ملف الحرب والتعليم في شرق السودان استخدام كوسيلة للمساومة السياسية ولتحقيق مكاسبii
عروة الصادق
الدراسة والتربية والتعليم، تلك قضايا مهمة تتعلق بتأثير الصراعات والحروب على التعليم ومؤسساته، الحرب الحالية والتي تدور رحاها بعيدا عن ولايات شرق السودان ألحقت الضرر البالغ بالعملية الدراسية وبالمرافق التعليمية في تلك الولايات، من خلال تدمير المباني والمرافق التعليمية في عدد من الولايات المتضررة لتصبح مباني ومدارس الشرق مأوى لشتات النزوح من الولايات الأخرى وبالتالي تعذر عمليات إخلائها لاستئناف الدراسة ونتيجة ذلك تشريد الطلاب، ما أدى إلى تعطيل العملية التعليمية وزيادة التحديات التي تواجهها المؤسسات التعليمية في السودان ووصول عدد التلاميذ خارج المدارس والمؤسسات التعليمية إلى ١٥ مليون بحسب اليونسكو كأكبر رقم عالمي مسجل بهذا الخصوص.
– ومن الواضح أن تأثير الحرب امتد أيضًا إلى ملف التعليم وأجور المعلمين والمعلمات ليصبح ملفا للابتزاز، حيث يتعرض هذا القطاع لضغوط سياسية نتيجة للأوضاع غير المستقرة في البلاد ، وقد تم استخدام ملف التعليم كوسيلة للمساومة السياسية ولتحقيق مكاسب سياسية على حساب جودة التعليم ورفاهية المعلمين والمعلمات.
– إذ ارتبطت دفع استحقاقات وأجور المعلمين وزيادة رواتبهم برضا السلطة أو سخطها عنهم وخضعت احتياجات المعلمين ونداءاتهم لهيمنة القرار وآحادية التوجه دون مشاورة أصحاب المصلحة في القرارات التي يتم إعلانها.
– فمثلا في بورتسودان تم فتح المدارس ليتم إغلاقها بسبب موجات الحر ووفاة الأطفال نتيجة ضربات الشمس وإصابات السحائي، وفي كسلا تكرر سلطات الولاية ذات الخطأ دون التشاور مع المعلمين والمعلمات ومجالس الآباء والأمهات ولجنة المعلمين وأصحاب المصلحة بالإضافة لمعالجة استباقية أوضاع النازحين في تلك المدارس والمرافق التعليمية.
يتطلب التغلب على هذه التحديات عمل جماعي وتعاون محلي وإقليمي ودولي من أجل حماية قطاع التعليم وضمان استمراريته حتى في ظل هذه الظروف الصعبة، ويجب على الجميع عدم إخضاع ملف التعليم للمساومة السياسية، لذلك الواجب:
ملف الحرب والتعليم في شرق السودان يتطلب هذه التحديات:
١. على القوى المدنية والاجتماعية والسياسية السودانية وعلى رأسها (تقدم) أن تبحث مسبل معالجة ملف التعليم في مناطق سيطرة الطرفين دون توان عبر مهنييها ولجنة المعلمين وأن توجد منح دراسية ومعالجات مدرسية للأطفال في دول اللجوء.
٢. على الدعم السريع والجيش النأي كليا عن المرافق التعليمية وتولي حمايتها من التدمير والاعتداء والحفاظ على ما تبقى منها في ولايات الأمان النسبي وعلى حكومات الأمر الواقع الاستثمار في التعليم والتربية، وحماية المدارس والجامعات من أية أضرار قد تحدث جراء النزاعات السياسية والعسكرية والأمنية الماثلة أو المحتملة.
٣. على الأقليم والأسرة الدولية فتح أبواب التعليم عن بعد للسودانيات والسودانيين في مختلف المجالات والتخصصات بالإضافة لتمويل منح إقليمية ودولية في مستويات جامعية وفوق جامعية بالإضافة للمنح المهنية والتقنية والفنية والتجارية والزراعية وكورسات تكنولوجيا الطاقة ونحوه.
٤. على الهيئات المختصة والجامعات والخيرين في السودان وخارجه تبني النوابغ والموهوبين ورعايتهم وكفالة تعليمهم في أفضل المؤسسات التعليمية.
٥. شرق السودان آمن نسبيا لذلك وأكثر المناطق حوجة للتعليم بالإمكان جعل مدنه حواضن وحواضر تعليمية، ففيه جامعات البحر الأحمر والقضارف وكسلا وعدد كبير من الكليات الأهلية وبالإمكان تشييد عدد جديد منها وكليات مهنية وتقنية وزراعية تؤسس لمفهوم تعليمي جديد يؤهل أجيال تخصصية لا استخدام تلك المرافق للتجييش والتحشيد والتجنيد وبإمكان بنوك التنمية الأفريقية والإسلامية والصناديق الإقليمي والدولية تمويل مشروع كذلك لأن محاولة استعادة تأهيل مرافق التعليم في الخرطوم والجزيرة وغيرها ستأخذ زمنا كبيرا، ونفس النموذج يمكن أن يؤسس ولايات دارفور المستقرة والنيلين الأبيض والأزرق وسنار ونهر النيل والشمالية.
٦. على المجتمع المحلي والإدارات الأهلية ورجال الدين تمويل منارات التعليم التقليدي على رأسها خلاوي همشكوريب لتستوعب جميع الراغبين في مواصلة حفظهم للقرآن وتأهيل مرافق حديثة ومتطورة وخلاوى تستوعب الآلاف من الطلاب والشيوخ الذين خرجت خلاويهم ومدارسهم وكتاتيبهم من الخدمة، وفي ذلك يد سابقة لخيرين ورجال مال وأعمال ودول جارة وصديقة تدعم هذا النوع من التعليم بالمال والكتاب الكريم.
- ختاما: واجبنا الذي لا غنى عنه لكل مسؤول في هذه الدولة أو خارجها رفع الوعي بأهمية حماية قطاع التعليم خلال هذه الحرب الخراب، عل ذلك يسهم في إيجاد حلول فعالة للحد من تداعيات تلك الأوضاع على مستوى التعليم وتخلف مجتمعاتنا، ونصيحتي لا تجعلوا شرق السودان مقبرة للتلاميذ ومعلميهم والمعلمات بل اجعلوه مفخرة للجيل الآت، فكل محنة تعقبها فرصة.
اشتدي أزمتي تتفرجي
فالأزمة مفتاح الفرج