مقرر تحالف تأسيس السودان: “الحرس الإسلامي القديم” خسر المعركة السياسية
متابعات :السودانية نيوز
أكد مكين حامد تيراب، المقرر العام لتحالف تأسيس السودان ، أن ما وصفه بـ”الحرس الإسلامي القديم” قد خسر المعركة السياسية، في وقت بدأت فيه قنوات التواصل الدولية تنفتح تدريجياً على حكومة السلام التي يقودها التحالف. وفي مقابلة مع صحيفة “تأسيس”، استعرض تيراب مساراً سياسياً امتد لأكثر من ثلاثة عقود، بدأه من انتفاضة أبريل 1985 ونشاطه الطلابي في جامعة القاهرة، مروراً بسنوات المنفى التي قضاها في مواجهة نظام البشير، وصولاً إلى الدفع بمشروع حكم جديد يسعى إلى إعادة تشكيل الدولة السودانية على أسس مختلفة.
وروى تيراب كيف ساهم في تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي انطلاقاً من السعودية، حيث حافظ على جبهة معارضة نشطة خلال حرب الخليج، وبنى تحالفاً مجتمعياً واسعاً ضم الحركة الشعبية لتحرير السودان وحركات مسلحة أخرى. وأشار إلى أن هذا التحالف نجح في ممارسة ضغط سياسي على الخرطوم، بل وتمكن في مرحلة معينة من “تحييد” السفارة السودانية في الرياض. وخلال ثورة 2018–2019، لعبت شبكات المغتربين والمراكز الثقافية السودانية دوراً محورياً في دعم المحتجين داخل البلاد، قبل أن يُعتقل تيراب ويُفرج عنه عقب سقوط نظام عمر البشير.
تأسيس التحالف
بعد عودته إلى السودان، تولى تيراب رئاسة هيئة شؤون المغتربين في عام 2020، وهو المنصب الذي شغله حتى اندلاع الحرب، حيث كان خارج البلاد في مهمة رسمية قبل أن يُعفى من منصبه. وفي تفسيره لأسباب تأسيس تحالف تاسيس ، أوضح أن التحالفات السابقة مثل التجمع الوطني، نداء السودان، الجبهة الثورية، وأخيراً “تقدم”، لم تحقق سوى مكاسب محدودة وانتهت إلى الفشل. وأشار إلى أن الآمال التي عُقدت على “تقدم” تلاشت بعد رفض القوات المسلحة للاتفاق الإطاري وتحالفها مع تيارات إسلامية هددت علناً بالتصعيد العسكري، بينما أبدت قوات الدعم السريع استعداداً متكرراً للسلام، وفق تعبيره.
أوضح تيراب أن قطاعات واسعة من السكان باتت خارج نطاق حماية الدولة، وتعرضت لعقوبات جماعية شملت حرمانهم من الوثائق والخدمات، وقطع الكهرباء والاتصالات، وحتى الوصول إلى النقد، قبل أن تُستهدف مناطقهم بالقصف الجوي العشوائي الذي دمّر المنازل والمراعي. هذه الانتهاكات، بحسب تيراب ، فرضت ضرورة تبني مسار سياسي جديد يدمج الواقع العسكري مع الحقوق المدنية، ويضع مصالح المجتمعات المتضررة في صلب العملية السياسية، بعيداً عن الحسابات التقليدية التي تجاهلت هذه الفئات لعقود.
تداعيات إقليمية
على المستوى الإقليمي والدولي، اعتبر تيراب أن السودان دفع ثمناً باهظاً نتيجة سياسات النظام الإسلامي السابق، الذي تورط في تصدير التطرف وتحول إلى مصدر تهديد أمني. وأكد أن تحالف تأسيس نشأ كضرورة وطنية وإقليمية لإعادة بناء دولة تتصالح مع نفسها وجوارها. وأشار إلى أن التحالف واجه ثلاث تحديات مباشرة: الاعتراف الدولي، الموارد اللازمة لتسيير الدولة، ومخاوف من الانقسام الجغرافي. ورداً على هذه التحديات، طرح التحالف دستوراً غير مسبوق وميثاق تأسيسي شاركت في صياغته عدة أطراف، بينها مجموعة “صمود”، واعتُبر لاحقاً من قبل بعض القيادات وثيقة مفصلية منذ استقلال السودان.
بنية دستورية
سلّط تيراب الضوء على ما وصفه باختراقات سياسية في ملفات طالما تجنبتها القوى التقليدية، أبرزها التوافق الواضح على الحكم المدني العلماني، وضمانات فوق دستورية لمنع الانقلابات، إلى جانب مشروع قانون للمواطنة والعدالة. وأوضح أن التحالف تلقى موجة من طلبات الانضمام من أحزاب ونقابات ومجموعات مدنية، مشيراً إلى أن الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو انضمت رسمياً إلى التحالف، منهية بذلك سنوات من القطيعة السياسية. وأكد أن تأسيس يعمل الآن وفق خارطة طريق موحدة لتحقيق سلام عادل يعالج جذور الأزمة السودانية، وقد تم عرض هذه الرؤية على أطراف إقليمية ودولية.
انفتاح دولي
بعد إعلان الميثاق وتشكيل الحكومة، قال تيراب إن مستوى التفاعل الدولي تغيّر بشكل ملحوظ، حيث بدأت الوفود الدبلوماسية بلقاء قيادات التحالف، وبدأت أبواب التواصل تُفتح تدريجياً. واعتبر أن هذا الانفتاح مكّن تاسيس من توجيه “ضربة حاسمة” لاستراتيجية الإسلاميين التي اعتمدت على الفوضى والانقسام. وأكد أن التحالف بات يمثل مشروعاً سياسياً جامعاً، يهدف إلى إعادة بناء الدولة السودانية على أسس العدالة والمواطنة، ويضع حداً لمسارات التهميش والانقلابات التي عطلت البلاد لعقود.