التشكيليين ..تاريخ ناصع وحاضر شجاع ضد الاستبداد ومستقبل مشرق بالسلام
كتب..حسين سعد
التشكليين ..تاريخ ناصع
مازال الفن شاهداً على الحروب والنزاعات، في السودان بل محاربا لها، فهنالك الكثير من الروايات ودواوين الشعر والأفلام السينمائية، واللوحات الفنية والصور الفوتوغرافيّة والأغاني التي تتناول الحرب كموضوع أساسي، وما زالت حتى الآن تحمل قيمة فنية وإنسانية ،امافي فترة النظام البائد عقب انقلاب الجبهة الاسلامية في العام 1989م فقد تم اعتقال بعض الفنانيين التشكيليين وتم وضعهم خلف المعتقلات والسجون واخرين تم تشريدهم وفصلهم من العمل كحال الكثيرين ومنهم صديقي الفنان عصام عبد الحفيظ بينما فضل الاخرين الخروج بعيدا من السودان وطوال هبات السودانيين ضد الديكتاتورية والشمولية كان عطاء التشكيليين واضحا في كل محطات تلك الثورات وفي ثورة ديسمبر كان حضورهم لافتا في كل مفاصل ميدان الاعتصام وقبله ملصقات المواكب الدعائية وغيرها لم يكتفي التشكيليين بذلك بل كانت الصحف السودانية الورقية هم (رمانة) اخراجها بشكل جيد وخروجها للناس كل الناس واذا غاب المصصم فلن تري الصحيفة النور. وفي حروب جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور وشرق السودان ومقاومات اهالي مناطق السدود في الشمالية وتضحياتهم كان للتشكليين حضور كبير والشاهد علي ذلك في مناطق الشمالية تم نصب تذكاري لشهداء كدنتكار اما نحن في تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل فقد كان التشكيليين حضورا باهيا معنا في كل فعالياتنا التي ننظمها في تحالف المزارعين في طيبة الشيخ عبد الباقي مع ابونا الراحل ازرق طيبة او في كمل نومك او اي مكان نذهب اليه لتخليد ذكري روادنا في حركة المزارعين كان التشكليين معنا في كل مراحل التخطيط للفعالية وكانوا نجوما تتلالا في سماء تلك الفعالية من خلال معرضهم المصاحب لحركة المزارعين واتذكر في احتفالنا بذكري موكب المزارعيين في نادي الاسرة بالخرطوم ابان الحكومة الانتقالية نفذنا فعالية تليق بتاريخ اجدادنا في حركة المزارعيين وقتها بذل التشكليين جهدا كبيرا في معرض المزارعيين،وفي اللجنة العليا لاستقبال القائد الملهم للحركة الشعبية الراحل الدكتور جون قرنق كان التشكيليينى اكثرنا عطاء وتخطيط في اخراج ذلك الاستقابل التاريخي.وايضا كان ذات الدور ابان معرض الثورة بنادى الأسرة معرض شامل لتوثيق ثورة ديسمبر اشتمل على الملصقات والجداريات،والتى نفذت فى النادى وتزامن مع الجزء الثانى بمركز أمدرمان الثقافى وشمل أنشطة وأعمال ضاقت بها الأمكنة وحملها الوجدان والقلوب قبل العيون
سادتي (التشكليين معنا في الثورة ومواكبها في الجرائد واخراجها وسهرها المضني ومعنا في الحركة النسوية والشبابية ومع المهمشيين والغلابة واليوم ايضا كانوا في مقدمة الداعيين لوقف الحرب وضد العنصرية والكراهية)
حرب 15 ابريل.
عقب اندلاع حرب 15 ابريل 2023م بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع هذه الحرب اللعينة التي قتلت السودانيين وشردتهم مابين نازح ولاجئي وحطمت امالهم ومشاريعهم الزراعية والاقتصادية كما تسبب الحرب في احداث شروخ في المجتمع السوداني وهذا ما نشهده في خطاب الكراهية الطاغي وسرديات دولة 56 وفلنقيات وعرب الشتات وغيرها ،اما حال المؤسسات الخدمية والتعليمية والصحية مثل المدارس والمستشفيات فقد طالها الرصاص دمارا وبعضها صار ثكنات لطرفي الحرب وما شاهدته خلال فترة شهران بالخرطوم قبل ان اذهب الي ولاية الجزيرة المكلومة خلال اندلاع الحرب شاهدت ماذا فعلت الحرب بالانسان ومسكنه علي جدران البنايات العالية من دمار وحطام تعيد الي ذاكرتي الخرطوم ونهاراتها الصاخبة واصوات ابواق السيارات التي تتوقف طوال النهار اما ليالي العاصمة فقد كانت عامرة بالمؤانسات والحفلات الغنائية وصالات الافراح،واليوم وبعد مرور عام ونصفه علي هذه الحرب العبثية التي انخفض فيها صوت الداعين لوقفها ومحاربة خطاب الكراهية والعنصرية ارتفع في المقابل صوت (بل بس وجغم بس) كما ارتفع ازيز الطائرات وهدير المجنزرات وصوت الرصاص،وفي ذات الوقت تمددت حالات النزوح الكبيرة للسودانيين لاسيما بولاية الجزيرة
وهنا يمكن ان نقراء اعلنته منظمة (اوشا) عن استمرار تدفق النازحون في الوصول إلى ولاية القضارف من تمبول ورفاعة ومدينة الجنيد والقرى المجاورة في شرق الجزيرة، على الرغم من أن حجم التدفق قد انخفض مقارنة بالأسابيع السابقة. وقالت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة في 1 نوفمبر أن حوالي 76900 نازح لجأوا إلى مناطق الفاو والمفازة والبطانة والرهد والقلابات الشرقية ومدينة القضارف ووسط القضارف في القضارف بعد 20 أكتوبر 2024. ومع ذلك، تقدر السلطات المحلية أن العدد الفعلي أعلى من ذلك بكثير. تنص مصفوفة تتبع النزوح على أن تنبيهات النزوح السريعة الخاصة بها لا تقدم سوى تقديرات أولية، في انتظار التحقق من قبل فرق ميدانية تابعة لمصفوفة تتبع النزوح،وقدرت اوشا في بيان صحفي لها صدر اليوم ان الاحتياجات الرئيسية لمعظم النازحين في القضارف وكسلا هي الحصول على الغذاء والمأوى والمياه النظيفة والصرف الصحي والخدمات الصحية والحماية. يقيم معظم النازحين مع المجتمعات المضيفة أو في مساكن مستأجرة، بينما يضطر آخرون إلى النوم في الأماكن العامة أو المركبات بسبب نقص المأوى والإيجارات المرتفعة، وفي أعقاب تدفق النازحين، تم إجراء العديد من التقييمات في أجزاء من ولاية القضارف لتحديد احتياجات النازحين القادمين من الجزيرة.
هذا الواقع الذي يبعث عن الحزن والاسي لواقع الحال كما عبر عنه الفنان التشكيلي عصام عبد الحفيظ في تدشين الحملة التي دشنها الاتحاد العام للتشكيليين السودانيين يوم الاثنين 11 نوفمبر الحالي بعنوان لا للحرب وضد خطاب الكراهية والعنصرية بالعاصمة الكينية نيروبي اليوم بمشاركة أكثر من مائة فنان تشكيلي من ١٤ دولة.
وقال الفنان التشكيلي عصام عبدالحفيظ في تدشين المعرض الاسفيري وسط حضور للصحفيين و الناشطين والمجموعات الشبابية والنسوية قال انهم قرروا تدشين هذه الحملة في ظل ظروف الشتات والنزوح والقتل والاعتقال و المجاعة والتسمم وبسبب هذه الحرب أصبحنا في وضع غير إنساني
ويهدف المعرض لتقديم صوت ابداعى مختلف للتشكيللين الذين كان لهم دور رائد في حروب السودان المختلفة وثَورة ديسمبر التي قدموا من خلالها أكثر من خمسة الف بوستر وجدرايات كانت شامة فىجبين الثورة وعلامة نوعية فى الرسائل البصرية
وأوضح عصام ان اكثر من مائة شاركوا بإعمالهم فى هذه المبادرة والتى هى بداية لمعارض وورش وتشبيك مع كل الجموعات التى ترفد كل حقول الإبداع بأعمال خالدة وذات علاقة أزلية بمجتمع السودان المسالم
وتابع (نمد ايادينا لكل قطاعات المجتمع ونرفع صوتنا عاليا ونقول لا للحرب وضد الكراهية والعنصرية بالتعاون مع لوحة حب الوطن و أصوات المدينة و جايطة والبرندة،)ماقاله عصام حفيظ دليل علي الدور التاريخي للفن التشكيلي علي مدار التاريخ في عودة الوجدان المشترك والوقوف بقوة في وجه دعاة الحروب والكراهية والعنصرية هذا عالميا لكننا في السودان نتابع بفخر ومحبة عالية ما قامه به جيل الرواد من التشكيليين مثل الصلحي ،والجنيد،وشبرين وشرحبيل وجحا وكمالا وبسطاوى،وعثمان وقيع الله ،وجمعان ومجذوب رباح
والجيل الحالي منهم حسن موسى وعبد الله بولا والأمين محمدعثمان وعبد القادر المبارك ومحمد عمر بشارة ونايلة الطيب ومحمد شداد ،وسيف اللعوتة،وعبد العزيز الطيب حسن وعصام حفيظ وابو شريعة والطيب ضوء البيت وابوبكر الشريف وتيسير سالم وخالد عوض وياسر علي وعزمي خالد وصلاح حسن وعبد المنعم خضروصلاح المر والامين محمد عثمان وغيرهم وجيل الشباب الذين يتقدمهم زميلي حسين حلفاوي حسن فضل و فاطمة حسن واحمد النحاس وبحر ادم ونصر الدين الدومة وايمان شقاق وخالد حمزة وغيرهم (اعتذر حال لم اتذكر الاخرين والاخريات )فقد قدموا جسارة وشجاعة متناهية فكنا نجدهم امامنا في المواكب ثم يعودوا عقب انفضاض الموكب الي رسوماتهم الجدراية،والبوسترات ولوحاتهم التي تمنحنا الثبات واليقين والامل في يوم بكرة وترفع عن الاحباط والياس حال فقدنا لشهيد واصابة الثوار ،تلك الرسومات الابداعية كانت لنا مثل السراج المنير لانها تدعو للامل والنضال فقد فضحت تلك البوسترات وغيرها من ضروب الابداعي الفني فضح ممارسات الطغاة والشموليين،حتي صارت هتافات الثوار وشعارتهم متماشية (الحجل بالرجل)مع تلك الرسومات والجداريات التي التصقت بهموم الثورة والثوار من (الشفاتا والكنداكات) وافراحنا واحزاننا عند سقوط شهيد او شهيدة ،وقد خفف ذلك الفن الاصيل عن اوجاع الغلابة والمقهورين وضحايا الجلادين من قتل واعتقال وتهجير واغتصاب وهي رسالة الحب والجمال مقابل العنصرية والكراهية وهو ذات الحديث الذي قاله لي الفنان الطيب ضو البيت ان
الفن للحياة والتنمية والسلام وضد الحرب وأضاف الفن دائما كان في المقدمة للتنوير والسلام والمحبة في كل حروب السودان السابقة وثوراته كان الفن حضارا بقوة
تاريخ تليد..
الجدير بالذكر أن الفن كان له دور كبير في السلام ووقف الكراهية والعنصرية و تحدثنا المعارض المختلفة التي نفذها التشكيليين،كان رسوماتهم حاضرة بقوة وتعكس حياة الناس ومعاناتهم واحلامهم وتطلعاتهم وفي تدشين المعرض الاسفيري الذي تحدث عنه عصام حفيظ من خلال شاشة البروجكتر يلاحظ رسومات مختلفة لفنانيين وفنانات تشكيليين عكست تلك الرسومات أهداف الحملة في وقف الحرب وضد الكراهية والعنصرية،فالسودان عرف فن الرسم والنقش والنحت منذ القدم، أي في عصر ما قبل التاريخ، إذ لا تزال جدران معابد الممالك النوبية في شمال السودان تحمل آثار تلك الأعمال، واستمر هذا الحال حتى عهود الممالك المسيحية
ومع بدايات النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الـ20 الماضي، بدأ السودان تعليم التشكيل الحديث (الأكاديمي، والمدرسي) في مدينـة الدويم (150 كيلو متراً جنوب الخرطوم)، على يد المسـتر جان بيير غرينـلو الذى قام بإنشاء مدرسة الخرطوم للتصميم التي أصبحت كلية الفنون الجميلة والتطبيقية. وعلى هذه الأرضية الثقافية التعددية الموجودة في السودان أخذ الفن الشكيلي طابعاً محلياً خاصاً به، في شكل ما يطرحه من منتوج ثقافي أسهم في مسار الحركة التشكيلية العالمية من خلال رموز ينتشرون في بقاع العالم المختلفة.في وقت ارتبطت فيه الفنون التشكيلية في البلاد، خلال العصر الحديث ارتباطاً وثيقاً بالتراث الوطني والبيئة المحلية والتطور الاجتماعي. فتطورت المهارات مع تطور التكنولوجيا وسهل تداولها، ما دفع الفنان السوداني إلى الاهتمام بها والسعي إلى إظهارها. كما لعب بعض الفنانين التشكيليين السودانيين المقيمين في مختلف دول العالم أسهموا في نقل الثقافة السودانية إلى تلك البلدان بلوحاتهم. وعبرها توطدت علاقات وشراكات مع دول مختلفة. وأسهم الإعلام الجديد، ووسائل الاتصال الحديثة في ربط الفنان التشكيلي المقيم داخل السودان بالمعارض العالمية والمسابقات والورش والمحاضرات، وهذا نجده في مشاركتهم في تدشين حملة (لا الحرب وضد الكراهية والعنصرية ) حيث كنت اتحدث مع عصام والطيب بمكان تدشين الحملة بالبرندة ونحن جلوسا علي طاولة حيث قالا لي ان ما يميز هذا المعرض _يقصد_المعرض الاسفيري الذي تم تدشينه امس مشاركة (100) فنان تشكيلي وفنانة تشكيلية موزعين علي (14) دولة واضافوا هذا المعرض يعكس اثر الحرب والشتات حيث دخلت هذه الحرب كل بيت والان صوت الفن الفني التشكيلي هو الاول والاعلي فالفن منحنا الجمال والحياة واشاروا الي دورهم في ثورة ديمسبر من خلال طباعة خمسة الف بوستر، وختم عصام الحديث بقوله(الحرب لازم تقيف لان المقابل لاستمرارها هو العنصرية والكراهية والتشرد وتفكك النسيج الاجتماعي ،والموت بالجوع وعدم العلاج والتسمم والموت (مغصة)