الصادق علي حسن يكتب :ثلاث فرضيات. القصف الجوي لمنزلي الشيخ مصطفى وابنه آدم مصطفى.
أولاً فرضية استهداف كونتينر في الشارع العام منزل إداري أهلي.
ثانياً فرضية استهداف قصف منزلي علي الحاج وأسرته بحي الوادي غرب.
ثالثاً التهجير القسري لسكان حي الوادي ومدينة نيالا . (٣/ ٣).
بقلم : الصادق علي حسن .
تعليقات :
هنالك من كتب معلقا على مقالي السابق(الثاني)، إن حي الوادي حاضرة أحياء مدينة نيالا قد صار عبارة عن بيوت أشباح وغادره سكانه جميعهم ، ولم يتبق به سوى القليل من الأسر (أربع أسر)، بمعنى كيف يتم تهجير سكان الحي وقد هجروه أصلا . صحيح أن غالبية سكان حي الوادي بمدينة نيالا قد غادروه في السابق، وكان ذلك منذ الأشهر الأولى للحرب ،بفعل التدوين العشوائي المستمر ، والدانات التي ظلت تتساقط على المنازل ،وطلقات القناصة والنهب والسرقات وفقدان الأمان ، ولكن عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة نيالا وفرض سطوتها عليها، وتحريكها للعديد من قواتها إلى مناطق القتال والحروب الأخرى، كمدينة الفاشر المحاصرة ،وقد عينت على مدينة نيالا رئيسا أسمته برئيس سلطتها المدنية لولاية جنوب دارفور ، وخلف سيارته الفارهة حرس ،لإبراز مظاهر السلطة الحاكمة بالمدينة ، هنالك من سكان الحي ممن غادروا منازلهم قسريا وذهبوا إلى القرى والمزارع والمناطق القريبة من جنوب نيالا مثل سكلي وكسارة البرام وتقريس والبلابل (تمبسكو- أبو جازو- دلال عنقرة) من عادوا إلى منازلهم ، كما وفي ظل التدوين والقصف اليومي سابقا ، هنالك أسر قليلة تبقت وآثرت عدم المغادرة ، وسقط العديد من أفرادها شهداء، بفعل رصاصات القناصين وزوار الليل، كما وفي الأشهر القلائل الفائتة عاد إلى مدينة نيالا وإلى حي الوادي العديد من سكانه ، حتى من بعض دول الجوار مثل القاهرة ، وهنالك عشرات الأسر التي عادت من ضواحي نيالا ومن خارجها إلى المدينة ، ومن العائدين من عاد إلى الأسواق للتجارة ومزاولة بعض المهن الأخرى التي تتماشى مع ظروف أوضاع الحرب والترقب وانتظار وقف الحرب ، لذلك نيالا وحي الوادي بالتحديد عاد إليه العديد من ساكنيه .
أيضا ، هنالك من علق بالقول بأن الحديث بأن عربات الدفع الرباعي المنصوبة عليها المدافع، وعربات النقل (التي تقل المدد ،والعون الذي يأتي للدعم السريع عبر مطار نيالا) وتتجه شمالا، وتتلاشى آثارها في أحيائها الشمالية ، وكأن في ذلك الحديث إشارة لأحياء شمال المدينة بأنهم (هم هناك) وليسوا في (حي الوادي) ، ولكن ،(ليس الأمر كذلك)، فغالبية سكان أحياء شمال وشرق مدينة نيالا التي توسعت من حي الوادي وأحياء المدينة الوسطية القديمة ، ذووهم أيضا كثر بالمدخل الشرقي لمطار مدينة نيالا الجديد وصولا لحي مطارها القديم والذي وزع خطة اسكانية لسكان أحياء مدينة نيالا القديمة ، إن المقصود أن قيادة الجيش وأعوانهم من مطلقي الإشاعات، عقب كل مرة تتعرض فيها مدينة نيالا للقصف الجوي، يلتمسون التبرير الفطير . لقد تم قصف سوق المواشي شمال شرقي مدينة نيالا عدة مرات ،وكانت النتيجة في كل مرة سقوط الضحايا الأبرياء وغالبيتهم من الأطفال والنساء ، وتظل تهبط طائرات نقل وأمداد الدعم السريع بمطار نيالا ثم تقلع بسلام، ويتكرر قصف سوق المواشي والأحياء المجاورة له، ويتكرر سقوط الشهداء الأطفال وستات الشاي والباعة الجائلة، كما حدث الأمر نفسه عند قصف مدرسة نيالا الثانوية للبنين الذي صار مركزا لإيواء النازحين وغالبيتهم من نازحي مدينة الفاشر المحاصرة، وسقط العديد منهم شهداء ، فالأمر يتعلق باستسهال حياة المدنيين الأبرياء، في حرب بلا هدف ،تخوض غمارها أطراف مستهترة بحق الإنسان في الحياة، تحت غطاء حرب الكرامة والديمقراطية .
القائد العسكري الأسوأ في تاربخ السودان :
سيسجل التاريخ قطعا أن البرهان هو القائد العسكري الأسوأ الذي مر على الجيش السوداني ، إن لم يأت من هو أسوأ منه في المستقبل ، كما ونسأل الله تعالى أن لا يأتي من يماثله في هذا السوء، وممارسة انتهاكات حقوق الإنسان واستسهال النفس البشرية ، ليلقى مصير سلفه البشير الذي ورث عنه سوء الطوية، وقد صار البشير آخر رئيس لدولة السودان الموحدة عقب استقلالها، بفعل سياسات المؤتمر الوطني الخرقاء والتي أدت إلى انفصال جنوب السودان، وخلفه البرهان بهكذا سياسة مطبقة على دربه وسيكون آخر رئيس للوضع الحالي في ما تبقى من سودان الذي يشهد مشروعات التجزئة والتقسيم، وقد صارت من نتائج سياساته المطبقة المزيد من حالات الاستقطاب القبلي والجهوي، والسياسي والتشظي والفتن العرقية ، وقد صار كل هدفه تكريس السلطة في يديه واستخدام كل الأطراف اللهثة خلف السلطة كدمى في لعبة أشبه بالشطرنج ، وهو لا يدرك نتائج أفعاله وقد تغيرت الأحوال والمفاهيم .
التخلي عن حامية نيالا :
في ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٣م سقطت حامية نيالا (الفرقة ١٦ مشاة)، في أيادي الدعم السريع ،وتعد الفرقة المذكورة بمثابة رئاسة قيادة المنطقة الغربية بإقليم دارفور ، ويوجد بها عدد من وحدات الكتائب إلى جانب المشاة منها المدفعية والمهندسين والمدرعات، وكان قائدها قد تم اغتياله في ظروف غامضة، قبل سقوطها في قبضة الدعم السريع، ورفض القائد (جودات) الذي آلت إليه أمر قيادتها تسليمها ، ويُقال بأن قائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو سعى للتواصل مع من له صلة به لاقناعه بتسليم قيادة الفرقة ١٦ للدعم السريع من دون قتال ، ولكنه رفض ، لقد أستبسل جنود الفرقة ١٦مشاة نيالا دفاعا عن حاميتهم بروح الجندية، ولكن أتى الخذلان من قيادة المركز التي تقاعست في إرسال المدد العسكري وذلك ما حدث أيضا بالجنينة حينما استنجد واليها الشهيد خميس أبكر بالخرطوم لإرسال طائرة حربية لنجدته ، يقول المقربون العالمون ببواطن الأمور ، بأن قائد الجيش حينما تأتيه الرسائل في مكتبه بالخرطوم عن أوضاع خميس، كان يرد بتهكم ،إن خميس ظل الأقرب إلى حميدتي وعليه أن يتحمل النتائج .
جنينة خفيرها مات :
السودان الآن ، أشبه بحالة (جنينة خفيرها مات) في المثل الشعبي ، الطرفان المتحاربان على السلطة، بقيادة قائدي الجيش (البرهان) والدعم السريع (حميدتي)يمارسان كافة وسائل التهجير القسري المباشر وغير المباشر على الشعب المغلوب على أمره ، وتحركهما أصابع خارجية ، وما شهده حي الوادي بنيالا من قصف جوي مؤخرا، كما وشهدتها أحياء نيالا المدينة الأخرى ، يندرج ذلك القصف ضمن نهج التهجير القسري الممارس بين الطرفين المتحاربين على السلطة ، فقيادة الجيش انحرفت بمهام الجيش ووظيفتها باعتبارها مؤسسة خدمة عامة عسكرية منوطة بها حفظ البلاد وحماية البلاد ، كما وبندقية قوات الدعم السريع طائشة ، فرضت نفسها على مدينة نيالا وإنسانها وعلى كل البلاد ،وليس بينهما من يرعوي .
نسأل الله تعالى أن يتقبل جميع الشهداء ،و يمن على الجرحى والمصابين بالشفاء التام والعودة الآمنة للمفقودين وللنازحين واللاجئين إلى مناطقهم وأن يعجل بذهاب القتلة والمأجورين ، وهو ولي ذلك والقادر عليه .