المهندس محمد موسي ادم وعبير الامكنة ( 1 —3)
محمد صالح عبد الله يس
المهندس محمد موسي ادم وعبير الأمكنة. كنت اتحدث مع مع اخي المهندس محمد موسي وهو احد اصدقاء الطفولة بالفيديو ولم نلتقي منذ سنوات سألني عن بياض شعري فقلت له وزعته لنا الامم المتحدة كمساعدات انسانية فان كانت لهذه الحرب فائدة واحدة هي تواصلنا مع احباب واعزاء عشنا معهم طفولة مترعة بذكريات جميلة ظلت حاضرة في وجداننا عصية علي النسيان فالأخ المهندس محمد موسي ادم هو احد رفقاء الصبا واحد كبار السجالات في مدرسة ام كدادة الاولية علي الرغم من انه كان يدري في النهر (ب ) وشخصي في النهر ( أ) الا اننا نتلاقى بعد انتهاء اليوم الدراسي ونقضي اوقات ممتعة نتجول فيها ونلعب داخل حرم المدرسة او احيانا بالقرب منها واحيانا نتجاوز حدود المدينة لنتسلق الجبال وما اكثرها او نذهب الي الرهود والبرك القريبة لنمارس العوم واللعب رقم قذارة بعضها التي تميزت بالروائح الكريهة
كنا اشبه بالعصابة فأحيانا يستدرجنا شيطاننا الي مزارع الاخرين لأكل البطيخ والحاق الضرر بالمزرعة واحيانا يداهمنا صاحب المزرعة ويتعرف علينا وينال سيئ الحظ منا لكمات منه ربما تفقده الصواب وليت الامر ينتهي هناك فغدا محكمة التحري بالمكتب واستجواب المتهمين ويحاصرنا استاذ المني شيخ الدين بأسئلة صعبة فتنهار دفاعاتنا امامه وتغرق عيوننا خاصة عندما تري السوط متدليا علي حافة الكرسي وليته سوط عنج فأستاذ المني له سوط خاص لا يستخدمه احدا غير فهو مقطع من جراب احدي الابقار وعادة ما يكون مضفورا ومضفورا في شكل ضفيرة وفي مؤخرته عقدة تنتهي بيد الاستاذ ويتميز بالقصر غير ان حجمه ضخم وكثافته مرعبة وضربه اشد ايلاما من سوط العنج وفي الطابور تنشر صحائف الاتهام وتحدد العقوبة وتنفذ امام الجميع عملا بقوله تعالي وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين
الحياة من حولنا حاصرت جميع اشياء الجمال التي كنا نملكها من وهن العظم واشتعال الراس بالشيب واقتربنا من المسافة صفر ومازالت قلوبنا معلقة بالأمس الذي تسرب من بين ايدنا ولم تفلح محاولاتنا اليائسة والبائسة والمميتة لاسترداد عجلة الزمن للوراء واستحضار ايامها الخوالي التي لم تتبقي منها الا هشيم ذكريات لا تسع وقتها لتناول فنجان قهوة في قهوة ابراهيم احمد داؤود ( الحلبي) تهشمت الذكريات وانهارت رفوف اجمل محتوياتها تبعثرت وتدفقت وتبخرت عمدا وبسبق الاصرار
اجمل ما في هذه الغربة الموحشة التي نعيشها ان يتصل بك احد اصدقاء الطفولة ليحدثك ويذكرك بمواقف صنعتهما معا من امجاد وبطولات كنا نحسبها فتوحات وانتصارات فرغم التوهم الزائف والخيلاء الباطلة الا اننا نسجل اعترافاتنا بارتكابها ونسجل اعترافاتنا في دفاترها التي اضحت خرقة بالية بعد كل هذه الاعوام الشرود
كنت البارحة اتحدث مع الاخ الباشمهندس محمد موسي ادم هو احد رفقاء الصبا ذقنا حلاوة الايام ومرارتها وقساوة الايام وحلاوة لياليها في مدينة اقل ما يوصف بانها بهرة ضوء انبثقت من احدي مجرات الفضاء فاحتضنتها دارفور في امان التداخل بين ذراعيها واطلقت عليها ام كدادة ذات الطبيعة والجغرافية الوسيمة التي لتخطئها عين الزائر اليها جمعت في أحشائها تنوعا وثراءً قل ان يجود الزمان بمثلها اكسبتها ريادةً وسبقا في مدارات كثيرة فتمددت شهرتها بين الاباطح والربي فصار اسمها في كل لسان وعلي كل قلب
في جبالها تركنا ذكرياتنا التي نحتناها بأيدنا نحن واصدقاء الطفولة فكم طرنا وشدونا مع طيورها وحلقنا مع نحلها وزنابيرها خضنا ترعها وخيرانها ورهودها سرحنا الاغنام فيها وسحرتنا شمس عشياتها التي تكسب رمالها الناصعة بريقا ووهجا ولمعانا اكلنا الهجليج ومصينا ثمار الحميض والقضيم واكلنا القندول المشوي منه والمطبوخ بليلة وامدفانة وهجمنا اشجار الهشاب واكلنا لوبة قرن الكبش والنچمرتي اكلنا البطيخ الامباسونة والروسمن ذقنا القلقمة وملاح امزماطة المعتقة بالكول فقعنا التسالي والكركروا واكلنا الكسرة الرهيفة من حبوبة حواء قماش المتبلة بالكمبا وبهارات حاج خليفة وبعض من حالفهم الحظ ذاقو العنب والموز والتفاح والقرنبيط من خالتنا حواء عبدالله التي يرجع لها الفضل في انها اول من جعلت لثمرات الارض وفاكهتا مكانا وزاوية مشهورة وفرت فيها صنوف مختلفة من الفاكهة والابا فاصبحت زاويتها قبلة للافندية والموظفين وكبار تجار المدينة
كنا نسعد عندما نذهب مبكرين الي فرن ودجلاب لشراء الخبز فنتيقن ان هذا اليوم يستحق ان يؤرخ له لاننا سنفطر بالرغيف بعد ان كجنا العصيدة ونرتاح وننساها ولو ليوم واحد ريثما تعود حليمة لعادتها القديمة وعندما نري صحن العصيدة مرة اخري ينتابنا الحزن ونردد في سرنا ابشر بطول خراب ياقلبي فقد عدت للعصيدة والدفسيبة وقليلين هم من يعتاشوا علي الخبز في تلك الايام اللهم الابعض الموظفين الافندية الذين ساقتهم اقدار الوظيفة الي امكدادة وبالطبع هناك اسر ميسورة تعاودالفرن بين فينة واخري وتجعل من الرغيف وجبة بين يوم واخر
مرة جينا راجعين من الفرن الصباح انا ومحمد بخيت رابح وهو ود عمي بخيت سواق المجلس وانحنا طبعا جيران انا كنت شايل رغيفي في خريطة بتاعت دمورية وهو شايل رغيفوا في قفة زعف اها كانت في مطره ورهد الزاكي الكبير اتملاء ومع الصباح الجو كان صحو وعليل جينا قصاد شجرة سكينجو السمكري وختينا الرغيف يفوق للحديد ودخلنا الرهد لزوم الدفديف او العوم والشمس طلعت ومواعيد المدرسة جات طلعنا من الرهد بسرعة وجينا محل رغيفنا لقينا قفة محمد بخيت فيها رغيفتين فقط اتاري كان بوبي كلب محمد علي كان بشمم هناك واكتشف الحكاية وقام بيها ظت محمد بخيت شاف القفة طوالي بكي وقال لي آآآنا هو كان بتمتم اقول لابوي شنو وطوالي دموعو سالت المهم انا شلت خريطي وطوالي مشين نطيت بالحيطة لانو حيطة بيتنا كان الرملة مغطياها شديد المهم وصلت وشربت الشاي ولبست جيت المدرسة جرس الطابور ضرب ووقفنا بعد شوية استاذ شوقي محمد الزاكي( وكنا انحنا التلاتة جيران في الحلة) قال وين محمد بخيت رابح عرفت انو الواطة جاطت اتاري عمي بخيت ابومحمد جاء مع محمد المدرسة طوالي وكلم استاذ شوقي بالموضوع
المهم محمد بخيت طلع وكان لابس رداء بعد ما طلع استاذ شوقي قال اربعة كبار وكنت من ضمن الاربعة الذين نفذوا العملية
في نهاية اليوم الدراسي محمد رجعت البيت لوحده وكنا نراقب فيه المهم خاصمني زي كم يوم كده وتأني رجعنا تصالحنا
والله ايام يازمان ونواصل