نداء إلى القائد عبد العزيز آدم الحلو: في لحظة انقسام وطني وتشظٍ غير مسبوق
بقلم / عمار نجم الدين
أيها القائد عبد العزيز آدم الحلو، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان/شمال،
أخاطبك في لحظة حاسمة من تاريخ السودان، حيث تبدو البلاد على شفا انهيار شامل. لقد بلغ التشظي السياسي والاجتماعي والعسكري ذروته، وكشفت الصراعات الداخلية عن ضعف التحالفات التي تدّعي تمثيل الثورة. وأخص بالذكر تحالف “تقدّم”، الذي أراه اليوم أقرب ما يكون إلى تحالف منتهي الصلاحية والفعالية.
فشل تحالف “تقدّم” وانقساماته الداخلية
ما يحدث داخل “تقدّم” ليس مجرد خلافات تنظيمية، بل هو تعبير عن انقسام عميق بين تيارين متضادين:
1. تيار ثوري يسعى لإقامة دولة تقوم على المساواة، والحرية، والعدالة الانتقالية، والتحول الديمقراطي الحقيقي.
2. تيار محافظ بات هدفه الوحيد الحفاظ على ما تبقى من إرث السودان القديم، وحماية الامتيازات التاريخية للنخب التي احتكرت السلطة والثروة لعقود.
لقد ظهر هذا الانقسام بشكل أوضح بعد اجتماع جنيف الأخير، حيث أصبحت قرارات “تقدّم” محصورة في يد قلة من النخب، تعمل على حماية مصالحها الخاصة، بعيداً عن أي مشروع وطني جامع. ومع اقتراب اجتماع كمبالا المرتقب، فإنني على يقين أن هذه الصراعات ستنفجر بشكل علني، مما سيؤكد مرة أخرى أن “تقدّم” لم يعد قادراً على قيادة المرحلة الانتقالية أو تحقيق تطلعات الشعب السوداني.
اجتماعا جنيف وكمبالا: محاولة لإنقاذ الامتيازات القديمة
اجتماعا جنيف وكمبالا ليسا سوى محاولتين يائستين من نخب “تقدّم” لإنقاذ ما تبقى من امتيازاتها. هذه الاجتماعات، التي تعقد بعيداً عن هموم المواطن السوداني، لا تهدف إلى بناء دولة جديدة تقوم على العدالة والمساواة، بل تسعى فقط لإطالة عمر نظام قديم ينهار تحت وطأة الفشل.
لقد بات واضحاً أن “تقدّم” يعمل على إدارة الانهيار بأقل الخسائر الممكنة بالنسبة للنخب، وليس على معالجة جذور الأزمة. هذا التحالف الذي بدأ كأمل للثورة أصبح اليوم جزءاً من المشكلة، وليس جزءاً من الحل.
دعوة لتأسيس مشروع وطني جديد
أيها القائد، في ظل فشل “تقدّم” وانقساماته، فإنني أرى أن السودان بحاجة إلى مشروع وطني جديد يتجاوز هذه التحالفات الهشة. أدعوك لتقديم مبادرة شاملة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تتخذ من كاودا أو يابوس مقراً لها. هذه الحكومة يمكن أن تكون نواة لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة، قائمة على:
1. العدالة الانتقالية: معالجة المظالم التاريخية، ومحاسبة كل من تورط في الجرائم ضد الشعب السوداني.
2. إعادة هيكلة الدولة: تفكيك منظومة الامتيازات التي حكمت السودان منذ الاستقلال، وبناء دولة تقوم على المواطنة الحقة.
3. التوزيع العادل للسلطة والثروة: تحقيق التوازن بين المركز والهامش، بما يضمن تمثيلاً عادلاً لكل السودانيين.
4. التوافق الوطني: ضم كافة القوى السياسية والمدنية التي تؤمن بالتغيير الجذري وبناء السودان الجديد.
جون قرنق : مسؤوليتك في قيادة التغيير
أتذكر كلمات الراحل جون قرنق:
“السودان لن يكون كما كان، وسيُعاد تعريفه من خلال العدالة والمساواة.”
أيها القائد، إن السودان يحتاج اليوم إلى قيادة جريئة، قيادة تضع مصلحة الوطن فوق الحسابات الضيقة، وتتجاوز التحالفات المنتهية الصلاحية. إن حكومة الوحدة الوطنية التي أدعوك لتشكيلها، في كاودا أو يابوس، يمكن أن تكون نقطة انطلاق لتأسيس مشروع وطني جامع، يمحو إرث الفشل ويضع السودان على مسار جديد.
هذه لحظة تاريخية لا تحتمل التأجيل، وأعلم أنك تدرك حجم التحدي. القيادة ليست امتيازاً، بل واجب وطني. السودان يستحق ان نتحمل من اجله هذه المسؤولية العظيمة.
فلنكتب معاً فصلاً جديداً في تاريخ هذه البلاد.
2/ديسمبر /2024