الجميل الفاضل يكتب من نيالا:”حميدتي” قصة رجل خارق للعادة صار رئيسا؟!
بالتقصي الإرتدادي لحركة التاريخ، فإن تراس القائد محمد حمدان دقلو لحكومة التأسيس لن يكون حدثا عابرا تعدو به الريح كيفما أتفق.
وبالطبع فإن حميدتي هو أول رجل كسر في تاريخ السودان شروط النخب المركزية المؤهلة للحكم، كما كسر احتكار القطاع الحضري للمناصب العليا في الدولة، ليصبح الرجل الثاني فيها بعد الثورة رغم أنه كان قد اتي صاعدا من الهامش والريف بل من القطاع الرعوي في أدني سلم البناء التقليدي للمجتمعات.
ذلك فضلا عن أنه رجل خرج من تحت غبار المعارك التي صنعت صورته قائدا، له صولات وجولات صنع من خلالها الكثير من الأحداث.
بل في ظني أن صعود حميدتي الأول لموقع الرجل الثاني في الدولة قبل هذه الحرب، كان أخطر ما جعل نخب المركز تتوجس خيفة من وجود شخص بخلفية حميدتي وبمواصفاته التي عبر عنها في احدي مخاطباته دون مواربة قائلا: “أنا ابن بادية بسيط، نشأت في أقاصي هوامش السودان ولم أحظ من الدولة سوى بعنفها تجاه مجتمعاتنا، وتجاهلها لحقوقهم الأساسية، ولقد تعلمت في مدرسة الحياة الكثير من الدروس، أهمها أن المسار القديم للسودان غير عادل وغير منصف”.
علي أية حال، فإن شخصية حميدتي التي تعرضت لاعنف محاولات الاغتيال المعنوي، قد استطاعت ان تصمد صمودا اسطوريا في مواجهة قصف آلة الدعاية والشيطنة الإعلامية، التابعة لمنصات الحركة الإسلامية.
هذا رغم أن التاريخ أيا كان قرب أو بعد، هو ليس قفصا حديديا يرهن الناس حاضرهم له.
كما أن الانسان كائن متجدد بطبعه لا يمكن اختزاله أو اعتقاله في لحظة هاربه من حياته مهما كان نوعها وحجمها وأثرها.
المهم فقد رسم حميدتي في كلمة بمناسبة مرور عامين علي الحرب، صورة وردية زاهية تعبر عن سودان جديد مختلف تماما في تفاصيله عن سابقه القديم.
مؤكدا أن تحالفه الجديد سيعمل علي إقامة نموذج حكم لامركزي اتحادي، يُمكّن الأقاليم من حكم نفسها بعدالة.
اضافة لبناء جيش موحد، محترف، غير سياسي، مُشكّل من جميع أقاليم السودان، يعكس التنوع السكاني للشعب.
وكذا السعي لضمان حقوق متساوية للجميع، بغض النظر عن العرق، أو الدين، أو اللغة.
الي جانب الإلتزام بفصل الدين عن الدولة، كضمانة للحرية الدينية وعلي حياد الدولة.
إضافة لانشاء مجلس رئاسي من 15 عضوًا، يُختارون من جميع الأقاليم، يرمز إلى الوحدة الطوعية، هذا المجلس ذاته الذي تم إعلانه برئاسته أمس السبت.
بل وقطع حميدتي بالقول: نحن لا نبني دولة موازية.
بل نحن نبني المستقبل الوحيد القابل للاستمرار للسودان.
مشيرا إلي أن حكومة تحالفه المرتقبة، والتي سيترأس مجلس وزرائها محمد حسن التعايشي وفق ما أعلن ايضا أمس، ستعمل علي توفير الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وعدالة، ليس فقط في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع وقوات الحركات المتحالفة معها، بل في جميع أنحاء البلاد.
مبينا بالقول: نحن سنصنع عملة جديدة، ونعيد الحياة الاقتصادية، كما سنصدر وثائق هوية جديدة، حتى لا يُحرم أي سوداني من حقوقه.
موضحا أن هذه ليست دولة أمراء حرب، بل هي حكومة الشعب.
موجها صوته للعالم قائلا: أننا لسنا حكومة موازية، بل نحن الذين نمتلك الشرعية الحقيقية.
مردفا بالقول: نحن نبني هذه الحكومة ليس لمنطقة واحدة أو لشعب واحد، بل لكل سوداني شعر بالنسيان والتهميش والحرمان.
مشددا علي أن التحالف الجديد لا يسعى إلى بناء سودان جديد فحسب، بل إلى دفن ما كان فاسدًا في السودان القديم.
واعدا بأن هذه الحكومة ستبني مدارس بدل الأنقاض.
وأنها ستحوّل الخنادق إلى طرق، والأسواق المُفجّرة إلى مراكز تجارية مزدهرة.
وأنها لن تنسى اللاجئين في تشاد، وجنوب السودان، وإثيوبيا.