الإثنين, يوليو 14, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةالطب في زمن الحرب... قصة أطباء يموتون وهم يداوون

الطب في زمن الحرب… قصة أطباء يموتون وهم يداوون

بالمعطف الأبيض إلى المقبرة: أطباء السودان في خط النار(1) الطب في زمن الحرب… قصة أطباء يموتون وهم يداوون

تقرير:حسين سعد
في حرب السودان يقتل الطبيب ، أو يعتقل أو يختطف من غرفة العمليات، ملائكة الرحمة وأصحاب المعاطف البيضاء ، صاروا (هدف واضح) في مرمى الفوضى، يخرج الطبيب من منزله لا يحمل سوى حقيبته وسماعة، يقصد المستشفى ليواجه ليس فقط المرض، بل رصاصاً أو تهديداً أو ظلمة لا يعود منها، صار كل من يمارس مهنته النبيلة يحمل في قلبه قلقاً دائماً: هل سأرجع الليلة إلى أطفالي؟ أم سيُكتب إسمي في بيان نعي على صفحة نقابة الأطباء؟ تقريباً في كل مدن السودان يتم سُحب طبيب شاب من غرفة العمليات أوعربة الإسعاف أمام مرأى من زملائه، لم يكن مسلّحاً، لم يكن مع طرف، كان فقط يُمسك بيد مريض يحاول إنقاذه، إختفى منذ ذلك اليوم، لا أحد يعرف مكانه، لا جهة أعلنت مسؤوليّتها، في منطقة العزيبة في محلية شرق الجزيرة، وجدت جثة دكتور صيدلي ملقية في الطريق ، وبحسب اللجنة التهميدية لنقابة أطباء السودان فقد قتل أكثر من (222) وإعتقال أكثر من (30) طبيب وطبيبة ، وإختطاف أكثر من (20) طبيب، وإغتصاب (9) طبيبات ، في ذات الوقت تعرض الاطباء والطبيات إلي ضرب وعنف في بعض المستشفيات ، هذه القصص لم تعد إستثناءً، بل واقعاً يومياً في بلدٍ أُعلن فيه أن الطب جريمة، والإغاثة خيانة، والضمير الشخصي مذنِب يستحق العقاب؟ السؤال هنا لماذا يُقتل الطبيب الذي يسعف، ويُخطف من يُنقذ الأرواح؟ لماذا تحوّل العلاج إلى موقف سياسي؟ وكيف يصبح قسم “أبقراط” تهديداً للحياة بدل أن يكون حماية لها؟ إنها أسئلة تمزّق قلوب الأمهات، وزملاء الفقيد، وتُرعب الأطباء الذين لا يزالون على قيد الصمود… وفي قيد الخطر.
أطباء السودان في مواجهة الرصاص:
في بلدٍ تتكسّر فيه المستشفيات قبل النوافذ، وتُستهدف فيه الأيدي التي تُنقذ لا التي تُطلق النار، يعيش الطبيب السوداني اليوم معركةً مزدوجة مع المرض، ومع الخوف من الموت، الاعتقال أو الاختطاف، كانوا بالأمس يرتدون المعاطف البيضاء، يمسحون جبين مريض، ويزرعون الأمل في قلب أمّ مرتجفة تنتظر نتيجة تحليل، أما اليوم، فهم يختفون واحداً تلو الآخر، بلا محاكمات، بلا تهم، وأحياناً بلا أثر، في بلادي ، لم يعد الطبيب رمزاً للرحمة فقط، بل أصبح هدفاً، يُلاحق من يقدم الإسعافات، يُهدد من يفتح باب المستشفى في الليل، ويُقتل من يرفض ترك المريض ينزف حتى الموت، لا توجد حماية، لا جهة مسؤولة، لا صوت يعلو فوق صوت السلاح، من كان يُنتظر منه أن يعالج الجرحى أصبح هو نفسه جريحاً، أو معتقلاً، أو شهيداً، الكوادر الطبية في السودان اليوم تقف في خط النار لا بمحض إرادتها، بل لأنها قررت أن تبقى إنسانية في زمن فقد كل شيء معناه، هذه المقدمة تمهّد لدخول عالم موحش خلف الجدران المنهارة للمستشفيات، حيث لا دواء ولا أمان، حيث يختبئ الطبيب خلف كمّامته، لا من الفيروس هذه المرة، بل من الرصاصة، ما يحدث للأطباء في السودان ليس مجرد حوادث فردية، أو خسائر جانبية لصراع مسلّح، بل هو نمط ممنهج من الإستهداف، يطال أكثر الفئات حاجة للحماية، أولئك الذين يقفون على خط المواجهة بين الحياة والموت، إنها سياسة تُستخدم فيها القوة لإسكات الضمير، ويتم فيها تحويل غرف الطوارئ إلى ساحات إنتقام، والمستشفيات إلى أماكن مهجورة، في هذا التقرير، نغوص في الوجه المظلم للحرب الذي لا تتحدث عنه الأخبار كثيراً: كيف أصبح الطبيب مهدداً في حياته، ومطارَداً في عمله، ومخفياً في صمته؟ من يقف وراء حملات الاعتقال والاختطاف؟ وما هو مصير الأطباء المفقودين؟ ومن يحمي من بقي منهم على قيد الواجب؟ سنستعرض الأرقام التي لا تكذب، والشهادات التي تهزّ القلوب، حول حوادث القتل والإعتقال والإعتداء ،وسنفتح ملفاً إنسانياً وأخلاقياً ملحّاً، هل أصبح الطب في السودان تهمة؟


: مقتل الطبيب قبل أن ينقذ المريض
أكدت الدكتورة أديبة السيد عضو اللجنة التمهيدية لنقاية الاطباء في السودان في حديثها مع (مدنية نيوز )عن مقتل أكثر من (222) وإعتقال أكثر من (30) طبيب وطبيبة ، وإختطاف أكثر من (20) طبيب، وإغتصاب (9) طبيبات، وأوضحت إن إستهداف الأطباء تسبب في هجرة ونزوح الكوادر الصحية لخارج السودان أو الي ولايات بعيدة من النزاع ، وإغلاق قرابة (90%) من المستشفيات والمراكز الصحية الأمر الذي أدي إلي إنتشار الأمراض وتكدس المرضي في المستشفيات العاملة، وفي نهاية يونيو الماضي خرج مواطني قرية العزيبة بمحلية رفاعة بولاية الجزيرة في مظاهرة تندد بقتل الطبيب الصيدلى عبد الله الطيب عمران الذي قتل ذبحاً، من جهتهم أعلن أصحاب الصيدليات بمدينة الحصاحيصا، بولاية الجزيرة في بيان لهم عن إغلاق كافة الصيدليات ، إحتجاجًا على الحادثة المؤسفة التي راح ضحيتها الدكتور عبد الله الطيب عمران، صيدلي بصيدلية الكوثر، والذي إغتيل غدرًا في جريمة هزّت ضمير المجتمع الصيدلاني والمدينة بأسرها، وأعلن أصحاب الصيدليات رفضهم التام لحالة الإنفلات الأمني التي أصبحت تهدد الأرواح والممتلكات، وطالب البيان الجهات الأمنية المختصة ، بالتحرك العاجل والفوري لكشف ملابسات الجريمة وتقديم الجناة للعدالة في أسرع وقت ممكن، في السياق أعلنت شبكة أطباء السودان مقتل الطبيب محمد عبد الرؤوف حسين تحت التعذيب داخل معتقلات قوات الدعم السريع ، وبحسب نقابة الأطباء فأن حسين توفي تحت تأثير الضرب داخل المعتقلات عقب إعتقاله من منزله في حي الطائف شرق العاصمة الخرطوم في يناير 2025م ووضع في معتقل الرياض حيث قتل في ذات الشهر. (يتبع)

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات