جاطت : المبعوث الأمريكي توم بيرييلو. الحرب الدائرة حاليا بالسودان كشفت بأن دولة الإمارات ورئيسها محمد بن زايد يمتلك من النفوذ الدولي والتأثير الكبير المتمدد بصورة قد تمكنه من التأثير على مجلس الأمن الدولي وقراراته، كما وقد وضح جليا أن الرئيس الإماراتي يجيد فنون استخدام دبلوماسية اللعب على تناقضات المصالح بين الدول الكبرى خاصة الدائمة العضوية داخل مجلس الأمن الدولي وخارجه ، لقد تقدمت لجنة فريق الخبراء المشكلة بموجب القرار ١٥٩٣ الصادر من مجلس الأمن الدولي بتوسيع التحقيق في الجرائم المرتكبة في دارفور بتقريرها إلى مجلس الأمن الدولي مدعوما ببينات ذات موثوقية مفادها أن الأسلحة المستخدمة في دارفور تأتي من دولة الإمارات وذلك في يناير ٢٠٢٤م ومن ضمن أنواع الأسلحة المستخدمة أسلحة أمريكية ، وأمريكا لديها القدرة على تتبع الأسلحة التي تخرج منها لدولة مثل الإمارات ثم تصدر منها دون علمها إلى دولة أخرى كالسودان ، كما ويمكن لأمريكا أن تلاحق الدول التي لا تلتزم بالنظم والقوانين الأمريكية في التعامل مع الأسلحة الأمريكية فهي ليست كالدول الدائمة العضوية الأخرى بمجلس الأمن الدولي ويمكن لدولة مثل الإمارات أن تمارس معها ما يمكن ممارستها مع بريطانيا التي فقدت عظمتها الدولية مثلا ، كما ولأمريكا وسائلها التي تطال الحكومات والأنظمة الأخرى إذا رغبت في ذلك بحسب دوافعها .
على صعيد آخر المنطق والعقل يقول بموجب تقرير فريق لجنة الخبراء المذكور كان الإجراء المتوقع أن يتخذ مجلس الأمن الدولي القرار المناسب تجاه دولة الإمارات بحسب نتائج التحقيق التي توصلت إليها اللجنة المذكورة ، كما ومن المؤكد أيضا لم يكن الغرض من تشكيل لجنة فريق الخبراء استنادا للقرار المذكور وضع نتائج تحقيقاتها في رفوف وأضابير مكاتب السادة أعضاء مجلس الأمن الدولي بعد عرضه عليهم خاصة وقد تم التجديد لفريق الخبراء لعام آخر مما يعني تجديد الثقة في اللجنة وأعمالها والمهام الموكلة إليها في متابعة التقصي والتحقيق بشأن الجرائم المرتكبة في دارفور إلا إذا كانت محصلة أعمال مجلس الأمن الدولي نقاش هكذا قضايا ونشرها للدول والشعوب كنتائج لأعمال المجلس الراتبة .
بيرييلو والوعود:
الولايات المتحدة دولة مؤسسات تعمل بتناغم وحيثما أقتنع الرأي العام الأمريكي بمسألة أو قضية إنسانية له القدرة على التأثير على أجهزة دولته التشريعية والتنفيذية. ومن الواضح أن المبعوث الأمريكي بيريليو ليس له ما يفعله الآن بعد جولاته ولقاءاته المتعددة والفترة المتبقية للرئيس جو بايدن قصيرة، وفترته موقوتة بفترة رئيسه ،وقد لا تسعفه المدة المتبقية لرئيسه فعل أي شيء يذكر ،لذلك آثر الذهاب في نفس مسار من سبقوه من مبعوثين لدولته والاكتفاء بتقديم التقارير الراتبة لمؤسسات وأجهزة دولته المعنية بتكليفه ومساءلته.
بيرييلو ونتائج المنابر الخارجية :
المنابر الخارجية الحالية لا يتوقع منها أن تأتي بأي نتائج حتى لو عاد الطرفان إلى طاولة المفاوضات استجابة لنداءات جدة أو القاهرة أو الإتحاد الأفريقي أو ورش المنظمة الفرنسية بروميديشن، لقد تجاوزت الأزمة السودانية مرحلة صناعة التسويات والمعالجات بواسطة الوسطاء الخارجيين والنخب والأسماء ورؤساء التنظيمات والكيانات الذين صاروا نجوما للورش والمؤتمرات والمحافل والمنابر وعلى الأرض تكونت قيادات جديدة وظهر أمراء حرب جدد، ولم يعد الأمر كما كان الحال في السابق بأيادي النخب ونجوم المنابر والحركات المسلحة التي صارت تحول بندقيتها من كتفها الأيمن إلى كتفها الأيسر بحسب مواقعها من السلطة .
سنجة والدندر :
أظهرت أحداث سنجة سهولة تمكن الدعم السريع من الاستيلاء على عواصم الولايات، وقدمت سنجة الدلائل للمواطن العادي البسيط بأنه لا يوجد ما يعتمد عليه لحماية نفسه من بعد الله تعالى سوى نفسه وأسرته، لقد ارتكبت قوات الدعم السريع الانتهاكات والفظائع بسنجة والدندر والتي طالت المدنيين الأبرياء، وقد دان لها الأمر بالمدينتين لم تضع الاعتبار للمستقبل حتى لو حسمت كل المعارك المتبقية وانهارت الدولة وأجهزتها وهجر المواطنون أراضيهم هل يمكنها التأسيس لسلطة مستقرة هكذا بشعار تحقيق الديمقراطية ؟ لقد كان يمكن للدعم السريع أن يقدم أنموذجا مغايرا بسنجة والدندر بتهدئة روع الفارين من المدينتين والأطفال والنساء والشيوخ والعجزة يتكدسون في المخارج والمعابر ولكن عناصر الدعم السريع قامت بتكملة الناقصة وممارسة كافة أصناف الانتهاكات بحق المدنيين العزل، فماذا تتوقع منهم بعد حسمها لكل معاركها المتبقية وقد تعمقت في النفوس ثقافة الكراهية وطغت الاعتبارات الجهوية والقبلية وسادت على الشعارات المرفوعة ، وصارت أشرطة فيديوهات الحرب والتسجيلات الصوتية ومقابلات وسائل الإعلام مادة زاخرة بثقافة الحقد الاجتماعي لتنمو وتزدهر بين الأجيال المتعاقبة . جهود بيريليو الآن تنصب وتضاف للحلقة المفرغة ولم يعد للمواطن السوداني سوى خياراته الفردية والأسرية. نسأل الله تعالى اللطف (لقد جاطت).