قراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق أزمات السودان. حكاية إعدام جوزيف لمعده د.ضيو مطوك (٩) .
بقلم الصادق علي حسن .
مجموعات أجنبية تتدرب بمعسكرات القطينة وراشد الغنوشي في مخبأ .
تلقيت عدة رسائل وتعليقات حول مقالاتي المنشورة حول قراءة كتاب حكاية إعدام جوزيف والتعليق عليه ، ساتناول بعض هذه المقالات قبل الانتقال لمناقشة ما ورد به بشأن خياري الإسلاميين كما جاء بصفحتي ” ٣٦ – ٣٧” من الكتاب المذكور (إن الإسلاميون بذلوا جهودا كبيرة في سبيل إنهاء الحرب في جنوب السودان عسكريا ، وهي أساس خطتهم المرسومة قبل الانقلاب على النظام الدستوري، بحيث كانت الخطة هي حسم التمرد عسكريا ، وإذا لم تنجح الخطة يتم اللجوء إلى انفصال الجنوب وهو الخيار الذي أخذوه بعد اثنين وعشرين عاما من الحكم ) . أبرمت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الدكتور جون قرنق اتفاق نيفاشا عام ٢٠٠٥م وقد أخذت بخيار الإنفصال من خلال استفتاء شعب جنوب السودان بموجب اتفاقية سلام نيفاشا ٢٠٠٥م ودستورها الاتفاقي الصادر في نفس العام وفي ذلك تخلي فعليا عن شعار النضال من أجل السودان الجديد كله والقبول بالانفصال وتجزئة البلاد بشعارها المرفوع .
من الذين اهتموا بقراءة المقالات المنشورة بالتعليق على كتاب (حكاية إعدام جوزيف) عبد اللطيف علي إبراهيم والذي كتب في إحدى القروبات مستفسرا (السلام عليكم ، أنا لم أقرا حكاية إعدام جوزيف و أتساءل هل هي توثيق لأحداث حقيقية حدثت بالسودان أم هي رواية من مخيلة الكاتب ؟ .
مشكورا ) فكان ردي عليه بالآتي (تمت مناقشة كتاب حكاية إعدام جوزيف لمعده د ضيو مضوك ديينق وول وذلك بالمنتدى الثقافي المصري وذلك بحضوره هو نفسه لحفل التدشين، وقد أكد في حفل التدشين والنقاش وتوقيعه على الكتاب بأن وقائع الحكاية حقيقية، ونشر وصية جوزيف حتى ترقد روحه بسلام في الملكوت ، وان هذا ما جعلني أهتم بقراءة الكتاب والتعليق عليه) ، ثم علق جدو مقدم في نفس القروب معلقا بالآتي (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي الكريم الصادق الآن وقد اصبح جوزيف مواطن أومرحوم تابع لدولة آخرى ،ماذا نستفيد نحن من إجترار ذكريات لمواطن دولة آخرى ونحن نمر بأزمة حرب طاحنة، من رأيي لماذا لا نقوص فيما ينفع بلدنا من أفكار وآراء بدل مضيعة وقتنا ووقتك في أحداث عفى عنها الزمن ومن طرف واحد ،قد تكون حقيقية او مزيفة … رأى يحتمل الصواب والخطأ… شكري وتقديري … جدو مقدم) وكان ردي عليه بالآتي (تسلم أخي الكريم جدو مقدم ،كل عام وانتم بخير، وحقق الله تعالى الأماني والدعاء الصالح المستجاب، الأزمة في السودان من نتائج الممارسات المتراكمة وما لم يتم النظر فى هذه الممارسات الصدئة من جذورها وبصورة مجردة ، خاصة ممارسات ظاهرة حركة الإسلام السياسي، فلن تتعافى هذه البلاد، وهنالك الصديد في الجرح الغائر، كما وبالضرورة تنظيف الجرح قبل أن تلتئم القروح وبها ما بها من صديد .) . إن الأسئلة والتعليقات كثيرة والاتصالات والإستفسارات أيضا وقد كتب المهتم بالشان العام السوداني والذي ظل يساهم بالرأي والكتابة الراتبة أسامة عبد الماجد وفي قروب آخر كتب الآتي (شكرا للسرد والتحليل المنقول من بين دفتي الكتاب وسبق أن تشاركنا وآخرين فى مناقشات الكتاب الذى كشف المثير لكن السؤال الجوهرى للمسكوت عنه لماذا يتوجه أجندة بسيط قد لا يمتلك قدرة تحليل كافية ويمكن أن يتوهم أنهم دعاة دين ..
السؤال للكاتب ذات السيد الدكتور ضيو وهو أحد أعضاء حكومة ذات النظام المجرم لماذا الصمت فى وقتها وعدد كبير من عناصر نظام الإنقاذ الذين كانو ملمين بكل هذه التفاصيل وأكثر اين كان حسكم الوطنى وضميركم وأغلبهم يعتلون صهوات مواقف تدعى المناهضة ……).
صحيح في أثناء حفل مناقشة كتاب حكاية إعدام جوزيف وفي ختام التوقيع عليه بواسطه كاتبه د. ضيو مطوك وقد آثار الكتاب نقاشات مثيرة وجدالا بين الحضور وتحدث أسامة عبد الماجد وآخرين ولم يسعفهم الزمن لتكملة آراءهم ،كما العديد من الحضور الراغبين في التعليق، لم يجدوا الفرص لطرح الأسئلة على الكاتب، وما اثاره اسامه عبد الماجد من أسئلة موجهة للكاتب ،والذي اي الكاتب هو من يرد عليه وليس كاتب هذه المقالات ، وبإمكان الكاتب أن يرد ويجاوب على تلك الأسئلة في طباعات الكتاب القادمة .
كما ومن بين الرسائل والتعليقات الهامة التي وصلتني رسائل لمستشار سابق بوزارة العدل السوداني المستشار المشار إليه اعرفه منذ عدة سنوات مضت، وقد كان مهنيا ملتزما بمهنيته ،وكتب الآتي معلقا (هل تصدق اننا عندما تم تعيننا في وزارة العدل كان لزاما ً علينا الذهاب للتدريب العسكري في القطينة وكانت معانا مجموعات أجنبية لا تظهر نهائيا أمامنا ،ونسمع تدريبات لهم ليلا ، وبعد التدريب أرسلنا الي ود الفادني جوار الحصاحيصا لحفظ سورة النساء، وكان معنا في الصالون راشد الغنوشي ولم يتعرف عليه في ذلك الوقت اي واحد منا) ، وكان ردي عليه (هذه المعلومة مهمة جدا ، هل يمكنني أن أستخدام هذه المعلومة من دون الإشارة لإسمك؟) ولم يمانع وكتب الآتي متسائلا (هل تعلم أن بسبب وجود راشد الغنوشي في السودان تم رفد وكيل وزارة الخارجية الأسبق السفير تاج السر بالرغم من أنه اسلامي لاعتراضه لمنح الغنوشي الجواز السوداني)، وكان ردي عليه بالآتي (سمعت سابقا بهذا القول وأعلم بأن الشيخ راشد الغنوشي كان يحمل الجواز الدبلوماسي السوداني، وهذا في حد ذاته ليس فيه مشكلة ،إذا كان النظام يناصر بصورة مبدئية قيادات الشعوب التي تناهض الأنظمة الدكتاتورية في بلدانها ، ولكن يبقى السؤال المهم ، لماذا يتدرب معكم الغنوشي تدريبا عسكريا بحسب المذكور في رسالتك وكذلك المجموعات الأجنبية الآخرى )، وكان رده بالآتي (الغنوشي لم يكن معنا في القطينة للتدريب العسكري لكنه كان في مخبأ في مسيد ود الفادني بالحصاحيصا ،كانوا منكرين وجوده في السودان) .
هنالك من يسأل مستنكرا مثل جدو مقدم ويقول (لماذا الإهتمام بتناول كتاب حكاية إعدام جوزيف ، ويستسهل الهدف المرجو من ذلك التناول ، وكأن الهدف من التناول التسلية وتجزية أوقات الفراغ ،وقد لا يدرك بأن هذه الكتاب قد تناول رؤوس مواضيع لأخطر حقبة مرت على تاربخ البلاد منذ إعلان استقلالها بموجب قواعد تأسيسها الخمس المجازة في ١٩٥٥م ، كما أعطي الكتاب إشارات على بعض المسكوت عنه والمخفي الذي ظل متسترا عليه لثلاثة عقود من ممارسات نظام حركة الإسلام السياسي البائد ،وممارسات حركات الجهاد الإسلامي في السودان ليفتح المجال في البحث في أنشطة الإرهاب والجرائم الفظيعة التي ارتكبتها هذه الجماعات بمثل جريمة مسجد أنصار السنة بالثورة الحارة الأولى المرتكبة في ٤ فبراير ١٩٩٤م بواسطة الليبي المتشدد محمد عبد الرحمن الخليفي مما ادي إلى مقتل ٢٧ شهيدا وعشرات الجرحى أثناء صلاة الجمعة ، ومذبحة مسجد الجرافة التي ارتكبها عباس الباقر عباس من جماعة التكفير والهجرة ومقتل ٢٢ شخصا على الأقل أثناء صلاة العشاء وإصابة أكثر من ٣٠ آخرين قبل أن يقتل الجاني برصاص الشرطة، والكشف عن خلية السلمة في ٢٠٠٧م ووجود ٤٠ مقاتلا يتخذون من منزل بحي السلمة جنوبي الخرطوم زكرا للتخطيط لاستهداف السفارات والبعثات الدبلوماسية بحسب ما اعلنت اجهزة النظام الحاكم، وفي الأول من يناير ٢٠٠٨م تم قتل موظف المعونة الأمريكية جون جرانفيل وسائقه عبد الرحمن رحمة عقب احتفالات راس السنة وكانا في طريق العودة إلى المنزل بالقرب من إحدى الشوارع المؤدية إلى مطار الخرطوم ، وفي ٢٠١٢م تم الكشف عن خلية محمية الدندر الطبيعية الواقعة بالقرب من إثيوبيا وكانت الخلية التي تضم مجموعة من المقاتلين بقيادة طلبة سودانيين يدرسون ببريطانيا وقد تمت مبايعتهم على الولاء التام والجهاد ، وما خفي أعظم .