قطاع العون الإنساني (بتقدم):انسحاب سلطة بورتسودان من النظام العالمي لمراقبة الجوع يفتقر للأخلاق ويقدم منهج “سياسة الإنكار”
الخرطوم: السودانية نيوز
في خطوة غير مسؤولة ومتكررة، أعلنت سلطة بورتسودان انسحابها من “التصنيف المتكامل لمراحل انعدام الأمن الغذائي” (IPC)، وهي أداة دولية تعتمد على تحليل شامل لقياس مدى انعدام الأمن الغذائي في الدول والمناطق المختلفة. جاء هذا القرار في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي خلفتها حرب 15 أبريل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والتي أثرت بشدة على قدرة الدولة على معالجة القضايا الإنسانية الملحة.
وأعلن وزير الزراعة بسلطة بورتسودان عن قرار توقف مشاركتها في نظام تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل (IPC). واتهم اللجنة بإصدار تقارير غير موثوقة تقوّض سيادة السودان وكرامته، وسبقه في ذلك نفي مفوضية العون الإنساني في أغسطس الماضي لتقرير IPC الذي تحدث عن وجود أسوأ حالات الجوع (المرحلة الخامسة) في أجزاء من ولاية شمال دارفور ومعسكر زمزم للنازحين، والذي يعززه تصريح منظمة أطباء بلا حدود عن موت طفل كل ساعتين نتيجة سوء التغذية في معسكر زمزم.
إن هذا النهج الذي يفتقر للأخلاق ويقدم منهج “سياسة الإنكار” على حياة الناس ومساندتهم في محنتهم، يعزز من حقيقة عدم شفافية سلطة بورتسودان في حديثها عن الأوضاع الإنسانية، ويثير تساؤلات حول دقة المعلومات المقدمة منها عن أوضاع الأمن الغذائي، وسيؤدي حتماً إلى تراجع المنظمات الدولية التي تعتمد في تقديمها للمساعدات على التصنيف المتكامل لتحديد المناطق الأكثر احتياجاً للمساعدات. وقد يؤدي هذا الانسحاب إلى تقليل الدعم الموجه للسودان بسبب غياب بيانات دقيقة ومعتمدة دولياً، مما سيؤدي بصورة مباشرة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. وفي ظل غياب هذا التصنيف، ستتأثر خطط مواجهة انعدام الأمن الغذائي وتوزيع المساعدات، ويزيد ذلك من صعوبات التنسيق بين الجهات الإنسانية المحلية والدولية.
هذه السياسات موروث قديم متجدد من دولة النظام القديم، ظلّ في حالة إنكار دائم لكل الكوارث الإنسانية دون أن يبدي تعاونًا مع المحيط الدولي والمؤسسات المختصة. مما جعل السودانيين يواجهون الكوارث في عزلة كاملة عن أي جهود حقيقية قد تخفف من وطأتها. ويجب أن تجد مثل هذه السياسات ردود فعل مناسبة من أصحاب الضمير الحي والأخلاق، والقوى الديمقراطية والمدنية التي تؤمن بأن حياة الناس ومعاشهم مقدمة على المكسب السياسي المتوهم. وقد ظلَلنا نذكر دائمًا أن سلطة بورتسودان هذه لا يمكن أن نأتمنها على حياة السودانيين ومعاشهم، وأن منهج المجتمع الدولي ومؤسساته في التعامل معها يحتاج إلى مراجعات موضوعية، فيما يلي تدابير حماية المدنيين وضمان إيصال المساعدات الإنسانية. ولابد من المزيد من الضغط عليها، لأن حياة السودانيين ليست رهينة لتصرفاتها غير المسؤولة، حيث يدفع السودانيون طيلة العشرين شهرًا من عمر الحرب ثمن هذا التلاعب ويواجهون المرض والجوع والموت.