هيومن رايتس: الجيش السوداني استخدم أسلحة لها آثار واسعة النطاق…وعلى العالم معاقبة قيادة القوات الجوية
نيروبي) – السودانية نيوز
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن القوات المسلحة السودانية استخدمت قنابل غير موجهة أُلقيت جوا لشن هجمات على أحياء سكنية وتجارية في نيالا بجنوب دارفور أوائل فبراير/شباط 2025. هذه الهجمات العشوائية، التي تشكل جرائم حرب مفترضة، قتلت وأصابت أعدادا كبيرة من المدنيين.
وشنّ الجيش السوداني هجمات متكررة على نيالا، عاصمة جنوب دارفور، منذ سيطرة خصمه “قوات الدعم السريع” على المدينة أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023. المدينة، التي كان يقطنها أكثر من 800 ألف نسمة قبل النزاع الحالي، هي الأكبر في دارفور وإحدى أكبر مدن السودان.
وقال جان باتيست غالوبان، باحث أول في قسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: “قصف الجيش السوداني أحياء سكنية وتجارية مكتظة بالسكان في نيالا باستخدام قنابل غير دقيقة. قتلت هذه الهجمات عشرات الرجال والنساء والأطفال، ودمرت العائلات، وزرعت الخوف والنزوح”.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للجيش السوداني إيقاف جميع الهجمات العشوائية فورا، بما فيها تلك التي تنطوي على استخدام قنابل غير موجهة تُلقى جوا على مناطق مأهولة بالسكان.
ينبغي للدول الأخرى أن تحذو حذو “الاتحاد الأوروبي” في فرض عقوبات على قيادة القوات الجوية السودانية جرّاء هذه الهجمات. وينبغي للسودان ضمان وصول المراقبين، بمن فيهم أولئك التابعون لـ ‘المحكمة الجنائية الدولية” و”بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان”، للتحقيق في انتهاكات جميع الأطراف المتحاربة. وينبغي للحكومات ضمان الدعم السياسي والمالي اللازم للتحقيقات الجارية.
قال غالوبان: “ما يزال المدنيون يتحملون وطأة حرب السودان المدمرة المستمرة منذ عامين رغم التعبيرات الدولية عن القلق. على الدول الأخرى اتخاذ إجراءات متضافرة لحماية المدنيين ومنع المزيد من الهجمات العشوائية من خلال التحقيق في أفعال المسؤولين من جميع الأطراف ومعاقبتهم”.
وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى لعقود هجمات جوية عشوائية شنها الجيش السوداني على مناطق مأهولة بالسكان باستخدام قنابل غير موجهة أُلقيت من طائرات شحن تحلق على ارتفاعات كبيرة. في الحرب الحالية، التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023، أدت غارات جوية عديدة شنتها القوات المسلحة السودانية على المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في السودان إلى مقتل وإصابة عدد لا يُحصى من المدنيين.
تزامنت حملة الغارات الجوية المكثفة التي شنّها الجيش السوداني على نيالا مع تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع بدأت باستخدام مطار نيالا كقاعدة للطائرات المسيّرة، وأن طائرات شحن كبيرة كانت تهبط فيه. استخدام قوات الدعم السريع المطار لأغراض عسكرية يجعله من الأعيان العسكرية وهدفا مشروعا. أفادت وسائل إعلام محلية أن قوات الدعم السريع في نيالا نفذت حملات اعتقالات واسعة بحق أشخاص يُشتبه في تقديمهم إحداثيات الغارات الجوية للجيش السوداني في أوائل ديسمبر/كانون الأول، ومرة أخرى في أواخر يناير/كانون الثاني.
الهجمات الموجهة ضد مقاتلي قوات الدعم السريع والأهداف العسكرية كالمطار متوافقة مع قوانين الحرب طالما أنها لا تُلحق بالمدنيين أضرارا عشوائية أو غير متناسبة.
لا يحظر القانون الإنساني الدولي الهجمات على المناطق الحضرية في حال وجود أهداف عسكرية، ولكن الهجمات الموجهة ضد المدنيين أو الأعيان المدنية، أو التي تُسبب أضرارا عشوائية أو غير متناسبة بالمدنيين، محظورة دائما، وقد تُشكل جرائم حرب إذا نُفذت بالنية الإجرامية المطلوبة لاستيفاء هذا الشرط. يُلقي وجود العديد من المدنيين في المناطق الحضرية بمسؤوليات أكبر على الأطراف المتحاربة لاتخاذ خطوات لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين، وينبغي للأطراف المهاجِمة السعي إلى إلغاء الهجوم أو تعليقه إذا قررت أن الهدف ليس عسكريا أو سيُلحق بالمدنيين أضرارا عشوائية أو غير متناسبة.
راجعت هيومن رايتس ووتش صورا لبقايا ذخيرة لتحديد الأسلحة المستخدمة في ثلاث غارات في 3 فبراير/شباط، وتمكنت من ذلك في اثنتين. خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أنه تم استخدام قنبلة من طراز “أوفاب-250” (OFAB-250) في الغارة التي وقعت أمام “مستشفى مكة للعيون”، وهي قنبلة غير موجهة شديدة الانفجار ومتشظية. في غارة أخرى، حددت هيومن رايتس ووتش استخدام قنبلة من طراز “فاب” (FAB) متعددة الأغراض وغير موجهة أُلقيت جوا أصابت طريقا يبعد حوالي 140 مترا شمال غرب المستشفى.
وصف خمسة شهود طائرة واحدة، لا يبدو أنها مقاتلة نفاثة، كانت تحلق في السماء وقت الغارات. قال أحد الشهود: “رأيت الطائرة تحلق حول المدينة. كانت طائرة كبيرة، تشبه طائرة الشحن… قصفت في دورتها الثانية حول المدينة”.
وقال عامل يومي نجا من غارة أودت بحياة أخته وابن أخيه في 3 فبراير/شباط: “كانت الطائرة تحلق على ارتفاع كبير جدا جدا. لم يكن الوقت الفاصل بين الغارتين طويلا، ربما دقيقة أو دقيقتين – قصفت الطائرة، ثم انعطفت، ثم قصفت ثانية بعد فاصل زمني قصير جدا”.
وألحقت الغارات الجوية على المناطق السكنية في وسط نيالا خسائر فادحة في صفوف المدنيين. قال العامل اليومي: “الغارات الجوية هي الأسوأ، لأنها تدمر كل شيء. في حالة الأعيرة النارية، يستطيع الناس تجنبها والاحتماء منها، لكن لا يمكننا الاحتماء من الغارات الجوية. إنها قوية جدا”. وقد قُتلوا أيضا”.