الثلاثاء, يونيو 24, 2025
الرئيسيةمقالاتقراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق...

قراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق أزمات السودان. حكاية إعدام جوزيف لمعده د ضيو مطوك.

قراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق أزمات السودان.
حكاية إعدام جوزيف لمعده د ضيو مطوك.
إعادة ترسيم السودان (١٥ / ١٥) .
بقلم الصادق علي حسن .

الآن تتم إعادة ترسيم الدولة السودانية بأصابع خارجية، وتلعب دولة الإمارات العربية المتحدة دورا محوريا في إعادة ترسيمها ،وقد خرج أمر الترسيم عن دائرة سيطرة السودانيين انفسهم ودخل في دهاليز خطط إعادة ترتيب وترسيم الشرق الأوسط الجديد . بالرغم من الشكاوى والدعاوى المثارة أمام مجلس الأمن الدولي بنيويورك ولدى محكمة العدل الدولية بلاهاي ومجلس حقوق الإنسان بجنيف والإتحاد الأفريقي وغيره حول قضايا الحرب المستفحلة والانتهاكات الجسيمة المرتكبة ، هنالك المسكوت عنه والمتكتم عليه بين قيادة طرفي الحرب الدائرة، فدولة الإمارات لديها خيوط خفية ،ولا زالت هنالك قوات مشتركة من الطرفين المتحاربين تحارب في شعب دولة اليمن، ولا يُعرف لماذا هذا حتى الآن ؟ وبأي مبرر أو سبب؟ ، شركات التعدين التي ترتبط بدولة الإمارات لا تزال تنهب في ثروات البلاد ووجهتها الرئيس سوق الذهب بالإمارات ، وعلى الأرض يستمر القتل الجزافي، وأرقام الضحايا والانتهاكات الجسيمة في إزدياد جراء الحرب الدائرة على رؤوس المدنيين، وتصريحات جوفاء تصدر من عديمي الضمائر والأخلاق توعد وتتوعد في المسلسل المستمر بفصوله ومشاهده الكارثية المؤسفة. كتاب حكاية إعدام جوزيف لمعده د ضيو مطوك أزال الستار عن وقائع واحداث ظلت في طي الكتمان والتستر وان اتت بصورة رمزية كان بالإمكان للراوي ان يجاهر ويصدع بها علنا للتأسيس لثقافة إبراز الحقيقة والتعافي المجتمعي .
من يقرأ كتاب حكاية إعدام جوزيف يقف على وقائع تمثل بينات مبدئية كافية لمحاكمة وإدانة وتجريم ظاهرة حركة الإسلام السياسي في السودان (دينيا واجتماعيا وسياسيا وجنائيا)، وقد يكون الراوي قصد بعد تجربة انفصال جنوب السودان اسداء النصح لاشقائه وأصدقائه وزملائه في دولة السودان الأم بضرورة مراعاة تغيير وتصحيح الممارسات الدينية والسياسية والنهج الفاسد المقنن في إدارة الدولة والحياة العامة الذي كرس وأدى إلى انفصال دولة جنوب السودان قبل فوات الأوان .
أبناء جنوب السودان بصورة عامة ومنهم د ضيو مطوك يمتازون بالأدب الشديد ،وحتى إذا اختلف أحدهم في الرأي مع الآخر يكون موضوعيا في خلافه . لقد كان الشائع لدى مركز القرار السياسي بالخرطوم والنخب السياسية السودانية تجاه جنوب السودان والمتحدرين منه ،بأن مشاركة النخب من الجنوب في السلطة لاستخدامها في تجيير مشاركاتها الرمزية في خدمة أجندة السلطة المهيمنة على إدارة الدولة والقرار فيها ،وقد ظل المركز في الخرطوم في عهد نظام الإنقاذ يتعامل مع قيادات جنوب السودان بعقلية الترميز والتنميط بمثل مناطق النيل الأزرق ودارفور وشرق البلاد ، ولم يُدرك نظام حركة الإسلام السياسي خواء ذلك السلوك الممنهج المستمر الذي أدى إلى إنفصال جنوب السودان و نتائجه الآن تهدد مستقبل وحدة السودان وشعبه .
كتاب حكاية إعدام جوزيف وفر بينات مبدئية كافية لمحاكمة ظاهرة حركة الإسلام السياسي في السودان محاكمة علنية امام الرأي العام من خلال وقائع جريمة جنائية عادية ارتكبت ،ثم افضت لجريمة آخرى ارتكبت بسجن وإعدام شخص برئ ، وفضحت وقائع لممارسات وجرائم عديدة آخرى ارتكبت في ظل نظام الإنقاذ ظلت في طي السرية والكتمان .
على الأجيال الجديدة الاستفادة من الدروس والعبرة في حكاية إعدام جوزيف، حتى إذا تمكنت في المستقبل من استعادة الدولة السودانية من طرفي الحرب الاعتباطية العمل الجاد من أجل التأسيس السليم والرجوع إلى قواعد تأسيس الدولة السودانية ، ولو لم يتم ذلك ستظل ابواب البلاد مشرعة أمام كل مشروعات التجزئة والتقسيم ، كما بالضرورة أن تبحث الأجيال الجديدة في كافة الخيارات عبر الطرق ووسائل الحوار السلمي والحفاظ على حرمة دم الإنسان هذه الحرمة التي قال عنها الرسول الكريم حينما نظر إلى الكعبة وقال (ما أعظمك وما أعظم حرمتك وللمؤمن عند الله أعظم حرمة منك) .
يجب على الأجيال الجديدة أن تستفيد من الدرس الأكبر الذي نتج عن الحرب الدائرة وأن تباشر زمام أمرها بنفسها ،وأن لا تترك مستقبلها لحملة الحقائب من أصحاب الياقات البيضاء الذين يتجولون في المحطات بين المطارات الدولية والمحافل والمنابر الدولية. عملهم صار هو التجوال وحمل القضايا العامة في حقائب السفر والتنقل بها وادوات عملهم التصريحات في وسائل الإعلام ، إن تكفي نتائج تجربة محاصصة ثورة ديسمبر المجيدة ، اسماء بلا تجارب او خبرات حاصصت عساكر اللجنة الأمنية لنظام البشير ودعمه السريع بإسم الثورة والثوار، ووظفت المحاصصة في خدمة مآربها الذاتية وإنتاج جريمة تعطيل استعادة الحياة الدستورية للبلاد فأقتسام السلطة مع عناصر اللجنة الأمنية لتنتهي محاصصتهما بهذه الحرب الاعتباطية الدائرة.
في جنوب السودان على د ضيو مطوك من موقعه وعلى أمثاله من المستنيرين من مواقعهم الآخرى العمل من أجل إنسان بلادهم ، والاستفادة من دروس الحرب المريرة بالسودان، وتجنيب بلادهم أمراض السودان الموروثة منذ الاستقلال ،ومعالجة الخلافات بين الرئيس سلفاكير ونائبه الأول د رياك مشار والتي افضت إلى توقيف د رياك مشار وووضعه قيد التحقيق توطئة لمساءلته و محاكمته جنائيا. إن جنوب السودان وإنسانه يحتاج إلى الحكمة والنظر إلى المستقبل ، أبناء جنوب السودان هم الأكثر تأهيلا للمساهمة في قيادة دول وسط وشرق أفريقيا بما توافرت لديهم من تجارب وخبرات لسنوات طويلة في قضايا الحرب والسلام وذلك للانتقال يالشعوب ودول المنطقة إلى التحول المدني الديمقراطي وكفالة الحقوق بموجب أحكام الدستور وحمايتها وليس بالجنوب وحده .
في التجارب .في عام ١٩٩٥م تأسس (محامو دارفور) من عدد من الشباب الذين التحقوا بمهنة المحاماة والمدافعين الحقوقيين ، وكان من ضمن أهدافهم قيادة حملة مناصرة لإطلاق سراح المحامين وقادة الرأي والأحزاب المعتقلين بمباني الأمن وبيوت الأشباح ،في عام ١٩٩٦م رفع (محامو دارفور) اول مذكرة حقوقية لرئاسة الجمهورية بشأن الأوضاع في دارفور ونتائج ممارسات المؤتمر الوطني في غرب دارفور وتسييس القبائل والانتهاكات المرتكبة بمنطقة تباريك التي كانت بداية الشرارة الحقيقة لاستخدام السلاح بواسطة النظام لضرب المجتمعات المحلية في دارفور وتقسيمها إلى عرب وزرقة ، رفض البشير إستلام مذكرة (محامو دارفور) ونُقل عن شيخه الترابي الذي كان يهيمن على القرار السياسي بالبلاد حينما سُئِل عنها وقد صارت أخبار المذكرة تغطي الصفحات الأولى للصحف المحلية (الرأي الآخر الشارع السياسي والأسبوع) التي وجدت فيها مادة صحفية غير معهودة في ظل النظام المطلق بتوجيهاته وتوجهاته الآحادية ، قال شيخ الثعالبة (الترابي) عن أولئك الشباب ولم يهتم وقتذاك بالمذكرة ومحتواها (لم أسمع بهم وهم يرغبون في الإعلان عن أنفسهم ويلتمسون الشهرة وقد اقتفوا آثار ابيل الير الذي تقدم بمذكرة للرئيس البشير بشأن رؤي حول القضايا العامة) . في عام ١٩٩٧م قرأ الدكتور رياك مشار المذكرة التي نشرتها صحيفة الرأى الآخر بكاملها وأرسل سكرتيره وقتذاك المرحوم مدثر التجاني بخاري لمقابلة (محامو دارفور ) وبالفعل ذهب وفد محامو دارفور إليه في مسكنه الحكومي بشارع الجامعة في يوم جمعة وكان الوفد يتكون من كاتب المقال والأخ آدم مصطفى صالح، وفي مدخل المسكن طلب الحرس سجائر وقالوا بأنهم لهم عدة أشهر لم يصرفوا المرتبات ،وفي الداخل كان مع د رياك مشار تعبان دينق حاكم الوحدة واليجا هون قائد قواته (قوات دفاع جنوب السودان) ، قال مشار اليجا هون قائد عسكري أتي لموضوع آخر يمكنه أن يذهب إذا رأيتم ، في المنضدة عبوات من مشروب البيبسي كولا وبلح وفول سوداني وقال معتذرا أنه وجنوده لم يتلقوا مرتباتهم لعدة أشهر ، ما اود ان اقوله كخلاصة حينما أتي د رياك مشار بموجب اتفاق الخرطوم للسلام كانت سياسات المؤتمر الوطني هي نفس سياساته مع كل الحركات المسلحة التي سبقته أو أتت من بعده حتى عجت البلاد بموجب اتفاقيات المؤتمر الوطني بعشرات الحركات ، وكان المؤتمر الوطني يقوم بصناعة غالبيتها لتتنازع في ما بينها كحركات دارفور التي صارت تتوالد من حين لآخر .
مشار يقول : (لسنا في حاجة للبندقية) .
للخروج من الأزمات في دولة السودان الأم، ودولة جنوب السودان لا بد ان تتضافر جهود أبناء الدولتين لوقف الحروب واستعادة مسار التأسيس السليم في السودان وفي دولة جنوب السودان، والمخرج لدولة جنوب السودان لتجاوز الأزمات والصراعات الدائرة على السلطة قد يتحقق بالاستفادة من دروس دولة السودان الأم أولا وتفادي الحروب الاعتباطية التي تقع على رؤوس المدنيين .
في ١٩٩٧م عقب لقاء وفد محامو دارفور بمسكنه تم تنظيم لقاء أوسع برياك مشار بالمعمورة بالخرطوم شارك فيه (محامو دارفور والخريجيين والشباب والإدارات الأهلية) وكان من المشاركين من الإدارات الأهلية المغفور لهم بإذن الله تعالى العمدة بخيت والعمدة عبد الرحمن والعمدة محمد آدم القاضي الشعبي بمحكمة الحاج يوسف وناظر السميات معاذ آدم جلال الدين الذي طالب الجميع بحماس بحمل السلاح، وكان رد مشار بهدوء (لسنا في حاجة إلي سلاح طالما كنا على حق)، وحقيقة لا يحتاج من يرفع الشعارات ويتبنى القضايا العامة إلى استخدام السلاح وسيلة لممارسة القتل الجزافي للوصول إلى السلطة ورفع شعارات بمزاعم أن الحرب من أجل تحقيق الديمقراطية والحريات أو الكرامة الإنسانية من على فوهات البنادق .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات