محمد بدوي يكتب : إنهم يحبونك يا صديق” ونكا”
تنفست الصعداء، تراجع الوجع الذي أصاب القلب بغته مساء البارحة، أحسست بيد حانية ربتت على حزني تم اردفتها بابتسامة حملت لطف حال قبل أن تخبرني بعدم صحة خبر الأمس الحزين، لا يمكن لوم أحد على افتراض موتك وتناقله، فسقوط الدانة في المكان الذي تقيم فيه ومن معك يجعل الأمر راجحا، لأنك ومن معك لستم قاعدة حربية، لستم قافله عسكرية، ولستم بوابة الفرقة السادسة مشاه بالفاشر لتستهدفون بدانة لا تبقي من الحال الا الأشلاء.
فالأمس أصابني ما أصاب الكثيرين من حزن ووجع قلب، حينما نقل شخص عزيز بحزن وآسي نبأ رحيل صديق محمد مكي الذي اشتهر بلقب ” ونكا” وهو تصريف للكلمة الإنجليزيةWing ارتباطا بخانة الطرف التي كان يجيدها صديق في كرة القدم، خبر مقتل صديق الذي لم يحمل تفاصيل أسباب الموت حينها، جعلني أدفع بسؤال لا أدري هل أصابتنا الحرب اللعينة بالمفضلة بين الرحيل على سرير الموت إرادة للقدير، والموت المنصوب شركا على أرض الوطن وفضاءه بالبارود وقطع الحديد ” الرايش” التي تتكاثر من البراميل المتفجرة”، القتل كالشياه ذبحا بكل قسوة الشر الذي تسرب ليتواطآ مع الحرب إقصاء الإنسانية ضميرا وانتماء، فيا صديق فكرت كثيرا كيف كان موتك ! صدقا كان ذلك قبل أن أدعوا لك بحسن المآب، أليس حزينا أن نقع في فخ اختيار الموت بحثا عن الرحيم منه !
إنهم يحبونك يا صديق، فموتك المعلن بالأمس كان عزاء جماعيا لم يبحث أحد عن أفراد أسرة أو أقارب ليخوصنهم بالعزاء، بل كان الجميع يعزي الفاشر والسودان فيك، صدقا كان الإحساس الذي اعتراني بأن يأس ووهن حاول يسرب أن رحيلك كان لعزمك على عدم حضورك شاهدا على الفاصل الأخير لمالات القتال في الفاشر أو فالنقل ما تبقي من معالمها.
منحوك حزن القلب صادقا نديا يا صديق، فقد نعاك ود جيرانكم الاستاذ المحامي محمد ابراهيم نكروما، سبقه في ذلك بتخليد ذكري سطرها مهند حسون على الوسائط، وأخريات وآخرين يعرفونك فنانا ورياضيا وأيقونة فاشريه حملت جيناتها العاطفة على الترابط الاجتماعي وعبق تاريخ السلطنات وذاكرة التلال الرملية.
صديق الذي تعرفه المدينة، طرفة واعلام شعبي يجوب شوارعها، ينعطف إلي داخل احيائها مهنئا ومعزيا، في رياضتها لاعبا في دوري الناشئين بميدان الرابطة الشرقية، حضورا لمبارياتها حينما كان دوري الدرجة الاولي تطلق صافرته بميدان النقعة، وذاكرة للدوري الممتاز واخبار الرياضة في السودان قبل أن يختفي شعار برنامج عالم الرياضة من راديو أمدرمان.
فيا صديق؛ مواعيدك كالعادة تمسك بزمامها، ترفع خطوك نحو ميس اختيارك وفقا لما تهوي، فمثلك خلق ليحلق عاليا في فضاء أبعد من عزم وصول الطائرات الحربية والمضادات، لأن بين المدن التلية والسحاب ونسه لم تنتهي بعد.
حمدا للقدير وشكرا لصمودك يا صديق، فكأنك حاولت اختبار صمودنا، وعبرك للفاشر روحا وانسان محبه غزلت بالأمس حسنا، واحتفت باليوم وعدا ولقاء ممكن، فعشق الحياة ترياق مضاد للبارود” الواطة نسل النار.. الغيمة حراقة”