منذر مصطفى يكتب: هل تجول توم بيرلو من هنا الى هناك حتى يقول ما قال في بلادنا، أن لها بابان (ثورة وحرب)
منذر مصطفي
اليوم يزور المبعوث الإمريكي المحطة الآخيرة (بورتسودان) بحثاً عن حلفاء في مهمته التى لم تكلل بالتوفيق حسب المراقبين، رغم الإمكانيات الكبيرة الموفرة لها من الإدارة الأمريكية والدعم الدولى لمقاربة فليتمان الأسبق بشأن من يحكم السودان بعد أن قال الشعب كلمته في ديسمبر 2018، بخصوص نظام الـ30 يونيو 1989.
تشكل الزيارة تتحولاً هائلاً في بوصلة السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، وتنازلاً عن فكرة ترتيب البيت الداخلى للسودان بصورة تتقارب مع المصالح الأمريكية أولاً، وإعلان التماهي مع قيادة الجيش التى تقود تحالف سلطة معترف بها على نطاق واسع.
ولفهم أبعاد الزيارة بصورة أعمق علينا الرجوع لـ 2019، حيث إتفاق قوى الحرية والتغيير مع المجلس العسكري الإنتقالي لتقاسم قوة الدولة وإنهاء حالة غضب الشارع من نظام الإنقاذ، حيث يحتفظ النظام القديم بالسلطة وتدير قحت الحكومة، لم تصمد هذه التوليفة امام الشارع وإنتهت المساكنة في الـ21 اكتوبر 2021، فيما وصف بالإنقلاب، لكن رغبة الشارع في التغيير والتحول الديمقراطي أظهرت التناقضات بالتوليفة العسكرية للنظام القديم.
علمت (مولى في) على الترويج لتشكيلة جديدة بذات المهام القديمة لكن بإضافة لاعبين جدد، فيما يسمي بالإتفاق الإطارئ، لكن سوء التقديرات دفع بالمواقف السياسية لإستخدام رافعة عسكرية، وتحدثت البنادق في الـ 15 ابريل 2023، وتم تعين المبعوث المنتهية ولايته في ديسمبر 2024 دون إحداث إختراق يذكر في بناء طاولة تجمع الفرقاء.
أزمة أمريكا في السودان تشبه أزمة السودان نفسه حيث الحجم الكبير من الموارد المعطلة، وفي ذات التوقيت ثقل وأسع من الحلفاء المعطلين، حيث لا يوجد صوت وأزن يهدد مصالح واشنطن بالسودان، فمعظم القوى النشطة مدنية أم عسكرية تتطابق مواقفها وإشتراطات حلفاء البيت الأبيض.
وهذا الواقع المتخم بالحلفاء المتشاكسين، جعل الرجل في حيرة من أمره، حيث قرب الموالين بادئ الأمر وإهمال غيرهم، مما صعب المهمة وأطال أمد العمليات العسكرية، كون التابعين ينتابهم ضعف منظور ناتج عن تخزينهم في مواقف هشة باعدت بينهم وبين الشارع وأخرون خاضو في إنتهاكات وأسعة لحقوق الإنسان، بما في ذلك المجازر المروعة والتى وصفها بصدمة الضمير.
واليوم يريد المبعوث إرسال رسالة متأخرة نوعاً ما للسودانيين مفادها: هذه ثورتكم ودولتكم ردت إليكم فأفعلوا ما تشأون، بعد أن تعسرت جهود توجيه الثورة والحرب، مما يشكل فصل جديد وحاسم في تاريخ أمتنا وحركتنا الوطنية، أنها مساحة جديدة أفرزتها إرادة السودانيين.
منذر مصطفى، باحث بمعهد السياسات العامة- السودان، 18 نوفمبر 2024.