الإثنين, ديسمبر 2, 2024
الرئيسيةمقالاتالصادق علي حسن يكتب :أخطاء بلينكن وبيرييلو (٧) .

الصادق علي حسن يكتب :أخطاء بلينكن وبيرييلو (٧) .

الصادق علي حسن يكتب :أخطاء بلينكن وبيرييلو (٧) .

الطريق إلى الحل :أخطاء بلينكن

عددا من المهتمين ظلوا يرددون طالما ان مفاوضات جنيف لم تأت بجديد ، كيف الوصول إلى الحل، الإجابة، إن الطريق السليم في الوصول إلى الحل يكمن في معالجة أخطاء الوسطاء وتوظيف الجهود الأمريكية بصورة صحيحة وليس في التخلي عنها، فالولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة التي لديها قدرات و امكانيات معالجة الأزمة السودانية حيثما صارت لديها خطة مبنية على أسس سليمة تعزز مطالب الشعب السوداني وتلبي رغباته، وليس مجرد الخطط المستقاة من نخب المجتمعين السياسي والمدني السوداني ، إن مشروع الحل السليم للوضع السوداني لا بد له أن يرتكز على الأوضاع الداخلية ويعبر عنها وليس مجرد نصوص لاتفاقيات تبرم بحضور شركاء ووسطاء دوليين ، وما لم يحدث ذلك فإن الاتفاقيات المحتملة سواء أبرمت في جنيف أو جدة أو القاهرة أو المنامة أو غيرها ستنتج مراكز وأوضاع سياسية وتنظيمات وأسماء جديدة وتظل الأزمات قائمة على الأرض ومستفحلة وستتطور وصولا إلى مرحلة الحروب الأهلية .في عام ٢٠٠٥ تم توقيع اتفاقية سلام نيفاشا بين حكومة حزب المؤتمر الوطني بقيادة البشير والحركة الشعبية بقيادة د جونق قرنق ، ومن نتائج اتفاقية نيفاشا نشأت دولة جديدة وهي دولة جنوب السودان كما وتأسست تنظيمات جديدة في الدولة الأم وولدت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال (بقيادة عقار والحلو وعرمان) الأخت الشقيقة الصغرى للحركة الشعبية بدولة جنوب السودان المستقلة ، وظلت القضايا والشعارات المرفوعة هي نفسها ، في ٢٠٠٦ تم توقيع اتفاقية أبوجا لسلام دارفور ثم تم الحاق اتفاق سلام بالخرطوم ضم أربعة تنظيمات جديدة لحركات مسلحة من دارفور منها حركة تحرير السودان الإرادة الحرة بقيادة البروفيسور عبد الرحمن موسى وظلت القضايا والشعارات المرفوعة هي نفسها ، وفي الدوحة ٢٠١١م تم توقيع اتفاقية الدوحة لسلام دارفور ضم (١٢ فصيلا مسلحا) تحت إسم حركة التحرير والعدالة بقيادة د التجاني سيسي وأنقسمت هذه الحركة وهي في السلطة إلى حركتين ثم توالت انقساماتها وظلت القضايا والشعارات المرفوعة هي نفسها،وفي جوبا عام ٢٠٢٠م في ظل الشراكة القائمة ما بين المكون العسكري والمكون المدني بموجب الوثيقة الدستورية تم توقيع اتفاق سلام جوبا وبموجب الاتفاق المذكور انضمت غالبية الحركات المسلحة إلى السلطة وأمتنعت حركتي جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور والحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو وظلت القضايا والشعارات المرفوعة هي نفسها، وبعد صدور قرارات البرهان في ١٥ أكتوبر ٢٠٢١م ظلت الحركات التي انضمت بموجب اتفاق سلام جوبا في السلطة وبذات المسميات خرجت حركات جديدة ، كما وحدث الأمر نفسه عقب نشوب الحرب الدائرة منذ ١٥ أبريل ٢٠٢٣م ، هذه هي نتائج استهداف الحلول المبنية على الاوضاع الاستثنائية وقد صارت الحركات المسلحة تستغل رمزية القبائل وليست لديها برامج وأهداف تتجاوز المظالم التاريخية أوالأطر العشائرية والقبلية أو المناطقية، وقد بات تكوين الحركة المسلحة لا يحتاج سوى لمجموعة تعلن عن نفسها ببيان في الوسائط وقد أضحى الإعلان عن تكوين حركة مسلحة أسهل من إجراءات تسجيل إسم عمل لدى مسجل عام تسجيلات أصحاب الأعمال والشركات بمكتب المسجل التجاري السوداني .
مدينة الفاشر المحاصرة :
ظلت مدينة الفاشر محاصرة لثلاثة أشهر وكان يمكن للدعم السريع ان يستولى عليها لولا بعض الحركات المسلحة المنضوية للسلطة بموجب اتفاق سلام جوبا والتي ظلت لفترة تتحدث عن التزامها بالحياد ، لقد كانت مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور محاصرة أيضا لشهرين متتاليين قبل أن يتم الاستيلاء عليها بواسطة الدعم السريع ولم تقم الحركات المسلحة بالتحرك تجاه مدينة نيالا المحاصرة من أجل حماية المدينة والمدنيين، إن غالبية الحركات المسلحة المشاركة في السلطة تتمركز في شمال دارفور وترى حيثما سقطت مدينة الفاشر فان مشاركتها في السلطة قطعا ستضعف ، لذلك ظلت تقاتل لحماية مدينة الفاشر بقوة، إن مدينة الفاشر أكثر مدن دارفور ترابطا في العلاقات الاجتماعية وأكثر من ثلثي سكانها يمثلون بوتقة انصهار إجتماعي لمكونات دارفور ومناطق السودان الأخرى، لذلك ظل الاستقطاب الاجتماعي والقبلي في مدينة الفاشر محدود النطاق فغالبية سكان المدينة ليست لهم مصلحة في الحرب ولا يؤيدون ممارسة السياسة من خلال مظلة القبيلة ولكن الحرب طرقت أبواب المدينة بشدة فاضطر سكان المدينة للبحث عن وسائل حمايتها وتأمينها ، وحيثما زالت الأوضاع الاستثنائية للبندقية ستبرز قوى سياسية واجتماعية أخرى بالمدينة ولن تكون المدينة رهينة للحركات المسلحة أو الدعم السريع ، إن انشاء المراكز الاتفاقية في ظل هذه الأوضاع الاستثنائية من دون رؤى تؤسس لأوضاع تحظى بالقبول العام وترتكز فقط على قوة السلاح ومن يحملها لن تستقر كثيرا ، إن توظيف رمزية القبائل صار من أسهل طرق حمل السلاح والمطالبة بالسلطة والثروة ، لذلك فإن استنساخ الحلول التقليدية من خلال استخدام القبيلة والقبائل المتحالفة معها في السياسة والسلطة لن تعالج الأزمات بل تطيل من أمدها ، وللوصول إلى الحل السليم لا بد من تحديد أطراف العملية السياسية بصورة عامة وليس من خلال قسمة المحاصصات القبلية .
كيف يتم تحديد أطراف العملية السياسية بصورة عامة :
بالرغم من أن وقف الحرب والمساعدات الإنسانية هما من ضمن العمليات السياسية في ظل التفاوض بين أطراف الحروب بصورة عامة، لقد ابتدع الوسيط الأمريكي في مفاوضات جنيف نهج الفصل ما بين قضية وقف الحرب والقضايا الإنسانية عن العملية السياسية ، و جعل موضوع وقف الحرب والقضايا الإنسانية الملازمة لوقف الحرب خاصة بطرفي الحرب الدائرة (الجيش والدعم السريع) على أن تكون القضايا السياسية وتتمثل في تكوين الحكومة الانتقالية وشؤون الانتقال و الإنتخابات القادمة ونقل السلطة لممثلي الشعب من مهام القوى المدنية ، ولم يحدد الوسيط الأمريكي هذه القوى ومرجعيتها وكأن هذه القوى جاهزة خلف الستار ومنتظرة لصدور إعلان الوسيط الأمريكي بتوصل الطرفين في مفاوضات جنيف لاتفاق بوقف الحرب لتستدعى في الحال لتقوم بمباشرة مهامها وتكوين الحكومة الانتقالية وتصريف شؤون الدولة .
تعدد القوى والجبهات المدنية :
عقب نجاح ثورة ديسمبر المجيدة تصدر تجمع المهنيين السودانيين قوى الثورة ومن خلال مظلته تجمعت القوى السياسية والمدنية وقامت بتكوين تحالف قوى الحرية والتغيير (قحت) وصارت هي القوى التي تمثل الثورة، ولم تكن هنالك أي قوى أخرى تنازعها ، ولكن بعد تجربة حكومتها بقيادة رمزها د عبد الله حمدوك والحرب الدائرة تخلت (قحت) عن إسمها وشكلت قوى بديلة عنها وهي تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقوم) ، ولا تمتلك قوى (تقدم) ما كانت تمتلكها (قحت) من سند جماهيري طاغي لقوى ثورة ديسمبر المجيدة بل حتى شباب وجماهير قوى ثورة ديسمبر الآن أنقسمت فهنالك منها من انحازت إلى جانب الجيش وحلفاؤه وهنالك منها من يقاتل إلى جانب الدعم السريع، وغالبيتها تنتظر لترى نهاية الصراع بين الطرفين المتحاربين ، ويبقى السؤال للوسيط الأمريكي ماهية القوى المدنية التي ستقوم بمهام الانتقال ، وهل ستكون لها القدرة على السيطرة على الأوضاع على الأرض والجماهير منقسمة على نفسها في داخل السودان وخارجه . إن (تقدم) منذ تأسيسها وحتى الآن لم تطرح أي برامج لكيفية وقف الحرب ولا حول إدارة الدولة فيما بعد وقف الحرب، وكأن عملية صناعة وقف الحرب تقوم بها الوساطة الخارجية، كما ومثلما قامت (تقدم) بإجراءات تأسيسها سابقا بأديس أبابا ظهرت قوى جديدة تحت غطاء تحالف مدني جديد برئاسة القيادي السابق بمجلس الصحوة هرون مديخير وكبير مفاوضي الجبهة الثورية وحركة العدل والمساواة في مفاوضات سلام جوبا إبراهيم زريبة لتعلن عن جبهة مدنية جديدة قوامها (٦٨ تنظيما مدنيا وسياسيا وأهليا وحركات مسلحة) ووزرعت رقاع الدعوة لوسائل الإعلام لحضور إعلان تأسيسها بفندق (ريدسون بلو) بأديس أبابا وقد صار تكوين الجبهات والتحالفات المدنية والسياسية لا يحتاج إلا على التسهيلات و الامكانيات المالية ، كما ومن المؤكد بأن هذه المجموعة الجديدة التي وصفت في وسائل الإعلام بأنها قريبة من الدعم السريع ستطالب بالمشاركة في مشروع التسوية السياسية القادمة الذي يقوم برعايته الوسيط الأمريكي .
ظواهر التكوينات الجديدة :
إن ظواهر التكوينات الجديدة سواء أن كانت حركات مسلحة أو مدنية ظلت تستخدم في خطابها العام المظالم والمطالب المجتمعية التاريخية وقد صارت الحرب العبثية الدائرة مسنودة برمزية القبيلة والقبائل المتحالفة معها ، قيادات الجيش الحالية (البرهان/الكباشي/العطا) وأعوانها من الحركات (عقار/جبريل/مناوي/ رصاص/عبد الله يحى/ هجو/ فكة/طمبور….الخ) من ناحية وقيادات الدعم السريع من ناحية أخرى ترمز لتحالفات عشائرية وقبلية ومجموعات من الحلفاء من مناطق السودان الأخرى (كيكل/ جلحة/ ابوشوتال/ البيشي/ سفيان) إضافة للعديد من نظار وقيادات الإدارات الأهلية المؤيدة كما وهنالك مجموعات أخرى لا مع قيادة الجيش ولا مع الدعم السريع ، والمدنيون الذين لا شأن لهم بالسياسة ومن يحكم البلاد.
وفي ظل هذه الأوضاع والظروف غير المستقرة، من الصعوبة أن تحظى أي عملية سياسية بنجاح ما لم تتأسس على حلول عامة، وأن لا تقوم مشروعات الحلول بتكريس الأزمات وإنتاج التسويات الهشة على شاكلة التسويات السابقة التي أنتجت الأزمات وأوصلت البلاد إلى دائرة الحرب الأهلية .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات