الأحد, أكتوبر 13, 2024
الرئيسيةاخبار سياسيةتحركات أمريكية وإقليمية جديدة لإنقاذ الوضع الإنساني في السودان

تحركات أمريكية وإقليمية جديدة لإنقاذ الوضع الإنساني في السودان

تحركات أمريكية وإقليمية جديدة لإنقاذ الوضع الإنساني في السودان

ذو النون سليمان، مركز تقدم للسياسات
تقدير موقف:

تحركات أمريكية

قررت أطراف دولية عقد اجتماع وزاري الاسبوع المقبل في نيويورك، في إطار اجتماعات الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك لتقييم التحديات وتنسيق العمل الجماعي بشأن السودان. تتكون الأطراف من الولايات المتحدة، والسعودية، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، التي دعت في بيان مشترك لاتخاذ إجراءات عالمية لمعالجة عواقب الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان وتأثيرها على المنطقة.
لتقييم التحرك الجديد نرصد المؤشرات التالية:
– دعا الرئيس الأميركي، جو بايدن، الثلاثاء 17 سبتمبر، طرفي النزاع في السودان إلى استئناف المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب المستمرة بينهما منذ أبريل 2023، والتي خلفت عشرات آلاف القتلى ودفعت البلاد إلى حافة المجاعة. وفي بيان نشره البيت الأبيض، دعا الطرفان المتحاربان إلى سحب قواتهما، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين، وإعادة الانخراط في المفاوضات لإنهاء الحرب.
– ذكر الرئيس الأميركي من أن هذه الحرب خلقت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، كاشفا بأن المساعدات الأميركية للمدنيين السودانيين بلغت 1.6 مليار دولار خلال عامين.
– قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مؤتمره الصحفي في القاهرة , إن إحراز أي تقدم في أزمة ‎السودان مهدد بسبب الهجوم الجديد لقوات ‎الدعم السريع على مدينة ‎الفاشر, ودعا بلينكن الاطراف المتصارعة إلى الجلوس على طاولة المفاوضات للاتفاق على تنفيذ الاتفاقيات الرامية لوقف الحرب.
– أشاد قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بالانتقادات التي وجهها رئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، للهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع على الفاشر، وذكر أنه يتطلع إلى مناقشة الحلول السلمية مع المسؤولين الأمريكيين خلال مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل.
– شدد وزير الخارجية المصري في المؤتمر الصحفي المشترك مع وزير خارجية الولايات المتحدة، على عدم وضع الجيش السوداني في موقع المساواة مع أي أطراف أخرى والعمل على تعزيز دور الدولة السودانية في الحفاظ على وحدة البلاد .
– قال المستشار بقوات الدعم السريع، الباشا طبيق, إن الحراك الدبلوماسي والاستخباراتي الذي تقوم به مصر في القرن الأفريقي مؤشر على زيادة التوتر والصراعات وتأزيم الوضع ، وعلى الحكومة المصرية التعاطي مع الملف السوداني عبر العمل السياسي وليس عبر ادارة المخابرات وبما يخدم مصلحة الشعبين.
– يواجه السودان أزمة إنسانية، حيث يعاني 26 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ونقص حاد في الموارد، حيث تم تأمين 41% فقط من مبلغ 2.7 مليار دولار، المخصص لخطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام.
تحليل:
• عاد إهتمام الادارة الأمريكية بالملف السوداني من جديد بعد فشل مبادرتها بجنيف لوقف إطلاق النار وجميع مجهوداتها لإقناع قيادة الجيش بالانضمام للمنبر، بالتزامن مع تحركات دولية من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي مبعثها تدهور الوضع الإنساني بالسودان، وتحركات سعودية ومصرية تتعلق بأمن البحر الأحمر.
• يربط عدد من المراقبين التحركات الامريكية الجديدة بالانتخابات الرئاسية وأهمية الممرات البحرية للأمن القومي الأمريكي والعالمي، والتي تشهد محاولات روسية وإيرانية للتواجد في منطقة البحر الأحمر. كل هذه المجهودات اصطدمت بمطالب الجيش الساعية لتأمين مصالح حاضنته السياسية وشركائه من الجهاديين الإسلامين والحركات المسلحة، والتي تتعارض مع تصورات الحل الشامل للصراع التي تطرحها المبادرات المختلفة.
• خيارات المجتمع الدولي والإقليمي تنحصر بين الاستجابة لابتزاز قيادة الجيش السوداني والذهاب لتسوية سياسية يعود فيها عناصر النظام القديم للسلطة مقابل تحسين الوضع الإنساني والإبقاء على التوازن الإقليمي بالمنطقة، أو تفعيل القرارات الدولية واستصدار قرارات جديدة تهدف لحماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين.
• تواجه فكرة الحماية الدولية للمدنيين عددا من المعيقات أولها تكلفة احتياجاتها الضخمة، فالسودان في الوقت الحاضر لا يمثل أولوية للمجتمع الدولي. وليس سهلا تأمين توافق دولي في مجلس الأمن حول تشكيل قوة الحماية الدولية للمدنيين، لذا، يتوقع استمرار الضغط على طرفي الصراع من أجل الوصول لاتفاق محلي لوقف إطلاق النار يدعمه مراقبون عسكريون من الاتحاد الافريقي وبإشراف من الأمم المتحدة.
• تدرك قيادة الجيش معضلة المجتمع الدولي وتحديات استصدار قرارات أممية وتنفيذها، وأن أي توقيع لوقف إطلاق النار سيؤسس لأوضاع إدارية جديدة بحكم مناطق السيطرة، الأمر الذي سيدفعه لتحسين موقفه الميداني من خلال استمرار مخططاته الأمنية والحربية، مع المواصلة في استراتيجيته في التعامل مع أطراف المبادرات الإقليمية والدولية.
• ينسحب الصراع الإقليمي خاصة بين أثيوبيا ومصر على محاولات تحقيق اجماع افريقي لوقف الحرب بما في ذلك فريق حماية افريقي للمدنيين، فالعلاقة بين مصر وقوات الدعم السريع تشهد توترا ملحوظا، بعد تأكيدات أطراف مصرية ومنها الخارجية على دعمها للجيش السوداني باعتباره صمام أمن للدولة التي لم تعد قائمة كمؤسسة وتواصل سيادة الدولة على الأرض، وهو الموقف الذي اعتبره الدعم السريع انحيازا مصريا لطرف في الحرب لا يؤهلها لتكون طرفا نزيها في التسوية السياسية.
• وفي المقلب الاخر، يثير تقارب الدعم السريع مع أديس أبابا حفيظة القاهرة، فكلا العاصمتين تعيشان أجواء توتر كبير، ويشتغلان على عملية استقطاب إقليمي ودوليلدعم مواقفهما حول قضية سد النهضة الاثيوبي.
خلاصة:
الحراك الدولي والإقليمي الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة لإنهاء الحرب وإنقاذ السودان من كارثة إنسانية مستمرة لم يعد محل ثقة أطراف الصراع المسلح، بعد عام ونصف من التجارب الفاشلة. ولهذا بات الحسم العسكري هو الخيار الوحيد لفرض التسوية السياسية على الطرف المهزوم. ومن غير الواضح حتى هذه اللحظة ان يكون المجتمع الدولي قد وصل الى قناعة بضرورة التدخل العسكري وفرض التسوية السياسية بالقوة على طرفي الصراع، كما ان الصين وروسيا لن يمررا بسهولة في مجلس الامن أي قرار بوضع السودان تحت البند السابع وتشريع التدخل المسلح حتى تحت بند المساعدة الإنسانية والامر ينطبق على استخدام اليات الاتحاد الافريقي. لهذا فان الخيار المرجح هو استمرار الحرب بكل تداعياتها الإنسانية ومخاطرها الاجتماعية والأمنية على السودان والاقليم في الوقت الراهن.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات