تحديات تواجه التطبيق قراءة وتعليق في قانون اللجوء المصري (٩) .
بقلم الصادق علي حسن :
الإيجابيات والمزايا التي وردت في قانون اللجوء المصري ١٦٤ لسنة ٢٠٢٤م ستواجه بتحديات كثيرة أثناء التطبيق، وبالضرورة أن تعزز اللائحة التنفيذية التي سوف تصدر ما كفله القانون من حقوق ، وأن لا تنتقص منها ، كما بالضرورة ممارسة الرقابة على الجهات المنفذة للقانون من أجهزة سلطة إدارية وأمنية وشرطية بواسطة البرلمان وأجهزة الرقابة المحلية الآخرى كذلك المنظمات والجمعيات الأهلية والأهم الحماية القضائية، فالقضاء هو الحارس الأساسي للحقوق المكفولة بموجب أحكام القانون، وما لم يتم التطبيق السليم للقانون ستصبح أحكام القانون عبارة عن نصوص مكتوبة على الورق وفي متون الصحائف ومجالا للنقد الأوسع بواسطة المنظمات والمتأثرين بتطبيق أحكام القانون .
تأكيدات إيجابية :
في يوم ٢٨/ ١/ ٢٠٢٥م نشرت وسائل الإعلام المصرية ما صرح به طارق الخولي وكيل العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري أن القانون يؤكد على حماية حقوق اللاجئين ويمنع ترحيلهم القسري أو إعادتهم إلى مناطق النزاع أو عدم الاستقرار ، وأن اللائحة التنفيذية للقانون يجري العمل عليها لتوفير تفاصيل إضافية حول تنظيم أوضاع اللاجئين في مصر ، مما يمثل خطوة مهمة في تعزيز حقوق الإنسان. إن هذه التصريحات تؤكد بأن اللائحة التنفيذية ستقوم بتعزيز حماية حقوق الواردة بالقانون .
تخوفات وتحفظات :
كذلك نقلت الوسائط الإعلامية ومن ضمنها موقع اليوم السابع (نقدا ارسل من سبعة من المقررين الخواص بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة) خطابا مشتركا إلى الحكومة المصرية يطالبونها فيه بتعديل قانون لجوء الأجانب الذي أقره مجلس النواب ووقعه الرئيس عبد الفتاح السيسي في صورته النهائية في ١٧/ ١٢/ ٢٠٢٥م. وقال المقررون الخواص في خطابهم أن لديهم تحفظات عميقة وتعليقات مفصلة حول القانون إذا تم تطبيقه بشكله الحالي بصفته أول تشريع وطني منظم للجوء في مصر ووصفه بأنه شديد البعد عن القانون الدولي، ومخل بشكل صريح بالتزامات مصر القانونية بموجب قوانين اللجوء المتعددة التي صادقت عليها وباتت جزءًا من منظومتها الدستورية والقانونية.
حقوق الإنسان بين الواقع والتطبيق :
الوضع السليم أن يكون هنالك منظورا متناسقا ما بين تطوير استراتيجيات تهدف إلى حماية حقوق الإنسان في الدولة مع الالتزام بالاتفاقيات الدولية وأن لا يكون هنالك شدا وجذبا يتجاوز الهدف ويخرجه من سياقه المنشود في حماية حقوق اللاجئين بالقدر المكفول بالقانون ليتحول الأمر إلى تقارير بمجلس حقوق الإنسان بجنيف او باروقة الأمانة العامة للأمم المتحدة بنيويورك والتي لن تفيد اللاجئ في شيئ .
المجتمع الدولي وتجزئة المشروعية :
مصطلح المجتمع الدولي يشمل الدول والمنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومن خلال البحث في الممارسة والتطبيق فإن المجتمع الدولي يراعي مصالح الدول الكبرى من خلال مجلس الأمن الدولي ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة ، كما وداخل هذا المجتمع الدولي فإن الدول متساوية نظريا ،ولكن عمليا هنالك دولا أكثر مساواة من غيرها وتفرض رغباتها على المجتمع الدولي وعلى مجلسه الأسمى (مجلس الأمن الدولي نفسه) ، كذلك فإن المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ووكالاتها تمارس التبعيض وتجزئة المشروعية وتضع الإعتبار لمساهمات الدول الممولة للأمم المتحدة فأمريكا هي ليست روسيا، كما والدول المتلقية للاعانات مثل السودان ويا للأسف لا تنال الاعانات باعتبارها حقا لشعوبها كما هو في ميثاق الأمم المتحدة . وعلى الرغم من القانون الدولي الإنساني والالتزامات الدولية فقد ابتكر الغرب ما اسماه بالهجرة غير الشرعية وآليات مكافحتها ،ولا يزال هنالك المئات بين فينة وآخرى من دول افريقيا الذين يعانون من الحروبات والمعاناة الإنسانية ببلدانهم وتنهب دول الغرب مواردهم وثرواتهم يهاجرون قسريا إلى أوروبا في مركبات مطاطية ، وتمنع أوروبا هذا اللجوء المبرر إنسانيا وتكافحه بكافة الوسائل والطرق لدرجة امتناع حرس السواحل الأوروبية مؤخرا عن نجدة الأطفال والعجزة والنساء وتركهم في عرض البحر للغرق الجماعي، ومن تتم إعادتهم عبر مواني الدول التي ابحروا منها مصيرهم السجون لسنوات عديدة ، وهنالك عشرات السودانيين الذين فروا من بلادهم مؤخرا بفعل الحرب الدائرة يقبعون في سجون دول المغرب العربي .
دول ومنظمات الغرب لا تمتلكان أي استراتيجية لمعالجة ظاهرة الهجرة :
الباحث في قضايا اللاجئين يجد أن دول ومنظمات الغرب لا تمتلكان اي استراتيجية متطورة لمعالجة ظاهرة الهجرة ، وبلدان الغرب لا تزال ترعى الأنظمة الوطنية في دول العالم الثالث وتوظفها وفقا لخططها ومراميها وقد صارت حقوق الإنسان هي مفاهيم الغرب لهذه الحقوق . لقد تورط الإتحاد الأوروبي في تقديم الدعم الفني للدعم السريع تحت غطاء مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتتحمل دول أوروبا نتائج الإنتهاكات التي وقعت على الآلاف من اللاجئين الذين كانوا قد حاولوا الهجرة من السودان عبر بوابة ليبيا والبحر الأبيض المتوسط والتزمت المنظمات الدولية الصمت المطبق كأن لم يحدث شيئا .
نواصل قراءة قانون اللجوء المصري ١٦٤ لسنة ٢٠٢٤م بتناول التحديات التي تواجه تطبيق القانون المذكور بغرض تطوير القانون وتعزيز مكاسبه للاجئ صاحب الصفة والمصلحة الحقيقية فيه .