قراء في كتاب ضيو مطوك (إعدام جوزيف) ينكأ الجراح. ودروس مواجهة التاريخ (١).
بقلم الصادق علي حسن
تلبية لدعوة لحضور حفل توقيع الكتاب الذي أصدره وزير الإستثمار بدولة جنوب السودان د ضيو مطوك ديينق وول ( حكاية إعدام جوزيف) هذا الكتاب الذي فتح جدلا بين الحاضرين ولم ينقطع بختام المحفل بل امتد بالتكهنات لدور د ضيو وعلاقته بجوزيف الذي تم إعدامه ، رأيت استعرض هذه الحكاية بالقراءة والتعليق لأهميتها في تسليط الأضواء على الأوضاع السياسية والقانونية والإجتماعية بصورة غير مألوفة جمع فيهما ضيو خاصيتي السرد التعبيري والحكائي في تناسق بين سلاسة وبساطة اللغة في التعبير والتشويق في الحكي والإثارة، المناقشون والمتداخلون ركزوا في احاديثهم في نقد الكتاب حول جوانب الثقافة والأدب واهتموا بعدد صفحات الكتاب (٩٩ صفحة) وما تكشفها قلة عدد الصفحات من قدرات المؤلف او الكاتب في الإبانة والإفصاح وإرسال الرسالة الأدبية المتكاملة ،كما وهنالك من ركز على دلالة صورة الغلاف لمن ينتظره من مصير الإعدام والموت (جوزيف) ، وهنالك من تعمق في الإهداء وفي لغة الحكاية والسرد القصصي الذي انتهى به إلى مطالبة الكاتب لتحويله إلى مشروع فيلم ناجح بل هنالك من رأى بأن الموقع الذي يناسبه في حكومة الجنوب هو وزارة الثقافة وليس وزارة الإستثمار، ولكن ليس هنالك من ذهب لتناول الحكاية من زاوية احتمال حقيقة الوقائع ،وما يمكن أن تكشفها الحقائق لوقائع الأوضاع السياسية والقانونية والإجتماعية بالسودان، بمجرد إلقاء نظرة على عنوان الحكاية تختلف النظرة ، فالقارئ السياسي السوداني قبل قراءته قد يتخيل الحكاية عن قصة إعدام أحد أشهر السياسيين من جنوب السودان القيادي الشيوعي جوزيف قرنق النائب بالبرلمان (١٩٦٥-١٩٦٩) ووزير شؤون الجنوب في عهد مايو ،والذي تم اعدامه مع زملائه عقب المحاولة الإنقلاب على النظام مايو في يوليو ١٩٧١م . ولكن بقراءة الحكاية فإن وقائعه حول جوزيف آخر انتقل من منطقته بجنوب السودان إلى الخرطوم بعد ان تعرضت أسرته لنكبات الحرب بالجنوب وسرقة ابقارها التي تمثل الثروة لدى قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها بجنوب السودان ، وفي الخرطوم اطلق عليه إسم يوسف بدلا عن اسمه الحقيقي جوزيف مع ان مدلول الإسم في الكتابين المقدسين(القرآن والإنجيل) واحد .
(إعدام جوزيف) أخطر محاكمة أدبية لنظام حركة الإسلام السياسي البائد .
من يقرأ حكاية إعدام جوزيف بدقة قد يتوقف عند مصطلح حكاية الذي اختاره الكاتب ليعطي القاري ابتداءًا انه ناقلا للوقائع التي عايشها وأنه معنيا بوصية جوزيف وقد يكون هو نفسه المسمى بإسم أنتوني كوين في الحكاية .
محاكمة جوزيف في جريمة شرف
المشهد الثاني :
في صفحة (٢٠) من الحكاية نقرأ الآتي اعتاد “محي الدين” الرجوع من النادي إلى المنزل، برفقة شقيقه الأصغر “نصر الدين” في تمام الساعة السابعة مساءً ،وفي إحدى المرات وأثناء دخولهما المنزل وجدا شخصين مجهولي الهوية يتبولان على سور المنزل بالقرب من البوابة الرئيسية ، سأل محي الدين عن هذا التصرف اللا أخلاقي ، لكنه لم يجد ردا منهما ،بل أخذ أحدهما سكينا وسدد طعنات في صدر محي الدين، فارداه قتيلا في الحال ، الشخص الآخر الذي كان مع القاتل قال له “ليه قتلت الزول يا يوسف” فرد عليه “يلا نجري” وفرا إلى الإتجاه الغربي، وهو نفس الموقع الذي يسكن فيه جوزيف الملقب بيوسف مع أقاربه.
صفحة (٢٢) شرطة المباحث بقسم اللاماب شكلت مجموعات لمتابعة القضية وحاولت حصر الأشخاص المتسمين ب “يوسف” في الحي، وكل الخرطوم جنوب . لكن بالتأثير من الأسرة والحركة الإسلامية ، ثم توجه الإتهام إلى جوزيف جون باك ” الملقب ب “يوسف” .
المشهد الثالث
(صفحة ٧٦ بالكتاب).
خطاب رسمي من أمين عام الحركة الإسلامية بمحافظة الخرطوم لقاضي المحكمة الجنائية بالشجرة دائرة الاختصاص لإعادة النظر في القضية في رسالته جاء فيه لقاضي المحكمة (أريد أن الفت انتباهكم للقضية رقم ٤٣/ ١٩٨٦م المتهم فيها جوزيف جون باك المعروف ب “يوسف” في قتل محي الدين أحمد شريف قضية شريف، هُدر فيها دم مسلم بدم بارد ،ولازم نرد شرف الأسرة).
لقد برع مطوك في الوصف الرمزي لجريمة هدر الشرف المدعاة بالتبول على بوابة السور وفي سرد الحكاية(وصية جوزيف)، فهل هو حقيقة (أنتوني كوين) .