عقبات تواجه جولة مباحثات جديدة في جنيف بين الجيش والدعم السريع
صراع شرعيات، بين وقائع الميدان وجهود السلام
ذوالنون سليمان
تقدير موقف،مركز تقدم
عقبات تواجه جولة مباحثات جديدة في جنيف بين الجيش والدعم السريع .من المنتظر أن تنطلق في جنيف أولى جلسات اللقاء الذي دعا إليه المبعوث الخاص للأمين العام للسودان، رمضان العمامرة، لمناقشة الأوضاع الإنسانية في السودان وكيفية إيصال المساعدات الضرورية للمتضررين من الحرب.
- يركز جدول الاعمال على إجراءات ضمان توزيع المساعدات الإنسانية على جميع السكان السودانيين، بجانب بحث خيارات حماية المدنيين من خلال وقف إطلاق النار المحتمل.
- يتكون وفد الجيش السوداني الذي تأخر وصوله من ممثلي القوات المسلحة والاستخبارات العسكرية وفصائل مسلحة متحالفة مع الجيش وممثلين عن وزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة بالإضافة إلى مفوض العون الإنساني، بينما يقتصر وفد الدعم السريع على أعضاء وفده المشارك في منبر جدة.
تحليل:
موافقة الطرفين على المشاركة في لقاء جنيف يمثل أول تعاط إيجابي مع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي ومجلس الأمن والسلم الأفريقي ذات الصلة، ويدخل الجيش التفاوض متمسكا بشروطه المسبقة المتعلقة بانسياب المساعدات الإنسانية وتتمثل في موافقة الحكومة مسبقا علي محتويات الإغاثة وتحديد الية تشرف عليها مفوضية العون الإنساني، إلى جانب تحديدها معابر معينة لدخول المساعدات تتحكم فيها, مما قد يعثر إنخراط الطرفين في التفاوض.
– اللافت للنظر، مشاركة عناصر من القوات المشتركة في المفاوضات مع وفد الجيش بعد مطالبة صريحة من مني مناوي قائد حركة جيش تحرير السودان بضرورة تمثيلهم في كل اللقاءات بحكم وجودهم المستقل وفعاليتهم في ميدان القتال. ومن المتوقع أن يواجه اللقاء تحدي مشروعية التمثيل الحكومي الذي اعترض عليه الدعم السريع سابقا في جدة، مطالبا بأن يكون التفاوض مع الجيش فقط بوصفه طرف الحرب الرئيس، ليتم استبعاد السفير عمر صديق، ممثل وزارة الخارجية، في منبر جدة، واعتراض على مشاركة مدير جهاز المخابرات العامة كما حصل في اجتماعات المنامة. أيضا كيفية المفاوضات -مباشرة أم غير مباشرة – ستشكل التحدي الاخر للمنظمين الذين يسعون لتجسير الهوة بين الطرفين وبناء الثقة، إلي جانب تواجد عناصر القوات المشتركة التي قد يعترض علي وجودها وفد الدعم السريع ..
– يشارك الدعم السريع في مفاوضات جنيف الإنسانية بعد أن حققت قواته انتصارات ملموسة على الأرض، ومع توقعات المراقبين بتمكنها من إسقاط المزيد من الحاميات العسكرية الرئيسية في الوسط والشرق, الأمر الذي يجعلها في موقف تفاوضي أقوي من الجيش الذي يعاني من هزائم متكررة وضعف وتفكك تحالفاته السياسية وتضعع جبهته الداخلية.
– في هذا اللقاء الأممي، يسعي الجيش لاسترداد ما فقده في جدة، شرعية الحكومة وحقها التمثيلي في التفاوض والسيادة، ويتجلى ذلك من خلال تشكيلة وفده الذي يتكون من مؤسسات الدولة ذات الصلة بموضوع التفاوض “الجيش والأمن والخارجية ومفوضية الشئون الإنسانية” بينما يهدف الدعم السريع لإثبات وضعيته القانونية من خلال سيطرته علي أجزاء واسعة من السودان والإشراف عليها عبر الإدارات المدنية، ولتحسين صورته أمام المجتمع الدولي بعد اتهامه بالانتهاكات وجرائم الحرب التي وجهة إليه في ولاية الجزيرة ومدينة الجنينة.
خلاصة:
- تهتم منظمات الأمم المتحدة وعضويتها بهذا اللقاء، لأنه يوفر لهم مدخل للتصدي للأوضاع الإنسانية الكارثية التي يشهدها السودان وفق التقارير التي تتحدث عن مجاعة محتملة في ظل عدم وجود أي نشاط للمنظمات الدولية نتيجة لاستمرارية الحرب وانهيار الدولة.
- في حال فشل طرفي الصراع في الخروج بخطة عمل انساني مشتركة تحت إشراف الأمم المتحدة سيكون المجتمع الدولي والإقليمي مجبرا على القيام بخطوات أكثر عملية لتفادي الكارثة الإنسانية في السودان ، بما في ذلك البحث في استخدام القوة .
- بحسب المراقبين فإن تعارض الأهداف وتعقيدات الميدان العسكري يقلل من فرص نجاح اللقاء في تحقيق اختراق أممي للوضع الإنساني في السودان، ولا حتى اختراق إقليمي من اجل وقف النار، فلا القاهرة بما تملكه من علاقات مع كل الأطراف السياسية السودانية، ولا دول “الايغاد” الافريقية نجحت حتى اللحظة في جمع المتحاربين على طاولة التفاوض.
- دول الجوار والعواصم المعنية بالشأن السوداني وصلت الى مرحلة اليأس من ايجاد حلول تنهي توقف تدهور الحالة الانسانية التي وصلت الى حدود الكارثة كما تصفها المنظمات الدولية، وهناك ميل الى ان يترك الوضع السوداني الى مصيره المحتوم، بأن يحسم أحد اطراف الصراع المعركة ويجبر الطرف الاخر على الاستسلام النهائي.