مازن أبو الحسن يكتب: مر المحارب من هنا!
قبل 15 سنة من الآن وتحديداً في الثامن من يوليو 2005، و بعد ان وضعت اطول حرب اهلية في افريقيا أوزارها ، والتي استمرت لمدة 21 عام .و خلفت ورائها من الدمار و الموت ما يكفي. كانت الخرطوم تتجمل في انتظار وصول “القائد العائد” د/ جون قرنق دي مبيور رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان لإستكمال استحقاقات اتفاقية السلام الشامل “نيفاشا”
ملايين السودانيين كانوا في إنتظار دكتور جون وعلى طريقة العظماء أمثال مانديلا وغاندي كان الإستقبال الاسطوري -والذي لا يلق الا بمن هم في قامته -. يعتبر الإستقبال الحافل الذي حظي به دكتور جون تصويت شعبي و عفوي جمع مختلف اطياف الشعب السودان شمالاً وجنوباً ، شرقاً و غرباً في مشهد مؤثر جسّد َ لُحمة ابناء الهامش مع المركز في وطن يسع الجميع
بطل الحرب و السلام؛ الدكتور جون قرنق كان رجل مبدئي ناضل من اجل وحدة السودان على اسس جديدة -تحت شعار- “السودان الجديد” والذي يدعو الى دولة المواطنة و التي تذوب فيها كل الفوارق الدينية و العرقية بين الناس ، وكما ظل دكتور جون يشدد دائماً
“Only Sudanism can unite us, let us become Sudanese”
تحت شعار “السودان الجديد” حمل دكتور جون في جُعبته برنامج سياسي – إقتصادي – إجتماعي متكامل للارتقاء بالمواطن السوداني و البلد في آن واحد. ويعتمد برنامجه بشكل أساسي على التنمية و الزراعة – نقل المدن الى الارياف – والتوزيع العادل للثروة والسلطة بين مختلف اقاليم السودان ، كما ظل دكتور جون ينادي دائماً بمجانية العلاج و التعليم لجميع ابناء الوطن
اخيراً وبعد هذا الاستقبال الاسطوري الذي طال انتظاره فردت سفن الأحلام للسودانيين اشرعتها للابحار بعيداً في ربوع السودان الجديد “اكبر قطر افريقي آنذاك” مطلقين العنان لطموحاتهم التى ليس لها حدود
ولكن يبدوا ان الأقدار كانت تحمل بين طياتها مفجأة من العيار الثقيل !!! فقط وبعد مرور ثلاثة اسابيع ، و بصورة مباغتة للجميع ، غُيّبَ الدكتور جون قرنق قسرياً عن المشهد في حادث مريب بعد ان اصطدمت مروحيته بجبل زوليا على سلسلة جبال الاماتنوغ لتتحطم احلام الملايين “بالسودان الجديد” الذي طالما بشرهم به “القائد الغائب” ليتوقف التاريخ عن كتابة اهم فصوله في تلك المرحلة
كلمة اخيرة: غاب عراب السودان الجديد وظلت رؤيته “حلم لا يموت”
RIP Dr. John Garang
مازن ابوالحسن ٨ يوليو ٢٠٢٠
