الأحد, يونيو 22, 2025
الرئيسيةمقالاتالتدهور الوطني بين استبداد الفاسدين وصمت الضحايا: دعوة للمقاومة الواعية.

التدهور الوطني بين استبداد الفاسدين وصمت الضحايا: دعوة للمقاومة الواعية.

التدهور الوطني بين استبداد الفاسدين وصمت الضحايا: دعوة للمقاومة الواعية.

بقلم: د. أحمد عبدالله إسماعيل

ما يشهده السودان اليوم ليس مجرد أزمة طارئة، بل هو انحدار كارثي يعكس حصاد عقود من الفساد السياسي، وسوء الإدارة، والجهل المركّب الذي تَسيد المشهد الوطني عبر مسؤولين اختطفوا مؤسسات الدولة، وأغلقوا نوافذ الانفتاح، واستبدلوا الحكمة بالعناد، والخبرة بالولاء، والوطنية بالأنانية.

لقد بلغ التعنت الرسمي حدًا عبثيًا جعل من بعض المسؤولين رموزًا للفشل المتغطرس، يتحدثون إلى الشعب بلغة الوهم، وكأن السودان يعيش ازدهارًا أسطوريًا لا يراه إلا هم. هذه النغمة المنفصلة عن الواقع لم تعد فقط تثير السخرية، بل أصبحت مصدرًا للألم العميق، لأننا نعيش نتائجها يوميًا في هيئة جوع، وفقر، وانعدام أمن، وتدهور صحي، وغياب تام لأي أفق مستقبلي.

إن من المؤلم حقًا أن تتحول بلادٌ بحجم ومكانة السودان، وبتلك الموارد الهائلة، إلى دولة عاجزة عن توفير سيارة إطفاء لإخماد حريق، أو دواء لطفل يحتضر، أو خبز لعائلة منسية. لقد أُهدرت مقدرات الدولة، ودُمّرت مؤسساتها، ولم يعد للمواطن ما يتمسك به سوى صبرٍ موجوع وأمل يتآكل.

ما نعيشه اليوم لا يمكن أن يُقرأ إلا باعتباره نتيجة مباشرة لصمتنا الطويل أمام الاستبداد، ولرضانا ـ عن وعي أو عن يأس ـ بحكم الفاشلين والمفسدين. إن ما لم يحرقه القصف، أُحرق بنار الإهمال وسوء التدبير. وما لم تُدمّره الحروب، دمرته العقول القاصرة والضمائر الغائبة.

الواجب الوطني الآن يُحتم علينا أن نرفع صوتنا عاليًا، لا بالبكاء على أطلال الوطن، بل بالمقاومة الذكية، والحراك الواعي، والعمل المنظم. لا بد من جبهة وطنية متماسكة، تعيد تعريف مشروع الدولة السودانية على أسس العدالة والشفافية والمواطنة المتساوية، وتقطع الطريق أمام تجار الدماء وبائعي الشعارات.

السودان لا ينقصه العقلاء، بل ينقصه تمكينهم. لا تنقصه الموارد، بل تنقصه إرادة النزاهة. لا ينقصه المجد التاريخي، بل الحماية من العابثين الذين يختطفونه لصالح مصالح ضيقة وعقليات لا ترى في الوطن إلا غنيمة حرب.

آن الأوان أن نرفض هذا الانحدار القاتل. آن الأوان أن نقول للعالم، ولأنفسنا أولًا، إن السودان لن يُدفن تحت ركام الفشل، ولن يُباع في سوق المصالح الرخيصة. علينا أن نتحرك، أن نبني، أن نُحاسب، وأن نُعيد صياغة الحلم السوداني بحروف الكرامة والسيادة والعدالة.

الوطن لنا… ولن نتركه فريسة للظلم والجهل.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات