الثلاثاء, فبراير 4, 2025
الرئيسيةمقالاتمحم بدوي يكتب: وسقطت دمشق ضحي، ثم ماذا بعد !

محم بدوي يكتب: وسقطت دمشق ضحي، ثم ماذا بعد !

محم بدوي يكتب: وسقطت دمشق ضحي، ثم ماذا بعد !

حتي مساء الأمس ٧ ديسمبر٢٠٢٤ ظل بعض المحللين والاعلامين من المختصين في الشأن السوري يصرحون بحصانة العاصمة السورية عسكريا، بما يجعل سقوطها ليس بالإمكان، أو على الأقل في القريب، هذه التحليلات على خلفية الاستيلاء العسكري السريع لعدة مدن سورية استراتجية، في مشهد اعاد أنظار العالم نحو سوريا التي ترزح تحت وطاة حكم دكتاتوري عقائدي منذ العام ١٩٦٣،تخللته تحولات الاحتجاجات الشعبية لاسقاط النظام الي حرب بين القوات الحكومية المدعومة من روسيا وايران، والقوات المتعددة للفصائل السورية.

ظل النظام السوري يعتمد على عوامل خارجية لمقاومة الصراع المسلح، بما جعل تطاول الصراع يتأثر بالعوامل الخارجية بشكل جوهري سواء كانت اقتصادية أو سياسية مباشرة أو مرتبطة بالتحولات في مواقف الحلفاء تاثيرا وتاثرا.

سحبت إيران منسوبيها سواء العسكريين أو الدبلوماسيين،ولعل هذا الموقف كشف ان التحولات التي حدثت في إيران عقب الانتخابات الأخيرة وبذرة الاحتجاجات الداخلية، والصراع بين إسرائيل وحماس، ومقتل حسن نصر الله والاوضاع في لبنان، فرض عليها ترتيب أولوياتها وعدم التدخل، هذا الموقف يكشف ان التحالف بينها وروسيا في استراتجيته مربوط بتنسيق المواقف الخارجية، فروسيا أيضا على ذات نسق ترتيب المصالح، فانها تولي الاولوية لدعم موقفها من الحرب الاوكرانية، ومن جانب اخر تعزيز توسعها في أفريقيا الغربية الغنية بالموارد الطبيعية، وقد نجحت في ذلك ففي ٢٠١٨ وعبر الخرطوم أدخلت ٨١٥ من قواتها إلي منطقة سنقو الغنية بالذهب بجنوب دارفور، ثم واصلت إلي أفريقيا الوسطي، وبعد وقت قصير تمكنت من الوصول الي النيجر كل هذا خصما على النفوذ الفرنسي .

اقتصاديا فإن تطاول الصراع في سوريا ودعم الحلفاء له، تأثر بعوامل اقتصادية متسلسلة من الازمة المالية العالمية ٢٠١٣ التي أثرت على سياسات الدول الكبري مثل الإدارة الامريكية، حيث برزت سياسة سحب القوات الامريكية من عدة دول منها أفغانستان وتمكين الجماعات الاسلامية من السلطة على نظرية تراجع الخطر الاسلامي في ظل الوجود بالسلطة والعكس، التعامل عبر حلفاء مثل الإمارات العربية في السيطرة على الموارد والمواني، ثم انفاذ نسق تمكين الوكلاء من السيطرة الحصرية على الذهب المرتبطة بمناطق النزاع في حالة الذهب السوداني وأسواق دبي.

تأثر الصراع بالتاثيرات الاقتصادية لجائحة كورونا، بالمقابل برز حلفاء قادرون على تشكيل سند اقتصادي للإدارة الامريكية مثل المملكة العربية السعودية لميزة النفط وكذلك الإمارات التي وصل احتياطي الذهب ببنكها المركزي ٢٢ مليار درهم إماراتي.

تطاول الصراع ورفض نسق الحلول التفاوضية والمصالح التركية في المشهد جعلت من نظام بشار الأسد يتراجع في الأجندة سواء لروسيا أو غيرها لان النسق المرتبط بسيناريوهات فدرالية غير منتظمة وفق اتفاقات غير معلنة كما في الحالة الليبية تمثل احدي النماذج التي يعتمد عليها المجتمع الدولي تحت غطاء الأمم المتحدة .

السياسة الامريكية إعادة توظيف القادة الاسلاميبن السوريين بدعمم للسيطرة على السلطة بذات نسق تمكين الاسلاميين واحتواء المجموعات السورية داخل النظاق الجغرافي الوطني، وهي حالة مشابهة لحالة افغانستان، وسحب القوات السودانية المقاتلة بليبيا بموجب اتفاق سلام السودان ٢٠٢٠ إلي داخل السودان.

ما حدث في سوريا مرتبط بالمشهد السوداني إلي حد كبير، فهذا يعني توقف الذهب السوداني إلي موسكو عن طريق مطار اللاذقية، حالة تعثر التفاوض بين أطراف الحرب في السودان، وما برز من تأثير على بعض دول الجوار مثل جنوب السودان، ومحاولة إنقاذ الاقتصاد بها عبر عروض اماراتية مقابل البترول الذي تأثر بالحرب، مع الأخذ في الاعتبار ان الإدارة الامريكية كانت قد شددت وقف القصف الجوي السوداني على مناطق داخل حدود دولة الجنوب في ٢٠١٧ كشرط لرفع العقوبات الاقتصادية، كل ذلك يجعل من علاقة روسيا بصراع السودان والذي برز بشدة في الفيتو الذي رفعته موسكو بمجلس الأمن الدولي مؤخرا، رغم جهود المملكة المتحدة في تمرير القرار بالاجماع.

الخلاصة: السياسات الدولية منذ ٢٠١٧ تنحي بشدة نحو السيطرة على الموارد وتوظيفها في الصراعات في تلك الدول بدلا من الصرف عليها مباشرة، رفض بشار الاسد مرور خط الغاز القطري عبر سوريا الي اروبا كبديل للغاز الروسي وسع من التحالف ضده في وقت استنفذت الحرب الطويلة الموارد، سقوط سوريا قد يعيد التفاهم بين موسكو وواشنطون حول اوكرانيا، لان العام ٢٠٢٥ قد يطرح اسىلة جديدة حول من سبقوم باعادة اعمار دمشق، وغزه وربما الخرطوم.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات