خسارة البنوك السودانية نصف موجوداتها
تآكلت موجودات البنوك السودانية بشكل كبير، حيث فقدت البنوك نصف قيمتها بسبب انهيار العملة الوطنية. حاليًا، يُتداول الدولار الواحد بنحو 1100 جنيه، مقارنةً بـ 600 جنيه قبل اندلاع الحرب في منتصف أبريل. أدى هذا الانهيار إلى خروج البنوك عن الخدمة وإغلاق أكثر من 70% من الفروع العاملة في البلاد، والبالغ عددها 39 بنكًا حكوميًا وتجاريًا.
تأثير الحرب على البنوك السودانية
أكد بنك السودان المركزي تعرض المصارف لعمليات نهب وتخريب واسعة منذ بداية الحرب. في سبتمبر، تعهد البنك بالعمل على تقليص الأضرار ومعالجة الانخفاض في قيمة العملة الوطنية، إلا أن الأشهر الثلاثة الماضية شهدت استمرار التراجع الكبير في قيمة الجنيه وخروج العشرات من أفرع البنوك عن الخدمة في ولايات وسط وغرب البلاد.
صعوبات كبيرة تواجه القطاع المصرفي
من المتوقع أن يحتاج القطاع المصرفي السوداني إلى سنوات طويلة للتعافي من الأزمة الحالية. خصوصًا في ظل تأثير الحرب على مجمل اقتصاد البلاد. وفقًا للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، انكمش نمو البلاد إلى سالب 18%. حيث توقفت عجلة الإنتاج في معظم مناطق البلاد، وارتفعت معدلات الفقر إلى أكثر من 65%.
تأثير السياسات القديمة على البنوك السودانية
أوضح محمد شيخون، أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية، أن الحرب الحالية أضرت بالقطاع المصرفي، الذي يواجه مشكلات هيكلية كبيرة بسبب السياسات التي اتبعت في التسعينيات. وأضاف أن اندلاع الحرب في الخرطوم ألقى بظلال قاتمة على أوضاع القطاع المصرفي، حيث تعرضت معظم البنوك السودانية لعمليات نهب وتدمير واسعة.
تداعيات الحرب على الموظفين
اتخذت بعض البنوك السودانية إجراءات بتخفيض أعداد كبيرة من قوتها العاملة ومنح إجازات لأكثر من 45% من موظفيها، ممّا أثار مخاوف جدية حول سلامة القطاع المصرفي. حذر خبيران اقتصاديان من انهيار القطاع بسبب الدمار الهائل الذي تعرض له، والشكوك المتعلقة بإمكانية استرداد القروض الممنوحة بعد خسارة معظم المستثمرين لأنشطتهم ومؤسساتهم.
ملامح الضعف في البنوك السودانية
أكد المستشار المالي والمصرفي، عمر سيد أحمد، أن الحرب ألحقت أضرارًا كبيرة بالقطاع المصرفي، الذي يعاني من تآكل رؤوس الأموال بسبب الانخفاض المستمر في سعر صرف الجنيه. أشار سيد أحمد إلى أن البنوك السودانية لم تكن لديها التحوطات المالية والفنية اللازمة لمواجهة الآثار الكارثية الناجمة عن الحرب.
حلول مقترحة لأزمة البنوك
طرح سيد أحمد عددًا من الحلول لمواجهة أزمة القطاع المصرفي. منها الاستعانة بالخبراء لإجراء إعادة هيكلة صارمة للقطاع المصرفي والبنك المركزي، وضبط عمليات طباعة العملة. كما اقترح القيام بعمليات دمج واسعة تقلص عدد البنوك الوطنية من 41 إلى 8 أو 9 بنوك كحد أقصى، لتكون قادرة على الوفاء بمتطلبات الكفاءة المالية.
مستقبل البنوك السودانية
لا يتفق شيخون مع إجراءات تقليص العمالة التي اتخذتها بعض البنوك لمعالجة الأزمة الحالية. شدد على ضرورة معالجة الخلل الهيكلي المزمن في القطاع المصرفي. مشيرًا إلى الحاجة للقضاء على تشوهات البنك المركزي وضبط عمليات طباعة العملة. هذا بالإضافة إلى تغيير العملة الحالية لإعادة الكتلة النقدية الهاربة إلى المظلة المصرفية والضريبية.
تأثير انخفاض قيمة الجنيه
تؤثر عمليات النهب والتدمير على البنية التحتية للبنوك، ممّا يزيد من أوجاعها. فقدان ثقة العملاء يعد تحديًا كبيرًا، خاصة في ظل التوقعات بعدم قدرة البنوك السودانية على استرداد أموال المودعين التي قُدمت كقروض لمستثمرين فقدوا أنشطتهم الاقتصادية بسبب الحرب.
الخاتمة
إن أزمة البنوك السودانية تعكس تعقيدات الاقتصاد السوداني في ظل الحرب المستمرة. تحتاج البلاد إلى تدخلات جذرية وإصلاحات هيكلية لاستعادة استقرار القطاع المصرفي وتعزيز الثقة في النظام المالي. هذا يتطلب تعاونًا بين الجهات الحكومية والمالية لوضع استراتيجيات فعالة للتعافي وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.