبلوماسي إيراني لدى الرياض والحوثيين في صنعاء تناول أزمة جنوب اليمن ما يكشف عن بحث طهران عن دور وموقف.
**إذا لم تستطع الرياض وأبو ظبي إيجاد صيغة مشتركة لوقف تدهور الأزمة، ليس مستبعدا تدخل إدارة الرئيس ترامب الذي يمتلك علاقات ممتازة مع العاصمتين.
التحالف” ينفذ غارات جوية على ميناء المكلا
مقالات ذات صلة

