الأربعاء, فبراير 5, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةالعقوبات الأمريكية ضد حميدتي:شرعنة التدخل الخارجي ام تمديدا للصراع السوداني

العقوبات الأمريكية ضد حميدتي:شرعنة التدخل الخارجي ام تمديدا للصراع السوداني

العقوبات الأمريكية ضد حميدتي:شرعنة التدخل الخارجي ام تمديدا للصراع السوداني

تقدير موقف: ذو النون سليمان، مركز تقدم للسياسات
‏تقديم: فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، بدواعي زعزعة استقرار السودان وتقويض الانتقال الديمقراطي‏، أشار القرار الى تورط قوات الدعم السريع في سلسلة جرائم حرب وفظائع موثقة ذات دوافع عرقية، أستخدم فيها الاغتصاب كسلاح.
‏تحليل:
– تقول بعض التقديرات، إن العقوبات الأمريكية على قائد قوات الدعم السريع تمثل منعطفا جديدا في الأزمة السودانية، وذلك بسبب تأثيراتها السياسية على أحد أطراف الحرب الرئيسية, وانعكاساتها على جهود الحل السياسي والمبادرات التي تلعب فيها الولايات المتحدة دورا أساسيا.
– وذات التقدير يشير الى ان القرار الأمريكي يمثل محاكمة سياسية للدعم السريع وقيادته العليا. تحد من طموحاتهم ودورهم في العملية السياسية، خصوصا وأن هذا القرار سبقه قرارين ضد شقيقي حميدتي: عبد الرحيم والقوني.
– كما أن القرار يعزز من تصورات الجيش وحاضنته السياسية لليوم التالي للحرب الذي من أبرز سماته عدم وجود أي دور سياسي أو عسكري قادم للدعم السريع.
– قراءة أخرى ترى العقوبات الأمريكية الجديدة، محاولة للضغط على أطراف الصراع من أجل وقف الحرب وتحسين الوضع الإنساني، وهي دوما تأتي ضد الطرف المتعنت والرافض، وعلى الرغم من استهدافها سابقا كيانات سياسية واقتصادية داعمه للبرهان وللجيش، إلا أنها عبر هذا القرار تخلت عن تطبيق عرفها ، بين البرهان قائد الجيش الذي يرفض المبادرات الدولية والإقليمية للسلام للتفاوض ووقف الحرب، وبين قائد الدعم السريع الذي قبل بكل المبادرات التي تدعو لوقف الحرب وبدء عملية التفاوض.
– فيما تقول قراءة ثالثة، ان قرار العقوبات الأمريكي بحق قائد الدعم السريع، يتعلق بطبيعة التنافس السياسي بين الديمقراطيين والجمهوريين، ومحاولة إدارة بايدن توريث الإدارة القادمة تركة ثقيلة، وتحسين سجلها في الازمة الإنسانية بعد فشلها في صناعة أو فرض السلام في حقبتها وتحقيق نقاط إيجابية استعداد للسباق الانتخابي القادم.
– ترجح مصادر محايدة، أن يكون للقرار علاقة بالحكومة المدنية التي يزمع الدعم السريع إعلانها في مناطق سيطرته كحكومة موازية لبورتسودان في إطار صراع الشرعيات، وهو ما ترفضه الإدارة الامريكية التي تتخوف من أن يؤدي تشكيلها إلى تفاقم الصراع المسلح ووجود حكومتين فاشلتين على الجانبين، وهو ما تعمل على وقفه، من خلال استهداف رأس النظام الجديد المقترح، في رسالة ضمنية لقوات الدعم السريع والفاعلين الإقليميين، بأنهم لن يحصلوا على الشرعية، التي تعني العزلة الإقليمية والدولية ودفعهم للتراجع عن خطوتهم المفصلية.
– القرار يأتي أيضاً في إطار تجربة الولايات المتحدة مع الدعم السريع، حيث ان الضغوطات والرجاءات لم تلق في السابق أذانا صاغية من قبل قيادة الدعم السريع، فقد أصرت واشنطن على وقف العمليات في ولاية الجزيرة ووقف التقدم باتجاه عاصمتها ود مدني، وقد تم تجاهل هذا الطلب، وفي أغسطس العام المنصرم طلبت الإدارة من حميدتي الامتناع عن التقدم نحو الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وقد تم تجاهل هذا الطلب أيضا وحوصرت المدينة.
– تقلل المصادر المختلفة من أهمية وتأثير هذا القرار على النشاط الاقتصادي والتجاري لعائلة دقلو والدعم السريع، وأنه لن يؤثر ذلك على إصرار الدعم السريع على تحقيق إنجازات حاسمة على الأرض في الصراع من اجل انهاء النظام القديم، وأن هناك مداخل وواجهات عديدة يمكنها الاستمرار بأنشطة قوات الدعم السريع التجارية بما في ذلك فرض إدارات مدنية في مناطق سيطرته وتحويلها الى حكومة امر واقع، لا يمكن تجاوزها.
– بالرغم من حالة التوجس والقلق في أوساط قيادة الدعم السريع، من الاثار السياسية للقرار الأمريكي، الا انهم سيختبرون جدية التوجه الأمريكي إذا ما تحول الى قرار أوروبي شامل يستهدف حركة قياداته ويوقف تواصل العواصم الغربية مع طرف أساسي في الصراع ويسيطر على اكثر من نصف البلاد.
– ترجح القراءات انتظار الدعم السريع حتى العشرين من الشهر الجاري، وهو موعد تسلم إدارة ترامب مسؤولياتها في البيت الأبيض، وتروج مصادر المرشحين في الإدارة الجديدة للملف السوداني والافريقي، الى احتمالات قرارات مماثلة ستصدر بحق الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش أيضا ، بما يمهد باستبعاد قائدي مرحلة الحرب من العملية السياسية القادمة.
– وإذا ما صحت هذه التقديرات، فان البلاد ستكون مواجه باحتمالين، الأول، إرتفاع وتيرة العنف وتداعيات الحرب بسبب سيطرة القوى المسلحة من الطرفين، والجماعات التي التحقت بقوات الدعم السريع على أسس جهوية واجتماعية تحت شعار مظلومية الهامش، وانهاء دولة 56 التي تتحكم في مفاصلها نخب الشمال النيلي ، وفي الجهة المقابلة الجيش والجماعات الإسلامية المسلحة وعناصر النظام القديم وشركائهم من الحركات المسلحة، وعلى رأسهم قوات مني مناوي وجبريل إبراهيم التي تنتمي الى غرب البلاد.
– الاحتمال الثاني ان يكرر النموذجين اللبناني والسوري، بفرض رئيس للجمهورية في لبنان بعد عامين ونصف من الفراغ، والتغيير في سوريا الذي حملته توافقات إقليمية ودولية اجبرت الرئيس بشار الأسد على الهروب. وقد يبدو هذا النموذج واقعيا في السودان بعد ان فشلت العوامل المحلية في وقف الحرب والكارثة الإنسانية، الامر الذي يجعل من العامل الخارجي حاسما في فرض حلول جديدة وحكومة مدنية انتقالية، وبإشراف، ومراقبة دولية، وإقليمية.
– بانتظار التوجهات القادمة لإدارة ترامب تجاه أحد مناطق الصراع والتوتر في الشرق الأوسط، والتي ترغب الإدارة الجديدة في اغلاقها، للتفرغ لصراعاتها الاستراتيجية مع الصين، فان احتمال اخراج قائدي الصراع المسلح – البرهان وحميدتي – من الصورة يبدو واقعيا، والتوجه نحو فرض حل بالقوة ينهي الحرب الكارثية في السودان.
– تدرك الإدارة الامريكية الراحلة والقادمة، ان استبعاد الفريق محمد حمدان دقلو- حميدتي- من المعادلة الميدانية، أمر صعب وله تداعيات خطرة ولا يساهم في انهاء الصراع المسلح ووقف الحرب، ولا افق لحل سياسي لأزمة البلاد بدونه.
– لكن، إذا ما تطورت منظومة العقوبات الدولية الى ربط قوات الدعم السريع بجرائم حرب، كمقدمة لإعلان هذه القوات كجماعة إرهابية، فإن واشنطن تكون قد وصلت الى نتيجة خلاصتها ، أنه لا ضير من استمرار الصراع المسلح وانهاك كل القوى والشعب السوداني بعد فشل كل جهود المصالحة ووقف الحرب الإقليمية والدولية، وذلك لإرتفاع تكلفة التدخل العسكري الخارجي الذي لا يمكن تحقيقه بسبب إنتشار السلاح والجماعات المسلحة في كل أرجاء البلاد، و إذا لم تنتقل الحرب السودانية لدول الجوار وشكلت تهديدا مباشراً للسلم والأمن الإقليمي، فان السودان سيترك لفترة طويلة وربما حتى مطلع العام القادم، حتى تصل كل الأطراف الفاعلة الى قناعة إستحالة الحلول العسكرية وأن البندقية وحدها لن تفضي الى سلام دائم في البلاد.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات