السودان: صراخ الجوع ..مأساة بلا نهاية.!!
تقرير:حسين سعد
دخلت حرب السودان عامها الثالث علي التوالي ، مخلفة دمار، واسع في البنيات التحية لبلد مقرن النيلين، وحالة كبيرة من النزوح واللجوء للسودانيين والسودانيات ،وتوقف الصناعة والزراعة ، وإنقطاع التيار الكهربائي في الولايات المتاثرة بالحرب بينما تم قصف عدد من المحطات الكهربائية بالمسيرات فضلا عن تسبب الحرب في أزمة إنسانية كارثية، لكن هذه الفاجعة الإنسانية لم تحرك ساكن المجتمع الدولي للاستجابة الإنسانية ووقف الحرب العبثية ، وإذا أعدنا النظر في حرب غزة والأوضاع في سوريا نجد التدخل الدولي الإنساني عاجل حيث تم أبرز تلك الأزمة إنسانياً وإعلامياً ، ودبلوماسية ، فضلاً عن تدخلات عاجلة لحماية النساء والأطفال والمدافعين عن حقوق الإنسان ، لكننا نحن وللأسف في السودان لم نستطيع من خلق هذا المستوي من الدعم والإسناد ، بالرغم من الأزمات المتفاقمة التي وضعت أكثر من (26) مليون بحاجة للغذاء والدواء في مواجهة نقص الموارد، والمجاعة، وأزمة النزوح الجماعي وغيرها من الإنتهاكات التي أودت بحياة المدنيين الأبرياء، ومعاناة النساء والأطفال والمجازر، والنزوح الجماعي.
حروب متطاولة:
قبل حرب منتصف أبريل الحالية ،كان السودان يعاني بالفعل من حروب متطاولة في دارفور والمنطقتين ،وفشلت إتفاقيات السلام التي وقعت في وقف الحرب ونزيفها الدامي حتي إندلعت هذه الحرب اللعينة مفجرة أزمة إنسانية حادة اجبرت الملايين من السودانيين على النزوح والهروب ونقص في الأموال والثمرات والغذاء والدواء،وتفشي الأمراض والإسهالات التي فتكت بالمدنيين ، والإحتياجات تتزايد كل يوم، ونصف سكان البلاد بحاجة إلى المساعدة ،وهم لا يستطيعون الحصول على المأوى، أو مياه الشرب النظيفة، أو حتى الرعاية الصحية، وزيادة خطر العنف بشكل كبير علي كبار السن والأشخاص ذوو الإعاقة والنساء والفتيات.
حقائق وأرقام:
الأرقام مرعبة وصادمة بصورة كبيرة، فإلى جانب الفظائع المروعة التي تمس حقوق الإنسان، والنزوح القسري لملايين الأشخاص منذ بداية الحرب، والافتقار إلى الخدمات الأساسية بالنسبة لفئة كبيرة من السكان فالأزمة لا تتوقف فقط عند نزوح السكان بل تمتد لتشمل مناطق أخرى كانت مستقرة، بالإضافة إلى أن وصول الملايين من اللاجئين والنازحين يفرض ضغوطًا على المجتمعات المضيفة لتصل إلى نقطة الانهيار،وبحسب تقارير الأمم المتحدة بأن أكثر (25) مليون شخص في السودان يعانون من حاجة ملحة للمساعدة الإنسانية، ومن بينهم نحو (14) مليون طفل يواجهون نقصًا حادًا في الأمن الغذائي، وتدمير مايزيد عن (65%) من القطاع الزراعي بجانب نزوح عدد كبير من المزراعيين والمزارعات من مناطق الإنتاج، و خروج (3)مليون فدان الأراضي الزراعية، ودخول أكثر من (800)ألف مزارع في دائرة العوز الغذائي، وتوقف الإنتاج الزراعي وإنهيار سلاسل التوزيع والتموين في مناطق واسعة من البلاد. فقد تضررت مشروعات الري الكبرى، وتوقفت مراكز التخزين ، وعجز المزارعون عن الوصول إلى أراضيهم أو الحصول على مدخلات الإنتاج الأساسية، كالأسمدة والبذور والمبيدات، بسبب انعدام الأمن أو شُحّ الموارد
تصريحات بلا عمل :
من جهته حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش الأطراف على الوقف الفوري للقتال، وإتخاذ خطوات نحو عملية سياسية شاملة لوضع السودان على طريق السلام والاستقرار، كما جدد دعوته للمجتمع الدولي إلى توحيد جهوده لإنهاء هذا النزاع المروع، بينما وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك وصف ما يحدث في السودان بأنه إعتداء شامل على حقوق الإنسان وسط تقاعس عالمي، مما يُخلّف عواقب وخيمة على المدنيين، وأكد أن الصراع يتسم بتجاهل تام لقوانين الحرب والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث هاجم الطرفان بانتظام المناطق المأهولة وارتكبا انتهاكات جسيمة، وفي الأثناء قال :فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قال إن ثلث سكان السودان نازحون، وإمتدت عواقب هذا الصراع المروع والعبثي إلى ما وراء حدود السودان،وذهب يانس لاركيه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، للقول أبن ملايين السودانيين بحاجة ماسة للمساعدة، وأن المدنيين وعمال الإغاثة يُقتلون دون معاقبة الجناة، وأن العنف الجنسي يتفشى.
لا تنسوا السودان
في خضم هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، وجهت كليمنتاين نكويتا – سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان، وجهت نداء عاجل إلى المجتمع الدولي: (الناس في وضع يائس) نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان، وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال في السودان الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع الصعب للغاية في هذه اللحظة الحرجة، ووجهت السيدة نكويتا – سلامي رسالة واضحة وعاجلة إلى العالم، حيث قالت: “ما زلنا بحاجة إلى جهد هائل. ما زلنا بحاجة إلى دعم من المجتمع الدولي من حيث الموارد، وما زلنا بحاجة إلى مزيد من التسهيلات من جميع الجماعات المسلحة المشاركة في هذا الصراع، وقالت سلامي أن الملايين من سكان السودان يعانون من جوع حاد يومياً،الوضع الإنساني في البلاد يتدهور بشكل مقلق،حيث يواجه الكثيرون تحديات كبيرة في الحصول علي الغذاء ،وأشارت سلامي في تغريدة لها علي منصة إكس إلي أن الأمهات يضطررن لتفويت وجباتهن الغذائية مما يؤثر سلباً علي صحتهن وصحة أطفالهن، الذين هم الأكثر عرضة للخطر،يعانون من الهزال ونقص التغذية ،ممايهدد مستقبلهم العائلالت في السودان تعيش علي حافة الإنهيار.
حالة طؤاري معقدة:
الي ذلك أشارت ورقة المساعدات الإنسانية أثناء، وبعد نهاية الحرب التي قدمت في الذكري الأولي للعميد الأستاذ محجوب محمد صالح بالجامعة الامريكية بالقاهرة مؤخراً ،أشارت إلي وجود (30) مليون سوداني معدم و(13) مليون نازح و(16) مليون طفل مصاب بسوء التغذية الحادة ،و(19) مليون طفل خارج التعليم وإنهيار (70%) من القطاع الصحي وزيادة نسبة البطالة بمعدل(47%) ودخول (10) مناطق في حالة المجاعة،وتوقعت دخول (17) منطقة جديدة في حالة المجاعة.وقدرت الورقة التي أطلعت عليها (مدنية نيوز) حاجة السودان الى مبلغ (206) مليار دولار لإغاثة المتضررين من الحرب حالياً وعقب توقفها، وشددت الورقة علي ضرورة إعادة الإعمار والتنمية في المناطق المتضررة ودعم التعليم الحرفي والتدريب للمتضررين،وتقديم الدعم النفسي للمتضررين وإعادة إدماجهم في المجتمع ودعم القطاع الزراعي والرعوي ، ودعم الحرفيين والحرفيات فضلاً عن دعم المبادرات الشبابية وإعادة دمج وتسريح المقاتلين في المجتمع ونزع سلاحههم.
مخاطر عديدة:
أشارت الورقة التي أعدها الخبير في الشأن الإنساني الدكتور صلاح الامين الي المخاطر الامنية، التي تواجه العمل الإنساني ، والتي مثلت لها بوجود العديد من الفصائل المسلحة وإنتشار السلاح، وتسلح بعض القبائل وخطر الخطف ونقص البيانات والمعلومات، وتمدد الفساد، والرسوم المالية المفروضة علي مرور المساعدات والنهب المسلح ،وحول التمويل المطلوب قالت الورقة إن السودان يحتاج إلي (6) مليار دور لاغاثة المتضررين من الحرب،وبنهاية الحرب وحسب الحكومة في بورتسودان فأن السودان يحتاج الي (200) مليار دولار لإعادة الاعمار، ودفعت الورقة برسائل ومقترحات طالبت فيها بالتركيز علي شهادات المجتمعات المحلية كأدوات للتغير ، والمساءلة والمحاسبة وحماية السكان المتضررين وتمكين منظمات المجتمع المدني ،وتعزيز الخطاب الإنساني والتوافق مع دورة برنامج العمل الإنساني وتوسيع الروابط الإقليمية والدولية وتعزيز قيم العمل الإنساني.
العمليات الأنسانية المقترحة:
وصفت الورقة الحالة الإنسانية الحالية بأنها حالة طؤاري معقدة ،تتطلب الحماية العاجلة للاطفال والنساء وتقديم الغذاء والماء والماوئ والملبس والرعاية