الحاج وراق: نشر قوات دولية محايدة خطوة أساسية لحماية المدنيين في السودان
الحاج وراق:
قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الحاج وراق أن نجاح تجربة نشر القوات الدولية لحماية المدنيين في السودان يعتمد على نشر قوات دولية محايدة وقادرة على توفير الحماية بقرار من مجلس الأمن الدولي. ولفت إلى أن نشر قوات إفريقية لن يكون عمليًا، نظرًا لفسادها وعدم قدرتها على حماية المدنيين، بالإضافة إلى تزويرها للتقارير.
قال وراق في ندوة عقدت يوم السبت في العاصمة الأوغندية كمبالا، إلى أن الحديث عن قوات لحفظ السلام وحماية المدنيين يجب أن يكون واضحًا ومؤكدًا على ضرورة وجود قوات دولية قادرة على تأمين حماية فعالة للمدنيين، وليس قوات أفريقية فاسدة ومعروفة بتزوير التقارير ولا تقدم الحماية اللازمة.
تحدث وراق في سياق توصية أصدرتها بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، تدعو فيها لنشر قوات مستقلة ومفوضة لحماية المدنيين. وقد ألقت البعثة باللوم على الجيش والدعم السريع في عدم قدرة الطرفين على حماية المدنيين خلال النزاع المسلح.
قال وراق إنه في حال وصول قوات لحماية المدنيين، ينبغي أن تكون قادرة على الحفاظ على حقوق الإنسان، وأن تتسم بالأخلاق والحياد، ويجب ألا تُعطى هذه العملية “شيكًا على بياض”.
قامت الأمم المتحدة بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي بنشر قوات دولية في إقليم دارفور عام 2007 خلال فترة حكم البشير، حيث تضم هذه القوات نحو 30 ألف فرد. وواجهت هذه القوات تحديات كبيرة إذ قُتل حوالي 40 جنديًا على يد الجماعات المسلحة، وفشلت في توفير الحماية للمدنيين. كما حصلت البعثة المعروفة باسم “اليوناميد” على مبالغ مالية ضخمة من المجتمع الدولي، تجاوزت عشرة مليارات دولار، في إقليم لا يزال يعاني من وجود مئات الآلاف من المدنيين في مخيمات النزوح.
وأضاف: “يمكن أن تكون القوات سببًا في تفتيت السودان، لذا يجب التأكد من قدرتها على حماية المدنيين قولًا وفعلًا”. وأوضح الوراق أن السودان سيتعرض للتفكيك والتقسيم ما لم يتوصل السودانيون إلى اتفاق بشأن الشراكة على أسس المواطنة والديمقراطية والحكم الفيدرالي، وندد بضرورة وجود تيار مدني واسع يتجمع حول الأهداف الأساسية ويتجنب تفتيت البلاد.
وأضاف قائلًا: “يمكنكم تخيل كيف هُزمت آلة الحرب عندما صرخت امرأة في وجه البرهان خلال زيارته للشمالية، وهتفت أمامه قائلةً: يكفي من الحرب يا برهان”. وأوضح الوراق أن تقسيم السودان يبدأ بتفكيك حزب الأمة القومي لأنه يربط بين وسط البلاد وساحلها وغربها، مؤكدًا أن التقسيم يترافق مع العداء للقوى المدنية الديمقراطية، مشددًا على أنه يجب نقد القوى المدنية والتحالفات أيضًا.
قال وراق إن الأجهزة الأمنية تمتلك موارد كبيرة لاختراق القوى المدنية والأحزاب في السودان، وشدد على أهمية امتلاك مصادر القوة مثل الإعلام والتنظيم والمال والعمل على تطويرها. وأوضح وراق أن إنهاء الحرب يتطلب وقف التمويل الإقليمي لها وتجفيف الموارد، وذلك بناءً على قاعدة بيانات تتضمن تقارير دقيقة على الأرض.
أضاف: “لن تتمكن من الانتصار على العدو قبل أن تتغلب على نفسك أولاً، ويتوجب إعطاء الأولوية للأمور الجوهرية على الأمور الثانوية وتقديم التنازلات، وعدم تكرار تجربة المرحلة الانتقالية السابقة”. وأشار الوراق إلى أن الكراهية والبغضاء والخلافات والشخصنة والصراعات الجانبية ستؤدي إلى تدمير البلاد.
يعتبر وراق من السياسيين الذين كانوا دائمًا يحذرون من تقويض المرحلة الانتقالية، وكان يوصي كثيرًا بتقديم التنازلات بين القوى المدنية. كما حذر من احتمال اندلاع الحرب في وقت مبكر خلال ندوة في العاصمة الخرطوم، بعد انقلاب البرهان وحميدتي على الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك. وأوضح أن الجنرالين قد توافقت آراؤهما بشأن الانقلاب، إلا أنهما يختلفان “حول الغنيمة” بعد الإطاحة بالمدنيين، وذلك بعد الاتفاق الذي تم بين العسكريين والمدنيين على الشراكة السياسية التي تم التوصل إليها خلال ثورة ديسمبر.