فيتو روسي ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار .. السودان مسرح للصراع الدولي
ذوالنون سليمان تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
فيتو روسي
تقديم:
استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن الدولي يوم الاثنين 18 نوفمبر، يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان حيث تدور حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023.
دعت مسودة القرار التي أعدته بريطانيا وسيراليون الجانبين إلى وقف الأعمال العدائية فورا وبدء محادثات بشأن وقف شامل لإطلاق النار. القرار أيدته 14 دولة وبدت روسيا أكثر توافقا بشكل واضح مع معسكر الجنرال البرهان خلال المفاوضات حول مشروع القانون.
– دعت المسودة الدول الاعضاء الى تجنب اي تدخل خارجي يثير الصراع وعدم الاستقرار، وحثت جميع الاطراف على احترام الحظر المفروض على نقل الاسلحة الى دارفور.
– دعا مشروع القرار كلا الطرفين إلى التنفيذ الكامل للالتزامات التي تم التعهد بها في عام 2023 لحماية المدنيين، ووقف ومنع العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بسرعة وأمان ودون عوائق إلى السودانيين وفي جميع أنحاء البلاد.
– هاجم المندوب الروسي مشروع القرار البريطاني، وقال يجب على الأطراف المتحاربة الاتفاق على وقف إطلاق نار وان يقوم مجلس الامن بمساعدتهم من غير فرض ارادته وتجاوز السيادة السودانية، وأن الحكومة السودانية هي وحدها المعنية بمسؤولية الامن في البلاد وصاحبة الحق في طلب تدخل قوات اجنبية، بحجة ان القرار يشجع استمرار العدائيات، بالإضافة لرفضه اليات المحاسبة، مثل المحكمة الجنائية الدولية للتعامل مع الانتهاكات في السودان.
تحليل:
نتيجة لتداخل الاجندة الإقليمية وتقاطع المصالح الدولية تعاني منظمة الأمم المتحدة من تباينات عديدة أضرت بقدرتها على التعامل مع الملف السوداني بسبب الانقسامات بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ولا سيما روسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ويأتي استخدام روسيا لحق النقض ضد مشروع القرار البريطاني لأسباب تتعلق بصراع الاتحاد الروسي مع الدول الغربية في أوكرانيا والذي أصبح يتخذ جغرافيات أخرى كميدان للصراع، وامتداد للحرب، منها ضمنها منطقة القرن الافريقي والبحر الأحمر والتي يشغل السودان فيها موقعا استراتيجيا مهما للطرفين، خصوصا بعد التصعيد الأمريكي الأخير، بسماح الرئيس بايدن بأول استخدام لصواريخ بعيدة المدى قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا لشن ضربات داخل روسيا، كمرحلة جديدة من الحرب.
لهذا لن يكن غريبا أ، تدفع موسكو استراتيجيتها نحو توسيع دائرة الصراع من خلال تهديد المصالح الغربية في إفريقيا وزيادة نفوذها وعلاقاتها العسكرية والتجارية. الامر الذي دفعها لتبني موقف الجيش السوداني في سعيها الى الوصول لساحل البحر الأحمر والتعجيل في تنفيذ اتفاقية الميناء البحري العسكري الموقعة عام 2017 بينها وبين النظام السابق برئاسة البشير.
يلاحظ عدم إعتراض مندوب دولة الجزائر على مشروع القرار البريطاني بالرغم من دعمها للجيش باليات عسكرية وفق عدد من التقارير، قد يكون للموقف علاقة بوجود مواطنها العمامرة كمبعوث خاص للأمين العام في السودان، وتجاهل المجلس مطالبة المندوب السوداني بإدانة قوات الدعم السريع وتصنيفها كجماعة إرهابية، ودعوته لرفع قرار حظر الأسلحة عن السودان من أجل تسليح الجيش.
خلاصة:
في ظل إعلان الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره السابق عن عدم ملائمة الوقت لنشر قوات أممية، ليس من الواضح الأثر الذي كان يمكن أن يحدثه مشروع القرار البريطاني في حال إعتماده من المجلس, وذلك قياسا على قرار سابق صدر في مارس يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان تأثير يذكر, كما تم تجاهل طلب من المجلس في يوليو لأطراف الحرب بإنهاء حصارهم لمدينة الفاشر، الأمر الذي يجعل خيار التفوق العسكري لأحد طرفي الحرب هو المرجح, ويفتح في ذات الوقت الباب واسعا أمام الاستقطاب الدولي وتوظيف التنافس الإقليمي من قبل الجيش وقوات الدعم السريع ليصبح السودان مسرحا اخر للصراع الإقليمي والدولي.