الهدف :السودانية نيوز
يبدو أن بريق الذهب السوداني بدأ يخفت تحت وطأة التهريب والفوضى التنظيمية التي تضرب قطاع التعدين، أحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني ومصادر النقد الأجنبي في البلاد.
فبحسب مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية، محمد طاهر، لم يتبقَّ من أكثر من 100 شركة تعدين مسجلة سوى 13 شركة فقط تعمل فعليًا في الإنتاج، في مؤشر خطير على عمق الأزمة التي يعيشها القطاع.
ومنذ اندلاع الحرب، تمدد نشاط التعدين التقليدي دون ضوابط واضحة، ودخلت إليه جهات غير مختصة أقامت مصانع ومشروعات خارج الإطار القانوني والبيئي، ما حوّل بعض مناطق الإنتاج إلى بؤر عشوائية تُستنزف فيها الموارد دون عائد يُذكر على الدولة. وأكد طاهر أن هذا الوضع أدى إلى تدمير بيئي واسع في عدد من الولايات، فضلًا عن تسرب عائدات الذهب إلى السوق السوداء نتيجة ضعف الرقابة وتعدد الجهات المتدخلة.
ورغم امتلاك السودان احتياطيات ضخمة من الذهب، فإن التهريب يبتلع الجزء الأكبر من الإنتاج، مما يحرم الخزينة العامة من مليارات الدولارات سنويًا. ويرى خبراء اقتصاديون أن الفجوة بين المنتج والمصدر تمثل الحلقة الأضعف، حيث يتسرب الذهب عبر الحدود أو من خلال قنوات غير رسمية تسيطر عليها شبكات مصالح معقدة.
ويقرّ مدير الشركة بأن التهريب هو أكبر تحدٍ يواجه القطاع، مؤكدًا أن الحكومة تعمل على وضع سياسات جديدة لإغلاق منافذ الفساد والتهريب وضمان مرور كل الكميات عبر القنوات الرسمية. ورغم الاضطرابات الأمنية، سجّل السودان إنتاجًا تجاوز 64 طنًا عام 2024، ووصل إلى أكثر من 37 طنًا في النصف الأول من 2025، مع توقعات ببلوغ 80 طنًا بنهاية العام.
لكن المفارقة أن الارتفاع الكمي لا ينعكس على الإيرادات الرسمية، ما يثير تساؤلات حول مصير الذهب السوداني، وأين تذهب عوائده الحقيقية.
ويعوّل المسؤولون على خطة لإعادة تنظيم القطاع وتعزيز الرقابة البيئية والمالية، غير أن غياب الإرادة السياسية والشفافية قد يجعل تلك الخطط مجرد وعود على الورق. فالتحدي الحقيقي، وفق مراقبين، لا يكمن في زيادة الإنتاج فحسب، بل في كسر قبضة التهريب وإرساء إدارة رشيدة للثروة المعدنية، حتى لا يبقى السودان بلدًا غنيًا بالذهب وفقيرًا في العائد.

