الخميس, نوفمبر 21, 2024
الرئيسيةمقالاتالصادق علي حسن يكتب طوق نجاة (١٠/ ١٠)

الصادق علي حسن يكتب طوق نجاة (١٠/ ١٠)

الصادق علي حسن يكتب طوق نجاة (١٠/ ١٠)

 الصادق علي حسن.

مبادرة جنيف خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء :

صحيح أقصى ما يمكن أن تحققها الخارجية الأمريكية من مبادرة جنيف النجاح الدبلوماسي بتجميع أكبر عدد من الأطياف السودانية وقد صار تجميع القوى السياسية والمدنية والمسلحة السودانية في قاعة وأحدة في حد ذاته من معايير نجاح الوساطة بغض النظر عن النتائج ، ولكن ليس هنالك ما يشير لنجاح الدبلوماسية الأمريكية في تحقيق أي اختراقات على مستوى القضايا المعروضة ووقف الحرب ، وهنالك القصور الواضح في الترتيبات ولكن مهما بلغ القصور فإن مبادرة جنيف لوقف الحرب لا بد أن تجد الدعم والمساندة الكاملة من كل أطياف ومكونات الشعب السوداني والإستفادة من الثقل والقطب العالمي الأوحد الولايات المتحدة الأمريكية وتوظيف جهودها وكل الجهود الأخرى المبذولة لوقف الحرب، قد لا تكون نتائج مفاوضات جنيف القادمة ذات أهمية معتبرة من حيث النتائج،كما والحالة السودانية قد تجاوزت منابر العلاقات العامة الخارجية والأهم الآن أن تضطلع القوى والتنظيمات السياسية والمدنية السودانية بمهامها وأن لا تنتظر أن تأتيها الحلول من الخارج ، فالحرب في العام الثاني وتتجه نحو الثالث ، ولا توجد أي جهة سودانية تطرح أي حلول متكاملة بأطر فلسفية جامعة لمعالجة ظاهرة الانقسامات المجتمعية المستفحلة بالبلاد والأزمة السودانية كل حزب أو تنظيم أو حركة مسلحة تمارس شد الحبل على رقاب المدنيين وتتمسك بلاءاتها ، ولم تعالج ظاهرة الإنقسامات المتوالية فكل الجهود ستكون عبارة عن منابر ومفاوضات ولقاءات وتسابق ما بين جدة والقاهرة والمنامة وباريس وجنيف ، والأزمة تكمن في أن هنالك من نخب المركز ممن لا زالت تتمسك بالسلطة وتمارس توزيع الأدوار والمحاصصات القبلية والجهوية وقسمة المواقع والمناصب والثروات، وتبرز من وقت لأخر تصريحات لقائد الجيش البرهان ومساعده ياسر العطا ومن خلفهما المئات من نشطاء الوسائط لتعبر عن الاستماتة والتمسك بالحق في امتيازات الوظيفة العامة وقيادة الدولة، هذا التوجه من أكثر أسباب مشاكل الدولة السودانية والصراع والتنازع على السلطة وحق التصرف فيها وفي إدارة شؤون الدولة ، الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني قننا لظاهرة استخدام رمزية العشائر والقبائل في السياسة والسلطة وأصبحت رمزية الإنتماءات القبلية والعشائرية سائدة في الخدمة المدنية والعسكرية وتولي الوظائف العامة في الدولة لدرجة قيام القيادة السياسية للجيش في عهد المعزول البشير بسن قانون قوات الدعم السريع لتقوم قوات الدعم السريع بمهام القوات البرية والقتال وتتفرغ قيادات الجيش للتجارة والاستثمارات والسلطة السياسية، الناظر سعيد مادبو ناظر عموم الرزيقات كان أول من بادر برفض مشروع نظام المؤتمر الوطني لتسيس القبائل واستخدامها للقيام بمهام الجيش وكان معه في نفس الموقف المقدوم أحمد عبد الرحمن رجال مقدوم جنوب دارفور ، لقد رفض الناظر سعيد مادبو كافة أصناف الاغراءات والوعيد والتهديد من قادة النظام البائد وتمسك بمواقفه حتى وفاته ، وكان النظام البائد في تاريخ مبكر من عهده قام بعزل المقدوم أحمد عبد الرحمن رجال ولكن ظل المقدوم أحمد رجال في موقفه الثابت حتى وفاته ، لجأ نظام المؤتمر الوطني إلى شمال دارفور ودامرة مستريحة ووجد ضالته عند الشيخ موسى هلال وأسس قوات المراحيل وحرس الحدود وأظهر الشيخ موسى هلال طموحات شخصية لم تجد الرضا عند نخب حزب المؤتمر الوطني فتم الاستغناء عنه وعن خدماته والاستعاضة بدلا عنه بأحد معاونيه السابقين وهو حميدتي، ولتوظيف حميدتي بصورة رسمية كأداة من أدوات النظام والسلطة خالف النظام المذكور كل قواعد وأسس الدولة وسن قانون خاص لحليفه الجديد حميدتي (قانون قوات الدعم السريع)ومن خلال القانون المذكور شرعن لظاهرة تجييش العشائر والقبائل وقد صار حميدتي قائدا لقوات الدعم السريع وشقيقه عبد الرحيم نائبا له وتناسى نظام البشير نصائح وحكمة ناظر عموم الرزيقات سعيد مادبو وتحذيراته المتكررة من مغبة تجييش القبائل حتى انتقل سعيد إلى الرفيق الأعلى ومن بعد وفاته نشط النظام المذكور في ممارسة التجزئة وتقسيم المواقف داخل الرزيقات وقام بانشاء الأحلاف وأذرع الفروع العشائرية، وصار حميدتي الإبن المدلل للنظام الذي يقاتل حركات التمرد في جنوب كردفان ودارفور وكان أسرى معاركه مثل معركة قوز دنقو يعرضون في وسائل الإعلام ويصفونهم بكل الأوصاف بل ويجردونهم من سودانيتهم وينعتونهم بالمرتزقة الذين ينفذون مؤامرات ومخططات لدول أجنبية وقد طالت هذه الأوصاف مناوي نفسه ، وكان أي رأي يخالف توجهات النظام المذكور يكلف صاحبه العواقب بالاعتقال والسجن وتهم تقويض النظام الدستوري كما حدث للإمام الصادق المهدي الذي تحدث عن ممارسات الدعم السريع فكان القبض عليه واتهامه بجرائم تقويض النظام الدستوري ، والآن النظام الذي يقوده البرهان بذات العقلية القديمة الموروثة وقد أنضم إليه مناوي ورفاقه ،وصار عملاء ومرتزقة الأمس وقد تولوا مواقع السلطة يقومون بدمغ حميدتي إبن النظام المدلل بذات أوصاف العمالة والإرتزاق والتجريد من الإنتماء للسودان في لعبة كراسي السلطة من فوق جماجم ودماء الأبرياء ، إن هذه الوسائل واللعب والعبث بالأرواح قد عفى عليها الزمن ولا تصلح للدفوع بها ، فالإنتماء متى ما ثبت، ليست بالمنحة لتوزع بحسب المواقف الموالية أوالمناهضة للسلطة الحاكمة . البلاد في حالة اللادولة وفي مفترق طرق ، مجموعة البرهان تفصل الحقوق الدستورية بحسب ما يروق لها ، والمجموعة الموالية لحميدتي ومن يحملون معها أفكار ومفاهيم مناوئة لدولة ١٩٥٦م يطالبون بإنهائها ، كما هنالك أصحاب الطموحات الذاتية الذين يبحثون عن السلطة والثروة بالتزلف أو البندقية فصارت أرفع المناصب السيادية والتنفيذية بالدولة ومناصب ولاة الولايات والرتب الرفيعة في القوات النظامية يمكن الحصول عليها من خلال المحاصصات القبلية ومن دون معايير الخبرة والتأهيل ، منصب رفيع مثل منصب عضو مجلس السيادة أو الوزير او والي الولاية يمكن ان يتولاه من لا يتوافر فيه اي شرط من شروط الخدمة العامة لحملة الشهادات الجامعية والتأهيل ، فقد تم هدم كل أسس التوظيف والترقي في الدولة وصار رتبة الفريق في الجيش عبارة عن علامة عسكرية توضع على الكتوف .
مستقبل مفاوضات جنيف :
مفاوضات جنيف أو غيرها أقصى ما يمكن أن تنتجها وتحققها المساعدة والتسهيل للحلول ، وفي الظاهرة والحالة السودانية الحالية ، صار الخيار الوحيد لأي حلول مستقرة أن تنتجها الفعاليات السودانية وتحرسها وتتابع تنفيذها .
في هذه الأيام كل القوى السياسية والمدنية تتسابق للحاق بمفاوضات جنيف ، فماهي قيمة ما يمكن أن تفعلها النخب في مفاوضات جنيف أو تضيفها .
المطلوب الآن من مفاوضات جنيف الاتفاق على وقف الحرب وخطة بجداول زمنية والاتفاق على آلية للرقابة وتهيئة بيئة العودة المناسبة للنازحين واللاجئين ليمارس الشعب السوداني وهو داخل عاصمة البلاد الخرطوم فعالياته وتحديد مستقبل الدولة السودانية ولكن تحولات مفاوضات جنيف قبل أن تبدأ لإستقطابات بين النخب هنا وهناك، وبدلا من التأسيس السليم لمفاوضات وقف الحرب تضاربت تصريحات المبعوث الأمريكي توم بيريليو وتاه خطاه ما بين بورتسودان وجدة وجنيف، ولا توجد عنده ولا عند بلاده حتى الآن خطة مدروسة، ظهرت أصابع النخب السودانية المجربة وضل بيرييلو مساره، يحمل في يده اليمنى جزرة أمريكية وفي يده اليسرى العصا الأمريكية المدببة ، والبلاد تنزف من جدرة دمامل الممارسة السياسية السودانية .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات