الخميس, نوفمبر 21, 2024
الرئيسيةمقالاتد.إبراهيم نجيب يكتب :صورة الطفلة والنسر المجاعة وكلدنق

د.إبراهيم نجيب يكتب :صورة الطفلة والنسر المجاعة وكلدنق

د.إبراهيم نجيب يكتب : صورة الطفلة والنسر المجاعة وكلدنق

د. إبراهيم نجيب

هذه الصورة التقطها مصور جنوب أفريقي (خواجة) في مجاعة السودان في عام ١٩٩٣ في الجنوب.. وهي صورة شهيرة حازت على جائزة بولتزر وانتحر المصور بعد عام أو أقل حزنا.. فقد تم تحذيرهم بعدم مس الأطفال لأن لديهم أمراض جلدية.. وفي الصورة توقفت الطفلة لتلتقط أنفاسها وظل يراقب الطفلة وهي تزحف حتى تلحق بمركز إعانات النازحين.. ولايعرف أحد هل عاشت ام توفيت (لا أعرف انا تحريا للدقة)

وأذكر وانا طفل في مدينة الخوي نزوح الجنوبيين بالمئات للعمل وهروبا من الحرب وبحثا عن الرزق ولايمكنني طرد شعور قوي اننا كسودانيين نعاني ماعانوه لنذوق من نفس الكأس ولنعرف شعور عانوه لسنين طويلة ولم نشاركهم له بل ربما كنا جميعنا سببا فيه بسكوتنا.

كانت حكومة السودان (البشير) تنكر وجود المجاعة وقتها وسكان الخرطوم والمدن الرئيسية كذلك كانوا في حالة غياب (او تغييب) عن الواقع ولا يشعرون بالمجاعة بنفس الدرجة التي كان يشعرها الجنوبيين.. وكانوا يشعرون بغباء الأسعار وندرة السكر وبعض السلع… ويقدر عدد الذين توفوا بالجماعة وقتها في العام ذاك ب ٢٥٠ الف نسمة.

الآن تتقدم نحونا بخطى ثابتة مجاعة جديدة ستكون هي المجاعة الأكبر في الكوكب للعام ٢٤.. بمعنى أنه لا دوله أخرى ستكون تعاني الجوع أكثر مما نعاني من الجوع كدولة.. وربما يعاني السودان أسوأ أزمة جوع في تاريخه الحديث قد يفقد حوالي ٢ مليون نسمة حياتهم ثمنا لها… ويظل صوت العسكر في جانبيهم عاليا بأنهم يريدون أن تتحقق أمانيهم رغباتهم في الانتصار الساحق ورفعة وكرامة الناس الذين تنتهك كرامتهم كل يوم واولئك يريدون أن يجلبوا ديمقراطية يسرقون باسمها أموال وقوت الناس وينتهكون أعراضهم .. هذا يريد إزالة البرهان ودولة ٥٦ وذاك يريد حصاد الجنجويد وياله من واقع عجيب يهتف فيه الغوغاء مع هذا وذاك ويهتف فيه الكرماء أيضا مع هذا وذاك وكأنهم لم يعرفوا البرهان وحميدتي الا في هذه الحرب.. والرجلان مولغان في الدم والمال الحرام.. منذ دارفور إلى فض اعتصام القيادة.

أعرف أن كثيرا منكم لا يصدقون بوقوع المجاعة ويظنونها توهمات سياسيين وخطابات غير واقعية.. ومعهم حق.. ف المفترض أن يكون السودان قادرا على كفاية نفسه من الحبوب والغذاء.. والصراحة أن السودان (لحدي اليوم) يقوم بتصدير الغلال والأغذية للعالم ويستلم أموال وأرباح نظير ذلك.. بل كانت (ولاتزال) حكومة السودان تبيع الغلال لمنظمات الأمم المتحدة المشتغلة في مجال إطعام معسكرات النازحين في دارفور وشركات الترحيل السودانية ترحل هذه الغلال إلى دارفور وكأن الجوعي هؤلاء أجانب حاكم الخرطوم غير مسئول عن اطعامهم.. وياله من واقع (أيضا لم تغير فيه حكومة حمدوك ولاشئ)

لكن هل إنتاج السودان يكفيه؟ لا أحد يعرف الإجابة لأن السودان وحكومته لا يفصح عن حجم الغلال في مخازنه ويصدر خطابا سياسيا مفاده انه لاتوجد مجاعه.. وقد فعل ذلك في مجاعة٥٨ و٦٤ و٦٨و ٨٣ و٨٤ و٩١ و٩٣ .. وفيها كلها أعلن عدم وجود المجاعة ووقعت المجاعة فيهن كلهن و٨٤ هذه تعرف بمجاعة ريقن الرئيس الأمريكي وقتها حليف نميري الذي أرسل الإعانات وأرسل نائبه جورج بوش (الأب) وتغنت له النساء نكاية في أزواجهن الذين هربوا من مرارة الواقع (ومن جبنهم) وقلن:

من يومك الفزيت… ريقن مسك البيت

كل ما شهر هليت … شوال غلة وباقة زيت

*فزيت : يعني هربت وهي من الفز .. وهو مصطلح شائع

اتمنى ان تصدق حكومة العساكر ديل وديلاك هذه المرة ولاتقع مجاعة.. وليس كل ما يتمناه المرء يدركه

د.إبراهيم نجيب الرئيس المكلف للحزب الليبرالي يكتب عن المجاعة

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات